البحرية الأميركية تواصل جمع حطام المنطاد الصيني

البحرية الأميركية تواصل جمع حطام المنطاد الصيني

بكين معترفة بملكية منطاد أميركا اللاتينية: هناك بالصدفة
الثلاثاء - 16 رجب 1444 هـ - 07 فبراير 2023 مـ رقم العدد [ 16142]
المنطاد الصيني لدى استهدافه وإسقاطه في جنوب كاليفورنيا السبت الماضي (رويترز)

واصلت البحرية الأميركية، أمس الاثنين، عمليات البحث عن حطام المنطاد الصيني الذي أُسقط بصاروخ أطلقته طائرة حربية بعد تحليقه لأيام فوق الولايات المتحدة، وسط تأكيدات المسؤولين في واشنطن أنه مخصص لأغراض التجسّس وجمع معلومات حساسة، في مقابل غضب من بكين التي تصر على أنه لمراقبة الطقس وأنه انحرف عن مساره، مع إقرارها بملكية منطاد آخر رُصد فوق أميركا اللاتينية.

وحلّق المنطاد بدءاً من 28 يناير (كانون الثاني) الماضي فوق أميركا الشمالية، ليعبر من ألاسكا إلى كندا والولايات المتحدة، قبل أن تتخذ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قراراً بإسقاطه السبت، حين أطلقت مقاتلة من طراز «إف 22» صاروخاً على المنطاد الذي سقط قبالة سواحل ساوث كارولاينا، بسبب ما وصفته واشنطن بأنه «انتهاك بكين غير المقبول» للسيادة الأميركية.

وكرر مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الصين استخدمت المنطاد «في محاولة لمراقبة المواقع الاستراتيجية» في الولايات المتحدة. وقاد رصد المنطاد إلى إرجاء زيارة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للصين إلى أجل غير مسمى.

وأعلن قائد القوات الأميركية في أميركا الشمالية، أن عناصر من البحرية «يقومون حالياً بعمليات استرداد (الحطام)، بمساعدة خفر السواحل الأميركيين، لتأمين المنطقة والحفاظ على السلامة العامة».

وتوقع الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة الأميركية، الأدميرال مايك مولين، أن تجمع البحرية الحطام «في وقت قريب نسبياً» من المياه. ورداً على سؤال من شبكة «إيه بي سي نيوز» التلفزيونية عما إذا كان يعتقد أن جهات في الجيش الصيني أطلقت المنطاد عمداً، لتعطيل زيارة بلينكن، أجاب: «بالطبع، أعتقد أن هذا ما جرى»، ملاحظاً أن المنطاد كان قادراً على المناورة. وإذ رفض تصريحات الصين بأنه انحرف عن مساره، لفت إلى أن المنطاد «مجهّز بمراوح... لم تكن حادثة. كان متعمداً. كان عملاً استخبارياً».

وبينما يقول المسؤولون الأميركيون إن الصين لديها طرق أكثر سرية وتطوراً لجمع المعلومات الاستخبارية عن الولايات المتحدة، مثل شبكة أقمار التجسس الصناعية، أوردت صحيفة لـ«جيش التحرير الشعبي»، (الاسم الرسمي للجيش الصيني)، أن التكلفة المنخفضة لاستخدام البالونات كانت أحد الأسباب التي دفعت الصين إلى نشرها بشكل أكبر. وكتبت أنه «استجابة للتهديد المتزايد الذي تشكله أنظمة الدفاع الأرضية لقوات الهجوم الجوي، من الضروري استخدام بالونات جوية رخيصة لإحداث تداخل نشط وسلبي لقمع أنظمة الإنذار المبكر للدفاع الجوي للعدو بشكل فعال، وتغطية قوات الهجوم الجوي للقيام خارج مهامهم».


