بوركينا فاسو: هل يعزز الدعم الشعبي لـ«المجلس العسكري» القطيعة مع فرنسا؟

الآلاف تظاهروا في واغادوغو رغم تأكيد باريس خروج قواتها

مظاهرات تطالب برحيل القوات الفرنسية عن بوركينا فاسو (رويترز)
مظاهرات تطالب برحيل القوات الفرنسية عن بوركينا فاسو (رويترز)
TT

بوركينا فاسو: هل يعزز الدعم الشعبي لـ«المجلس العسكري» القطيعة مع فرنسا؟

مظاهرات تطالب برحيل القوات الفرنسية عن بوركينا فاسو (رويترز)
مظاهرات تطالب برحيل القوات الفرنسية عن بوركينا فاسو (رويترز)

تلقى المجلس العسكري الانتقالي في بوركينا فاسو «دعماً شعبياً» واسعاً إزاء خطواته التصعيدية ضد فرنسا، التي بات دورها السياسي والعسكري يتقلص سريعاً في أحد أهم مستعمراتها السابقة بغرب أفريقيا.
والسبت تظاهر الآلاف، في واغادوغو، دعماً للمجلس العسكري الحاكم ورفضاً للوجود الفرنسي في بلادهم، رغم تأكيد باريس خروج القوات الفرنسية من البلاد بحلول نهاية الشهر. وحمل المتظاهرون المجتمعون في ساحة «الأمّة» وسط العاصمة، لافتاتٍ كتبوا عليها «تسقط الإمبريالية» و«تسقط السياسة الفرنسية في أفريقيا» و«لا لإملاءات ماكرون» و«إلى الأمام من أجل سيادة بوركينا فاسو».
وتدهورت العلاقات بين باريس وواغادوغو منذ الانقلاب العسكري، في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو الثاني في ثمانية أشهر، الذي مكَّن القائد إبراهيم تراوري من تولي منصب الرئيس الانتقالي للبلاد.
ويرى المحلل السياسي البوركيني محمد ساوادوجو، أن تراوري، الأقل من أربعين عاماً، تبنى منذ البداية مطلباً شعبياً بطرد القوات الفرنسية من بوركينا فاسو، ولذلك فإن الشعب كله يدعمه اليوم، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك التطورات أدركتها فرنسا جيداً، ولذلك وافقت على سحب القوات، في ظل الرفض الشعبي.
وحمل متظاهرون (السبت) أعلاماً روسية ولافتاتٍ كبيرة عليها صور الرئيس المالي أسيمي غويتا ونظيره الغيني مامادي دومبويا اللذين وصلا إلى السلطة بفضل انقلاب مثلما حصل مع الرئيس الانتقالي في بوركينا فاسو الجنرال إبراهيم تراوري.
وقال رئيس المنظمات الداعمة لانتقال السلطة الحسن كواندا: «اليوم هو يوم سيادة بوركينا فاسو! إنّه يوم مميّز يجتمع فيه جميع مواطني بوركينا فاسو لقول - لا للإمبريالية، نعم لسلطة إبراهيم تراوري الانتقالية - الذي يتخذ إجراءات من أجل سيادتنا ولكن أيضاً من أجل جيش قوي بما يكفي لمحاربة المسلحين».
وقال الناطق باسم الحركة الثورية الأفريقية لازار ياميوغو للمتظاهرين، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم نعُد نريد قواعد عسكرية أجنبية على أرضنا، نريد الاحترام والتعاون المربح للجانبين، سنبقى يقظين حتى تتحرر بوركينا فاسو من الإمبريالية الغربية».
وبدوره، أكد الباحث السوداني المتخصص في الشأن الأفريقي محمد تورشين، أن الخطوات الرسمية للسلطات البوركينية هي في الأصل استجابة لموقف شعبي عام رافض للوجود الفرنسي منذ فترة، وقبل حكم تراوري.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التناغم الرسمي والشعبي سيعزز من الموقف العدائي بين بوركينا وفرنسا، وقد يدفع باتخاذ خطوات تصعيدية أخرى، بخلاف الموقف العسكري، خاصة أن تراوري يسعى بدوره إلى بناء جبهة داخلية قوية تعزز وجوده وشعبيته داخلياً في مواجهة تحديات اقتصادية وسياسية.
من جهته، اعتبر قائد مناصري التعاون بين بوركينا فاسو وروسيا محمد ساوادوغو أنّ «هناك فرصاً أخرى للتعاون متاحة لنا في الحرب ضد الإرهاب ولا سيّما مع روسيا».
وتُتهم فرنسا بالفشل في مواجهة الجماعات «الجهادية»، واعتبر رئيس الوزراء في بوركينا فاسو أبولينير يواكيمكييليم دو تامبيلا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن «بعض الشركاء» الدوليين لبلده «لم يكونوا أوفياء دائماً» في مكافحة الجماعات المتشددة. وقال من دون أن يسمي دولاً محددة: «كيف نفسر أن الإرهاب يفسد بلادنا منذ عام 2015 في جو من اللامبالاة، إن لم يكن بتواطؤ بعض من يسمون أنفسهم شركاءنا؟ ألم نكن حتى الآن ساذجين جداً في علاقاتنا بشركائنا؟ لا شك في ذلك».
وأعلنت فرنسا، الخميس الماضي، استدعاء سفيرها لدى بوركينا فاسو غداة موافقتها على طلب سحب قواتها، التي تقدر بنحو 400 جندي. وقالت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية في إطار المؤتمر الصحافي الأسبوعي، إنه «في سياق التطورات الأخيرة في بوركينا فاسو، قررنا استدعاء سفيرنا إلى باريس لإجراء مشاورات حول الوضع وأفق تعاوننا الثنائي». وأضافت أن الوزارة «تستغل وجود السفير في باريس لتقييم الوضع الحالي وآفاق العلاقات الثنائية».


