«لقاء باريس» حمّل اللبنانيين مسؤولية الخروج من أزمة الرئاسة

مقعد رئيس الجمهورية في لبنان الذي أصبح شاغراً منذ نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في آخر أكتوبر الماضي (رويترز)
مقعد رئيس الجمهورية في لبنان الذي أصبح شاغراً منذ نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في آخر أكتوبر الماضي (رويترز)
TT

«لقاء باريس» حمّل اللبنانيين مسؤولية الخروج من أزمة الرئاسة

مقعد رئيس الجمهورية في لبنان الذي أصبح شاغراً منذ نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في آخر أكتوبر الماضي (رويترز)
مقعد رئيس الجمهورية في لبنان الذي أصبح شاغراً منذ نهاية ولاية الرئيس ميشال عون في آخر أكتوبر الماضي (رويترز)

إذا كان رد فعل جانب من اللبنانيين سياسيين وغير سياسيين سلبيا إزاء مخرجات اجتماع باريس الخماسي باعتبارها جاءت «متواضعة» ولم تشكل نقلة في ملف الفراغ المؤسساتي، فالأرجح أنهم حملوه أكثر مما يحتمل وأعطوه أبعادا لا تتوافق مع ما سعى إليه منظموه والمشاركون فيه. ووفق مصدر دبلوماسي واسع الاطلاع في باريس تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، فإن اجتماع الاثنين الماضي أسفر عن ثلاث نتائج متكاملة: تحديد الهدف من اللقاء والجهد الجماعي المبذول والاتفاق على نهج محدد والتفاهم بشأن الآلية والوسائل الناجعة للوصول إلى الهدف المنشود. وقبل ذلك كله، شددت الأطراف الخمسة المشاركة (فرنسا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر) على أن العملية التي تطلقها تنحصر في «مساعدة اللبنانيين الذين يتحملون مسؤولية العمل للخروج من الوضع الحالي المتأزم والدوران وملء الفراغ المؤسساتي» وأن جهود الخمسة «تندرج في إطار المساعدة وليس الحلول محل اللبنانيين».
ويقول المصدر المشار إليه إن الخمسة «سعوا إلى إطلاق عملية تنسيق متواصلة فيما بينهم من أجل مساعدة لبنان على ملء الفراغ المؤسساتي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية» كخطوة أولى على طريق إنقاذ لبنان. ولم يأخذ المجتمعون بالطرح الذي كان يدعو للعمل من أجل «سلة متكاملة» تشمل انتخاب رئيس للجمهورية والتوافق على الخطوط العامة لحكومة قادمة مع سلة إصلاحية يتم العمل عليها من أجل عملية الإنقاذ الشاملة رغم أن الجميع مقتنع بالحاجة إلى ذلك. والسبب في رأي المجتمعين أن «خلط الأمور ببعضها البعض لن ينتج عنه سوى تأخير ملء الفراغ الرئاسي ومراوحة الأزمة مكانها والدخول في تعقيدات لا تنتهي». وتصح على الاجتماع الأخير صفة «التمهيدي والتنسيقي» ما يعني عمليا أن اجتماعات أخرى لاحقة سوف تعقد في الأسابيع والأشهر القادمة وبحسب المصدر المشار إليه، فإن الخمسة تبنوا مبدأ «التدرج» في تناول المسائل وليس مواجهتها دفعة واحدة.
وثمة سبب آخر، وفق المصدر المشار إليه، يدفع باتجاه التركيز فقط في هذه المرحلة، على انتخاب رئيس جديد، وترك المسائل الأخرى للمرحلة اللاحقة. ذلك أن تواصل الفراغ الرئاسي، ستكون له تبعات إضافية وسيتسبب في مزيد من تداعي المؤسسات لأن هناك «فراغات» أخرى ستحل في عدد من المؤسسات المالية والأمنية والدفاعية والقضائية في حال بقي الفراغ الرئاسي على ما هو عليه، وبالتالي فإن المصلحة المباشرة تدفع باتجاه تركيز الجهود على إنجاز الانتخاب الرئاسي.
