افتتاح ثلاثة مبانٍ أثرية في منطقة القاهرة التاريخية

بعد الانتهاء من أعمال ترميمها

من المباني الأثرية التي افتُتحت اليوم الثلاثاء في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
من المباني الأثرية التي افتُتحت اليوم الثلاثاء في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

افتتاح ثلاثة مبانٍ أثرية في منطقة القاهرة التاريخية

من المباني الأثرية التي افتُتحت اليوم الثلاثاء في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
من المباني الأثرية التي افتُتحت اليوم الثلاثاء في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

افتتحت مصر اليوم (الثلاثاء) ثلاثة مبانٍ أثرية بمنطقة «الخليفة» في القاهرة التاريخية، بعد الانتهاء من أعمال ترميمها وصيانتها ورفع كفاءتها. وذلك في إطار اهتمام وزارة السياحة والآثار المصرية ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، بترميم وصيانة المواقع والمباني الأثرية بمختلف عصورها التاريخية.


من المباني الأثرية التي افتُتحت اليوم الثلاثاء في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، إن «المباني الأثرية التي تم افتتاحها، هي قبة علم الدين سنجر المظفر، وسبيل يوسف بك الكبير، وقبة الأمير علاء الدين أيدكين البندقداري»، مؤكداً «أهمية هذه المباني بشكل خاص كونها تقع بنطاق القاهرة التاريخية، أحد المواقع الأثرية المسجلة على قائمة التراث العالمي لليونسكو».

فيما أكد هشام سمير، مساعد وزير السياحة والآثار لمشروعات الآثار والمتاحف، والمشرف العام على قطاع المشروعات بالمجلس الأعلى للآثار، أن «أعمال الترميم التي تمت بهذه المباني الأثرية الثلاثة جاءت ضمن مشروع ترميم مائة أثر، وقد بدأ تنفيذه منذ عام 2015 لترميم 100 مبنى أثري بنطاق القاهرة التاريخية، تحت إشراف قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار والإدارة العامة للقاهرة التاريخية»، لافتاً إلى أنه «تم البدء في أعمال الترميم والصيانة للمباني الأثرية الثلاثة في عام 2018، وتضمنت الأعمال تنظيف ومعالجة الجدران الحجرية، واستكمال الأجزاء المفقودة، وحقن الجدران، ورفع كفاءة شبكة الكهرباء والإنارة، بالإضافة إلى أعمال الترميم الدقيق للعناصر الزخرفية ومعالجة الأسقف الخشبية المزخرفة، والشبابيك الجصية، وترميم الأشرطة الكتابية، وصيانة الأشغال الخشبية».


من المباني الأثرية التي افتُتحت اليوم الثلاثاء في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

من جانبه، قال الدكتور أبو بكر عبد الله، المكلف بتسيير أعمال قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية في المجلس الأعلى للآثار، إن «أعمال الترميم والصيانة للمباني الثلاثة شملت كذلك تأهيل الموقع العام للزيارة، حيث تم عمل سور خارجي، وتمهيد الطريق المؤدي للمباني الأثرية الثلاثة، وتزويد الموقع بعدد من اللوحات الإرشادية والتعريفية لكل أثر بما يسهم في تيسير حركة الزيارة داخل هذه المباني».

ووفق إفادة لوزارة السياحة والآثار المصرية، فإن «سبيل يوسف بك، أنشأه أحد أمراء العصر العثماني المعروف باسم يوسف بك الكبير خلال عصر الوالي قره خليل أغا باشا عام 1772 م، ويقع السبيل بحي الخليفة عند التقاء شارعي السيوفية والمظفر، وينفرد بكونه سبيلاً مستقلاً غير ملحق به أي منشآت، ولا يعلوه مبنى للكُتاب كالمعتاد بناؤه أعلى الأسبلة كمنشأة خيرية، ولكن يعلو مدخل السبيل نافذة مستطيلة، وتتوسطه دخلة يوجد على جانبيها عمودان من الحجر، ويتبع السبيل في تخطيطه العام نمط الأسلوب المحلي الذي يعد امتداداً للأساليب المعمارية التي كانت سائدة في العصر المملوكي».


من المباني الأثرية التي افتُتحت اليوم الثلاثاء في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأضاف البيان: «أنشأ قبة سنجر المظفر الأمير علم الدين سنجر أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون، وذلك عام 1322 م، وحملت اسم دار الآخرة، وتقع القبة بحي الخليفة نهاية شارع الحلمية عند التقاء شارع السيوفية مع شارع الحلمية وتقاطعهما مع شارع المظفر، ويتكون الضريح من حجرة مربعة تعلوها قبة مثمنة الشكل، فُتحت بكل ضلع من أضلاعها نافذة مستطيلة، تعلو ذلك رقبة القبة التي يعلوها شريط كتابي بخط الثلث المملوكي. أما قبة أيدكين البندقداري فقد أنشأها الأمير علاء الدين أيدكين البندقداري أحد أمراء دولة المماليك البحرية ما بين عامي 1284 م و1285 م، وتقع في شارع السيوفية، بامتداد شارع الحلمية بحي الخليفة، وقد أُلحق بها مسجدٌ للصلاة، وخانقاه رتب فيها الصوفية، وفي عام 1285 م تم بناء مدفن تعلوه قبة دفن به».

وذكر البيان: «تعد هذه الخانقاه أولى خانقاوات العصر المملوكي، كما أنها في الوقت نفسه أول نماذج العصر المملوكي التي جمعت بين الخانقاه والمدفن، والقبة تقع بالجهة الشمالية الغربية، وخصصت لدفن الرجال، وهي عبارة عن قبة ضريحية مغطاة بقبة قائمة منطقة انتقال مقرنصة تتخللها شبابيك جصية مغشاة بالزجاج المعشق، وتتوسط القبة الضريحية تركيبة خشبية».


من افتتاح المباني الأثرية اليوم الثلاثاء في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)


مقالات ذات صلة

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق معرض يحكي قصة العطور في مصر القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض أثري يتتبع «مسيرة العطور» في مصر القديمة

يستعيد المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) سيرة العطر في الحضارة المصرية القديمة عبر معرض مؤقت يلقي الضوء على صناعة العطور في مصر القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الفيلا تدلّ على «أسلوب حياة فاخر» (تيفونت أركيولوجي)

اكتشاف آثار فيلا رومانية فاخرة على الأرض البريطانية

اكتشف علماء آثار و60 متطوّعاً فيلا رومانية تدلّ على «أسلوب حياة فاخر»، وذلك في مقاطعة يلتشاير البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة «اليونيسكو»، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء» تراثاً ثقافياً لا مادياً.


«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.