«براندو الشرق»: أثمان إيجاد النفس

مسلسل متعدّد الطبقات يتقن تمرير الرسائل

جورج خباز بشخصية المخرج الصاعد «يوسف تامر»
جورج خباز بشخصية المخرج الصاعد «يوسف تامر»
TT

«براندو الشرق»: أثمان إيجاد النفس

جورج خباز بشخصية المخرج الصاعد «يوسف تامر»
جورج خباز بشخصية المخرج الصاعد «يوسف تامر»

لا يُعرَض كل يوم عملٌ من صنف «براندو الشرق». النص (كتابة وسيناريو وحوار جورج خباز) لديه ما يقوله، والإخراج (أمين درة) يضاهي بأهميته المكتوب. خلف فكرة بسيطة مفادها أنّ مخرجاً صاعداً يبحث عن مموّل لفيلمه، طبقات تخبئ رواسب النفس البشرية وصراع الفرد مع هويته الخاصة وتلك التي يحاول الآخرون إلصاقها به. المسألة المعقّدة (النفس)، تتناولها الحلقات العشر («شاهد») بما يتيح إعادة التفكير بمكانة الإنسان وخصوصيته.
بعد لفّ ودوران، يتخللهما وقوع فظيع على عقلية المنتجين وشروط موافقتهم على تمويل فيلم يوسف تامر (خباز)؛ يحصر أحدهم، كِرمى عيون عشيقته السكرتيرة، شرط ولادة المشروع بإسناد إلى النجم الكبير خالد صلاح الملقّب بـ«براندو الشرق» دور البطولة. يؤدي هذه الشخصية الغامضة جهاد سعد؛ يتقنها بوجه بارد وملامح متقلّبة. وبنظراته يُبيّن ما وراء الصورة البرّاقة للمشاهير.
يتحرّك المسلسل (إنتاج «الصبّاح إخوان») ضمن إشكاليات لا يُسبب تداخلها ارتباكاً ولا يُحدث فوضى. المعضلة الكبرى (كما تتراءى في البداية) هي الأحلام المشروطة بموافقة رأس المال واسترضائه. فتنقُّل يوسف من منتج إلى آخر، وتكرّر العودة الخائبة، يجعلانه مادة للدعابة على لسانَي صديقَي الطفولة (إيلي متري وفؤاد يمين بأداء عفوي). يسخران من الأحلام، فيردّ بالتمسك بها. تدور نحو نصف الحلقات حول هذه المحاولات المبتورة المُستمدّة شعلتها من صوت الإرادة، إلى أن يلتقي يوسف حباً يهزّ كيانه.
إنه الحب المطهّر القادر على مصالحة النفس مع الأشياء النافرة حولها. هنا المعضلة الحقيقية، وما رحلة البحث عن منتج لفيلمه سوى ذريعة لبلوغها. على طريقه، وبينما يصطدم بـ«اللاءات» والاستهزاء والإدانة، يلتقي مَن ينقذه من التيه ويرتّب أحواله الداخلية وما تبعثر منذ الطفولة وسائر مراحل الحياة.
ميا سعيد ممثلة لبنانية تتحلّى بوجه عفوي مطلوب لأداء شخصية «لمى»، ابنة «براندو»، التوّاقة إلى الصدق ورفض أشكال الزيف. مشهد التطهّر ولحظة البوح بالحب، يرفع قيمة المسلسل. فهو ليس مشهداً لمغرومَيْن يتبادل أحدهما مع الآخر اعتراف «أحبكَ وأحبكِ». إنه غسل الروح المعذّبة والتشبّث بخشبة خلاصها. بينما دموعهما تغطي وجهيهما، يقدّم أمين درة واحداً من بديع لقطات الـ«ماستر سين» في الحلقة العاشرة.
من الطبقات الداخلية للنص، تطفو آثار العذاب النفسي المترتّبة على طفل يولد بعد طفل يموت، فيحمل اسمه وصورته وحاجة والديه إليه، وأيضاً ذنبه وندوب الخسارة. بسرد إنساني أليم، يُخبر يوسف المرأة التي قرّبته من حقيقته، عن حِمله الهائل جراء موت أخيه قبل ولادته. دوامة من نار تلتهم الحائمين حولها؛ من الأم التي ابتلعت حبوب الأعصاب فنامت إلى الأبد، والأب الهارب من ذاكرته بالارتماء على الكنبة وإدمان الكحول. من وحدته وأحزانه، يولد في يوسف فنانٌ يرى في السينما نجاته، فيتبع حلماً يقوده إلى كنزه الداخلي.
