الحمض النووي يكشف التركيبة السكانية لشعب الفايكنغ التاريخي

أشخاص يلبسون زي شعب الفايكنغ في احتفال سنوي بإسبانيا في 2 أغسطس 2015 (رويترز)
أشخاص يلبسون زي شعب الفايكنغ في احتفال سنوي بإسبانيا في 2 أغسطس 2015 (رويترز)
TT

الحمض النووي يكشف التركيبة السكانية لشعب الفايكنغ التاريخي

أشخاص يلبسون زي شعب الفايكنغ في احتفال سنوي بإسبانيا في 2 أغسطس 2015 (رويترز)
أشخاص يلبسون زي شعب الفايكنغ في احتفال سنوي بإسبانيا في 2 أغسطس 2015 (رويترز)

إن تحليل ما يقرب من 300 جينوم لشعب الفايكنغ (الجينوم علم دراسة الجينات في الخلية)، يجعل من الممكن إعادة رسم التكوين السكاني للإسكندنافيين من خلال مساهمة الهجرة إلى بلادهم من مناطق عدة في أوروبا، وفق تقرير لصحيفة «لوفيغارو».

كوارث الماضي هي واحدة من أفضل أدواتنا لفهم تاريخنا. نحو عام 450 بعد الميلاد، قبالة سواحل السويد اليوم، في جزيرة أولاند، تعرض العشرات من الرجال والنساء والأطفال لهجوم مفاجئ في حصن ساندبي بورغ، وفق التقرير.

وقد شكل الحمض النووي لبقايا هؤلاء الضحايا، أداة دراسة لجينوم شعب الفايكنغ، إذ شكل مجموعة واسعة بالفعل من الجينوم القديم، مما جعل من الممكن فهم تاريخ مجموعات الفايكنغ بشكل أفضل، وجاء جزءاً مكملاً لدراسة قام بها فريق من جامعة ستوكهولم، ونُشرت في مجلة سيل في 5 يناير (كانون الثاني) 2023، عن حركات الهجرة في شمال أوروبا الفترة من عام 750 حتى عام 1050.

من خلال هذه الدراسة الجديدة، تمت إضافة 48 جينوماً جديداً إلى الـ249 التي تم نشرها سابقاً، التي مكنت العلماء بالفعل من فهم أن الدول الاسكندنافية كانت مركزاً للهجرة من شمال أوروبا والجزر البريطانية. تتيح الجينومات الجديدة التي تم فك شفرتها، تقديم تفاصيل عن موجات الهجرة القديمة في اسكندنافيا.

وأشار التقرير بناء على تحليل الجينومات، إلى وجود تأثير غربي أقوى في السويد والدنمارك (عن طريق الهجرة)، وتأثير شرقي على جزيرة جوتلاند في الشرق. حتى أن هناك علامات وراثية من جنوب أوروبا. ولفت أيضاً إلى هجرة نسائية في الغالب تقريباً من بحر البلطيق.

وأوضح التقرير (بناء على المعلومات التاريخية)، أنه نحو عام 750 انتشر التجار والغزاة الاسكندنافيون خارج منطقة بحر البلطيق بفضل تطويرهم تقنيات الملاحة. جعل هذا التطور التكنولوجي اسكندنافيا تشهد تدفقاً للمهاجرين، لا سيما من الجزر البريطانية، وشرق البلطيق وحتى من سيبيريا، وقد جُلبت هذه الهجرة بداية على متن سفن الفايكنغ.

ويمتلك العلماء أيضاً الحمض النووي لبحارة كرونان، وهي سفينة حربية سويدية، غرقت في قاع البحر سنة 676 على بعد 6 كيلومترات فقط من ساحل أولاند، آخذة معها 600 رجل على الأقل. كانت جينات هؤلاء البحارة تشكل عينة تمثيلية من المجتمع السويدي في ذلك الوقت، حيث كان الضباط يمثلون الطبقة العليا والطاقم أكثر تمثيلاً للطبقات الدنيا، خاصة أن البحرية السويدية لم تجند المرتزقة في ذاك العصر.

تنتمي معظم الهياكل العظمية إلى رجال تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً. وتكشف التحليلات الجينية أن معظم أفراد الطاقم قريبون جداً وراثياً من السكان المعاصرين. بالنسبة لمؤلفي الدراسة، فإن هجرة عصر الفايكنغ من الجزر البريطانية وشرق البلطيق لم تترك الكثير من العلامات على الملف الجيني للاسكندنافيين.

