وفاة الجنرال مشرف الذي حول باكستان إلى مركز لمكافحة الإرهاب

الراحل برويز مشرف (أ.ب)
الراحل برويز مشرف (أ.ب)
TT

وفاة الجنرال مشرف الذي حول باكستان إلى مركز لمكافحة الإرهاب

الراحل برويز مشرف (أ.ب)
الراحل برويز مشرف (أ.ب)

قال الجنرال برويز مشرف، ذات مرة، إنه خلال نهاية السنوات التسع التي قضاها في الحكم، وعندما كان يسأله صحافي أجنبي بخصوص ما إذا كان الجيش الباكستاني لا يزال يدعمه، كان يجيب بقوله: «الجيش خلفي وسيظل خلفي مهما كانت الطريق التي سأسلكها».
ويمكن وصف الجنرال برويز مشرف، الذي توفي في دبي بعد صراع طويل مع المرض، بأنه مؤسس القوات العسكرية الباكستانية الحديثة ـ قوات نجحت بصورة تدريجية في تطوير قدرتها على ملاحقة الجماعات الإرهابية المنتشرة عبر جميع أرجاء المناطق الحضرية داخل باكستان.

قبل الجنرال مشرف، كان الجيش الباكستاني مجرد قوة تقليدية، على استعداد للدفاع عن باكستان في مواجهة هجوم تقليدي من جانب القوات الهندية الأكبر بكثير.
وقد تناول بعض المؤرخين العسكريين الغربيين باستفاضة كيف مني الجيش الباكستاني بهزائم قاسية على يد أعضاء تنظيم «القاعدة»، الذين بدأوا في الوفود إلى المناطق القبلية قادمين من أفغانستان. حدث ذلك في أعقاب الغزو الأميركي، وواجهتهم لدى دخولهم الأراضي الباكستانية قوات برية باكستانية لم يكن لديها أدنى فكرة عن كيفية قتال أو التعامل مع مقاتلي «القاعدة».
خلال الفترة الأولى بين عامي 2002 و2004، سقط الكثير من القتلى بين صفوف القوات الباكستانية في خضم قتالها ضد «القاعدة» داخل المناطق القبلية.
ويرى خبراء عسكريون باكستانيون أن الاستراتيجية الذكية التي انتهجها الجنرال مشرف نجحت في تحويل الجيش الباكستاني إلى قوة لمكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة.
واعتمدت الاستراتيجية على عنصرين: (1) قبول الجيش الباكستاني واستضافته خبراء عسكريين ومدربين من الولايات المتحدة وبريطانيا، والذين شرعوا في تدريب التشكيلات العسكرية الباكستانية على تكتيكات واستراتيجيات محاربة الإرهاب. (2) عمل الجنرال مشرف على ضمان حصول الجيش الباكستاني على كثير من الأسلحة والمعدات الحديثة من الولايات المتحدة، والتي يمكن استخدامها في التصدي للإرهاب والجماعات المسلحة. وكان مشرف حليفا سياسيا وعسكريا قويا للغرب.
وثارت حول هذه الاستراتيجية بعض المخاوف بخصوص إمكانية أن تتراجع قدرة الجيش الباكستاني على خوض مواجهة عسكرية تقليدية.
في نهاية الأمر، يرى خبراء عسكريون أن استراتيجية وسياسات الجنرال مشرف نجحت في الحفاظ على الجيش الباكستاني كقوة تقليدية، وفي الوقت ذاته أكسبته القدرة على شن عمليات لمكافحة الإرهاب.
بلغ مشرف سدة الحكم عبر انقلاب عسكري عام 1999 وظل على رأس السلطة بباكستان حتى عام 2008. في يونيو (حزيران) 2001 أعلن نفسه رئيساً للبلاد، وكان في هذا المنصب وقت وقوع هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة.
وخلال السنوات التسع التي قضاها في السلطة، شهدت باكستان نمواً اقتصادياً عاد بالنفع على أبناء الطبقة الوسطى.
وعن ذلك، قال المحلل حسن عسكري: «خلال حقبة حكم مشرف، اتضح أن قرار باكستان بالانضمام إلى (الحرب ضد الإرهاب) كان بمثابة نعمة للبلاد»، وذلك في إشارة إلى تدفق المساعدات الدولية على البلاد نتيجة لذلك.
وأجبرت الأحداث التي أعقبت الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001 باكستان على تركيز جهودها على حدودها الغربية. وانهمك المخططون العسكريون والاستراتيجيون داخل باكستان في تخطيط جهود الدفاع عن الحدود الغربية منذ عام 2001 حتى اليوم. وخلال فترات وجيزة، تحولت أنظارهم نحو الحدود الشرقية عندما كانت تقع هجمات إرهابية داخل الهند، وكان الهنود يحشدون قوتهم العسكرية لإنزال بعض العقاب بباكستان، رداً على ذلك.
وفي كل مرة كانت تحدث تعبئة عسكرية على الجانب الهندي، كانت تقابلها مبادرة دبلوماسية من واشنطن وكبار حلفائها الغربيين لإثناء الهند عن مهاجمة باكستان.
وما فعلته باكستان داخل أفغانستان حول أراضيها إلى ميدان قتال بين القوات الباكستانية وجماعات مسلحة. ومع ذلك، ظل الجنرال مشرف ناجحاً في جهوده إبقاء باكستان مستقرة خلال سنوات حكمه التسع رغم كل التحديات التي جابهها.