السجال الأميركي

وبينما واصل الجمهوريون انتقاد طريقة تعامل بايدن مع الحادث، قال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، إن إسقاط المنطاد «لم يكن الخيار الأكثر أماناً فحسب؛ بل أيضاً كان الخيار الذي زاد من مكاسبنا الاستخبارية»، في إشارة إلى أن الأجهزة الموجودة في المنطاد يرجح ألا تتضرر كثيراً من السقوط في المياه. وأضاف: «وجهنا رسالة واضحة إلى الصين مفادها أن هذا الأمر غير مقبول. قمنا بحماية المدنيين، وحصلنا على مزيد من المعلومات، بينما قمنا أيضاً بحماية معلوماتنا الحساسة». وأوضح أن مجلس الشيوخ سيتلقى إحاطة سريّة في 15 فبراير (شباط).

لكن الزعيم الجمهوري لمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، غرد على «تويتر» بأنه: «كالعادة، عندما يتعلق الأمر بالدفاع الوطني والسياسة الخارجية، ردّت إدارة بايدن في البداية بشكل غير حاسم، ثم تحركت بعد فوات الأوان».

في المقابل، ندد نائب وزير الخارجية الصيني شي فينغ بإسقاط المنطاد. وأفاد في بيان بأن «الأفعال الأميركية أثّرت وأضرّت بشدة بجهود الطرفين وتقدّمهما من أجل إرساء استقرار في العلاقات الصينية- الأميركية منذ اجتماع بالي» بين الرئيسين جو بايدن وشي جينبينغ، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وكانت زيارة بلينكن محاولة لتعزيز التواصل بين البلدين بعد اجتماع بالي.

وقبيل إعلان إلغاء رحلة بلينكن، أصدرت الصين اعتذاراً نادراً عن الحادث؛ لكن مع إلغاء الزيارة وإسقاط المنطاد، تحوّلت نبرة التصريحات في بكين. وأعلنت وزارة الخارجية الصينية أنها «تحتفظ بحق اتخاذ مزيد من الردود الضرورية».

ولفت فينغ إلى أنه قدم شكوى رسمية إلى السفارة الأميركية في بكين: «ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة تصم آذانها، وأصرت على الاستخدام العشوائي للقوة ضد الطائرات المدنية التي كانت على وشك مغادرة المجال الجوي للولايات المتحدة، ومن الواضح أنها بالغت في رد فعلها، وانتهكت بشكل خطير روح القانون الدولي والممارسات الدولية».


مناطيد أخرى

وأعلن «البنتاغون» الجمعة أن منطاداً صينياً ثانياً حلّق فوق أميركا اللاتينية. وكذلك أفادت القوات الجوية الكولومبية بأنها رصدت المنطاد الجمعة الماضي، مؤكدة أنها تجري «عمليات تحقق مع دول ومؤسسات مختلفة لتحديد مصدر الهيكل».

ولم تقدم الناطقة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ أي تفاصيل جديدة حول المنطاد؛ لكنها كررت أنه «مدني مخصص لأبحاث الأرصاد الجوية». ولم تذكر طبيعة الخطوات الإضافية التي تعتزم الصين اتخاذها رداً على طريقة تعامل واشنطن مع القضية. ومع ذلك، أكدت أن المنطاد الآخر الذي رُصد أخيراً فوق أميركا اللاتينية صيني أيضاً، واصفة إياه بأنه «مدني يستخدم في اختبارات الطيران». وقالت إنه بسبب الطقس «انحرف المنطاد بشدة عن مساره المحدد، ودخل فضاء أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي عن طريق الصدفة».

وكذلك رصدت طوكيو مناطيد صينية في الآونة الأخيرة. وقال نائب رئيس مجلس الوزراء الياباني يوشيهيكو إيسوزاكي للصحافيين، الاثنين، إن «جسماً طائراً مشابهاً للذي أسقطته الولايات المتحدة رُصد مرتين على الأقل فوق شمال اليابان، منذ عام 2020».

في السياق نفسه، أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها حيال الموقف المتوتر بين الولايات المتحدة والصين بسبب المنطاد.

وقال نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية في برلين، فولفغانغ بوشنر، أمس الاثنين: «نأمل ألا تؤدي الحادثة إلى مزيد من التوترات، أو إلى التصعيد في العلاقات الأميركية- الصينية»؛ مشيراً إلى أن بلاده تلقت بقلق التقارير عن تحليق المنطاد وإسقاطه.


أميركا الولايات المتحدة

اختيارات المحرر

فيديو