شبكة «إنترنت الأشياء» أقل تكلفة وأكثر استدامة

باحثو «كاوست» يطورون إلكترونيات لاسلكية لها

يمكن للإلكترونيات التي تعمل لاسلكياً أن تجعل تقنية «إنترنت الأشياء» أكثر صداقة للبيئة (هينو هوانغ)
يمكن للإلكترونيات التي تعمل لاسلكياً أن تجعل تقنية «إنترنت الأشياء» أكثر صداقة للبيئة (هينو هوانغ)
TT

شبكة «إنترنت الأشياء» أقل تكلفة وأكثر استدامة

يمكن للإلكترونيات التي تعمل لاسلكياً أن تجعل تقنية «إنترنت الأشياء» أكثر صداقة للبيئة (هينو هوانغ)
يمكن للإلكترونيات التي تعمل لاسلكياً أن تجعل تقنية «إنترنت الأشياء» أكثر صداقة للبيئة (هينو هوانغ)

يقترح فريق دولي تقوده جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أنّ الأشكال الناشئة من جهاز رقيق الغشاء يعتمد على مواد أشباه الموصّلات البديلة، مثل: المواد العضوية القابلة للطباعة، وتشكيلات الكربون النانوية، وأكاسيد المعادن - قد تسهم في الوصول إلى شبكة «إنترنت الأشياء» أقل تكلفة اقتصادياً وأكثر استدامة بيئيّاً.
ومما لا شك فيه أن «إنترنت الأشياء» أصبح له تأثير هائل على حياتنا اليومية، إضافة إلى العديد من الصناعات؛ إذ إنّه يعمل على ربط وتسهيل تبادل البيانات بين أجهزة ذكية مختلفة الأشكال والأحجام عبر الإنترنت، وشبكات الاتصال والاستشعار الأخرى. ومن أمثلة هذه الأجهزة: جهاز التحكُّم عن بعد لأنظمة الأمن المنزلي، والسيارات ذاتية القيادة المتصلة بأجهزة استشعار تستكشف الحواجز على الطريق، وأجهزة مراقبة درجات حرارة معدّات المصنع.
ولنا أن نعلم بأن هذه الشبكة الفائقة ذات النمو المتسارع من المتوقع أن تصل لتريليونات من الأجهزة بحلول العقد المقبل، وزيادة عدد عُقد الاستشعار المنتشرة في أنظمتها. وتعد عُقد الاستشعار من المكونات الرئيسية لشبكة الاستشعار اللاسلكية WSN، التي تكمن وظيفتها في: الحصول على البيانات من أجهزة استشعار مختلفة، والتخزين المؤقت، والتخزين المؤقت لبيانات أجهزة الاستشعار، ومعالجة البيانات، والاختبار الذاتي والمراقبة؛ واستقبال حزم البيانات وإرسالها وتحويلها، وتنسيق مهام التشبيك.
وتعتمد الطرق الحالية التي تمدّ عُقَد الاستشعار بالطاقة على تقنية البطارية، لكنّ هذه البطاريات تحتاج إلى استبدالها بشكل منتظم، كما أنّ هذه الطريقة مكلفة وتضر البيئة بمرور الوقت، وربما ينفد الإنتاج العالمي لليثيوم المستخدم في مواد البطاريات؛ بسبب الطلب المتزايد على الطاقة لتزايد عدد أجهزة الاستشعار.
وستسهم عُقَد الاستشعار التي تعمل بالطاقة اللاسلكية في الوصول إلى «إنترنت الأشياء» المستدام، وذلك من خلال سحب الطاقة من البيئة عبر ما يُعرف بـ«حَصَادَات الطاقة»، مثل الخلايا الكهروضوئية، وحصادات طاقة التردد اللاسلكي (RF)، من بين تقنيات أخرى. وربما تكون الإلكترونيات ذات المساحة الكبيرة (LAE)، المفتاح الرئيسي لتطوير مصادر الطاقة. وتعد الإلكترونيات ذات المساحة الكبيرة (LAE) تقنية ناشئة وواعدة لتصنيع الأجهزة الإلكترونية، مثل الطباعة أو الطباعة الحجرية (ليثوغرافية) على نطاق واسع.
وبرزت هذه التقنية أخيراً كبديل مبشّر للتقنيات التقليدية القائمة على استخدام السليكون بفضل التطوّر الهائل المعالجة والطباعة المبنيين على الإذابة solution - based processin. وهذه المعالجة جعلت من السهل طباعة الأجهزة والدوائر الإلكترونية بشكل مرن على ركائز أكبر مساحة، حيث يمكن إنتاجها في درجات حرارة منخفضة، وعلى ركائز قابلة للتحلل كالورق؛ مما يجعلها أكثر صداقة للبيئة من القائمة على استخدام السليكون.
ويدرس كل من الدكتور كالايفنان لوجانثان، بالتعاون مع البروفسور توماس أنثوبولوس، أستاذ هندسة وعلوم المواد في «كاوست»، وزملاؤهما، قابلية تطبيق عدد متنوّع من التقنيات الإلكترونية ذات المساحة الكبيرة، وإمكانية توفيرها لأجهزة استشعار لاسلكية ونظيفة لـ«إنترنت الأشياء».
وعمل فريق أنثوبولوس، على مرّ السنين، على تطوير مكونات نطاق التردد اللاسلكي للإلكترونيات، بما في ذلك أكسدة المعدن، والبوليمر العضوي القائم على أجهزة أشباه الموصّلات والمعروفة بـ«ثنائي شوتكي».
ويوضّح لوجاناثان بقوله: «إن هذه الأجهزة ذات عناصر أساسية في حصادات الطاقة اللاسلكية، وتخبرنا في النهاية عن الأداء، وتكلفة عُقد الاستشعار».
وتشمل مساهمات فريق «كاوست» الرئيسية على إتاحة طرق متطوّرة لتصنيع ثنائيات الترددات اللاسلكية لتجميع الطاقة وصولاً إلى نطاق واسع لتردد الجيل الخامس (5G) والجيل السادس (6G)، ويشير أنثوبولوس إلى أنَّ «هذه التقنيات تمثل حجر الأساس المطلوب لطريقة أكثر استدامة لإمداد مليارات عُقد الاستشعار بالطاقة في المستقبل القريب».
ويضيف لوجاناثان: «يعمل الفريق على دراسة التكامل الأحادي للأجهزة ذات الطاقة المنخفضة، مع الهوائي وأجهزة الاستشعار لاستكشاف إمكاناتها الحقيقية».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.