إضافةً إلى هذا الهدف اتفق الخمسة على المنهج أي على طريقة العمل التي تم تبنيها وهي تعتمد مبدأ «توزيع المهام» على الأطراف المجتمعة. وتتمثل المهمة الأولى في «أن يقوم كل طرف، بعيدا عن الإعلام وفي الغرف المغلقة، بالتحرك والتواصل مع الجهات اللبنانية التي تربطه بها علاقات جيدة، والتحدث إليها بلغة واضحة وصريحة والتعرف الدقيق والمعمق على قراءتها وأهدافها» وذلك من أجل كسر المراوحة والدوران في فراغ. والرسالة الواضحة المفترض إيصالها سوف تركز على «أولوية إنهاء الفراغ الرئاسي». ولعل سبب هذا الطرح غياب الحوار الداخلي في لبنان وتمترس كل فريق وراء موقفه أو مرشحه فيما الانزلاق واهتراء الوضع بكافة مكوناته متواصلان.
بيد أن الرسالة التي سيتم نقلها للأطراف اللبنانية لن تنحصر فقط في الدعوة لتسهيل انتخاب الرئيس العتيد بل تأكيد أن «غياب الاستجابة من قبل المعرقلين والمعطلين ستكون له تبعات أو تداعيات». وبخصوص هذه النقطة بالذات، انقسمت الآراء بين من يدعو صراحة للتهديد بتبني عقوبات إزاء المعرقلين وبين من يرى أن التلويح بالعقوبات «لن يكون مجديا» لأن العقوبات التي فرضت في السابق على عدد من السياسيين أو المسؤولين السابقين «لم تأتِ بنتائج واضحة». لذا، تحول الحديث عن العقوبات إلى «التداعيات» الممكنة. أما شكل هذه «التبعات» وعلى من تفرض وكيف، فلم يتم البحث فيها «لأنه سابق لأوانه» وستكون هذه المسألة بالذات موضع تباحث ومشاورات في الاجتماع اللاحق الذي من المقرر أن تعقده المجموعة بعد أن تكون أطرافها قد تواصلت مع الجهات اللبنانية وذلك من أجل تقييم الاتصالات التي جرت والاتفاق على الخطوات القادمة الواجب اتخاذها. ولم يتم الاتفاق في هذا اللقاء على مهلة محددة للاتصالات وبالتالي ليس هناك تاريخ مسبق للاجتماع الخماسي الثاني.
ويقول المصدر الدبلوماسي إن المجتمعين لم يخوضوا في لعبة الأسماء. لكن أحد الوفود، بعد أن أكد المؤكد وهو وجود مرشحين رئيسيين هما النائب السابق سليمان فرنجية وقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، أشار إلى أن هناك أسماء أخرى يتم تداولها سعياً للتعرف على رؤية المشاركين لها. بيد أن الأمور لم تذهب، من حيث الأسماء، أبعد من ذلك «لأن الخوض بها في المرحلة الراهنة يبقى دون جدوى». لكن بالمقابل، كان هناك توافق حول «صفات» الرئيس والمنتظر منه وملخصه أن الرئيس العتيد «يتعين أن يكون صاحب قرار وقادرا على توحيد اللبنانيين وإنقاذهم ومتمسكا باستقلال لبنان وسيادته ووحدة أراضيه».
ويقول المصدر المشار إليه إن المجتمعين لم يتناولوا دور إيران في الانتخابات الرئاسية اللبنانية لأنهم اعتبروا أن الخوض في هذا الملف سيفتح الباب لمناقشات قد تبدأ ولا تنتهي رغم إدراك الجميع للدور الذي يعود لإيران في هذا الملف الحساس عن طريق قدرات «حزب الله» في التأثير على مسار الانتخابات. وباختصار، يمكن القول إن اجتماع الاثنين الماضي كان محدود الهدف ويشكل خطوة أولى للعمل الجماعي الذي تريد الأطراف الخمسة القيام به بالنظر لوزن كل طرف من هذه الأطراف وقدرته على التحدث إلى الداخل اللبناني وأيضاً للخارج.
يبقى أن «الغموض» بقي مسيطرا على مسألة إصدار بيان عقب الاجتماع رغم التوافق المسبق على مضمونه.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل تستهدف سيارة على طريق عاريا - الجمهور... وغارات على الجنوب والضاحية