يوضح أندرس غوذرستروم، قائد الفريق البحثي في جامعة ستوكهولم: «لم نتوقع هذا». ويضيف: «لسبب غير معروف، لم يكن لدى السكان الذين هاجروا نحو السواحل الاسكندنافية خلال عصر الفايكنغ الكثير من الأطفال. إحدى الفرضيات التي قدمها مؤلفو الدراسة هي أن هؤلاء السكان ربما جاءوا بصفتهم تجاراً أو دبلوماسيين، أو ممثلين لأفراد مجموعات سكان تميل إلى عدم تكوين عائلات كبيرة».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
TT

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)
بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

بعيداً عن التكلس السياسي الذي تعانيه ليبيا، انطلق في العاصمة طرابلس مهرجان للفيلم الأوروبي تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البلاد، بالتعاون مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، في خطوة تستهدف توسيع الشراكة الثقافية وكسر حاجز الانقسام، من خلال تجميع الليبيين بالثقافة والفن.

وتشارك في النسخة الأولى من المهرجان، التي انطلق الأحد، 5 سفارات أوروبية عاملة في ليبيا، بأعمال يتم عرضها للجمهور مجاناً لمدة 5 أيام، تنتهي الخميس المقبل. وعبّر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن سعادته لافتتاح أول مهرجان سينمائي ليبي - أوروبي في طرابلس، إلى جانب الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون، وسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وإسبانيا. وعدّ هذا الحدث «علامة فارقة في الشراكة الثقافية بين ليبيا والاتحاد».

ويعرض مساء اليوم (الاثنين) فيلم «راعي البقر من الحجر الجيري» المقدم من سفارة مالطا، بقاعة الهيئة العامة للسينما والمسرح في شارع الزاوية بطرابلس، التي دعت الجمهور للاستمتاع بمشاهدته.

البوستر الترويجي لفيلم «فتاة عادت» الإيطالي (إدارة المرجان)

وبجانب الفيلم المالطي، فإن العروض المفتوحة للجمهور تتضمن، وفق ما أعلنت إدارة المهرجان، ورئيس بعثة الاتحاد، «طفلة عادت» من إيطاليا، و«قصر الحمراء على المحك»، إسباني، ويعرض الثلاثاء، ثم «كليو» (ألمانيا) الذي يعرض للجمهور الأربعاء، على أن يختتم المهرجان بفيلم «عاصفة» الفرنسي.

ولوحظ أن الدول المشاركة في المهرجان حرصت على تروّج الأعمال المشاركة، من هذا المنطلق دعا المركز الثقافي الفرنسي والسفارة الفرنسية في ليبيا الجمهور الليبي لحضور الفيلم الفرنسي الذي أخرجه كريستيان دوغواي، وقالا في رسالة للجمهور الليبي: «نحن في انتظاركم لتشاركونا هذه اللحظة السينمائية الاستثنائية».

جانب من افتتاح مهرجان الفيلم الأوروبي في طرابلس (البعثة الأوروبية إلى ليبيا)

وكان رئيس هيئة السينما والمسرح والفنون، عبد الباسط بوقندة، عدّ مبادرة الاتحاد لإقامة المهرجان «خطوة إيجابية في مسار الشراكة بين ليبيا، متمثلة في هيئة السينما والمسرح والفنون، والاتحاد الأوروبي والدول الخمس المشاركة».

وأضاف بوقندة، في كلمة الافتتاح، الذي بدأ الأحد بعرض الأفلام، أن المناسبة «تفتح آفاقاً واسعة في مجالات السينما كواحدة من أهم أنواع التواصل بين الشعوب ومرآة عاكسة لكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تسهم بفاعلية في توعية الناس، وتدفع بهم تجاه الارتقاء والإحساس بالمسؤولية».

بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي (السفارة الفرنسية لدى ليبيا)

وخلال مراسم الافتتاح، عُرض فيلم «شظية» الليبي الذي أنتج في الثمانينات، من تأليف الأديب الليبي المعروف إبراهيم الكوني، ويحكي قصة معاناة الليبيين مع الألغام التي زرعت في صحراء ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها كثير من المواطنين في مدن ومناطق مختلفة من البلاد.

وبجانب العروض السينمائية في ليبيا، تُجمّع الفنون في ليبيا عادةً من فرقت بينهم السياسة، ويحشد المسرح على خشبته ممثلين من أنحاء البلاد، كانت قد باعدت بينهم الآيديولوجيات في زمن ما، يحكون جميعاً أوجاعهم عبر نصوص ولوحات إبداعية، ويفتحون نوافذ جديدة للتلاقي والحوار بعيداً عن النزاع والانقسام السياسي.

وسبق أن تعطلت الحركة الفنية المسرحية في ليبيا، مُتأثرة بالفوضى الأمنية التي شهدتها ليبيا عقب اندلاع ثورة «17 فبراير» التي أسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011. لكن مع الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا يظل الرهان على الفن في اختبار الانقسام السياسي، الذي ضرب البلاد، لتوحيد الليبيين.