«الخال» يحول وصفات أجداده المدونة على جدران المعابد إلى تجربة حية

مطعم مصري يجتذب رواده بـ«الطقس الفرعوني»

مطعم يعيد إحياء الوصفات التقليدية والتاريخية
مطعم يعيد إحياء الوصفات التقليدية والتاريخية
TT

«الخال» يحول وصفات أجداده المدونة على جدران المعابد إلى تجربة حية

مطعم يعيد إحياء الوصفات التقليدية والتاريخية
مطعم يعيد إحياء الوصفات التقليدية والتاريخية

بطبق الدجاج المطهو بالفرن والملفوف في أوراق البردي مع عيدان الروزماري، يمكنك أن تستمتع بأجواء تاريخية وطقس فرعوني، في مطعم «الخال» بقلب القاهرة، وإن لم تكن من عشاق الدجاج، فهناك أيضاً السمك البوري المشوي والمُزين بحلقات من البصل المشوي مع قطرات الليمون ورائحة الثوم.
إنها قائمة طعام تستحضر الروح والطريقة الفرعونية، من خلال مراعاة الكميات المناسبة، والقيمة الغذائية، والعودة للطبيعة.
فمن بين مطاعم عدة تبحر في الثقافات الغربية، هنا في قلب القاهرة اختار مطعم «الخال» أن يحول وصفات أجداده المدونة على جدران المعابد إلى تجربة حية تمزج متعة المذاق وشغف التاريخ في أطباق عصرية ووسط أجواء مصرية أصيلة تأخذنا في رحلة طويلة تمر على حضارات مصر من قبل التاريخ وحتى المطبخ التقليدي الباقي راهناً.
وعن تجربة «الخال» يقول الفارو أسيبال، المدير التنفيذي المساعد، إنهم استهدفوا منذ البداية الانغماس في الثقافة المصرية وتقديم تجربة سياحية لها مذاق أصيل.
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «في عام 2015 انطلق فريق (الخال) بحثاً عن مكان يبعث برائحته ومذاق أطباقه تجربة مصرية خالصة»، لافتاً إلى أن «تقديم قائمة طعام مستوحاة من مائدة المصري القديم، يعد تحدياً تطلب منهم البحث والإبحار في التاريخ أولاً، واختيار وصفات من شأنها جذب زبون يعيش في قلب عالم رقمي».
وعن تسمية المطعم يقول «أسيبال»: «(الخال) والد، إنها المقولة المصرية التي كانت مصدر الإلهام، والتي ترمز إلى أن منزل الخال هو المكان الذي يتجمع فيه أفراد العائلة بحميمية ودفء، وبالطبع لا تحلو اللمة إلا بأكلة أصيلة».
ويضيف «أسيبال»: «حسب تدوينات المعابد المصرية القديمة، زخرت مائدة المصري القديم بأطايب الطعام، وتنوعت بين الخضراوات والأسماك ولحم الماعز والخراف. كما عكست نقوش المعابد أهمية بعض الأطباق كالبازلاء، والبصل والثوم والخس، وجميعها تعتبر مكونات رئيسية في المطبخ الفرعوني. كما عرفت الفاكهة مثل التمر والتين، كل هذا استخدمه طهاة (الخال) لتحضير أطباق غنية غير معتادة الآن».
ويرى «أسيبال» أن «الطعام الفرعوني يتميز بإعلاء القيمة الغذائية، فلا مبالغة في الإضافات». «قد يعتقد البعض أنها مهمة سهلة، بينما الأمر يتطلب كثيراً من التجربة لتصل إلى مذاق أصيل يحمل رسائل الأجداد، ولن يتحقق ذلك إلا بمكونات طازجة عالية الجودة».

