سخونة الصيف تفجر حرب كهرباء بين المحافظات العراقية

إجراءات برلمانية لامتصاص النقمة الشعبية

سخونة الصيف تفجر حرب كهرباء بين المحافظات العراقية
TT

سخونة الصيف تفجر حرب كهرباء بين المحافظات العراقية

سخونة الصيف تفجر حرب كهرباء بين المحافظات العراقية

في حالة هي الثانية من نوعها هذا الصيف، قررت محافظة ذي قار (350 كلم جنوب بغداد) قطع الكهرباء عن محافظة المثنى (270 كلم جنوب بغداد) من الخط الناقل عبر محطة كهرباء الناصرية. وكانت محافظة بابل (100 كلم جنوب بغداد) قطعت خط الكهرباء الذي يؤدي إلى محافظة كربلاء (110 كلم جنوب بغداد) فيما لم تنته بعد الآثار الناجمة عن التظاهرات التي انطلقت في محافظة البصرة (560 كلم جنوبي العراق) لا سيما بعد مقتل أحد المتظاهرين.
وفي بغداد استأنف البرلمان العراقي جلساته أمس باستضافة وزير الكهرباء قاسم الفهداوي (ينتمي إلى تحالف القوى العراقية) في جلسة كانت هي الأكثر سخونة في ظل درجات حرارة عاودت الارتفاع إلى ما فوق الخمسين مئوية بعد أن أعلنت دائرة الأنواء الجوية عن بدء تعرض العراق إلى منخفض جوي أدى إلى ارتفاع كبير في درجات الحرارة.
ومع الارتفاعات غير المسبوقة في درجات الحرارة، فإن الوعود الحكومية بشأن تحسين واقع الخدمة الكهربائية في البلاد التي أنفق عليها أكثر من 60 مليار دولار منذ عام 2003 وإلى اليوم ذهبت أدراج الرياح، على الرغم من أن نائب رئيس الوزراء السابق والمسؤول عن ملف الطاقة حسين الشهرستاني كان قد وعد العراقيين بتصدير الكهرباء نهاية عام 2013.
وبغداد ليست بأحسن حال من المحافظات، إذ إن معدل التجهيز فيها لا يتعدى الساعة الواحدة مقابل كل أربع أو خمس ساعات قطع في وقت يعاني فيه أصحاب المولدات الأهلية من مشكلة النقص في تجهيزهم بالوقود من قبل وزارة النفط.
من جانبها، لم تقتنع لجنة النفط والطاقة البرلمانية بالمبررات التي قدمها وزير الكهرباء وكادره المتقدم في الوزارة حين استضافتهم قبيل بدء جلسة الاستضافة الموسعة من قبل البرلمان. وقال عضو اللجنة زاهر العبادي أن «مسؤولي الوزارة عزوا هذه الأزمة إلى عدة أسباب منها نقص الوقود للمحطات ووجود عجز مالي مع ظرف أمني ونازحين أيضا واتساع البناء العشوائي وأنه لا بد من تحقيق زيادة في الطاقة لتلبية هذه الطلبات بالإضافة إلى خروج محطات عن الخدمة لاحتلال (داعش) لمناطق مما جعل هناك ضغطًا على الإنتاج في محطات أخرى».
وأكد العبادي أن «هذه المبررات حديثة حيث هناك معوقات لم تعالج منذ سنوات لا توجد فيها سياسة دولة واضحة لحل هذا الملف».
من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوزارة بذلت خلال السنوات الماضية جهودًا كبيرة على صعيد تأمين الطاقة الكهربائية في البلاد وإن مؤشرات ذلك واضحة من خلال زيادة الإنتاج الذي بلغ أكثر من 11 ألف ميغاوات، بينما حاجة العراق إلى أكثر من ذلك حيث تزيد على الـ16 ألف ميغاوات حاليا بالإضافة إلى الاحتياجات المستقبلية». وأضاف أن «هناك عجزا في إنتاج وتوزيع الطاقة لكن هناك هدرا وتجاوزا وهذا أمر معروف ولا تتحمله وزارة الكهرباء وحدها بالإضافة إلى اضطرارنا لإيقاف محطات عن التوليد بسبب عدم تجهيزها بالوقود من قبل وزارة النفط».
من جهته، أعلن وزير الكهرباء قاسم الفهداوي عن حاجة البلاد إلى 21 ألف ميغاوات، وأكد أن العاصمة بغداد وحدها بحاجة إلى ستة آلاف ميغاوات للقضاء على أزمة الكهرباء. وقال الفهداوي خلال استضافته أمس في البرلمان العراقي إن «البلاد تحتاج إلى 21 ألف ميغاوات لسد النقص الحاصل بالتجهيز»، مبينا أن «الوزارة تنتج حاليًا 11 ألف ميغاوات فقط».
وأضاف أن «الوزارة سبق وأن منحت ثلاثة مليارات دولار من موازنة العام الحالي 2015 مع إننا طالبنا بتسعة مليارات دولار»، مؤكدًا أن «العاصمة بغداد لوحدها تحتاج إلى ستة آلاف ميغاوات للقضاء على أزمة الكهرباء فيها».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.