ماريو فارغاس يوسا يشغل المقعد 18 في الأكاديمية الفرنسية

أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الملك خوان كارلوس قبل دعوته لحضور حفل دخوله

ماريو فارغاس يوسا
ماريو فارغاس يوسا
TT

ماريو فارغاس يوسا يشغل المقعد 18 في الأكاديمية الفرنسية

ماريو فارغاس يوسا
ماريو فارغاس يوسا

في التاسع من فبراير (شباط) المقبل، تحتفل الأكاديمية الفرنسية بانضمام الروائي ماريو فارغاس يوسا إلى عضويتها، كأول حائز على جائزة نوبل يدخل هذه المؤسسة العريقة التي أسسها الكاردينال ريشوليو في القرن السابع عشر، منذ دخول الكاتب الفرنسي فرنسوا مورياك الذي توفي عام 1970.
وأكد فارغاس يوسا، في مكالمة خاصة مع «الشرق الأوسط»، أن العاهل الإسباني الفخري خوان كارلوس، الذي يعيش في أبوظبي، منذ أن غادر إسبانيا في عام 2020، بعد تخلّيه عن العرش لابنه فيليبي السادس، قد تسلّم الدعوة، وأعرب له عن رغبته في الانتقال إلى العاصمة الفرنسية لحضور الاحتفال برفقة كريمته الأميرة كريستينا.
وتجدر الإشارة إلى أن خوان كارلوس قد صفّى حساباته مع هيئة الضرائب والعدالة الإسبانية، وهو لم يغادر مقرّ إقامته في إمارة أبوظبي إلا في مناسبات نادرة منذ مغادرته إسبانيا.
وكان قد انتقل إلى أثينا منتصف الشهر الحالي، لحضور جنازة صهره الملك قسطنطين، كما سافر إلى لندن في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، لحضور جنازة الملكة إليزابيث الثانية.
ويقول فارغاس يوسا إنه عندما حصل على الجنسية الإسبانية عام 1993، اتصل به الملك خوان كارلوس في الثامنة صباحاً ليعرب له عن سعادته «لأني صرت من رعاياه»، وإنه عندما فاز بجائزة نوبل للآداب عام 2010، اتصل به العاهل الإسباني في اليوم التالي ليقول له: «يجب أن أمنحك شيئاً ما... يجب أن أمنحك لقباً»، وفي العام التالي منحه لقب ماركيز دي فارغاس يوسا، الذي يقول صاحب «المدينة والكلاب» إنه لم يستخدمه أبداً «بطبيعة الحال».
ويشدّد فارغاس يوسا على أن دعوته الملك خوان كارلوس هي لفتة مودة وتقدير في هذا الظرف الذي يجتازه العاهل الإسباني السابق، الذي ما زال يتمتع باحترام كبير في الأوساط الأوروبية للدور الذي لعبه خلال الانتقال من العهد الديكتاتوري السابق إلى الديمقراطية، ويقول: «أنا لا أتواصل مع الملك، ولا أتحدث إليه. الملوك ليس لهم أصدقاء، بل رعايا. لذلك، وبقدر ما يمكن لملك أن يكون له أصدقاء، أعتبر نفسي واحداً منهم. وبما أنه يجتاز مرحلة صعبة، افتكره».
ومن المنتظر أن يكون دخول فارغاس يوسا إلى الأكاديمية الفرنسية الشهر المقبل، حدثاً أدبياً واجتماعياً بارزاً في هذا الشتاء الباريسي.
وكانت هذه المؤسسة العريقة قد اختارت يوسا لعضويتها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، بأكثرية 18 صوتاً من أصل 22، قبل أن يجتمع برئيس الجمهورية مانويل ماكرون «راعي» الأكاديمية، كما كان الملك لويس الربع عشر وخلفاؤه، ليحصل منه على الموافقة النهائية، بحضور مديرتها المؤرخة هيلين كارّير دانكوسّ، والعضو الجديد في الأكاديمية الناقد الأدبي أنطوان كومبانيون.
