لوحات فنية راقصة لفرقة موال النصراوية في مهرجان البيرة بالضفة

تحكي قصة التجمع عند نبع الماء وما يحدث من غزل بين الشبان والصبايا

مهرجان البيرة بالضفة
مهرجان البيرة بالضفة
TT

لوحات فنية راقصة لفرقة موال النصراوية في مهرجان البيرة بالضفة

مهرجان البيرة بالضفة
مهرجان البيرة بالضفة

قدم عشرون راقصا وراقصة من فرقة «موال النصراوية للفن الشعبي والحديث» لوحات فنية متعددة في إطار مهرجان البيرة الرابع للفلكلور. اشتمل العرض الذي امتد لأكثر من ساعة ونصف الساعة على كل أنواع فنون المسرح من رقص وغناء وتمثيل بما يؤهله لوصف «العرض الشامل».
وبدأ العرض بصعود الفنان إياد شيتي على المسرح الذي أقيم في استاد البيرة ليكون راوي حكاية الموال الفلسطيني الذي هو «حكاية شعب.. حكاية أناس لكل منهم اسم ولكل منهم بلد ولهم وطن واحد أحد.. ورثنا عنه الفرح والذاكرة».
وما إن يبدأ أبو صلاح (شيتي) في الحديث عن التراث حتى يصعد الراقصون خلفه وعلى وقع كلماته عن العادات والتقاليد، ومع الموسيقى الحية على خشبة المسرح تبدأ رقصات تحكي قصة التجمع عند نبع الماء وما كان يحدث من غزل بين الشبان والصبايا.
وجاء في نشرة حول العرض أن ما يحكيه أبو صلاح «هو موال للشجرة وناجي العلي.. موال لشهيد الأمس وشهيد اليوم». وتضيف النشرة: «هو موال لأولئك الذين سلبت حريتهم وهم يحلمون بالحرية ويقاتلون لانتزاعها وللجيل الذي تعلم كيف يصمد ويقاتل وثار معه أو حمل أغنياته وصار اليوم يسمى جيل الانتفاضة».
وقال شيتي لـ«رويترز» بعد العرض: «الفن رسالة واحنا حاملين رسالة قضيتنا وشعبنا. إحنا بنرفض التسميات 48 و67 والمهجر (التي يصنف بها الفلسطينيون). إحنا شعب واحد جينا نحكي قصصنا اللي جدا مشابهة للقصص في رام الله وغزة. ممكن تتفاوت لكنها تتشابه». وأضاف: «يمكن العمل يكون كوميديا سوداء. نحن لا نريد أن نبكي على الأطلال ولكن نحن نحمل جرحا في داخلنا ورسالة. بدنا نوصل صوتنا.. نحافظ على موروثنا الثقافي من جيل لجيل».
وتنوعت الرقصات التي قدمتها الفرقة ما بين دبكة شعبية ورقص معاصر وآخر صوفي إضافة إلى لوحات فنية على وقع أغانٍ وطنية.
وأوضح معين شمشوم الذي أسس فرقة موال النصراوية مع زوجته في السبعينات أنه بدأ في تقديم هذا العرض منذ عام 1995 من نصوص للكاتب سلمان ناطور ومن إخراج راضي شحادة، ولكنه حرص على تطوير الرقصات عاما بعد عام.
وقال لـ«رويترز»: «لدينا اليوم مدرسة خاصة للرقص الشعبي والحديث في الناصرة تضم عشر فرق فيها 200 مشارك من جيل 4 إلى 17 عاما تعتبر المصدر المغذي لنجاح الفرقة واستمرارها».
وأضاف: «الفرقة التي قدمت العرض هي نتاج هذه المدرسة التي نجحت خلال السنوات الماضية في تقديم كثير من العروض في الدول العربية والأجنبية». وترى غدير شمشوم الراقصة بالفرقة: «ما نقدمه هو لوحات فنية مترابطة عن التهجير والأرض والانتفاضة».
ويختتم المهرجان الذي تنظمه مؤسسة شباب البيرة بالتعاون مع بلدية البيرة وبدعم من عدة مؤسسات محلية بأمسية للفنان الفلسطيني هثيم خلايلة الذي اشتهر بعد مشاركته في برنامج المواهب الشهير «أراب أيدول». وافتتح المهرجان أول من أمس بمشاركة الفنان الأردني عمر العبد للات الذي قدم مجموعة من أغانيه. وقالت إدارة المهرجان إن السلطات الإسرائيلية رفضت السماح للمنشدة الأردنية الفلسطينية الأصل ميس شلش من دخول الأراضي الفلسطينية للمشاركة في المهرجان.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».