هل تمثل القوات الإريترية خطراً على اتفاق السلام في إثيوبيا؟

«أفورقي» تجنب الإجابة عن أسئلة بشأن بقائها في «تيغراي»

الرئيسان الإريتري والكيني خلال مؤتمر صحافي في نيروبي الخميس (الحساب الرسمي للرئيس الكيني على تويتر)
الرئيسان الإريتري والكيني خلال مؤتمر صحافي في نيروبي الخميس (الحساب الرسمي للرئيس الكيني على تويتر)
TT

هل تمثل القوات الإريترية خطراً على اتفاق السلام في إثيوبيا؟

الرئيسان الإريتري والكيني خلال مؤتمر صحافي في نيروبي الخميس (الحساب الرسمي للرئيس الكيني على تويتر)
الرئيسان الإريتري والكيني خلال مؤتمر صحافي في نيروبي الخميس (الحساب الرسمي للرئيس الكيني على تويتر)

رغم انسحاب قوات إريترية من إقليم تيغراي الإثيوبي، على مدى الأسابيع الماضية، فإن عدم الانسحاب الكامل لتلك القوات يمثل، بحسب مراقبين «مصدر خطر» يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بإجراءات تنفيذ اتفاق «بريتوريا» للسلام الذي توقف بموجبه إطلاق النار في إقليم تيغراي، بعد عامين من المعارك الدامية.
وخلال زيارة إلى كينيا هي الأولى له منذ عام 2018، تجنب الرئيس الإريتري، آسياس أفورقي، في مؤتمر صحافي (الخميس)، الإجابة عن تساؤلات حول ما إذا كانت قوات بلاده ستبقى في منطقة تيغراي بعد ثلاثة أشهر من توقيع اتفاق سلام دعا إلى انسحابها.
وقاتلت القوات الإريترية إلى جانب الجيش الإثيوبي والميليشيات المتحالفة معها خلال صراع استمر عامين ضد قوات جبهة تحرير شعب تيغراي. وقال الرئيس الإريتري في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الكيني، ويليام روتو، بحضور وسائل إعلام دولية، رداً على سؤال لأحد المراسلين: «أنت تتحدث عن الانسحاب أو عدم الانسحاب، قلنا إن هذا هراء».
وقلل أفورقي خلال المؤتمر من الاتهامات الموجهة لقواته بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، مؤكداً أن تلك الاتهامات «مجرد خيال في رؤوس من يرددونها»، وأضاف قائلاً: «لا تستفزونا لنصل إلى سوء تفاهم، لماذا يزعجكم وجود القوات الإريترية الموجودة هناك؟».
واتهم سكان محليون وجماعات حقوقية القوات الإريترية بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك القتل والاغتصاب، وهي اتهامات يصر المسؤولون الإريتريون على نفيها.
وأنهى اتفاق السلام الذي وقّعته الحكومة الفيدرالية الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيغراي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بوساطة أفريقية ودعم دولي، الأعمال العدائية التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص، كما تضمن الاتفاق انسحاب جميع القوات الأجنبية من تيغراي، إلا أن إريتريا لم توقّع على الاتفاق، ولم يُشر إلى قواتها صراحة في بنوده.
ويرى مايكل روبين، زميل معهد «أميركان إنتربرايز» للدراسات السياسية، أن بقاء القوات الإريترية في إثيوبيا يمثل «عنصر ضغط بالغ الخطورة» على مستقبل تنفيذ اتفاق السلام، مشيراً إلى أن استمرار وجود تلك القوات على الأرض «يمكن أن يكون بمثابة شرارة تشعل الموقف في أي لحظة».
وأوضح روبين لـ«الشرق الأوسط» أن التحالف بين القوات الإريترية وبين قوات الحكومة الإثيوبية أسهم في حسم القتال لصالحهما، إلا أن إحلال السلام «يتطلب التزاماً قوياً نحو تنفيذ بنود اتفاق بريتوريا»، مشدداً على أنه «يأتي في مقدمة تلك الالتزامات إخراج جميع القوات الأجنبية، وكذلك إجراء تحقيقات عادلة وشفافة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ارتكبت خلال عامين من القتال»، وأضاف أنه «دون الوفاء بتلك الالتزامات سيبقى الوضع الهش معرضاً للخطر».
وتعد إريتريا، الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، عدواً لها، وخاضت إريتريا وإثيوبيا حرباً حدودية بين عامي 1998 و2000، عندما كانت الجبهة تقود الحكومة الاتحادية في أديس أبابا.
من جانبه، أكد رامي زهدي، الباحث في الشؤون الأفريقية، أن أي بقاء للقوات الإريترية في مناطق إقليم تيغراي «يمكن أن يؤجج الموقف مجدداً»، مشيراً إلى أن الإصرار على بقاء القوات الإريترية قد يعوق استكمال تسليم عناصر الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي لأسلحتهم، وهو البند الرئيسي في اتفاق بريتوريا للسلام.
وأوضح زهدي لـ«الشرق الأوسط» أن انسحاب القوات الإريترية الذي أعلن عنه قبل أسابيع لم يكن سوى «انسحاب تكتيكي»، في محاولة لتفادي الضغوط الداخلية والدولية على الحكومة الإثيوبية، وأن هناك الكثير من الإفادات لدبلوماسيين غربيين وتقارير دولية تشير إلى استمرار بقاء تلك القوات على الأرض.
ويضيف الباحث المصري أن تفادي المسؤولين الإريتريين الالتزام صراحة بسحب جميع القوات من إقليم تيغراي «يعكس وجود رغبة في إبقاء تلك القوات لفترة أطول»، مشيراً إلى أن حجم ما قدمته القوات الإريترية من دعم للحكومة الفيدرالية خلال الصراع في تيغراي، وحجم العداء التاريخي بين القيادة الإريترية وبين جبهة تحرير شعب تيغراي، يعطيان مؤشراً على أن خروج القوات الإريترية بالكامل من هذه المنطقة الاستراتيجية بالنسبة لها «يبدو أمراً مستبعداً على الأقل في المستقبل القريب».