وسيجلس فارغاس يوسا، الذي ينشر منذ أشهر مقالاً كل أسبوعين بـ«الشرق الأوسط»، في المقعد رقم 18 الذي شغر بوفاة الفيلسوف ميشال سيرّ عام 2019، والذي سبق أن جلس فيه ألكسيس دو توكفيل، أحد مؤسسي الفكر الليبرالي في القرن التاسع عشر، والمارشال فيليب بيتان الذي كان حليفاً لهتلر في الحرب العالمية الثانية.
وقبل أن يجلس فارغاس يوسا بين «الخالدين»، بالزي الأخضر والسيف، سيلقي خطاب الدخول إلى الأكاديمية في مديح ميشال سيرّ، بعد أن يتولّى تقديمه والترحيب به الكاتب والأكاديمي دانيال روندو الذي كان صاحب مبادرة فتح أبواب الأكاديمية أمام الكاتب الإسباني - البيروفي.
وكان اختيار فارغاس يوسا قد واجه بعض الاعتراضات في فرنسا، أولاً لأنه لم يسبق لكاتب لا ينشر بالفرنسية أن انضمّ إلى عضوية المؤسسة التي تعد حارسة اللغة، وأيضاً بسبب من مواقفه السياسية في أميركا اللاتينية وانتقاداته الشديدة للشيوعية وتمجيده الليبرالية الاقتصادية المتطرفة. ولعلّ ما يلخصّ المشاعر التي سادت في الأكاديمية الفرنسية إزاء انضمام فارغاس يوسا إلى عضويتها، ما قاله الكاتب والأكاديمي آلان فينكلكروت قبل التصويت: «أتفهم آراء المعارضين: كلهم من المعجبين بفارغاس يوسا، لكنهم يعتبرون أن الأكاديمية الفرنسية هي اللغة الفرنسية، وبالتالي فإن كاتباً بالإسبانية، مهما علا شأنه، لا مكان له فيها. أعتقد أن بإمكاننا قبوله، لأنه فارغاس يوسا، ولأن علاقة حب عميقة تربطه بالثقافة الفرنسية».
وتجدر الإشارة إلى أن فارغاس يوسا كان قد استقر في باريس بعد خروجه للمرة الأولى من بيرو، وانكب طوال فترة على قراءة الأدب الفرنسي الذي كان شغوفاً به، وبشكل خاص بودلير، الذي زار مسقط رأسه عدة مرات ونشر بحوثاً عديدة عن أعماله.
تضمّ الأكاديمية الفرنسية 40 مقعداً، بعضها شاغر في الوقت الراهن، ويجتمع أعضاؤها تحت قبّة معهد فرنسا الذي يؤوي مؤسسات ثقافية وعلمية أخرى مثل أكاديمية العلوم، وأكاديمية الفنون الجميلة، وأكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية التي ينتمي إليها الملك خوان كارلوس الأول منذ عام 1988، عندما وقع الاختيار عليه «أجنبياً منتسباً»، خلفاً للكاتب الأرجنتيني الشهير خورخي لويس بورخيس.
بعد أيام، يعود ماريو فارغاس يوسا إلى مدينة النور التي كان يقول إنه وقع في حبها قبل أن يراها، وحيث أقام أعمق صداقاته وأخصبها مع نجوم الأدب الأميركي اللاتيني، من خوليو كورتازار إلى آليخو كاربنتيير، ومن كارلوس أونيتّي إلى غابرييل غارسيّا ماركيز. يعود محاطاً بالمعجبين والمحبين، لكن في غياب إيزابيل، المرأة التي لأجلها هجر زوجته وأولاده، وهو في الثمانين من عمره، وانفصل عنها منذ أسابيع قليلة على أبواب التسعين.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

