فاضل ثامر: الناقد ناشط ثقافي واجتماعي ومسؤول إلى حد كبير عن مصائر الناس

يرى أن مشروعه النقدي هو تجاوز لمفهوم المنهج

فاضل ثامر
فاضل ثامر
TT

فاضل ثامر: الناقد ناشط ثقافي واجتماعي ومسؤول إلى حد كبير عن مصائر الناس

فاضل ثامر
فاضل ثامر

تعد سيرة ومنجز الناقد العراقي فاضل ثامر سيرة للنقد العراقي المعاصر، حيث يمثّل للأجيال اللاحقة من النقاد في العراق صورة مصغرة لحركة النقد في الفترة الممتدة منذ منتصف الخمسينات، فهو يقف في مقدمة النقاد في المشهد الأدبي العراقي. ولا يمكن كما يقول الناقد شجاع العاني أن نتصور النقد من دون فاضل ثامر، فهو يمتلك مجسات لتناول الموضوعات الأكثر حداثة في النقد العالمي، ويكتب وكأنه معلم يبسط هذه النظريات للقراء...
«الشرق الأوسط» التقت الناقد فاضل ثامر للوقوف عن بعض آرائه في المشهد النقدي العراقي والعربي...
> مسيرتك المهنية تمتد لأكثر من 6 عقود، أثمرت كثيراً من الإنجازات النقدية والإبداعية، ومرّت بكثير من المحطات. أين تقف من كل هذا؟ وما الذي خرجت به من هذه التجربة؟
- تجربتي النقدية هي في الجوهر تجربة بحث عن منهج نقدي قادر على التعامل المرن مع الإشكاليات البنيوية والدلالية والقرائية والنصية والتاريخية للنصوص والخطابات الأدبية. ويمكن القول إن اشتغالي النقدي والثقافي، هو في الوقت ذاته، محاولة لتأسيس مشروع شخصي، نقدي، ثقافي، شامل كواحد من المشروعات النقدية العربية التي يجترحها أصدقائي وزملائي النقاد العرب والعراقيون في هذا المجال. ويشكل مشروعي النقدي - الثقافي هذا تجاوزاً لمفهوم المنهج النقدي، بوصفه فضاءً أوسع، تتعالق فيه رؤى ومواقف ثقافية واجتماعية وحياتية، تقترن بموقعي وموقفي إنساناً وفاعلاً مدنياً واجتماعياً يطمح إلى أن يتماهى مع صورة المثقف العضو الفاعل الذي لا يكتفي بمشروع الكتابة فحسب، بل يشتبك بعمق، كما يذهب إلى ذلك غرامشي، مع إشكاليات عصره ومجتمعه ويتطلع إلى أن يحفر عميقاً في نسيج الواقع ويترك بصمة متواضعة في سفر الثقافة العميق. إنها صورة المثقف الذي يتحمل مسؤولية كل ما يحدث في مجتمعه وعصره، فضلاً عن مكابدة مهمة فك أسرار وشفرات النصوص والخطابات الإبداعية والكشف عن نداءاتها الخفية الثاوية، وإتاحة الفرصة للقارئ ليحقق فعل قراءة استنطاقية حرة ومتسائلة وتأويلية تندمج فيها عمليات الكتابة الإبداعية والنقدية والقرائية في بوتقة واحدة. الناقد، بالنسبة لي، ليس مجرد موظف تكنوقراط في خدمة مؤسسة النص والقراءة، كما أنه ليس مجرد قارئ عادي، أو وسيط بين النص والقارئ، إنه بدرجة أكبر مبدع، يضارع إبداعه الأديب بذاته، والنقد كما ذهب إلى ذلك رولان بارت هو لغة ثانية تضارع لغة الإبداع، أو هو خطاب على خطاب. والناقد مفكر وناشط ثقافي واجتماعي، مسؤول إلى حد كبير عن مصائر الناس. فهو مطالب بأن ينجز، بالفعل الثقافي والمهني والنقابي والفكري، مهمات تتعدى حدود الوظيفة الفنية والإبداعية للكتابة النقدية، إلى مشاركة في قيادة الفعل الثقافي والاجتماعي المغيّر، وإلى الإسهام في إنارة وعي القاري، بما يجعله فاعلاً ومسؤولاً هو الآخر عن قضايا عصره ومجتمعه.