من أطباق «الخال»     -     سمك البوري على طريقة «الخال»

ويردف: «عُرف المصري القديم بالقوام الرشيق، ما يعكس علاقة صحية مع الطعام، صحيح كان بين أولوياته لكن بما لا يضر به، لذلك، شملت مهمة طهاة (الخال) تحقيق هذه المعادلة بين المذاق العميق والقيمة الغذائية».
ويقدم مطعم الخال رحلة العودة عبر التاريخ القديم ليس بقائمة الطعام المستوحاة من التاريخ الفرعوني فحسب، ولكن بأجواء مصرية فقد تشعرك برياح الصحراء وأنت تتمتع بطبق البط أو سلطة الحمام.
وقال «أسيبال»: «جميع التفاصيل مدروسة، وكان هدفنا أن تتضافر الأجواء مع المذاق لتجربة أكثر متعة، ساهمت فيها الفنانة التشكيلية شهيرة فوزي، التي صممت ديكور مطعم (الخال)، وهي عالمة أنثروبولوجيا ومؤسسة بيت صحارى لتصميم الأزياء والحلى، حيث صممت أركاناً شديدة الخصوصية مستوحاة من الصحراء».
ويعلق «أسيبال»: «واحدة من معايير تحضير الأطباق الفرعونية هي بساطة الشكل وأصالة المذاق، كذلك اختيار الكميات المناسبة، كل هذا يخضع لمعايير دقيقة توصل لها طهاة المطعم بعد رحلة بحث طويلة في نقوش المعابد».
صحيح أن «الخال» نال شهرته من الأجواء الفرعونية، غير أن الحضارات المصرية جميعها حاضرة في أطباق المطعم. يقول «أسيبال»: «تقديم الثقافة المصرية هو الرسالة المبطنة لـ(الخال) منذ البداية، لذلك تتنوع الأطباق لتغوص في أعماق المطبخ المصري فتشمل قائمتنا أنواع المحشي والحمام والرقاق وحتى الكشري، وجميعه على الطريقة الأصلية لمطبخنا والذي تعرض خلال السنوات الماضية لكثير من الاندماج بفضل وجود جنسيات عربية أخرى في قلب مصر».


مقالات ذات صلة

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات الشيف الفرنسي بيير هيرميه (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه لـ«الشرق الأوسط»: العرب يتمتعون بالروح الكريمة للضيافة

بيير هيرميه، حائز لقب «أفضل طاهي حلويات في العالم» عام 2016، ويمتلك خبرةً احترافيةً جعلت منه فناناً مبدعاً في إعداد «الماكارون» الفرنسيّة.

جوسلين إيليا (لندن )

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
TT

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً، وعندما نسمع أي طاهٍ يردد المقولة الأشهر: «الطهي بحبّ» (التي قد يجد البعض أنها أصبحت «كليشيه»)؛ أقول لهم إنه لا يمكن أن يبرع أي شيف بمهنته إلا إذا أحب مهنته ووقع بغرام الطهي لأن هذه المهنة لا يمكن أن ينجح بها إلا من يطبخ بحبّ.

يجب أن يتحلى الطاهي الخاص بمهنية عالية (الشرق الاوسط)

الطهي أنواع، والطهاة أنواع أيضاً، فهناك من يطبخ في مطعم، وهناك من يطبخ لعائلة أو يطبخ بشكل خاص في المنازل. أما «الشرق الأوسط» فقد قامت بتجربة الطعام في أحد المساكن الراقية، التابعة لـ«أولتميا كولكشن» (Ultima Collection) التي تضم عدة شاليهات وفيلات في أماكن كثيرة، مثل جنيف في سويسرا، وموجيف في فرنسا، وغيرها من الوجهات الراقية.

بوراتا مع الطماطم (الشرق الاوسط)

الإقامة في مجموعة «أولتيما» صفتها الرقي والرفاهية التي تمتد إلى ما هو أبعد من السكن، لتصل إلى الطبق، وبراعة فريق العمل في المطبخ في تقديم أجمل وألذّ الأطباق بحسب رغبة الزبون، ففكرة «أولتيما» تدور حول تأجير العقار لمدة أقلّها أسبوع، حيث يتولى فريق كامل من العاملين تلبية كافة احتياجات النزل، بما في ذلك تأمين طلبات الأكل وتنفيذ أي طبق يخطر على بال الزبون.

من الاطباق التي تبتكر يوميا في مجموعة أولتيما (الشرق الاوسط)

لفتنا في طهي الشيف أليساندرو بيرغامو، الطاهي التنفيذي في «أولتيما كوليكشن» والمسؤول عن ابتكار جميع لوائح الطعام في مجموعة أولتيما، أنه يحمل في نكهاته رائحة الشرق الأوسط، وبساطة الأطباق الأوروبية والمنتج الطازج وطريقة التقديم التي تنافس أهم المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان.

من الاطباق المبتكرة في "أولتيما"

في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، شرح الشيف أليساندرو بيرغامو كيفية تنفيذ عمله بهذه الطريقة الحرفية لمجموعة أشخاص تختلف ذائقاتهم وذوقهم في الأكل، فكان ردّه أنه يتم إعداد قوائم الطعام بعد دراسة ما يفضله الزبون، ويتم تعديل قائمة الطعام استناداً إلى تفضيلاتهم، ومعرفة ما إذا كان أحدهم يعاني من حساسية ما على منتج معين، بالإضافة إلى تلبية الطلبات الخاصة في الأكل.

طبق فتوش لذيذ مع استخدام البهارات الشرقية (الشرق الاوسط)

يقوم الشيف أليساندرو بالطهي لجنسيات مختلفة، لكن كيف يمكنك طهي طعام يناسب الجميع؟ أجاب: «يأتي كثير من العملاء لاكتشاف أطباق جديدة، ومطبخ كل طاهٍ ومنطقة. نحن نعدّ مجموعة متنوعة من الأطباق على طريقة طبخ البيت لتلبية كل الطلبات».

طاولة طعام تحضر لمجموعة واحدة من النزل (الشرق الاوسط)

تتمتع أطباق الشيف بيرغامو باستخدام كثير من البهارات العالمية، فسألناه عن سرّ نجاحه في الدمج بينها، فقال: «نحاول تحقيق التنوع في النكهات بين الحريف والحامض والحار والمالح. يتعلق الأمر بتحقيق التوازن والتناغم. وتتوفر لدينا اليوم أنواع متعددة من البهارات تسمح لنا بإجراء بحث ممتد، والتعاون مع طهاة عالميين من أجل التطوير المستمر للعمل».

مائدة طعام في أحد مساكن أولتيما العالمية (الشرق الاوسط)

وأضاف: «بالطبع، أحب البهارات، والإضافة التي تقدمها إلى طبق ما، أو نوع من الخضراوات. هناك كثير من البهارات التي أستمتع بها. منها جوزة الطيب والكزبرة والسماق والبابريكا».

وعن طبقه المفضل الذي لا يتعب من تحضيره، أجاب: «أحب طهي المعكرونة بأشكال مختلفة متنوعة، إلى جانب أطباق اللحم بالصوص».

مهنية تامة وروعة في التقديم (الشرق الاوسط)

ومن المعروف عن بعض الزبائن، الذين يختارون الإقامة في عقارات تابعة لمجموعة أولتيما، أن طلباتهم قد تكون كثيرة وغير اعتيادية أحياناً، والسؤال هنا؛ كيف يستطيع الطاهي الخاص أن يقوم بتلبية جميع الطلبات الخاصة؟ فأجاب الشيف ألسياندرو بأنه يحاول الاتصال بكل من يعرفه للعثور على المنتجات المطلوبة. وبفضل الموردين الذين يتعامل معهم، يضمن السرعة والكفاءة في الاستجابة لأي طلبات خاصة. وبالتالي يتمكن في غضون 24 ساعة من تحديد موقع المنتج وإحضاره لاستخدامه في أي طبق يطلبه الزبون.

أطباق جميلة ولذيذة (الشرق الاوسط)

يبقى السؤال الذي يطرحه نفسه هنا: أيهما أصعب، العمل في مطعم أم العمل كطاهٍ خاص؟ وكان ردّ الشيف أليساندرو: «في رأيي لأصبح طاهياً خاصاً، من الضروري أولاً العمل في المطاعم لأتعلم المهنة وطرق وفنون الطهي، ثم بعد ذلك إذا كنت أشعر بالارتياح تجاه التعامل بشكل مباشر مع العملاء، يمكن التفكير في أن أصبح طاهياً خاصاً. إن الأمر مختلف جداً لأنه في المطعم تكون لديك قائمة طعام، ويختار العملاء أطباقهم، لكن عندما تكون طاهياً خاصاً، تكون الوجبات معدّة بشكل كامل بناءً على تفضيلات العملاء».

مائدة الفطور في "غراند أولتيما" (الشرق الاوسط)

من هو الشيف أليساندرو بيرغامو؟

ولد في إقليم كومو في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1989. نظراً لشغفه بالطهي الذي ظهر في سن مبكرة، وحلمه بالفعل بالمشاركة في مسابقة «بوكوس دور»، تدرب في مركز التكوين المهني والتمهين في مدينة سوندالو، بالقرب من مقاطعة سوندريو، ثم في مدرسة «كلوزوني» للطهي مع طهاة على صلة بالمسابقة.

بدأ بعد ذلك مسيرته المهنية الاحترافية بالعمل في فنادق رائدة كطاهٍ تنفيذي في كل من برغامو وفينيسيا وتاورمينا. وفي عام 2009، استقر في مدينة ليون، حيث عمل مع الطاهي بيير أورسي لمدة عامين في مطعمه الحائز على نجوم ميشلان، قبل الانضمام إلى فريق يانيك ألينو في «لي 1947 شوفال بلان» المطعم المملوك لكورشفيل الحائز على 3 نجوم ميشلان.

كذلك انضم، وهو يضع مسابقة «بوكوس دور» نصب عينيه، إلى فريق ريجيس ماركون، الطاهي الحاصل على 3 نجوم، والفائز بمسابقة «بوكوز دور» عام 1995 في سان بونيه لي فروا بفرنسا، ثم للطاهي بينواه فيدال في بلدة فال دي إيسير ليحصل مطعمه على ثاني نجمة من نجوم ميشلان بعد ذلك بعامين.

بعد تجاربه في فرنسا، انتقل أليساندرو إلى مونتريال في مطعم «ميزو بولود ريتز كارلتون» للعمل مع الطاهي دانييل بولود، وبعد فترة تدريب قصيرة في اليابان، عاد إلى إيطاليا للعمل إلى جانب مارتينو روجيري. وأثناء العمل في مطعم «كراكو» في «غاليريا فيتوريو إيمانويل» بميلانو، قرّر تحقيق حلمه، وبدأ مغامرة جديدة، وهي عالم منافسات الطهي.

أصبح أليساندرو عام 2019 مدرباً مساعداً في أكاديمية «بوكوس دور» بإيطاليا، وفاز بمسابقة «سان بليغرينو يانغ شيف»، التي تغطي إيطاليا وجنوب شرقي أوروبا، ليتمكن بذلك من الوصول إلى نهائيات العالم. وفي عام 2020، أثمر العمل الجاد لأليساندرو، وشغفه، ومساعدة فريق العمل معه، عن الفوز بمسابقة «بوكوس دور» في إيطاليا، ما أهّله إلى النهائيات الأوروبية، ثم إلى نهائيات العالم للمسابقة عام 2021، التي أقيمت في ليون، ما مثّل حدثاً مقدساً حقيقياً له، هو الذي لطالما كان يحلم بهذه التجربة المذهلة.

اليوم، بصفته طاهياً تنفيذياً، ينقل أليساندرو خبرته وشغفه، ويتألق من خلال تفانيه في العمل، ما يجعل فريق العمل في مؤسسة «أولتيما كوليكشن» يشعر بالفخر بوجوده معهم.