القطب الشمالي قد يصبح بلا جليد بحري صيفاً في أوائل العقد المقبل

تطفو الجبال الجليدية في خليج بافين بالقرب من بيتوفيك في غرينلاند (أ.ف.ب)
تطفو الجبال الجليدية في خليج بافين بالقرب من بيتوفيك في غرينلاند (أ.ف.ب)
TT

القطب الشمالي قد يصبح بلا جليد بحري صيفاً في أوائل العقد المقبل

تطفو الجبال الجليدية في خليج بافين بالقرب من بيتوفيك في غرينلاند (أ.ف.ب)
تطفو الجبال الجليدية في خليج بافين بالقرب من بيتوفيك في غرينلاند (أ.ف.ب)

خلص باحثون في دراسة حديثة إلى أن القطب الشمالي قد يكون خالياً من الجليد البحري في الصيف في بدايات العقد المقبل، أي في وقت أقرب بكثير مما كان متوقعاً في السابق، حتى في ظل سيناريو لانبعاثات منخفضة من غازات الدفيئة.

وقد استخدم العلماء المقيمون في كوريا الجنوبية وكندا وألمانيا، بيانات الرصد من الأعوام 1979 إلى 2019، لإجراء عمليات محاكاة جديدة. وخلصوا في بحثهم الذي نشرت نتائجه مجلة «نيتشر كومونيكيشنز» الثلاثاء، إلى أن «النتائج تشير إلى أن أول سبتمبر (أيلول) من دون جليد بحري سيحلّ في وقت مبكر بين الأعوام 2030 إلى 2050، مهما كانت سيناريوهات الانبعاثات».

عندما يتحدث الخبراء عن عدم وجود جليد، فهذا يعني مساحة تقل عن مليون كيلومتر مربع، لأنه قد يبقى هناك جليد على طول السواحل. ويمتد المحيط المتجمد الشمالي على مساحة تقرب من 14 مليون كيلومتر مربع يغطيها الجليد معظم فترات العام.

ويُعرف أن سبتمبر هو الشهر الذي يصل فيه الجليد عادة إلى الحد الأدنى السنوي.

ويشير الباحث في جامعتي بوهانغ ويونسي الكوريتين الجنوبيتين سونغ كي مين، المشارك في إعداد الدراسة، إلى أن الموعد المتوقع «سيكون قبل عقد تقريباً من التوقعات الأخيرة الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ»، أي الخبراء المناخيون المفوضون من الأمم المتحدة.

يعتقد الباحثون أيضاً أن انحسار هذا الجليد يمكن أن يُعزى بشكل أساسي إلى انبعاثات غازات الدفيئة، فيما عوامل أخرى (بينها الهباء الجوي، والنشاط الشمسي والبركاني) لها أهمية أقل بكثير.

يتكون الجليد البحري من المياه المالحة على سطح المحيط، والذي تجمد تحت تأثير البرد. ولا يتسبب ذوبانه بشكل مباشر في ارتفاع مستوى المحيطات (على عكس مستوى الغطاء الجليدي والأنهار الجليدية)، ولكن مع ذلك له عواقب وخيمة.

في الواقع، يؤدي هذا الجليد دوراً مهماً جداً في الصيف، من خلال إعادة عكس أشعة الشمس، ما يجعل من الممكن تبريد القطب الشمالي. لكنّ هذه المرآة العاكسة تتقلص سريعاً، وبالتالي فإن القطب الشمالي يسخن بشكل أسرع بكثير من المناطق الأخرى.

يشير سونغ كي مين إلى أن اختفاء الجليد «سيسرّع من الاحترار في القطب الشمالي، ما قد يزيد الظواهر الجوية المتطرفة في المناطق الواقعة عند خطوط العرض الوسطى، مثل موجات الحرارة وحرائق الغابات».

ويضيف الباحث: «يمكن لذلك أيضاً تسريع الاحترار، من خلال ذوبان التربة الصقيعية، وكذلك قد يسهم في ارتفاع مستوى سطح البحر عن طريق ذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند».

ويقول ديرك نوتس من جامعة هامبورغ، وهو مشارك آخر في الدراسة، إن «هذا سيكون أول عنصر رئيسي نخسره في نظامنا المناخي من خلال انبعاثات غازات الدفيئة».

ويأسف لكون «العلماء يحذرون من هذا الزوال منذ عقود، ومن المحزن أن نرى أن هذه التحذيرات في الغالب لم تلقَ آذاناً مصغية».

ويأمل نوتس أن يهتم صناع القرار بنتائج الباحثين «حتى نتمكن على الأقل من حماية المكونات الأخرى لنظامنا المناخي، والحد من الاحترار المستقبلي قدر الإمكان».


واشنطن تتهم الموسيقي البريطاني روجر ووترز بـ«معاداة السامية»

روجر ووترز خلال حفلة قدمها في لوس أنجليس عام 2022 (رويترز)
روجر ووترز خلال حفلة قدمها في لوس أنجليس عام 2022 (رويترز)
TT

واشنطن تتهم الموسيقي البريطاني روجر ووترز بـ«معاداة السامية»

روجر ووترز خلال حفلة قدمها في لوس أنجليس عام 2022 (رويترز)
روجر ووترز خلال حفلة قدمها في لوس أنجليس عام 2022 (رويترز)

انضمت واشنطن إلى الاتهامات بمعاداة السامية المساقة إلى عضو فرقة «بينك فلويد» السابق روجر ووترز، الذي ارتدى زياً يذكّر بملابس ضباط قوات الأمن الخاصة النازية خلال حفلة موسيقية الشهر الماضي في العاصمة الألمانية برلين.