> ولماذا اخترت النقد ميداناً أساسياً لتجربتك الأدبية؟
- في بداياتي الكتابية جربت كتابة الشعر والقصة القصيرة والرواية، لكني وجدت في داخلي ميلاً جارفاً إلى الكتابة النقدية. وكنت أشعر بأن صرامتي النقدية والمنهجية كانت تمارس تأثيراً قامعاً على نزعتي الإبداعية والسردية. كان عقلي الكتابي يتشكل نقدياً وأحسست بميل جارف إلى النقد، تماماً مثل الإحساس بالحب الأول الذي يقصي كل تجربة حب جديدة، وهكذا اتجهت إلى النقد، ورحت أطور أدواتي المنهجية والرؤيوية وأطيل التأمل في المتغيرات الذوقية والفنية وفي حساسية القارئ الجديد. ومع أني كتبت نقداً للقصة القصيرة والرواية والشعر الحر وقصيدة النثر والمسرح والفن التشكيلي والسينما، إلا أن عشقي تعمق نحو النقد الروائي، ونقد الشعر. كتبت في مجلة الشباب و«الحياة الجامعية» وفي بعض الصحف والمجلات، أواخر الخمسينات، عدداً من المقالات النقدية التي لم أجمعها للأسف، ولم أحتفظ بأصولها. وقد أصدرت خلال هذه الفترة أكثر من 10 كتب نقدية.

> هل يمكن أن نتعرف على المكونات الأولى لتكوينك الثقافي ومرجعياتك النقدية والمنهجية التي أسهمت في بلورة ما أسميته بمشروعك النقدي؟
- بدأت الكتابة الأدبية، وتحديداً النقدية، عندما كنت طالباً في المرحلة الثانوية في منتصف خمسينات القرن الماضي حيث بدأت بالنشر في عدد من الصحف المحلية آنذاك. ومع أني كنت قد جربت أغلب ضروب الكتابة الشعرية والقصصية، فضلاً عن الترجمة، فإني وجدت في نفسي ميلاً جارفاً لكتابة النقد الأدبي. وبدا الأمر بالنسبة لي وكأنه شكل من أشكال الحب الجارف الذي لا يقاوم. وعندما دخلت قسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب في العام 1957، كان ينظر لي من خلال كتاباتي النقدية المتواضعة المبكرة كواحد من الأدباء الشبان الذين كانوا يتحلقون حول القاصين الكبيرين عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي في مقهى البرازيلي في شارع الرشيد ببغداد، بصحبة أدباء شبان أمثال غازي العبادي وباسم عبد الحميد حمودي وعبد الرزاق رشيد ونزار عباس وخضير عبد الأمير وغيرهم. العامل الحاسم في نضجي النقدي كان يتمثل في دراستي الجامعية للغة الإنجليزية؛ حيث درست نماذج وتجارب روائية ومسرحية ونقدية حديثة في اللغة الإنجليزية، كان لها أفضل الأثر في توجيه خطاي لاحقاً إلى رحاب الثقافة العالمية. لقد كان الجو الثقافي والأدبي الذي أعقب ثورة «14 تموز»، وظهور عدد كبير من الصحف والمجلات السياسية والأدبية، وتأسيس اتحاد الأدباء العراقيين، برعاية شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري عام 1959، من العوامل المساعدة في تهذيب ثقافتي وتوجهاتي الأدبية والنقدية وتركيزي على قراءة الأعمال الأدبية العراقية والعربية والعالمية.
> ما أهم ملامح منهجك النقدي والمراحل التي مرّ بها؟
- حاولت في المقدمة الاستهلالية لكتابي النقدي الموسوم «الصوت الآخر... الجوهر الحواري للخطاب الأدبي» أن أبلور ملامح منهجي النقدي تحت عنوان «نحو رؤيا نقدية سوسيو - شعرية جديدة» حاولت فيها المزاوجة بين منظورين نقديين متعارضين، هما المنظور النصي الداخلي، بما فيه من توجهات جمالية ولسانية، وشكلانية أحياناً، والمنظور السياقي الخارجي، بما ينطوي عليه من جذور سوسيولوجية وآيديولوجية وتاريخية. وبالتأكيد كنت قد أفدت من تعرفي على الاتجاهات الحداثية، وما بعد الحداثية، ومنها اتجاهات النقد الثقافي والسيميائي والقرائي والتأويلي ودراسات ما بعد الكولونيالية والنسوية، لإعادة تشكيل منهجي النقدي، وسط تحديات الانبهار بالاتجاهات الجديدة والخشية من ضياع الهوية النقدية، واستنساخ تجربة الآخر بطريقة عشوائية أو انتقائية ملفقة. وبالتأكيد لم أكن الناقد العربي الوحيد الذي وجد نفسه أسير دوار المناهج والمصطلحات النقدية والمعرفية المتدفقة بلا توقف. وبالنسبة لي، قررت أن أتعامل معها برؤية نقدية واعية. فلا إفراط ولا تفريط. فالمنهجيات الجديدة أمدتني بأدوات للتحليل والتفكيك والتأويل والقراءة، لا يمكن لي تجاهلها أو تجاوزها، وفي الوقت ذاته لا يمكن لي الانغماس في متاهتها كلياً. ومن الجانب الآخر، لا يمكن أن أتناسى مسؤوليتي بوصفي إنساناً ومثقفاً عضوياً يتحمل مسؤوليات تاريخية واجتماعية وأخلاقية تجاه الآخر والمجتمع، ولا يمكن لي أن أتجاهل الجوهر الاجتماعي للظواهر والأعمال الأدبية، التي لا يمكن لها أن تكون مجرد بنى لسانية، أو القبول بمقولة جاك دريدا الذي يرى أنه «لا شيء خارج النص».
وشخصياً، أعدّ تلك المقدمة بمثابة «مانفيستو» نقدي شخصي، ولكنه غير نهائي، لأنه كان يبلور رؤيتي النقدية حتى مطلع التسعينات؛ حيث شهدت السنوات التي أعقبت ذلك التاريخ تعديلات وتنقيحات مهمة على رؤيتي النقدية تلك.
وقد أشرت في ذلك «المانفستو» إلى أن مقاربة النص هذه التي يمارسها الناقد العراقي، في منحاه الجديد، إنما تسهم بهذا المعنى في إنتاج معرفة اجتماعية محددة، إلا أنها معرفة من نوع خاص متجسدة داخل النص. كما أشرت إلى أن الخطاب الأدبي صوغٌ جمالي لا يشير إلى صوت قائله، أو وجهة نظره فقط، بل يشير إلى صوت الآخر بوصفه حواراً بين طرفين.
> في ضوء منهجك النقدي، ما الذي تراه في الخطاب النقدي السائد؟
- الخطاب النقدي هو محطة لالتقاء الأصوات والرؤى في فضاء مشترك، وهي رؤى وأصوات تتعايش وتتقاطع في آن واحد، ولكل منها، كما يذهب إلى ذلك ميخائيل باختين، حياته الخاصة التي تكسب الخطاب الأدبي هذه النزعة التعددية الديمقراطية الخصبة التي يتسم بها كل خطاب خلاق. إن الناقد عندما يبدأ اشتغاله بالنص للكشف عن شعريته أو أدبيته أو أنساقه وشفراته وحمولاته المعرفية، فهو من جانب آخر لا يقف أمام هذا النص بوصفه وثناً قائماً بذاته، كما تفعل بعض المقاربات الشكلانية والنصية المحاثية، بل بوصفه نتاجاً معرفياً واجتماعياً مكتنزاً، له القدرة لتحقيق المتعة الجمالية والحفر عميقاً في الواقع الاجتماعي وفي الوعي الإنساني في آنٍ واحد. وكنت بهذا أرفض النظرة المحاثية للنص، التي نلمسها عند بعض الشكلانيين والبنيويين، والتي تكتفي بكشف المستويات اللسانية والأدبية أو الشعرية والسيميولوجية للنص، بل كنت أسعى لاستكناه الخيوط السرية التي تشد النص إلى سياقه الخارجي وتميط اللثام عن الأنساق الاجتماعية والآيديولوجية الثانوية في النص.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«بيروت ترنم» يفتتح نسخته الـ17 مع موزارت ويختمها مع بوتشيني

فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
TT

«بيروت ترنم» يفتتح نسخته الـ17 مع موزارت ويختمها مع بوتشيني

فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)

«لسنا بخير في لبنان ولكننا سنكمل رسالتنا حتى النفس الأخير». بهذه الكلمات تستهل ميشلين أبي سمرا حديثها مع «الشرق الأوسط»، تُخبرنا عن برنامج النسخة الـ17 من مهرجان «بيروت ترنّم». فهي تتمسّك بتنظيم المهرجان في قلب المدينة؛ ما جعله بمثابة تقليدٍ سنوي في فترة أعياد الميلاد. طيلة السنوات الماضية ورغم كل الأزمات التي مرّ بها لبنان بقيت متشبثة بإحيائه.

كارلا شمعون من نجمات لبنان المشاركات في «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)

ينطلق «بيروت ترنّم» في 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل ويستمر لغاية 23 منه. وتتجوّل الفرق الفنية المشاركة فيه بين مناطق مونو والتباريس والجميزة في بيروت، وكذلك في جامعة الألبا في سن الفيل، وصولاً إلى زوق مصبح ودير البلمند في شمال لبنان.

وبالنسبة لميشلين أبي سمرا فإن النسخة 17 من المهرجان تتجدد هذا العام من خلال أماكن إحيائه. وتتابع: «يزخر لبنان بأماكن مقدسة جمّة يمكننا مشاهدتها في مختلف مناطقه وأحيائه. وهذه السنة تأخذ فعاليات المهرجان منحى روحانياً بامتياز، فيحط رحاله في أكثر من دار عبادة وكنيسة. وبذلك نترجم العلاج الروحاني الذي نطلبه من الموسيقى. جراحنا وآلامنا لا تحصى، ونحتاج هذه المساحة الروحانية الممزوجة بالموسيقى كي نشفى».