مقالات ذات صلة

«مذبحة الكرمة» تفاقم الوضع الأمني في بوركينا فاسو

العالم «مذبحة الكرمة» تفاقم الوضع الأمني في بوركينا فاسو

«مذبحة الكرمة» تفاقم الوضع الأمني في بوركينا فاسو

بدأت بوركينا فاسو التحقيق في «مذبحة» وقعت في قرية الكرمة شمال البلاد، أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، على أيدي مسلحين يرتدون زي القوات المسلحة البوركينابية. وقُتل نحو 136 شخصاً في الهجوم، الذي وقع في 20 أبريل (نيسان) واتَّهم فيه مواطنون قوات الجيش بالمسؤولية عنه، لكنّ مسؤولين قالوا إن «مرتكبي المذبحة إرهابيون ارتدوا ملابس العسكريين»، في حين ندّدت الحكومة بالهجوم على القرية، في بيان صدر في 27 أبريل، دون ذكر تفاصيل عن الضحايا، قائلة إنها «تواكب عن كثب سير التحقيق الذي فتحه المدعي العام للمحكمة العليا في واهيغويا، لامين كابوري، من أجل توضيح الحقائق واستدعاء جميع الأشخاص المعنيين»

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم الحرب على الإرهاب في بوركينا فاسو... مقتل 33 جندياً و40 إرهابياً

الحرب على الإرهاب في بوركينا فاسو... مقتل 33 جندياً و40 إرهابياً

أعلن الجيش في بوركينا فاسو أن 33 من جنوده قتلوا في هجوم نفذته مجموعة إرهابية على موقع عسكري، يقع في شرق البلاد، وذلك في آخر تطورات الحرب الدائرة على الإرهاب بهذا البلد الأفريقي الذي يعاني من انعدام الأمن منذ 2015. وقال الجيش في بيان صحافي إن مجموعة من المسلحين هاجمت فجر الخميس موقعاً عسكرياً في منطقة أوجارو، شرق البلاد، على الحدود مع دولة النيجر، وحاصروا وحدة من الجيش كانت تتمركز في الموقع، لتقع اشتباكات عنيفة بين الطرفين. وأعلن الجيش أن الحصيلة تشير إلى مقتل 33 جندياً وإصابة 12 آخرين، لكنهم في المقابل قتلوا ما لا يقلُّ عن 40 من عناصر المجموعة الإرهابية التي ظلت تحاصرهم حتى وصلت تعزيزات فكت عن

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

على الرغم من إعلان المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو «تعبئة عامة» لمنح الدولة «الوسائل اللازمة» لمكافحة الإرهاب، تزايدت الجماعات المسلحة في الأسابيع الأخيرة، والتي يتم تحميل مسؤوليتها عادة إلى مسلحين مرتبطين بتنظيمي «القاعدة» و«داعش». وتشهد بوركينا فاسو (غرب أفريقيا)، أعمال عنف ونشاطاً للجماعات المتطرفة منذ 2015 طالها من دولة مالي المجاورة. وقتل مسلحون يرتدون أزياء عسكرية في بوركينا فاسو نحو 60 شخصاً، بحسب مصدر قضائي، الاثنين، ذكر لوكالة «الصحافة الفرنسية»، نقلاً عن جهاز الشرطة، أن «الهجوم وقع (الخميس) في قرية كارما في شمال إقليم ياتنغا»، مضيفاً أن المسلحين «استولوا» على كميات من البضائع ا

العالم بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

على الرغم من إعلان المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو «تعبئة عامة» لمنح الدولة «الوسائل اللازمة» لمكافحة الإرهاب، تزايدت الهجمات المسلحة في الأسابيع الأخيرة، التي يتم تحميل مسؤوليتها عادة إلى مسلحين مرتبطين بتنظيمي «القاعدة» و«داعش». وتشهد بوركينا فاسو (غرب أفريقيا)، أعمال عنف ونشاطاً للجماعات المتطرفة منذ 2015 طالاها من دولة مالي المجاورة. وقتل مسلحون يرتدون أزياء عسكرية في بوركينا فاسو نحو 60 شخصاً، حسب مصدر قضائي (الاثنين) ذكر لوكالة الصحافة الفرنسية، نقلاً عن جهاز الشرطة، أن الهجوم وقع (الخميس) في قرية كارما شمال إقليم ياتنغا، مضيفاً أن المسلحين «استولوا» على كميات من البضائع المتنوعة خ

أفريقيا مقتل 60 مدنياً بهجوم في شمال بوركينا فاسو

مقتل 60 مدنياً بهجوم في شمال بوركينا فاسو

قال مسؤول من بلدة أواهيجويا في بوركينا فاسو، أمس الأحد، نقلاً عن معلومات من الشرطة إن نحو 60 مدنياً قُتلوا، يوم الجمعة، في شمال البلاد على أيدي أشخاص يرتدون زي القوات المسلحة البوركينية. وأضاف المدعي العام المحلي لامين كابوري أن تحقيقاً بدأ بعد الهجوم على قرية الكرمة في إقليم ياتنجا في المناطق الحدودية قرب مالي وهي منطقة اجتاحتها جماعات إسلامية مرتبطة بـ«القاعدة» وتنظيم «داعش» وتشن هجمات متكررة منذ سنوات. ولم يذكر البيان مزيداً من التفاصيل بشأن الهجوم، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء. وذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في مارس (آذار) أن هجمات الجماعات المسلحة على المدنيين تصاعدت منذ عام 2022 ب

«الشرق الأوسط» (واغادوغو)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.