وكانت شرطة برلين أعلنت أواخر مايو (أيار) فتح تحقيق إثر تلقيها شكاوى، «للاشتباه في التحريض على الكراهية بسبب أزياء يتم ارتداؤها على خشبة المسرح من شأنها أن تمجد أو تبرر النظام الاشتراكي الوطني (النازي) وتعكّر صفو النظام العام»، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي صور انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر المغني البريطاني خلال الحفلة مرتدياً معطفاً أسود طويلاً عليه رمز يذكّر بالصليب المعقوف (شعار النازية) وشارات حمراء.

وأشارت وسائل إعلام إلى كتابات مدوّنة بأحرف حمراء على شاشة أثناء الحفلة، لاسمَي آن فرانك، الفتاة اليهودية الألمانية التي كتبت يوميات اختبائها في أمستردام خوفاً من الاضطهاد النازي خلال الحرب العالمية الثانية، وشيرين أبو عاقلة، المراسلة الفلسطينية التي قُتلت أثناء تغطيتها عملية إسرائيلية لحساب قناة «الجزيرة» في مايو (أيار) 2022.

واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أن الحفلة التي قدّمها روجر ووترز «احتوت على رموز مسيئة بشدة للشعب اليهودي وقللت من (خطورة) الهولوكوست». وأضافت في بيان صدر أمس الثلاثاء: «هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الفنان المعني مواد معادية للسامية لتشويه سمعة اليهود».

وقد اتخذ روجر ووترز البالغ 79 عاماً، في السنوات الأخيرة مواقف جدلية، لا سيما بشأن الحرب في أوكرانيا. وهو يؤيّد إجراءات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية باسم الدفاع عن القضية الفلسطينية.

واتهم المغني والملحن البريطاني منتقديه بـ«سوء النية». وردّ في رسالة نشرها أواخر الشهر الفائت عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الاتهامات الموجهة إليه قائلاً إنّ «جوانب الحفلة التي أثارت تساؤلات هي بوضوح رسالة ضد الفاشية والظلم والتعصب بكل أشكاله»، وأي محاولة لمقاربتها من منظور آخر تكون «غير نزيهة».

وأثار ووترز الجدل أخيراً بتأكيده أنه «ليس صحيحاً أن الغزو الروسي لأوكرانيا حصل من دون استفزاز».

جدير بالذكر أن «بينك فلويد» حققت شهرة واسعة على مدى أربعة عقود، وكانت أبرز مساهمات ووترز - الملحن وعازف الغيتار باص والمغني أحياناً - في ألبوم «الجدار» (1979) الذي حوله المخرج البريطاني آلن باركر إلى فيلم سينمائي عام 1982، والذي يتناول إلى حد كبير حياة ووترز الذي فقد أباه في معركة أنزيو بإيطاليا عام 1944.


في ألمانيا... أموال للسجناء لإنفاقها على الدراسة

السجناء يتعلمون عبر الجامعة الحكومية الوحيدة في ألمانيا التي تنظم دراسات عن بُعد (د.ب.أ)
السجناء يتعلمون عبر الجامعة الحكومية الوحيدة في ألمانيا التي تنظم دراسات عن بُعد (د.ب.أ)
TT

في ألمانيا... أموال للسجناء لإنفاقها على الدراسة

السجناء يتعلمون عبر الجامعة الحكومية الوحيدة في ألمانيا التي تنظم دراسات عن بُعد (د.ب.أ)
السجناء يتعلمون عبر الجامعة الحكومية الوحيدة في ألمانيا التي تنظم دراسات عن بُعد (د.ب.أ)

في محاولة لدمج السجناء في المجتمع على المدى الطويل، تسمح السجون الألمانية للنزلاء بالدراسة الجامعية وتعطيهم أموالاً لإنفاقها على الدراسة.

ويدرس السجناء من خلال الجامعة الحكومية الوحيدة التي تنظم دراسات عن بُعد، والكائنة في مدينة هاغن، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وهم يقسمون وقتهم بين أداء بعض المهام في السجن صباحاً، وبين الاستماع إلى المحاضرات في وقت لاحق خلال اليوم.

والمكان الذي يدرسون فيه يطلقون عليه اسم قاعة المحاضرات، وكان زنزانة ولكنها أصبحت غرفة مزودة بثمانية أجهزة كومبيوتر، ويتوجه الطلاب إليها للبحث عن المراجع، وكتابة المقالات والاستماع إلى المحاضرات عبر الإنترنت.