رغم البطولة البارزة لجورج خباز، تمرّ أسماءٌ يُحسِن المسلسل توظيفها ليُعادل حضورها بمشهد أو حلقة مساحة مُنصفة؛ فتكون لعادل كرم وزينة مكي وسعيد سرحان وعبد المنعم عمايري ومحمد عقيل أشكال من الإضافة القيّمة على المستويين الكوميدي والدرامي.
أسماء أخرى قدّمت أدواراً مؤثرة؛ والأثر يتعلق بالنوع والأداء. كميل سلامة بدور «والد يوسف»، برع في التنقّل بين الحالات النفسية. كانت له يد في تحطيم أحلام ابنه، إلى أن شاركه إيمانه بها، قبل التحوّل من إسداء النصيحة إلى تغيير الأحداث. طال غيابه ساعتين ذلك الصباح، بعدما ركب سيارة أجرة نحو «مقهى الأفندي» حيث يحتسي «براندو» قهوته ويقرأ الصحيفة. بأسهل مما نتصوّر، أقنعه بالتمثيل في فيلم وحيده، مُحققاً شرط المنتج لضخّ الأموال وتشغيل الكاميرات.
أهي ثغرة المسلسل، هذه الموافقة السريعة؟ لعلها تبدو كذلك ولو أنّ تبريرها سهل بالقول إنّ للفنانين أمزجة وربما صَدَف أنّ «براندو» بأحسن أحواله. ما يحوّلها حقاً إلى ثغرة هو ارتكاز حلقات بطولها وعرضها على كلام يسيء إلى النجم الكبير ويشوّه سمعته. فهو وفق نصّ خباز عديم الوفاء، يلعب القمار ولا يسدّد مستحقاته، خلافه محتدم مع الجميع، خصوصاً ابنته. يسكن برجه العاجي، ويصعب اختراقه. ثم بسحر ساحر، يقتنع برجل غريب يقول إنّ ابنه مخرج طموح والمنتج يشترط موافقته!
لا يمنح المسلسل إجابة نهائية متعلقة بحقيقة «براندو»، مكتفياً بالإشارة إلى الوجه الآخر للفنانين وما يتربّص خلف هالة النجومية (وهذا الأهم). هم ليسوا المثالية الطافحة على الشاشات والمقابلات الصحافية، وهذه رسالة صريحة تُضاف إلى رسائل المسلسل الكثيرة.
أمل عرفة بشخصية «سلوى» دليل على أنّ الممثل الشاطر يثبت شطارته وإن كان الدور ضئيلاً. المهم هو الاختيار الموفّق. في سلوى امرأة عاشقة تحرّكها الغيرة والخيبة. تُكنّ لزميلها في مستودع الإضاءة «يوسف» حباً يتقاطع مع تنهيدة سعاد حسني في الأفلام المصرية بالأبيض والأسود التي لا تكفّ عن مشاهدتها. عرفة واثقة من نفسها حدّ المرور بمشاهد أقل مما يحصل عادةً في حالة البطلة. قلْبُ الصداقة إلى حب لا يحدث بطلب أو استغاثة. إخفاقاتها العاطفية تُزيّن دورها وتمدّه بجرح الأنثى الصادقة.
حتى المارّون بمَشاهد متقطّعة لم يسجّلوا حضوراً عادياً. بل إنّ ممثلاً كطلال الجردي أحسنَ التألق ضمن مساحته، فشكّل اختزالاً لواقعية أنّ معايير تتحكم في عملية الإنتاج، هي ليست بالضرورة فنية. تلتحق بالمتألقين لورا خباز المُخترَعة على هيئة ضمير، تقيم في رأس «يوسف» وتُهدّئ تخبّطاته. تجيد الدور، كسنتيا كرم بكاركترها الغريب؛ المقتصرة، وأليكو داود، إطلالتهما الجيدة على بعض المَشاهد.
كان لا بدّ من تحقُّق حلم من اثنين، فالمرء لا يحصل على كل شيء. يُختم المسلسل بكلمة «أكشن» كبداية تنجم عن نهاية الحب. أمام كاميرا لمّاعة يحرّكها درة، تقول عينا جورج خباز الحزينتان الكثير عن رجل دفع غالياً ثمن إيجاد نفسه.


