«أيام غدامس»... مهرجان ليبي للتسوق والاحتفاء بالتاريخ

يستعرض جوانب من الموروث الثقافي وسط حضور محلي ودولي

جانب من مهرجان أيام غدامس للتسوق والتراث في ليبيا (إدارة المهرجان)
جانب من مهرجان أيام غدامس للتسوق والتراث في ليبيا (إدارة المهرجان)
TT

«أيام غدامس»... مهرجان ليبي للتسوق والاحتفاء بالتاريخ

جانب من مهرجان أيام غدامس للتسوق والتراث في ليبيا (إدارة المهرجان)
جانب من مهرجان أيام غدامس للتسوق والتراث في ليبيا (إدارة المهرجان)

وسط أجواء احتفالية، ممزوجة بالثقافة والحميمية، يحتفل الليبيون بمهرجان «أيام غدامس للتسوق والتراث»، من خلال مشاركة المواطنين من عديد المناطق، بجانب تمثيل من دولتي تونس والجزائر.
وغدامس، مدينة ليبية تقع قرب الحدود مع تونس والجزائر في الجزء الغربي من البلاد، ويتمسك أهلها باللغة الأمازيغية، وإحياء المناسبات الاجتماعية التي تستحضر دائماً العادات والتقاليد.

ويعد مهرجان «أيام غدامس» الذي يحرص المسؤولون المحليون على إقامته كل عام، من المناسبات التي تحظى باهتمام جُل مواطني المدينة، التي تبعد 543 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة طرابلس، لكونه مناسبة تجمّع المواطنين تحت راية المحبة والاستئناس بتاريخ الآباء والأجداد.
وقد انطلق حفل المهرجان الأربعاء الماضي، وينتهي اليوم (الجمعة) على إقامة معارض للتراث والتسوق بسوق الصناعات التقليدية والمدينة القديمة بغدامس، تنوعت ما بين مشغولات يدوية عديدة من بينها صناعة الخوص بمختلف أنواعها، والمفروشات المنزلية، بالإضافة إلى تصنيع مجسمات صغيرة تحاكي زفة العروس.

ويرى القائمون على المهرجان، أن هذه المناسبة «تعد فرصة للأجيال الصغيرة للتعرف على المورث الثقافي والتاريخي لبلدهم، وتغرس فيهم التمسك بالعادات والتقاليد»، لافتين إلى أن غدامس تحتل مكانة كبيرة لدى الليبيين، وبالتالي شهد المهرجان حضوراً من جميع المناطق.
ويتيح المهرجان للزائرين الذين يتجولون بين أرجاء المكان، التمتع برؤية طريقة إعداد «خبز التنور»، وهو خبز شعبي يختلف تصنيعه من مدينة ليبية إلى أخرى، فهناك من يصنعه من الشعير المسحوق، وهناك من يصنعه من الدقيق. أما التنور فهو موقد يجهز من الطين أو الصفيح.
وأمام جمهور المهرجان تتولى الحاجة عائشة، تصنيع خبز التنور، وتجيب عن استفسارات الجمهور، بشأن المكونات اللازمة لإعداده حسب كل منطقة.

وتحرص كثير من المدن الليبية في أنحاء مختلفة من البلاد على إقامة المهرجانات الشعبية كل عام في مواعيدها، التي تتضمن معارض للتراث والفنون، وسباقات للخيل، فضلاً عن إقامة أمسيات شعرية وعروض للأزياء الرسمية للتعريف بهوية البلاد.
ويرى القائمون على هذه المهرجانات أنها تستهدف «جمْع الليبيين على مائدة الفنون بكل تنوعاتها في الساحات العامة، بعيداً عن المناكفات السياسية في الغرف المكيفة»، بالإضافة إلى «زيادة التعارف بين مختلف أطياف الشعب، من مدن عدة بعدما فرقت بينهم المسافات».

وأقيم مهرجان «أيام غدامس» هذا العام تحت شعار «الإرث الحضاري قيم وسلوك»، وهو ما عبّرت عنه جُل الأمسيات الثقافية التي أقيمت على مدار اليومين الماضيين، وسط حضور من المسؤولين والمهتمين بالمجال السياحي في ليبيا.
كما شهد المهرجان حضوراً لبعض الشخصيات العربية ممن شاركوا بمنتجاتهم في عروضه، وأبدت التونسية سعاد الخرشاني، وهي مصممة أزياء ومهتمة بالتراث الأمازيغي، إعجابها بالمهرجان.
وقالت الخرشاني، في تسجيل مصور عرضته إدارة المهرجان، إن جمعية الحرفيين التونسية، التي تمثلها، شاركت بمنتجات من السعف والمنسوجات التقليدية، مشيدة بأجواء المهرجان.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

بعيداً عن التكلس السياسي الذي تعانيه ليبيا، انطلق في العاصمة طرابلس مهرجان للفيلم الأوروبي تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، في خطوة تستهدف توسيع الشراكة الثقافية وكسر حاجز الانقسام، من خلال تجميع الليبيين بالثقافة والفن.

وتشارك في النسخة الأولى من المهرجان، التي انطلق الأحد، 5 سفارات أوروبية عاملة في ليبيا، بأعمال يتم عرضها للجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، تنتهي الخميس المقبل. وعبّر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن سعادته لافتتاح أول مهرجان سينمائي ليبي - أوروبي في طرابلس، إلى جانب الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، وسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا. وعدّ هذا الحدث «علامة فارقة في الشراكة الثقافية بين ليبيا والاتحاد».

ويعرض مساء اليوم (الاثنين) فيلم «راعي البقر من الحجر الجيري» المقدم من سفارة مالطا، بقاعة الهيئة العامة للسينما والمسرح في شارع الزاوية بطرابلس، التي دعت الجمهور للاستمتاع بمشاهدته.

البوستر الترويجي لفيلم «فتاة عادت» الإيطالي (إدارة المرجان)

وبجانب الفيلم المالطي، فإن العروض المفتوحة للجمهور تتضمن، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان، ورئيس بعثة الاتحاد، «طفلة عادت» من إيطاليا، و«قصر الحمراء على المحك»، إسباني، ويعرض الثلاثاء، ثم «كليو» (ألمانيا) الذي يعرض للجمهور الأربعاء، على أن يختتم المهرجان بفيلم «عاصفة» الفرنسي.

ولوحظ أن الدول المشاركة في المهرجان حرصت على تروّج الأعمال المشاركة، من هذا المنطلق دعا المركز الثقافي الفرنسي والسفارة الفرنسية في ليبيا الجمهور الليبي لحضور الفيلم الفرنسي الذي أخرجه كريستيان دوغواي، وقالا في رسالة للجمهور الليبي: «نحن في انتظاركم لتشاركونا هذه اللحظة السينمائية الاستثنائية».

جانب من افتتاح مهرجان الفيلم الأوروبي في طرابلس (البعثة الأوروبية إلى ليبيا)

وكان رئيس هيئة السينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، عدّ مبادرة الاتحاد لإقامة المهرجان «خطوة إيجابية في مسار الشراكة بين ليبيا، متمثلة في هيئة السينما والمسرح والفنون، والاتحاد الأوروبي والدول الخمس المشاركة».

وأضاف بوقندة، في كلمة الافتتاح، الذي بدأ الأحد بعرض الأفلام، أن المناسبة «تفتح آفاقاً واسعة في مجالات السينما كواحدة من أهم أنواع التواصل بين الشعوب ومرآة عاكسة لكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تسهم بفاعلية في توعية الناس، وتدفع بهم تجاه الارتقاء والإحساس بالمسؤولية».

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

وخلال مراسم الافتتاح، عُرض فيلم «شظية» الليبي الذي أنتج في الثمانينات، من تأليف الأديب الليبي المعروف إبراهيم الكوني، ويحكي قصة معاناة الليبيين مع الألغام التي زرعت في صحراء ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها كثير من المواطنين في مدن ومناطق مختلفة من البلاد.

وبجانب العروض السينمائية في ليبيا، تُجمّع الفنون في ليبيا عادةً من فرقت بينهم السياسة، ويحشد المسرح على خشبته ممثلين من أنحاء البلاد، كانت قد باعدت بينهم الآيديولوجيات في زمن ما، يحكون جميعاً أوجاعهم عبر نصوص ولوحات إبداعية، ويفتحون نوافذ جديدة للتلاقي والحوار بعيداً عن النزاع والانقسام السياسي.

وسبق أن تعطلت الحركة الفنية المسرحية في ليبيا، مُتأثرة بالفوضى الأمنية التي شهدتها ليبيا عقب اندلاع ثورة «17 فبراير» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن مع الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا يظل الرهان على الفن في اختبار الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد، لتوحيد الليبيين.