وتتاح للطلاب إمكانية التنقل بحرية، بين غرفة الاحتجاز وقاعة المحاضرات والمطبخ المشترك، في منطقة الردهة حتى الساعة الثامنة والنصف مساءً.

ولكنّ وجه الاختلاف بين قاعة المحاضرات وبين أي جامعة عادية، هو وجود القضبان أينما توجّه نظرك، ولا يمكن لأي طالب أن يحمل معه مفتاحاً إذا تجاوز منطقة الدراسة.

والقاسم المشترك بين الطلاب السجناء والطلاب العاديين هو أنهم جميعاً لديهم إمكانية القراءة والدراسة ودخول الامتحانات، ولكنهم ينفصلون عن زملائهم بجدران سميكة ولفّات من الأسوار الشائكة، ولا تكاد تتاح لهم فرصة للتواصل معهم.

ولا يزال الطلاب السجناء لا يعامَلون كطلاب عاديين، حيث إن سلطات السجن تراقب رسائلهم الإلكترونية، كما أنهم ليست لديهم الحرية في الدخول إلى المواقع الإلكترونية، لأن أجهزة الكومبيوتر التي يستخدمونها، مسجل عليها بضعة برامج فقط.

وهناك مدرسون يساعدون السجناء في إجراءات التسجيل للدراسة الجامعية، وتنظيم جداول المحاضرات والامتحانات. كما أنهم يحصلون على إعانة مالية لمواصلة الدراسة.


«نابولي في باريس»... روائع فنية إيطالية في متحف اللوفر

زائرة لمعرض «نابولي في باريس» في متحف اللوفر (أ.ف.ب)
زائرة لمعرض «نابولي في باريس» في متحف اللوفر (أ.ف.ب)
TT

«نابولي في باريس»... روائع فنية إيطالية في متحف اللوفر

زائرة لمعرض «نابولي في باريس» في متحف اللوفر (أ.ف.ب)
زائرة لمعرض «نابولي في باريس» في متحف اللوفر (أ.ف.ب)

يستضيف متحف اللوفر الباريسي اعتباراً من اليوم الأربعاء روائع فنية من متحف «كابوديمونتي» في مدينة نابولي الإيطالية، ليصبح خلال الأشهر الستة المقبلة، مع مجموعاته الخاصة، المتحف الأغنى عالمياً بالأعمال المكرسة لعصر النهضة الإيطالية، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

ويشغل هذا المعرض الذي يحمل عنوان «نابولي في باريس» ثلاثة مواقع في المتحف، هي «صالة العرض الكبيرة» و«قاعة المصلّى» و«قاعة الساعة».

ويتضمن المعرض ما يقرب من 70 عملاً فنياً من المتحف الإيطالي الذي يخضع لأعمال تجديد اعتباراً من عام 2024. وقد جمعت أعمال المتحف الإيطالي قبل توحيد إيطاليا، عائلات فارنيزي وبوربون وبونابرت - مورا.

ومع إضافتها إلى مئات الأعمال الموجودة ضمن مجموعات متحف اللوفر، يمكن لزوار المتحف الفرنسي الأشهر عالمياً التعرف على أفضل إبداعات فن الرسم الإيطالي من القرن الخامس عشر إلى القرن السابع عشر.

وتُقدَّم في المعرض أجمل البورتريهات التي أُنجزت بين البندقية وروما وفلورنسا، بين عامي 1515 و1535، إلى جانب تحف فنية تحمل توقيع أسماء بارزة في الفن الإيطالي من أمثال كارافاجو وماساتشيو وبيليني وريبيرا وبارميجيانينو، إضافة إلى تيتسيانو وكاراتشي وريني.


رحيل الرسامة الفرنسية فرنسواز جيلو شريكة حياة بيكاسو

الرسامة الفرنسية فرنسواز جيلو في صورة تعود إلى العام 2004 (أ.ف.ب)
الرسامة الفرنسية فرنسواز جيلو في صورة تعود إلى العام 2004 (أ.ف.ب)
TT

رحيل الرسامة الفرنسية فرنسواز جيلو شريكة حياة بيكاسو

الرسامة الفرنسية فرنسواز جيلو في صورة تعود إلى العام 2004 (أ.ف.ب)
الرسامة الفرنسية فرنسواز جيلو في صورة تعود إلى العام 2004 (أ.ف.ب)

توفيت الرسامة الفرنسية فرنسواز جيلو، التي كانت شريكة حياة بابلو بيكاسو بين عامي 1946 و1953 قبل أن تحقق شهرة في مسيرتها الفنية، عن عمر يناهز 101 عام، كما قالت إدارة متحف بيكاسو لوكالة الصحافة الفرنسية، في تأكيد لمعلومة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز».

