عودة روبرت مالي إلى البيت الأبيض تعكس تحول الدور الأميركي في الشرق الأوسط

الخبير في شؤون المنطقة يعود إلى صف أوباما.. ومهمته ترميم العلاقات

عودة روبرت مالي إلى البيت الأبيض تعكس تحول الدور الأميركي في الشرق الأوسط
TT

عودة روبرت مالي إلى البيت الأبيض تعكس تحول الدور الأميركي في الشرق الأوسط

عودة روبرت مالي إلى البيت الأبيض تعكس تحول الدور الأميركي في الشرق الأوسط

كانت المهمة الأخيرة التي تولاها روبرت مالي، أثناء عمله في البيت الأبيض، العمل كوسيط للسلام في الشرق الأوسط ومستشار للرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في جهوده العقيمة للتوصل إلى اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين في كامب ديفيد عام 2000.
وقال مسؤولون في الإدارة إن مهمة مالي الجديدة في البيت الأبيض ستركز على محاولة تخفيف حدة التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج، تلك المهمة التي تنبئ بالكثير عن تغير الدور الأميركي في الشرق الأوسط.
ويرى مدير رفيع المستوى في مجلس الأمن القومي أن مالي سيساعد في وضع سياسة أميركية بدءا من السعودية وحتى إيران، في ظل حالة التوتر التي تشهدها المنطقة.
يبدو مالي الذي يتمتع بعلاقات طيبة مع الكثير من قيادات العالم العربي، والذي كان مدير مشروع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، الشخصية الأنسب لتولي هذه المهمة، لكنه عرضة لمواجهة انتقادات ثقافية وآيديولوجية واسعة النطاق، فقد أجبر في عام 2008 على الانفصال عن حملة أوباما، التي كان يعمل مستشارا غير رسمي بها، بعد أنباء عن لقائه بأعضاء من حركة حماس، التي صنفتها وزارة الخارجية «منظمة إرهابية».
لكن مالي ذكر في رسالة إلى صحيفة «نيويورك تايمز» أن الاجتماع لم يكن سرا وجاء في سياق عمله مع مجموعة الأزمات الدولية، منظمة غير ربحية تركز على منع الصراع. لكنه رغم ذلك شعر بأنه مجبر على النأي بنفسه عن أوباما لتجنب الافتراضات الخاطئة بشأن موقف المرشح تجاه «الحركة الإسلامية».
وتعرض مالي أيضا لانتقادات لكتابته مقالا بالمشاركة مع حسين أغا، أكد فيه أن جزءا اللوم في فشل محادثات كامب ديفيد يقع على عاتق رئيس وزراء إسرائيل في تلك الفترة إيهود باراك، لا على الموقف المتشدد للرئيس الفلسطيني آنذاك ياسر عرفات، كما كان يروج له في تلك الفترة.
وتعرض مالي لاتهامات من بعض المنتقدين المتطرفين بإظهاره تحيزا للشعب الفلسطيني وموقفا معاديا لإسرائيل في كتاباته، حتى إن البعض استشهد بأن والده الصحافي اليهودي المصري المولد، سيمون مالي، كانت تربطه صلات وثيقة بالحكومة المصرية.
لكن خمسة من أقران مالي الابن السابقين في إدارة كلينتون - ساندي بيرغر ودنيس روس ومارتن إندك ودانييل كيرتز وآرون ديفيد ميلر - دافعوا بقوة عن موقفه وكتبوا رسالة إلى موقع «نيويورك رفيو أوف بوكس»، حيث نشر مقال مالي، يدينون فيه ما قالوا إنه «هجوم شخصي دنيء، وغير منصف وغير ملائم وخاطئ».
عاد الجدل بشأن مالي إلى الظهور في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عندما ثارت شائعات بعودة مالي إلى البيت الأبيض، للمرة الأولى على مدونة لموقع «المونيتور» الموقع الإخباري المختص بأخبار الشرق الأوسط.
لكنّ مسؤولي البيت الأبيض قللوا أمس من أهمية هذه الخلافات، مؤكدين على أن مالي كوّن علاقات قوية تضم مسؤولين في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال أنتوني بلينكين، النائب الأول لمستشار الأمن القومي: «كانت هناك دائما اختلافات في التكتيكات، لا أستطيع أن أجد شخصا خارج الحكومة يملك روابط قوية مع الإسرائيليين كما هو الحال مع المسؤولين الآخرين في المنطقة».
وهناك تفكير أيضا بأن يشغل مالي منصبا في وزارة الخارجية حيث يعمل زميله مارتن إنديك مبعوثا خاصا لوزير الخارجية لمفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وسيكون العمل مع إنديك عودة إلى بيئته المألوفة.
ومع رحيل بونيت تالوور، المدير البارز لمنطقة الخليج والعراق وإيران، الذي جرى ترشيحه لمنصب مساعد وزير الخارجية للشؤون العسكرية والسياسية، كانت البداية الأكثر اهتماما في مجلس الأمن القومي.
وعلى عكس تالوور، الذي شارك في المفاوضات المباشرة مع إيران قبل توقيع الاتفاق النووي المؤقت مع القوى العالمية الست، لن يشارك مالي بقوة في المفاوضات، التي بدأت أحدث جولاتها في فيينا أول من أمس.
على أية حال، سيكون لدى مالي، الذي رفض التعليق على عمله الجديد، الكثير من المهام، فسيزور الرئيس أوباما المملكة العربية السعودية الشهر القادم.
وقال بلينكن: «معروف أن دول المنطقة تبدي قلقا من أن يكون الاتفاق مع إيران بداية لتخلينا عن القضايا التي تثير مخاوفهم من إيران». وأضاف: «هناك أساس قوي للغاية تجاه التزامنا بأمنهم، وجزء من هذا هو التأكيد المستمر على أن هذا يأتي كأولوية قصوى بالنسبة لنا».
وتقديم تلك التأكيدات سيكون أحد المهام الرئيسة في عمل مالي في البيت الأبيض. ونظرا لعمق التحديات في الشرق الأوسط، فقد تشكل تحديا مماثلا لما كان عليه الحال قبل 14 عاما من جمع الإسرائيليين والفلسطينيين حول مائدة المفاوضات.
* خدمة «نيويورك تايمز»



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».