أفرزت «قضية تهريب المعارضة والناشطة الجزائرية أميرة بوراوي»، حملة إعلامية وحزبية جزائرية قوية ضد فرنسا، وصلت إلى حد اتهام مخابراتها الخارجية بـ«السعي لإحداث قطيعة مع الجزائر»، على أساس أن هذا الجهاز هو من خطط لـ«إجلاء» المعارضة الخمسينية من الجزائر إلى تونس، ثم فرنسا، «نكاية» في السلطات الجزائرية.
وبلغ غضب الجزائر من باريس ذروته بعد الحادثة المثيرة للجدل، وكتبت وكالة الأنباء الحكومية مساء أول من أمس، أن المخابرات الفرنسية «لم تعد تخفي مناوراتها، وأضحت تعلنها أمام الملأ وفي وضح النهار، وها هي اليوم على وشك بلوغ هدفها، المتمثل في إحداث قطيعة في العلاقات الجزائرية - الفرنسية»، مشيرة إلى بوراوي، دون ذكرها بالاسم، بأنها «ليست صحافية ولا مناضلة، ولا تحمل أي صفة... يتم إجلاؤها إلى فرنسا، وفي ظرف 48 ساعة يتم استقبالها وتمكينها من التحدث في قنوات تلفزيونية عمومية، وذلك دليل على أن المخابرات الفرنسية أعلنت التعبئة العامة لخبارجيتها، وبات هدفها واضحاً». و«الخبارجي» هو لفظ محلي دارج يحيل إلى «المتعاون مع أجنبي ضد مصلحة البلد».
وذهبت الوكالة الرسمية إلى حد وصف «تهريب بوراوي» بعملية «خليج الخنازير» العسكرية، التي نفذتها واشنطن عام 1961 بكوبا لقلب النظام بقيادة فيدل كاسترو، باستخدام مرتزقة كوبيين، والتي فشلت في النهاية، وقالت بنبرة تهديد: «نقول لهؤلاء إنه إذا فكرت فرنسا في تكرار سيناريو (خليج الخنازير) فقد أخطأوا العنوان... الجميع يعلم أنه يوجد على مستوى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي خطة، تقضي بتقويض العلاقات الجزائرية - الفرنسية، يتم تنفيذها من قبل عملاء سريين، وبعض المسؤولين بالمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي، ووزارة الخارجية الفرنسية، وكذا بعض المستشارين الفرنسيين من أصل جزائري»، مبرزة أن كل هؤلاء داعمون للمغرب في خصومته مع الجزائر.
وأضافت الوكالة موضحة: «من المؤسف رؤية كل ما تم بناؤه بين الرئيسين تبون وماكرون لفتح صفحة جديدة بين البلدين، ينهار، وحدوث القطيعة لم يعد بعيداً على ما يبدو». ورأى مراقبون أن في ثنايا ما كتبته الوكالة تلميحاً إلى أن المخابرات تعمدت ضرب مسعى الرئيس ماكرون لتحسين العلاقات مع الجزائر، التي شهدت انفراجة لافتة منذ الصيف الماضي.
وكانت الجزائر قد استدعت الأربعاء الماضي سفيرها في باريس لـ«التشاور»، كما احتجت لدى السفارة الفرنسية بالجزائر على «تهريب» المعارضة الطبيبة بوراوي، واتهمت موظفين دبلوماسيين وعناصر مخابرات فرنسيين بـ«إجلائها سراً» إلى تونس، ثم فرنسا، في حين كانت تحت طائلة إجراء بمنعها من السفر. والاثنين الماضي، وبينما كانت الشرطة التونسية تتجه لإبعادها إلى بلدها، تدخلت السفارة الفرنسية بتونس، وتمكنت من نقلها إلى فرنسا في نفس اليوم،
من جانبها، أكدت المعارضة بوراوي في تصريحات للقناة الفرنسية العمومية «الخامسة»، أول من أمس، أنها دخلت تونس عن طريق المعبر الحدودي أم الطبول «بطريقة قانونية»، بعكس ما ذكرته السلطات الجزائرية. وعندما سئلت إن كان الرئيس التونسي قيس سعيد كان على علم بتطور الأحداث، قالت إن ترحيلها إلى فرنسا «تم بموافقة منه»، ولفتت إلى أنها «مواطنة فرنسية»، وأن قنصل فرنسا بتونس تدخل لوقف إبعادها إلى الجزائر «عندما علم أنني تعرضت للاختطاف من طرف الشرطة التونسية»، ما يعني - حسبها - أنه تصرف وفق القوانين الدولية بمنح الحماية القنصلية لرعية فرنسية، كانت بحاجة إليها.
كما نفت بوراوي ما نشره الإعلام الجزائري بأن «عقيداً في المخابرات الفرنسية كان في استقبالها عندما وصلت لمطار ليون»، مؤكدة أنها قضت ليل الاثنين في فندق «بشكل عادي»، ثم سافرت إلى باريس، حيث يوجد ابنها الأكبر، وهو طالب في الجامعة.
وأول من أمس صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية بأن بوراوي «استفادت من الحماية القنصلية مثل جميع المواطنين الفرنسيين»، ورفض التعليق على استدعاء الجزائر سفيرها بباريس.
وفي سياق الحملة ضد فرنسا، دعا حزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يدعم سياسات الحكومة، في بيان، إلى «الرد بما يلزم لردع الغطرسة الاستعمارية، والتطاول على الأعراف الدبلوماسية»، مشيراً إلى أن فرنسا «تسبح ضد تيار جارف من الغضب والرفض لسياسات الهيمنة والوصاية والاستغلال، والسيطرة على ثروات ومقدرات أفريقيا». كما دعا حزب «التحالف الوطني الجمهوري» (موالٍ للحكومة)، في بيان، إلى «الانتباه للأهداف غير المعلنة لهذه الحادثة، من خلال تفادي الانعكاسات السلبية المحتملة على مستوى وجودة العلاقات الجزائرية - التونسية، لا سيما في ظل الوضع المعقد، والظروف الصعبة التي تمر بها الشقيقة تونس».
الجزائر تلوّح بـ«قطيعة» مع فرنسا بسبب «تهريب» المعارضة بوراوي
«التجمع الوطني الديمقراطي» طالب بالرد على باريس لـ«ردع الغطرسة الاستعمارية»
الجزائر تلوّح بـ«قطيعة» مع فرنسا بسبب «تهريب» المعارضة بوراوي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة