بالون اختبار فوق أميركا

TT

بالون اختبار فوق أميركا

قال المفكّر البروسي كارل فون كلوزفيتز إن الحرب «كالحرباء»، تبدّل لونها بتبدّل الظروف. كما قال المفكّر الصيني صان تسو، إن على الجيوش أن تتصرّف في سلوكها كما تتصرّف المياه. وإذا كانت المياه تتجنّب عند جريانها التلال والقمم، فما على الجيوش إلا أن تتجنّب نقاط القوّة عند العدو لتركّز على نقاط ضعفه.
في الحرب الأولى، استعمل المتحاربون المنطاد لاستكشاف أرض المعركة من الجوّ ومن الأعلى، والهدف كان لجمع المعلومات التكتيكيّة لمواقع العدو، وحتى جهازيّته العسكريّة، أو حتى لتصحيح رمايات المدفعيّة.
في مرحلة ما بين الحربين الأولى والثانية، كتب المفكّر الإيطالي جيليو دوهيت حول الحرب الجوّية وأهميتها في تحقيق النصر، وذلك بعد معاناة أوروبا في حرب الخنادق إبان الحرب العالميّة الأولى، فقال إن القوّة الجويّة هي قوّة أحدثت ثورة في خوض الحروب. فهي تعمل في البُعد الثالث (بعد البرّ والبحر). ونظّر أيضاً أنه يمكن حسم الحرب من الجو، وذلك عبر تدمير إرادة الشعب في دعم الحرب. لم يُثبت التاريخ صحّة نظريّة دوهيت. فالحرب تُربح على البرّ، وعند تدمير قوات العدو البريّة واحتلال الأرض، هكذا أثبت إنزال نورماندي في الحرب العالميّة الثانية.

«البالون» الصيني
لماذا تستعمل الصين المنطاد للتجسّس على أميركا؟ ولماذا تُحلّق به فوق أهداف ذات قيمة استراتيجيّة كبيرة تتعلّق بالصواريخ النوويّة العابرة للقارات، وهي القادرة على تجميع معلومات أهمّ بواسطة الأقمار الاصطناعيّة التي تملكها؟ إذاً لا قيمة مُضافة بالمعنى الاستخباراتي التجسّسي يُضيفها المنطاد على وسائل التجسّس الأخرى، من سيبرانيّة وغيرها. ولماذا يتزامن توقيته مع زيارة وزير الخارجيّة الأميركي إلى الصين بعد غياب دام لست سنوات؟ وإذا لم تكن هذه الحادثة، وهي المرّة الأولى التي يُحلّق فيها منطاد صيني فوق الأراضي الأميركيّة، فلماذا لم تُعلن أميركا عن الحدث في السابق؟ ولماذا تعطيه اليوم هذه الأهمية من البنتاغون، البيت الأبيض وحتى من أعضاء الكونغرس؟
1. قد يكون توقيت تحليق المنطاد فوق الأراضي الأميركيّة مفيداً للطرفين؛ الأميركي كما الصيني، لكن كيف؟ عندما تُعلن أميركا عن رصد المنطاد قبيل زيارة بلينكن للصين، فإنما هي تضع الصين في موقع الدفاع والتبرير. كما تستغلّ الفرصة لفتح النقاش عن التحليق السابق للمناطيد الصينيّة فوق هاواي وغوام، حيث مركز الثقل الأميركي العسكري في المحيط الهادئ الذي سيكون في المستقبل الخطّ الثاني للحرب مع الصين، بعد تايوان كخطّ أوّل، وذلك في حال وقعت الحرب.
2. أما بالنسبة للصين، فهي تستبق زيارة بلينكن بحدث سيشكّل خطّ دفاع أوّل قبل الحديث عن الأمور الأكثر حيويّة. فبدل البدء بالحديث عن تايوان، وعن موقف الصين من الحرب الأوكرانيّة، سيكون أوّل موضوع للنقاش حول المنطاد.
3. تريد الصين أن تُظهر هشاشة الأمن القومي الأميركيّ. وبدل أن تلعب الصين استراتيجيّاً في المحيط الجغرافي المباشر لأميركا، كما تلعب أميركا حالياً في كلّ من تايوان واليابان ومؤخّرا الفلبين، ها هي تحلّق ببالون اختبار فوق قاعدة عسكريّة نوويّة في ولاية مونتانا. كما تسعى لشراء أراضٍ في ولاية داكوتا الشماليّة الملاصقة لمونتانا، بحيث لا تبعد هذه الأرض أكثر من 12 كلم عن موقع عسكري مهمّ أيضاً.
4. يُحلّق البالون الصيني فوق صواريخ أميركيّة عابرة للقارات ونوويّة، في الوقت الذي تسعى فيه الصين لزيادة ترسانتها النوويّة إلى 1500 رأس نوويّ، وذلك دون أي ضوابط وأي معاهدات مع أميركا كما معاهدة ستارت الأميركيّة - الروسيّة.
5. لكن إذا تصفّحنا الإطار الاستراتيجي الكبير لسلوك الصين، فقد يمكن القول إن تحليق البالون فوق أميركا يصبّ في خانة ما يُسمّى «الحروب الثلاث» للصين؛ وهي حرب الرأي العام والحرب السيكولوجيّة وأخيراً الحرب القانونيّة، أو بالأحرى قانونيّة الحرب. قد يصبّ تحليق البالون في حرب الرأي العام، كما الحرب السيكولوجيّة. لكنه خارج قانونيّة الحرب لأنه ينتهك سيادة الأرض الأميركيّة.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