أمسية «تينور يواجه تينور» مع ماتيو خضر ومارك رعيدي (بيروت ترنم)

يفتتح «بيروت ترنّم» أيامه بأمسية موسيقية مع الأوركسترا اللبنانية الوطنية، وتتضمن مقاطع موسيقية لموزارت بمشاركة السوبرانو ميرا عقيقي. ويحضر زملاء لها منهم الميزو سوبرانو غريس مدوّر، وعازف الباريتون سيزار ناعسي مع مواكبة جوقة كورال الجامعة الأنطونية. وبقيادة المايسترو الأب توفيق معتوق ستتجلّى موسيقى موزارت في كنيسة مار يوسف في مونو.

وبالتعاون مع السفارة السويسرية واليونيسكو في بيروت، يقدم فريق «سيستيما» حفله في جامعة «الألبا». وتقول ميشلين أبي سمرا: «أسسنا هذا الفريق منذ سنوات عدّة، وهو ملحق بـ(بيروت ترنّم)، ويتألف من نحو 100 عازف ومنشدٍ من الأولاد. ونحن فخورون اليوم بتطوره وإحيائه عدة حفلات ناجحة في مناطق لبنانية. سنكون على موعد معه في (بيروت ترنمّ) في 8 ديسمبر».

ومن الفنانين اللبنانيين المشاركين في برنامج الحفل الموسيقي زياد الأحمدية، الذي يحيي في 11 ديسمبر حفلاً في جامعة «الألبا» للفنون الجميلة. ويؤلف مع عازفي الساكسوفون و«الدوبل باس» نضال أبو سمرا ومكرم أبو الحصن الثلاثي الموسيقي المنتظر.

«مقامات وإيقاعات» أمسية موسيقية شرقية مع فراس عنداري (بيروت ترنم)

وتحت عنوان «سبحان الكلمة» تحيي غادة شبير ليلة 13 ديسمبر من المهرجان في كنيسة مار بولس وبطرس في بلدة قرنة شهوان، في حين تشارك كارلا شمعون في هذه النسخة من «بيروت ترنّم» في 15 ديسمبر، فتقدّم حفلاً من وحي عيد الميلاد بعنوان «نور الأمل».

تشير ميشلين أبي سمرا في سياق حديثها إلى أن عقبات كثيرة واجهتها من أجل تنفيذ المهرجان. «إننا في زمن حرب قاسية ولاقينا صعوبات مادية شكّلت عقبة، لولا دعمنا من قبل رعاة متحمسين مثلنا لاستمرارية لبنان الثقافة. كما أن نجوماً أجانب أصرّوا على المشاركة والمجيء إلى لبنان رغم ظروفه اليوم».

عازف العود زياد الأحمدية يحيي ليلة 11 ديسمبر (بيروت ترنم)

من بين هؤلاء النجوم الإسبانيان عازف الكمان فرانشيسكو فولانا وعازفة البيانو ألبا فينتورا. ومن بلجيكا يحلّ كلٌ من عازفة التشيللو ستيفاني هوانغ وعازف البيانو فلوريان نواك ضيفين على المهرجان، ويقدمان معاً حفلهما الموسيقي في 18 ديسمبر في كنيسة مار مارون في شارع الجميزة.

ومن الحفلات المنتظرة في هذه النسخة «تينور يواجه تينور». وتوضح ميشلين أبي سمرا: «يتجدّد برنامج المهرجان مع هذا الحفل. فهو يحدث لأول مرة ويشارك فيه كل من ماتيو خضر ومارك رعيدي، فيتباريان بصوتهما الرنان بعرض أوبرالي استثنائي». ويقام هذا الحفل في 9 ديسمبر في كنيسة مار مارون في الجميزة.

عازف الكمان الإسباني فرانسيسكو فولانا (بيروت ترنم)

ومن الفِرق اللبنانية المشاركة أيضاً في «بيروت ترنّم» كورال الفيحاء الوطني بقيادة المايسترو باركيف تاسلاكيان. وكذلك هناك مقامات وإيقاعات مع فراس عينداري ومحمد نحاس ومجدي زين الدين وهاشم أبو الخاضر، يقدّمون عرضاً غنائياً شرقياً، يتخلّله عزف على العود والقانون والكمان. ويقام الحفلان ليلتي 19 و20 ديسمبر في الجميزة. ويختتم «بيروت ترنّم» فعالياته في 23 ديسمبر في كنيسة مار مارون في الجميزة. وذلك ضمن حفل موسيقي في الذكرى المئوية للإيطالي بوتشيني، ويحييها التينور بشارة مفرّج وجوقة الجامعة الأنطونية بقيادة الأب خليل رحمة.