ونقلت الصحيفة الأميركية عن ابنتها أوريليا إنجل، أن الرسامة كانت تعاني أخيراً «أمراضاً في القلب والرئتين».

وُلدت فرنسواز جيلو مولودة في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 1921 في منطقة نويي سور سين، في ضاحية باريس الغربية، لعائلة برجوازية، وسارت على خطى والدتها في الرسم.

كانت ملهمة بابلو بيكاسو لفترة، قبل أن تخوض مسيرة فنية استمرت أكثر من 60 عاماً، رسخت خلالها نفسها كرسامة مشهورة بعد انفصالها عن الرسام الإسباني الشهير، مع أعمال لها في مجموعات متحف «متروبوليتان» للفنون ومتحف الفن الحديث في نيويورك.

في يونيو (حزيران) 2021، بيعت إحدى لوحاتها، «بالوما مع الغيتار»، في مقابل 1.3 مليون دولار في مزاد نظمته دار «سوذبيز».

كان من بين معلميها الفنان السريالي الفرنسي المجري إندري روزدا، وأقيم معرضها الأول في باريس عام 1943، العام الذي قابلت فيه بيكاسو. كانت آنذاك في العشرينات من عمرها، فيما كان عمره 61 عاماً. وأثمرت علاقتهما ولدين، كلود (مواليد 1947) وبالوما (مواليد 1949).

عام 1964، حقق نشر «العيش مع بيكاسو»، وهو كتاب عن حياتها مع الفنان، نجاحاً هائلاً (تُرجم إلى 16 لغة، وبيعت منه أكثر من مليون نسخة). ويصور هذا الكتاب بيكاسو كرجل مستبد وأناني.

تزوجت الفنانة الراحلة مرتين بعد بيكاسو، الأولى من الرسام والنحات الفرنسي لوك سيمون (1955 - 1962)، والثانية من الطبيب والباحث الأميركي جوناس سالك (1970 - 1995).

أمضت جيلو السنوات الأخيرة من حياتها في نيويورك، وعُرضت لوحاتها في العديد من المتاحف والمجموعات الخاصة، في أوروبا والولايات المتحدة.


مهرجان السينما الأوروبية في السعودية يعرض 16 فيلماً من بينها الحصري

مهرجان السينما الأوروبية في السعودية يعرض 16 فيلماً من بينها الحصري
TT

مهرجان السينما الأوروبية في السعودية يعرض 16 فيلماً من بينها الحصري

مهرجان السينما الأوروبية في السعودية يعرض 16 فيلماً من بينها الحصري

يعرض مهرجان السينما الأوروبية في السعودية، بنسخته الثانية، 16 فيلماً أوروبياً لمدّة أسبوع، من 7 إلى 14 يونيو (حزيران) الحالي، وذلك في دار عرض «فوكس سينما»، بمجمّع «صحارى مول» بالعاصمة. الحدث من تنظيم مندوبية الاتحاد الأوروبي لدى الرياض، بالتعاون مع سفارات الدول الأعضاء في الاتحاد و«مجموعة الصور العربية للسينما».

الأفلام الـ16 وافدة إلى المهرجان من النمسا وقبرص والدنمارك وإستونيا وفرنسا وألمانيا وآيرلندا وإيطاليا ولاتفيا وليتوانيا ومالطا وهولندا والبرتغال وسلوفينيا وإسبانيا والسويد. من بينها: «الفتاة الهادئة» الذي رُشّح لجائزة «أوسكار» عن أفضل فيلم بلغة أجنبية، و«أنا زلاتان» من إخراج ينس شوغرين الذي يتناول سيرة لاعب كرة القدم السويدي الشهير زلاتان إبراهيموفيتش، إلى «سكر ونجوم»، بطولة رياض بلعايش، حصرياً في أول عرض عربي له.

بعض الأفلام الأوروبية المعروضة

أهداف المهرجان تسهيل التبادل الثقافي والترويج للسينما الأوروبية، وتعزيز التواصل بين صنّاع الأفلام الأوروبيين والسعوديين من خلال تنظيم فعاليات متخصّصة.

ومن بين ضيوفه، المخرجون نونو بياتو من البرتغال وسباستيان تولارد من فرنسا وإيزابيل فيرنانديز من إسبانيا، الذين سيلتقون الجمهور في حوار مفتوح مع صنّاع الأفلام ومحبيها.