السيارة المستهدفة على طريق عاريا - الجمهور (إكس)
السيارة المستهدفة على طريق عاريا - الجمهور (إكس)
TT

إسرائيل تستهدف سيارة على طريق عاريا - الجمهور... وغارات على الجنوب والضاحية

السيارة المستهدفة على طريق عاريا - الجمهور (إكس)
السيارة المستهدفة على طريق عاريا - الجمهور (إكس)

أفادت وسائل إعلام لبنانية باستهداف غارة إسرائيلية لسيارة على طريق عاريا - الجمهور مقابل كنيسة السيدة في جبل لبنان، اليوم (الخميس)، وهو طريق رئيسي يؤدي إلى بيروت.

وأعلنت غرفة التحكُّم المروري قطع السير على الطريق الدولي، محلة عاريا، باتجاه الجمهور؛ بسبب حادث أمني قاهر.

وبحسب وسائل الإعلام اللبنانية، فإن المسيّرة الإسرائيلية أطلقت صاروخين؛ الأوّل لم يصب الهدف، فأسقطت الثاني على السيارة.

شنَّ الطيران الحربي الإسرائيلي، ليلة أمس (الأربعاء) وفجر اليوم، سلسلة غارات استهدفت عدداً من المناطق في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، كما قصفت المدفعية الإسرائيلية عدداً من البلدات الجنوبية.

وقال الجيش الإسرائيلي إن مواقع «حزب الله» تقع «في قلب تجمع سكاني مدني»، متهماً الحزب باستخدام المنطقة كدروع بشرية. وقبل الضربات، أصدر جيش الدفاع الإسرائيلي تحذيرات إخلاء للمدنيين في المنطقة، وفقاً لما ذكرته صحيفة «ذا تايمز أوف إسرائيل».

وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي، فجر اليوم، على وسط بلدة يحمر الشقيف في جنوب لبنان، وأطرافها، وناحيتها الشرقية. وقصفت المدفعية الإسرائيلية أطراف البلدة ومحيطها بالقذائف العنقودية المحرمة دولياً.

وشنَّ الطيران الحربي الإسرائيلي ليلاً، سلسلة غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت، استهدفت منطقة الأوزاعي بـ3 غارات، وحارة حريك وحارة بعجور، وتحويطة الغدير، بحسب ما أعلنته «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية.

وشهدت أطراف بلدتَي رميش ويارون في جنوب لبنان، اشتباكات عنيفة منذ منتصف الليل بين عناصر «حزب الله» والجنود الإسرائيليين. كما سُجِّلت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة بين الطرفين عند أطراف بلدة عيتا الشعب الجنوبية عند محاولة القوات الإسرائيلية التسلُّل إلى الأراضي اللبنانية، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام».

وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي ليلاً على منزل في بلدة البازورية الجنوبية؛ ما أدى إلى سقوط 4 قتلى و3 جرحى. كما أغار على بلدات السلطانية، ودير انطار، والجميجمة، والبرغلية، وبرج الهو، والقاسمية، وطريق العباسية، وشقراء، وحداثا ومجدل سلم في جنوب لبنان. وتعرَّضت بلدتا حداثا ومجدل سلم وأطراف بلدة كونين لقصف مدفعي متقطع استمرّ حتى الفجر.

يُذكر أن الطائرات الحربية الإسرائيلية بدأت، منذ 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، بشنِّ سلسلة واسعة من الغارات لا تزال مستمرة حتى الساعة، استهدفت عدداً من المناطق في جنوب لبنان، والبقاع شرق لبنان، والعاصمة بيروت، والضاحية الجنوبية لبيروت، وجبل لبنان وشماله. وبدا الجيش الإسرائيلي في أول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عملية برية مركزة في جنوب لبنان.