نموذج رياضي لتوقّع نسبة البوتاسيوم في الجسم

عدم تنظيمه يؤدي إلى عواقب وخيمة ومميتة

الموز أحد المصادر المهمة للبوتاسيوم (Public Domain)
الموز أحد المصادر المهمة للبوتاسيوم (Public Domain)
TT

نموذج رياضي لتوقّع نسبة البوتاسيوم في الجسم

الموز أحد المصادر المهمة للبوتاسيوم (Public Domain)
الموز أحد المصادر المهمة للبوتاسيوم (Public Domain)

قد يكون وجود مستويات عالية جداً أو منخفضة جداً من البوتاسيوم في الجسم قاتلاً. يلقي نموذج رياضي جديد، أعده باحثون من جامعة واترلو الكندية، ونُشر في العدد الأخير من مجلة «بلوس كومبيوتشنال بيولوجي»، الضوء على الطرق الغامضة التي ينظم بها الجسم هذا العنصر المهم.
والبوتاسيوم معدن شائع وفير في الأطعمة، مثل الموز والخضراوات الورقية، وهو ضروري للوظيفة الخلوية الطبيعية، ويساعد عضلة القلب على العمل بشكل صحيح، كما يساعد في نقل الإشارات الكهربائية داخل الخلايا.
وباستخدام البيانات البيولوجية الموجودة، بنى الباحثون نموذجاً رياضياً يحاكي كيفية تنظيم جسم الشخص العادي البوتاسيوم، سواء في أوقات نضوبه أو خلال تناوله. ونظراً إلى أن كثيراً من الأطعمة تحتوي على كمية وفيرة منه، فإن أجسامنا تخزنه وتنشره وتتخلص منه باستمرار، للحفاظ على مستويات صحية، وهي عملية تُعرف باسم «الحفاظ على توازن البوتاسيوم». ويُعَد فهم توازنه أمراً ضرورياً للمساعدة في تشخيص مصدر المشكلة، عندما يحدث خطأ ما، على سبيل المثال: عندما يؤدي مرض الكلى أو الدواء إلى خلل في التنظيم.
وتقول ميليسا، الباحثة في الرياضيات التطبيقية، والمؤلفة الرئيسية للدراسة، في تقرير نشره، الاثنين، الموقع الإلكتروني للجامعة: «يمكن أن يؤدي عدم تنظيم البوتاسيوم إلى عواقب وخيمة ومميتة، ويمكن استخدام النموذج في تجربة افتراضية للمريض، ما يسمح للباحثين بالتنبؤ بأي منهم سيكون مصاباً بفرط بوتاسيوم الدم أو نقصه، بناء على عناصر تحكُّم مختلفة».
وتوضح أنيتا لايتون، أستاذة الرياضيات التطبيقية، والباحثة المشاركة في الدراسة، أن «كثيراً من النماذج عبارة عن أجزاء من صورة أكبر، وهذا النموذج هو قطعة جديدة ومثيرة في مساعدتنا على فهم كيفية عمل أنظمتنا الداخلية المعقدة بشكل لا يصدق».
وتضيف: «هذا النموذج مثير بشكل خاص؛ لأنه يسمح للعلماء باختبار شيء يسمى (فرضية إشارة الحديث المتبادل بين العضلات والكلية)؛ حيث افترض العلماء أن عضلات الهيكل العظمي المسؤولة عن معظم تخزين البوتاسيوم في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات مباشرة إلى الكلى بأن الوقت قد حان لإفراز الفائض، عند تخزين كثير من البوتاسيوم، والعكس صحيح».
وعندما اختبر باحثو الرياضيات الفرضية في نموذجهم، عكست بشكل أكثر دقة البيانات البيولوجية الموجودة فيما يتعلق بتوازن البوتاسيوم، ما يشير إلى أن الحديث المتقاطع بين العضلات والكلية، قد يكون جزءاً أساسياً في لغز تنظيم البوتاسيوم.
ومن جانبه، يثني عادل بدوي، باحث التغذية بمركز البحوث الزراعية المصرية، على هذه الأداة، كونها تلفت الانتباه لعنصر غذائي لا يحظى بالاهتمام الكافي، على الرغم من أهميته.
ويقول بدوي لـ«الشرق الأوسط»: «يحتاج الشخص البالغ إلى ما يقرب من 2500 ملّغرام من البوتاسيوم التي يمكن تغطيها من مصادر غذائية كثيرة، من بينها الموز والطماطم والفاصوليا والسمك والبطاطا».
ويحذر بدوي من الإفراط في شرب القهوة وتناول المأكولات المالحة، والذي قد يؤثر على كمية البوتاسيوم بالجسم، كما أن بعض الأدوية تؤثر أيضاً على كميته.
ويضيف: «وجود نموذج يتنبأ بالمشكلة قبل حدوثها أمر يستحق التقدير، لأهمية هذا العنصر الغذائي الذي يؤدي عدم تنظيمه في الجسم إلى عواقب قد تكون مميتة».


مقالات ذات صلة

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

يوميات الشرق صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

وجدت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد تدهور الحالة النفسية (جامعة كولومبيا)

المحتوى السلبي على الإنترنت يزيد الاضطرابات النفسية

كشفت دراسة بريطانية أن الأفراد الذين يعانون تدهور صحتهم النفسية يميلون إلى تصفح محتوى سلبي عبر الإنترنت، مما يؤدي إلى تفاقم معاناتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».