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
TT

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، «تشريفاً تعتز به»، ومسؤولية في الوقت نفسه، مؤكدة أن «السينما العربية حققت حضوراً جيداً في المهرجانات الدولية». وأشارت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إلى أنها تنحاز للأفلام التي تُعبر عن أصالة الفكرة وروح المغامرة، منوهة بعملها على فيلمها الطويل الأول منذ 3 سنوات، لكنها لا تتعجّل تصويره؛ كون الأفلام الطويلة تتطلّب وقتاً، ولا سيما الأفلام الأولى التي تحمل تحديات على صُعُد القصة والإنتاج والممثلين، مُشيدة بالخطوات التي قطعتها السينما السعودية عبر أفلام حقّقت صدى محلياً ودولياً على غرار «نورة» و«مندوب الليل».

بدأت هند الفهاد عملها عام 2012، فأخرجت 4 أفلام قصيرة شاركت في مهرجانات عدة وهي: «بسطة» الذي فاز بجائزة في «مهرجان دبي» 2015، و«مقعد خلفي»، و«ثلاث عرائس وطائرة ورقية»، و«المرخ الأخير» الذي جاء ضمن فيلم «بلوغ»، وتضمّن 5 أفلام قصيرة لـ5 مخرجات سعوديات، وشارك قبل 3 أعوام في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وبين حضورها المهرجان في أحد أفلامها قبل سنوات، ومشاركتها بلجنة تحكيم العام الحالي، ترى هند الفهاد فرقاً كبيراً، موضحة: «أن أكون مشاركة في فيلم ويعتريني القلق والترقب شيء، وأن أكون أحد الأعضاء الذين يُسمّون هذه المشروعات شيء آخر، هذا تشريف ومسؤولية، إذ أشاهد الأفلام بمنظور البحث عن الاختلاف والتميز وأساليب جديدة لصناع أفلام في تناول موضوعاتهم، وأجدني أنحاز للأفلام التي تعبّر عن أصالة الفكرة وتقدم حكاية لا تشبه أي حكاية، وتنطوي على قدر من المغامرة الفنية، هذه من الأشياء المحفزة في التحكيم، وقد ترأستُ قبل ذلك لجنة تحكيم أفلام الطلبة في مهرجان أفلام السعودية».

لا تتعجل الفهاد فيلمها الطويل الأول (الشرق الأوسط)

وعن رؤيتها للسينما العربية بعد مشاهدتها أحدث إنتاجاتها في «مهرجان القاهرة»، تقول هند الفهاد: «لا شك في أنها قطعت خطوات واسعة في السنوات الأخيرة بحضورها في المهرجانات الكبرى؛ لأن لدينا حكايات تخصّنا، وهناك مخرجون ومخرجات أثبتوا حضورهم القوي عبر أفكار وأساليب متباينة، وأنا أقول دائماً إن الفكرة ليست في القصة، وإنما في كيف تروي هذه القصة ليتفاعل معها الجمهور في كل مكان».

وتكشف المخرجة السعودية عن استعدادها لتصوير فيلمها الروائي الطويل الأول الذي تعمل عليه منذ سنوات، قائلة: «كتبته المخرجة هناء العمير، ووصلنا أخيراً لنسخة السيناريو المناسبة، لكن الأفلام الطويلة، ولا سيما الأولى تحتاج إلى وقت للتحضير، خصوصاً إذا كان في المشروع تحديات على صُعُد القصة والممثلين والإنتاج».

وتتابع هند: «لم أحدّد بعدُ توقيت التصوير. وعلى الرغم من أنه مشروعي الأساسي، لكن هناك مشروعات أخرى أشتغل عليها، وفي تعدّدها أضمن استمرارية العمل لأكون حاضرة في المجال، فقد تكون هناك فكرة رائعة، لكن حين تُكتب نكتشف أنه من الصعب تنفيذها، لأسباب عدة».

وعن نوعية الفيلم تقول: «اجتماعيّ دراميّ، تدور أحداثه في غير الزمن الحالي. وانتهت مرحلة تطوير النص لفيلمي القصير، ووصل إلى النسخة المناسبة، وأنا، الآن، أختار أبطاله، وهو يروي حكاية تبدو في ظاهرها بسيطة، وتحمل أوجهاً عدّة، فأنا لا أُعدّ الأفلام القصيرة مرحلة وانتهت، بل أحب العمل عليها بشغف كبير في ظل ما أريده، والمعطيات من حولي وكيف أتقاطع مع هذه الأشياء».

وحاز مشروع فيلمها الطويل «شرشف» على منحة إنتاج من معمل البحر الأحمر، وترى هند الفهاد أن التّحدي الحقيقي ليس في التمويل؛ لأن النص الجيد والسيناريو المكتمل يجلبان التمويل، مُشيدة بتعدّد جهات الدعم في المملكة من منطلق الاهتمام الجاد بالسينما السعودية لتأسيس بنية قوية لصناعة السينما أوجدت صناديق تمويل متعددة.

وعلى الرغم من عمل هند الفهاد مستشارة في تطوير المحتوى والنصوص الدرامية، فإنها تواصل بجدية الانضمام إلى ورش السيناريو؛ بهدف اكتساب مزيد من الخبرات التي تُضيف لها بصفتها صانعة أفلام، وفق تأكيدها.

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

بدأت هند الفهاد مشوارها قبل القفزة التي حققتها صناعة السينما السعودية. وعن ذلك تقول: «كنا نحلم بخطوة صغيرة فجاءنا بحرٌ من الطموحات، لذا نعيش لحظة عظيمة لتمكين المرأة ورعاية المواهب المحلية بشكل عام، وقد كنّا نتطلع لهذا التّحول، وأذكر في بداياتي أنه كان وجود السينما أَشبه بالحلم، لا شك في أن نقلة كبيرة تحقّقت، لكن لا تزال التجربة في طور التشكيل وتتطلّب وقتاً، ونحن مهتمون بتطوير المواهب من خلال مشاركتها في مشروعات عربية وعالمية لاكتساب الخبرات، وقد حقّقت أعمالٌ مهمة نجاحاً دولياً لافتاً على غرار (نورة) و(مندوب الليل)».

وتُعبر هند الفهاد عن طموحاتها قائلة: «أتطلع لأحكي قصصنا للعالم، فالسينما هي الصوت الذي يخترق جميع الحواجز».