قلق في الخرطوم وإنجامينا من الأوضاع الملتهبة في أفريقيا الوسطى

قيادات السودان تنسق مع تشاد الملفات الأمنية والتوترات في المنطقة

صورة بثها الإعلام لـ«حميدتي» وديبي خلال لقائهما أمس
صورة بثها الإعلام لـ«حميدتي» وديبي خلال لقائهما أمس
TT

قلق في الخرطوم وإنجامينا من الأوضاع الملتهبة في أفريقيا الوسطى

صورة بثها الإعلام لـ«حميدتي» وديبي خلال لقائهما أمس
صورة بثها الإعلام لـ«حميدتي» وديبي خلال لقائهما أمس

تذهب غالبية التكهنات إلى أن زيارات كبار المسؤولين السودانيين إلى تشاد في ظرف ساعات متقاربة، ذات صلة بالأوضاع الأمنية في دول الجوار للبلدين، وعلى وجه الخصوص ما يجري في أفريقيا الوسطى، منذ الإعلان عن محاولة للانقلاب على نظام الحكم فيها من داخل الأراضي السودانية، لكن هنالك مَن لا يستبعد وجود تباين في وجهات النظر في السلطة السودانية بشأن ما يحدث في المنطقة، في ظل الصراع والتنافس الدولي الحاد بين أوروبا وأميركا من جهة وروسيا من جهة أخرى.
وبعد ساعات قليلة من ختام زيارة رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، إلى العاصمة التشادية «إنجامينا» بحث فيها مع رئيس الفترة الانتقالية في تشاد، محمد إدريس ديبي، ملفات أمنية متعلقة بالأوضاع في ليبيا وأفريقيا الوسطى والتوترات الأمنية على الحدود بين البلدين، وصل نائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي» إلى تشاد، لبحث الملفات ذاتها.
وذكر إعلام الرئاسة بالسودان، في بيان صحافي، الاثنين، أن نائب «السيادي» السوداني محمد حمدان دقلو «حميدتي» أجرى مع الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، مباحثات بالقصر الرئاسي بالعاصمة إنجامينا تناولت العلاقات الثنائية والملفات الأمنية وتطورات الأوضاع في المنطقة. وأكد حميدتي على أهمية التنسيق والتعاون في جميع المحافل الإقليمية والدولية، بما يحقق الاستقرار في البلدين والمنطقة.
بدوره، أكد ديبي عمق العلاقات بين البلدين وضرورة تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بينهما في المجالات كافة بما يحقق مصلحة الشعبين.
وتفتح الزيارتان المتقاربتان لرئيس «السيادي» السوداني ونائبه إلى تشاد، الباب أمام العديد من الأسئلة، في ظل ما يتردد عن وجود تنافس وخلافات بينهما فيما يتعلق بالنفوذ في السلطة بالداخل أو في المنطقة تستدعي التشاور مع القيادة التشادية.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن السبب الرئيسي وراء زيارات البرهان وحميدتي إلى تشاد في توقيت متقارب، أن هنالك ملفات سياسية وأمنية مشتركة تربط بين السودان وتشاد، بحكم الحدود الطويلة بين البلدين والترتيبات الأمنية لحمايتها، بالإضافة إلى مجاورتهما لعدد من الدول في المنطقة تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، في إشارة إلى ليبيا وأفريقيا الوسطى.
وتفيد المصادر، التي طلبت عدم الإفصاح عنها، بوجود هشاشة أمنية قد تؤدي إلى توترات في المناطق الحدودية التي تربط بين السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى، وما يمكن أن تثيره توترات تؤثر على العلاقات بين السودان وتشاد، وربما تكون هذه الملفات من الدوافع الرئيسية للتباحث بين المسؤولين في البلدين بضرورة التوافق على حسمها.
وترجح المصادر بنسبة كبيرة أن تكون الأوضاع الملتهبة في أفريقيا الوسطى، ملفاً مهماً في محادثات بين السودان وتشاد، منوهة بأن أفريقيا الوسطى شهدت خلال العام الماضي العديد من المحاولات لتغيير نظام الحكم بالقوة، يمكن أن تتحول إلى حالة عدم استقرار تواجه البلدين.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن هذه الأوضاع دفعت السودان لنشر قوات عسكرية وإغلاق حدوده بالكامل مع أفريقيا الوسطى كإجراء وقائي لأي تداعيات أمنية على البلاد.
وكان نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو «حميدتي» كشف في مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي عن إحباط مخططات لانقلاب عسكري في أفريقيا الوسطى من قبل ميليشيات عسكرية انطلقت من إقليم دارفور داخل الأراضي السودانية، وهي المحاولة الثانية خلال عام ونصف العام، كما ذكر حميدتي.
وتستبعد المصادر وجود أي صلات بين نائب «السيادي» السوداني «حميدتي» قائد قوات الدعم السريع ثانية كبرى القوات العسكرية في السودان بعد الجيش، والصراع الدولي في المنطقة، وقالت: «لا توجد شواهد لارتباطات بينه وبين الروس، ولا تعدو مجرد تكهنات بلا شواهد»، مشيرة إلى أن منطقة بحيرة تشاد العظمى والامتدادات الحدودية منطقة صراع قديم، وأن الدول الغربية تحاول وقف التمدد الروسي في المنطقة الأفريقية.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
TT

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)

أدى قرار استبعاد المئات من الإدراج على «قوائم الإرهاب» في مصر، بقرار من محكمة الجنايات، إلى إعادة الجدل بشأن إمكانية «المصالحة» مع جماعة «الإخوان»، في ظل تضمين القرار أسماء عدد من قيادات الجماعة «المحظورة» رسمياً، أو محسوبين عليها، وعلى رأسهم يوسف ندا، ووجدي غنيم، وأمير بسام، ويحيى حامد، والأخير شغل منصباً وزارياً خلال حكم الجماعة بين عامي 2012 و2013.