وأيضاً، يستضيف الممثلة زبيدة بولوت المشاركة في بطولة الفيلم الألماني «أختان مفترقتان» المعروض خلال المهرجان؛ لتتحدث في حلقة نقاشية عن العلاقة بين الممثلين ووكلاء الأعمال. بالإضافة إلى وليمين ساندرز من هولندا لتشارك في حلقة تتناول سرد قصص السيدات في الأفلام.

تُعرض جميع الأفلام والفعاليات الجانبية في دار عرض «فوكس سينما» بمجمّع «صحارى مول» وهي راعية المهرجان والفعاليات، مع معهد كاموس وأليانس فرانسيز ومعهد غوته، إلى سفارات فرنسا وهولندا والبرتغال.

بعض الأفلام الأوروبية المعروضة

في المناسبة، أكد سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية باتريك سيمونيه، أنّ الاتحاد يسعى إلى أن يكون «جزءاً من المشهد الثقافي المزدهر في المملكة عبر تنظيم فعاليات ثقافية عدّة، تعزّز التبادل الثقافي والتواصل بين الأوروبيين والسعوديين في المجالات ذات الاهتمام المشترك، منها السينما»، مشدداً على أنّ التواصل بين الشعوب ركيزة أساسية لشراكة الاتحاد الاستراتيجية مع منطقة الخليج.

من جهته، شدّد مؤسِّس «مجموعة الصور العربية للسينما» عبد الإله الأحمري، على مواصلة دعم المهرجان بتقديم الأدوات الضرورية ليصبح تجربة خاصة لهواة السينما في المملكة.


حديث عن المكون اليهودي في تاريخ المغرب... واحتفاء بكيليطو في خامس أيام معرض الرباط

الكاتب الهايتي ماكنزي أورسيل الفائز بـجائزة «غونكور- اختيار المغرب» في دورتها الأولى (حساب سفارة فرنسا لدى المغرب في «فيسبوك»)
الكاتب الهايتي ماكنزي أورسيل الفائز بـجائزة «غونكور- اختيار المغرب» في دورتها الأولى (حساب سفارة فرنسا لدى المغرب في «فيسبوك»)
TT

حديث عن المكون اليهودي في تاريخ المغرب... واحتفاء بكيليطو في خامس أيام معرض الرباط

الكاتب الهايتي ماكنزي أورسيل الفائز بـجائزة «غونكور- اختيار المغرب» في دورتها الأولى (حساب سفارة فرنسا لدى المغرب في «فيسبوك»)
الكاتب الهايتي ماكنزي أورسيل الفائز بـجائزة «غونكور- اختيار المغرب» في دورتها الأولى (حساب سفارة فرنسا لدى المغرب في «فيسبوك»)

في خامس أيام المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته الـ28 (الاثنين) شكل دور المكون اليهودي في تاريخ المغرب محور ندوة تناولت الموضوع من زوايا متعددة، منها ما يتعلق بتاريخ الوجود اليهودي بالمغرب، والتطور التاريخي للإطار القانوني لتنظيم الطائفة اليهودية، والمكون العبري في تاريخ المغرب الثقافي، فضلاً عن واقع حال تدريس اللغة العبرية بالجامعة المغربية.

وأشار محمد براص، أستاذ التاريخ المعاصر المختص في تاريخ اليهود المغاربة، إلى أن يهود شمال أفريقيا هاجروا بشكل سلس نحو المدن الأندلسية المختلفة، والتي أصبحت مدن علم وثقافة وشعر، مضيفاً أن الوضع السياسي والفكري بالأندلس انعكس على الوضع العلمي والثقافي بالمغرب الأقصى.

وأضاف براص أنه على مر التاريخ، تبلور، إلى جانب المسلمين، بعد ثقافي عبري متعدد المشارب لم ينسجم داخلياً بشكل سلس، بل تطلب الأمر تحولات عديدة في الزمن التاريخي، أعطت بعداً متقدماً للمكون الثقافي اليهودي المغربي بعد الفترة الاستعمارية.

وشدد براص على أن الحديث عن المكون الثقافي المغربي اليهودي يقتضي منهجياً الإقرار بوجود التمايز ما بين المنتوج الثقافي اليهودي والمنتوج الثقافي الإسلامي، ومن ثمة الإقرار بتأثير العامل الديني في تكوين البعد الثقافي، كما أكد أن المكون الثقافي المغربي اليهودي عرف انتشاراً واسعاً على المستوى العالمي.

