«صفقة الغاز» بين ليبيا وإيطاليا تصعّد خلافات أذرع السلطة في طرابلس

فاقمت «صفقة الغاز» التي وقعتها حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مع شركة «إيني» الإيطالية، الخلافات بين أذرع السلطة التنفيذية في طرابلس، من بينهم وزارة النفط، التي تحفظت عليها.
فبعد مرور 4 أيام على إبرام المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، اتفاقية استكشاف وتطوير ومشاركة الإنتاج مع شركة «إيني» الإيطالية للنفط والغاز بقيمة ثمانية مليارات دولار، لا يزال غبار الأزمة يتصاعد وسط اعتراض من وزارة النفط والغاز برئاسة محمد عون، على الصفقة.
ويتمسك عون، بـ«عدم قانونية» الاتفاقية، وقال إن توقيعها كان يتطلب «موافقة مسبقة من وزارة النفط لرفع حصة الشريك الأجنبي وبدورها تحيلها إلى مجلس الوزراء للبت فيها، لكن هذا لم يحدث».
وعون، الذي تتبع وزارته حكومة الدبيبة، يعد من أذرع السلطة التنفيذية بطرابلس، كما رفضت الاتفاقية قوى أخرى موالية للحكومة من بينهم مشايخ قبائل بالبلاد. وسبق وأقال الدبيبة، مصطفى صنع الله الرئيس السابق للمؤسسة الوطنية للنفط بعد خلافات عديدة مع عون.
وعدّلت الاتفاقية، التي كانت مبرمة بين ليبيا وشركة «إيني» منذ عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، بزيادة حصة الشريك الأجنبي من 30 في المائة إلى 37 في المائة، وهو ما أثار غضب مناوئي حكومة الدبيبة.
وقال عون في بيان أصدرته وزارته مساء (الأحد) إن الاتفاق، الذي حضرته رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، «تم بطريقة مخالفة تماماً للتشريعات القانونية المنصوص عليها في قانون النفط رقم (25) لسنة 1955، وقانون تأسيس المؤسسة رقم (24) لسنة 1970م، والقرار رقم (10) لسنة 1970، حيث كان يتطلب موافقة مسبقة من وزارة النفط».
وأضاف أن «وزارة النفط والغاز تتقيد باتباع المسارات القانونية في كل معاملاتها باعتبارها الجهة المسؤولة قانوناً أمام الجهات التشريعية والرقابية».
ونوه عون إلى أن وزارته «تدعم وتشجع الاستثمار في مجال النفط والغاز مع الشركاء الدوليين بما يفيد مصلحة الطرفين»، متابعاً: «يجب على رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط اتباع الآليات القانونية في هذا الشأن، وإحالة المبررات الفنية والاقتصادية التي تمّ على أساسها إجراء تعديل الاتفاقية إلى وزارة النفط».
ورأى عون أن «استفراد المؤسسة بقرار تعديل الاتفاقيات يفتح المجال للشركاء الآخرين على أنه بالإمكان إجراء أي تعديل على ما اتفق عليه سابقاً دون المرور بالإجراءات والتشريعات المنصوص عليها في القانون الليبي».
وكانت وزارة النفط استبقت توقيع الاتفاقية مع إيطاليا، ونصحت «بعدم إجراء أي تعديل على اتفاقيات مستقرة»، ورأت أن ذلك «قد يفتح الباب أمام مطالب أخرى بالتعديل لحصص الإنتاج مع الشركاء الآخرين، بما سيربك النمط التعاقدي الليبي».
وفي تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» رأى عضو مجلس النواب الليبي ميلود الأسود، أن تغير نسبة الشريك الأجنبي «يأتي في إطار استغلال الظروف التي تمر بها ليبيا لمزيد من الابتزاز، والحصول على أكبر قدر من التنازلات»، خصوصاً عقب ما وصفه بـ«الصفقة المشبوهة»، التي حصلت بفضلها «توتال إنرجي» على نسبة كبيره في (شركة الواحة الليبية) على مرحلتين، «دون وجود أي مبرر لتلك التنازلات إلا استغلال ظروف البلاد».
وتحدث الأسود، وهو عضو بلجنة الطاقة بالمجلس، عن أن «ما ورد في بيان المؤسسة الوطنية للنفط حول استثمار ثمانية مليارات دولار في صفقة الغاز مع (إيني) غير حقيقي؛ كون ليبيا ستدفع نصف هذا المبلغ أصلاً بطبيعة التعاقد نفسه»، وهذا ما أكد عليه عون، في جلسة نقاشية عبر منصة «كلوب هاوس» مساء (الأحد) بأن ليبيا ستتحمل 4 مليارات دولار وهو ما يعادل نصف قيمة الصفقة مع «إيني».
ووسط تخوف المشاركين في الجلسة النقاشية بشأن مدى التزام الجانب الإيطالي بضخ 4 مليارات دولار في المشروع، تحدث عون عن ضرورة توثيق الاتفاقية، وقال إن ليبيا «لا تضمن حصتها في كمية الغاز المستخرجة إذا لم يكن الاتفاق موثقاً».
ولمزيد من الجدل حول الاتفاقية، التي تدافع عنها حكومة «الوحدة» والمؤسسة الوطنية للنفط، قال عون إنه «لا يمتلك نسخة من الاتفاقية»، لكن محمد حمودة المتحدث باسم حكومة «الوحدة» مضى مدافعاً عن الاتفاقية، وقال إنها «تعد استكمالاً لكل الاستثمارات السابقة بين البلدين»، مشيراً إلى أنها «مسألة اقتصادية فنية أكثر من كونها سياسية».
وذهب حمودة في تصريح لقناة «ليبيا الأحرار» إلى أن «العجز سيكون كبيراً خلال السنوات الخمس المقبلة إذا لم تستثمر ليبيا في حقول غاز جديدة لتغطية حاجة المستهلك والدولة من الغاز»، لافتاً إلى أن «العائد الذي قد تجنيه ليبيا من الاتفاقية يقدر بـ13 مليار دولار خلال مدة وجيزة مقدرة بثلاثة أعوام».