العالم زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

أدلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمزيد من التصريحات بشأن مكالمة هاتفية جرت أخيراً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في أول محادثة مباشرة بين الزعيمين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال زيلينسكي في كييف، الجمعة، بعد يومين من الاتصال الهاتفي، إنه خلال المكالمة، تحدث هو وشي عن سلامة الأراضي الأوكرانية ووحدتها «بما في ذلك شبه جزيرة القرم (التي ضمتها روسيا على البحر الأسود)» وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

تبرأت الصين، اليوم (الجمعة)، من اتهامات وجهها خبراء من الأمم المتحدة بإجبارها مئات الآلاف من التيبتيين على الالتحاق ببرامج «للتدريب المهني» تهدد هويتهم، ويمكن أن تؤدي إلى العمل القسري. وقال خبراء في بيان (الخميس)، إن «مئات الآلاف من التيبتيين تم تحويلهم من حياتهم الريفية التقليدية إلى وظائف تتطلب مهارات منخفضة وذات أجر منخفض منذ عام 2015، في إطار برنامج وُصف بأنه طوعي، لكن مشاركتهم قسرية». واكدت بكين أن «التيبت تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والوحدة العرقية وموحّدة دينياً ويعيش الناس (هناك) ويعملون في سلام». وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن «المخاوف المز

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

أثار كتاب التاريخ لتلاميذ المدارس الصينيين الذي يذكر استجابة البلاد لوباء «كورونا» لأول مرة نقاشاً على الإنترنت، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). يتساءل البعض عما إذا كان الوصف ضمن الكتاب الذي يتناول محاربة البلاد للفيروس صحيحاً وموضوعياً. أعلن قادة الحزب الشيوعي الصيني «انتصاراً حاسماً» على الفيروس في وقت سابق من هذا العام. كما اتُهمت الدولة بعدم الشفافية في مشاركة بيانات فيروس «كورونا». بدأ مقطع فيديو قصير يُظهر فقرة من كتاب التاريخ المدرسي لطلاب الصف الثامن على «دويين»، النسخة المحلية الصينية من «تيك توك»، ينتشر منذ يوم الأربعاء. تم تحميله بواسطة مستخدم يبدو أنه مدرس تاريخ، ويوضح

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
TT

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد القوات الأوكرانية، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر وزير الدفاع الأميركي أن هناك نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي موجودين في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم «دمجهم في التشكيلات الروسية» هناك.

وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ «بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً» في إشارة منه إلى القوات الكورية الشمالية.

وذكر أوستن أنه «لم ير أي تقارير مهمة» عن جنود كوريين شماليين «يشاركون بنشاط في القتال» حتى الآن.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية هذا الأسبوع إن موسكو تقدم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ في مقابل القوات التي تتهم سيول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.

ورداً على سؤال حول نشر القوات الكورية الشمالية الشهر الماضي، لم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك، وعمد إلى تحويل السؤال إلى انتقاد دعم الغرب لأوكرانيا.

وقالت كوريا الشمالية الشهر الماضي إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون «عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي» لكنها لم تؤكد إرسال قوات.