مقالات ذات صلة

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

العالم ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

أثار عدم التوصل إلى اتفاق، بعد محادثات سلام أولية بين الحكومة المركزية الإثيوبية، ومتمردي إقليم «أوروميا»، تساؤلات حول مستقبل تلك المحادثات، واحتمالات نجاحها، وأسباب تعثرها من البداية. ورأى خبراء أن «التعثر كان متوقعاً؛ بسبب عمق الخلافات وتعقيدها»، في حين توقّعوا أن «تكون المراحل التالية شاقة وصعبة»، لكنهم لم يستبعدوا التوصل إلى اتفاق. وانتهت الجولة الأولى من المحادثات التمهيدية بين الطرفين، دون اتفاق، وفق ما أعلنه الطرفان، الأربعاء.

العالم رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

أعلن رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد اليوم (الخميس) مقتل مسؤول الحزب الحاكم في منطقة أمهرة الواقعة في شمال البلاد. وقال آبي أحمد عبر «فيسبوك»، إنّ «أولئك الذين لم يتمكّنوا من كسب الأفكار بالأفكار، أخذوا روح شقيقنا جيرما يشيتيلا». واتهم أحمد، وفقا لما نقلته وكالة «الصحافة الفرنسية»، «متطرّفين يتسمون بالعنف» بالوقوف وراء هذا العمل الذي وصفه بـ«المخزي والمروّع».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
العالم محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

تنطلق في تنزانيا، الثلاثاء، محادثات سلام غير مسبوقة بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية ومتمردي إقليم أوروميا، ممثلين في «جبهة تحرير أورومو» التي تخوض معارك مع القوات الحكومية بشكل متقطع منذ عقود. وتسعى أديس أبابا لإبرام اتفاق سلام دائم مع متمردي الإقليم، الذي يشغل معظم مناطق وسط البلاد، ويضم مجموعة من الفصائل المسلحة التابعة لقومية الأورومو، على غرار ما حدث في «تيغراي» شمالاً، قبل 5 أشهر، خشية دخول البلاد في حرب جديدة مع تصاعد التوتر بين الجانبين. وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي زار مدينة نكيمتي بالإقليم مؤخراً، أن «جولة مفاوضات ستبدأ معهم (جيش تحرير أورومو) الثلاثاء في تنزانيا»، في أ

محمد عبده حسنين (القاهرة)
شمال افريقيا هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

عاد الخلاف الحدودي بين إثيوبيا والسودان، بشأن منطقة «الفشقة»، إلى الواجهة، بعد أنباء سودانية عن نشاط «غير اعتيادي» للقوات الإثيوبية ومعسكراتها، في المنطقة المتنازع عليها، منذ بداية الاضطرابات الأخيرة في السودان.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
أفريقيا إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

أظهر متمردو إقليم «تيغراي» شمال إثيوبيا، «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام، الموقَّع قبل نحو 5 أشهر، مع الحكومة الفيدرالية بأديس أبابا، وذلك بتسليمهم مزيداً الأسلحة، ضمن عملية نزع سلاح الإقليم ودمج مقاتليه في الجيش الوطني. وحسب نائب مفوض «إعادة التأهيل الوطني»، العميد ديريبي ميكوريا، اليوم (الخميس)، فإن «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي سلمت الدفعة الأولى من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة المتنوعة التي تم جمعها حول منطقة دينقولات في إقليم تيغراي». وأنهى اتفاق السلام، الموقّع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حرباً عنيفة استمرت عامين، راح ضحيتها الآلاف، حسب منظمات دولية.

محمد عبده حسنين (القاهرة)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.