وقررت محكمة الجنايات رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الإرهابيين استجابة لطلب النائب العام في قضية «تمويل جماعة الإخوان»، التي بدأ تحريكها عام 2014، بينما تضمنت حيثيات القرار إجراء «الأمن الوطني» تحريات تكميلية بشأن 808 أشخاص سبق إدراجهم في القضية البالغ عدد المتهمين فيها أكثر من 1500 شخص.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في مصر جدلاً بشأن تداعيات القرار، فبينما فسره البعض بوصفه «يمهد لإمكانية التصالح مع الإخوان»، نفى آخرون ذلك وبينهم برلمانيون مصريون، مشددين على أن «الإجراء طبيعي وقانوني ولا يمثل بداية لأي مصالحة مع الإخوان»، التي صنفت «إرهابية» بأحكام قضائية.

وذكر عدد من المدونين تأكيدات على استمرار إدراج بعض الأسماء على القوائم، لكن في قضايا أخرى بخلاف القضية التي جرى رفع اسمهم فيها.

ودشن عدد من المتابعين وسم «لا تصالح مع الإخوان» للتعبير عن رفضهم القرار، مستذكرين الضباط والجنود الذين سقطوا ضحايا للعمليات الإرهابية.

ودخل عضو مجلس النواب (البرلمان) النائب محمود بدر على خط السجال مستبعداً في تدوينة عبر حسابه على «إكس»، أن يكون القرار مقدمة للمصالحة مع «الإخوان»، مؤكداً أن الإدراج على القوائم «إجراء احترازي» لم تعد هناك حاجة لتطبيقه على الأسماء التي صدر قرار برفعها.

وأضاف أن بعض الشخصيات رحلت عن الحياة على غرار القرضاوي ونجل الرئيس الأسبق محمد مرسي، والبعض الآخر صدرت بحقه أحكام قضائية نهائية، والبعض صدر بحقه قرار بالعفو الرئاسي ويمارس حياته بشكل اعتيادي، ولم تعد هناك ضرورة لتطبيق هذا الإجراء الاحترازي بحقه.

وهنا يشير الصحافي المتخصص بالملف القضائي محمد بصل لـ«الشرق الأوسط»، إلى صعوبة تحديد أعداد المدرجين على قوائم «الإرهاب» بسبب وجود كثير من القضايا وتكرار أسماء بعض الشخصيات في أكثر من قائمة، الأمر الذي يؤدي أيضاً لصعوبة تحديد الأعداد الفعلية التي استفادت من قرار المحكمة الأخير، مشيراً إلى أن الأعداد الفعلية للمدرجين تقدر بـ«الآلاف».

وأضاف أن النيابة العامة والجهات القضائية وحدهما القادرتان على حصر الأسماء غير المتكرر إدراجها في قوائم أخرى لتحديد استفادتها من قرار المحكمة، مشيراً إلى أن القضية التي فتح التحقيق فيها قبل سنوات، لم يصدر أي قرار بحبس أي متهم فيها حتى الآن، ولم تتم إحالة المتهمين فيها للمحاكمة، وكان الإدراج على قوائم الإرهاب الإجراء القانوني الوحيد المتخذ بحق المتهمين.

لكن النائب محمود بدر كشف في تدوينته، عن وجود 4408 أشخاص وكيانات مدرجة على القوائم، بحسب آخر تحديث في 12 أغسطس (آب) الماضي.

ويفرّق مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور عمرو الشوبكي، بين «الإجراء القضائي الذي يهدف إلى رفع الصفة عن أشخاص طبقت عليهم إجراءات استثنائية في ظروف محددة كانت الدولة تواجه فيها مخاطر وجودية، ومتورطين في جرائم عنف وتحريض من الجماعة، لا يوجد مجال للتصالح معهم».

ويؤكد مستشار مركز الأهرام لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطوة رفع الأسماء من القوائم مهمة، خصوصاً مع وجود كثيرين يستحقون حذف أسمائهم من هذه القوائم».

ووفق بيان النيابة العامة، الأحد، فإن الـ716 الذين شملهم القرار، «ثبت توقفهم عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها».

ويقول محامي عدد من المتهمين في القضية محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط»، إن القانون لا يحدد مدة معينة لانتهاء الجهات المعنية من التحريات حول المتهمين، ومن ثم لا يمكن توقع أي توقيتات بشأن الفصل في مصير باقي الأسماء المدرجة على «قوائم الإرهاب» في القضية.

وعادة ما تتجاهل السلطات المصرية أي حديث عن مبادرة للتصالح مع «الإخوان»، التي كان آخرها ما طرحته الجماعة، في رسالة منسوبة لنائب القائم بأعمال «المرشد العام»، حلمي الجزار (مقيم في لندن)، في أغسطس الماضي، عن مبادرة تشمل إطلاق سراح سجناء الجماعة، مقابل اعتزال «الإخوان» العمل السياسي.

لكن الجزار عاد بعد شهر من طرح المبادرة، مؤكداً أن حديثه عبارة عن بحث لتسوية سياسية للوضع، لا يقتصر فقط على «الإخوان»؛ لكن يشمل كل الأطراف في الداخل والخارج.