مقالات ذات صلة

إسلام آباد: «طالبان باكستان» قد تستهدف عمران خان

العالم إسلام آباد: «طالبان باكستان» قد تستهدف عمران خان

إسلام آباد: «طالبان باكستان» قد تستهدف عمران خان

ذكرت وسائل إعلام باكستانية أمس (الاثنين)، نقلاً عن تقرير سري لوزارة الدفاع، أن رئيس الوزراء السابق عمران خان وزعماء سياسيين آخرين، قد يجري استهدافهم من قبل تنظيمات إرهابية محظورة خلال الحملة الانتخابية. وذكر التقرير على وجه التحديد عمران خان، ووزير الدفاع خواجة آصف، ووزير الداخلية رنا سناء الله، أهدافاً محتملة لهجوم إرهابي خلال الحملة الانتخابية. وقدمت وزارة الدفاع تقريرها إلى المحكمة العليا في وقت سابق من الأسبوع الحالي.

عمر فاروق (إسلام آباد)
العالم 3 قتلى بقنبلة استهدفت مركزاً للشرطة في باكستان

3 قتلى بقنبلة استهدفت مركزاً للشرطة في باكستان

أسفر اعتداء بقنبلة استهدف اليوم (الاثنين) مركزا لشرطة مكافحة الإرهاب الباكستانية عن ثلاثة قتلى وتسبب بانهيار المبنى، وفق ما أفادت الشرطة. وقال المسؤول في الشرطة المحلية عطاء الله خان لوكالة الصحافة الفرنسية إن «قنبلتين انفجرتا» في مركز الشرطة «وأسفرتا عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل» في مدينة كابال الواقعة في وادي سوات بشمال غربي باكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم باكستان: 358 قتيلاً بثلاثة شهور بسبب الإرهاب

باكستان: 358 قتيلاً بثلاثة شهور بسبب الإرهاب

تمكّن الجيش الباكستاني من القضاء على ثمانية مسلحين من العناصر الإرهابية خلال عملية نفذها في مقاطعة وزيرستان شمال غربي باكستان. وأوضح بيان صادر عن الإدارة الإعلامية للجيش اليوم، أن العملية التي جرى تنفيذها بناءً على معلومات استخباراتية، أسفرت أيضًا عن مقتل جنديين اثنين خلال تبادل إطلاق النار مع الإرهابيين، مضيفًا أنّ قوات الجيش صادرت من حوزة الإرهابيين كمية من الأسلحة والمتفجرات تشمل قذائف». ونفذت جماعة «طالبان» الباكستانية، وهي عبارة عن تحالف لشبكات مسلحة تشكل عام 2007 لمحاربة الجيش الباكستاني، ما يقرب من 22 هجوماً.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
الاقتصاد باكستان تقترب من اتفاق مع صندوق النقد بعد تعهد الإمارات بمليار دولار

باكستان تقترب من اتفاق مع صندوق النقد بعد تعهد الإمارات بمليار دولار

قال وزير المالية الباكستاني، إسحق دار، اليوم (الجمعة)، إن الإمارات أكدت تقديم دعم بقيمة مليار دولار لإسلام أباد، ما يزيل عقبة أساسية أمام تأمين شريحة إنقاذ طال انتظارها من صندوق النقد الدولي. وكتب دار على «تويتر»: «مصرف دولة باكستان يعمل الآن على الوثائق اللازمة لتلقي الوديعة المذكورة من السلطات الإماراتية». ويمثل هذا الالتزام أحد آخر متطلبات الصندوق قبل أن يوافق على اتفاقية على مستوى الخبراء للإفراج عن شريحة بقيمة 1.1 مليار دولار تأخرت لأشهر عدة، وتعد ضرورية لباكستان لعلاج أزمة حادة في ميزان المدفوعات. ويجعل هذا التعهد الإمارات ثالث دولة بعد السعودية والصين تقدم مساعدات لباكستان التي تحتاج إل

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم باكستان: مقتل أربعة رجال شرطة في معركة بالأسلحة النارية مع الإرهابيين

باكستان: مقتل أربعة رجال شرطة في معركة بالأسلحة النارية مع الإرهابيين

أعلنت الشرطة الباكستانية مقتل 4 رجال شرطة باكستانيين على الأقل في معركة بالأسلحة النارية مع الإرهابيين في مدينة كويتا في الساعات الأولى من الثلاثاء. وقال قائد شرطة العمليات في كويتا، كابتن زهيب موشين، لموقع صحيفة «دون» الباكستانية، إنه جرى شن العملية لتحييد الإرهابيين الذين شاركوا في الهجمات السابقة على قوات الأمن في كوتشلاك. وأضاف زهيب أن العملية أجريت بالاشتراك مع أفراد شرطة الحدود، حسب موقع صحيفة «دون» الباكستانية. وقال زهيب إن عناصر إنفاذ القانون طوقوا، خلال العملية، منزلاً في كوتشلاك، أطلق منه الإرهابيون النار على رجال الشرطة ما أدى إلى مقتل أربعة منهم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.