وأبرز براص أن انتشار المغاربة اليهود في العالم وفي فترات مختلفة كان له دور كبير على مستوى امتداد الثقافة المغربية اليهودية عبر دول العالم، والاضطلاع بأدوار بارزة في الفلسفة وعلم الاجتماع والتاريخ والاقتصاد.

من جهته، قال أمين الكوهن، الباحث في تاريخ علاقات اليهود بالمسلمين في المغرب، إن التطرق لمختلف المواضيع المرتبطة بالمكون اليهودي بالمغرب يعد أمراً مهماً بالنظر إلى التأثير الذي ما زال قائماً لهذا المكون.

وفي موضوع آخر يتعلق بـ«التراث الشفهي وسبل الحفاظ عليه»، استعرض متحدثون من مشارب متعددة التجارب المغربية والكيبيكية والفرنسية في ما يتعلق بالاهتمام بالتراث الشفهي وسبل الحفاظ عليه، بالإضافة إلى التغييرات الكبيرة المرتبطة بعلاقة الشباب بهذا التراث.

وأكد المتدخلون أن الكتابة تساهم بشكل كبير في الحفاظ على التراث الشفهي، وتعتبر همزة وصل لجعل «الأصوات غير المسموعة مسموعة». وأبرزوا أن المجال الشفهي هو «تجمع الأفراد معاً في عالم صار فردياً بشكل متزايد»، مشددين على دور الكتاب في نقل التراث وانتشاره. ودعوا، في هذا الصدد، إلى ضرورة إعادة اكتشاف التراث الشفهي، والتكيف مع العالم الرقمي لسد الفجوة التي لا تزال قائمة في الحفاظ عليه. كما شددوا على أهمية تجنب أي «فجوة بين الأجيال» في ما يتعلق بالمجال الشفهي، مع تعلم «لغتين أو ثلاث لغات أجنبية»، لتسهيل الحوار مع الآخر.

على صعيد آخر، شكل الاحتفاء بالمسار الإبداعي للكاتب المغربي عبد الفتاح كيليطو، مناسبة لتسليط الضوء على أبرز أعمال هذا الكاتب الذي فاز أخيراً بجائزة الملك فيصل في اللغة العربية والأدب عن عمله «السرد العربي القديم والنظريات الحديثة»، خاصة إصداره الجديد «التخلي عن الأدب».

من جهتها، أعلنت لجنة تحكيم «جائزة غونكور- اختيار المغرب»، في نسختها الأولى، عن فوز الكاتب الهايتي ماكنزي أورسيل، بهذه الجائزة عن كتابه «مجموع إنساني»، وذلك على هامش فعاليات المعرض المغربي.

ويعد هذا الكتاب، الصادر عن دار النشر «ريفاج»، سنة 2022، الجزء الثاني من عمل ثلاثي بدأ في هايتي وسيختتم في أميركا، ضمن الجزء الثالث. وهو ينطق بصوت شابة فرنسية، تروي حكايتها مع طفولة مسروقة ومراهقة ممزقة وحياة ومصير محطمين.

وفي كلمة له بهذه المناسبة، أعرب أورسيل عن سعادته الكبيرة بالظفر بهذه الجائزة، معبراً عن شكره لأعضاء لجنة التحكيم من الطلبة على قراءة عمله والتعرف على مختلف الأصوات التي ينقلها، وكذا لأكاديمية «غونكور» على انفتاحها على العالم.

وتابع في كلمته التي وجهها عبر تقنية التناظر المرئي، أن هذا الكتاب، الذي قال إنه استغرق منه ثلاث سنوات لكتابته، «يجمع الكثير من القصص»، موضحاً أن «أي نص يحتاج إلى أصوات عميقة ومتعددة ومعقدة، بالإضافة إلى شاعرية حقيقية».


هاري الساخط على الصحافة أمام المحكمة: وجّهتني للعب أدوار ترفع المبيعات

رسم للأمير هاري وهو يدلي بشهادته في المحكمة (رويترز)
رسم للأمير هاري وهو يدلي بشهادته في المحكمة (رويترز)
TT

هاري الساخط على الصحافة أمام المحكمة: وجّهتني للعب أدوار ترفع المبيعات

رسم للأمير هاري وهو يدلي بشهادته في المحكمة (رويترز)
رسم للأمير هاري وهو يدلي بشهادته في المحكمة (رويترز)

استنكر الأمير هاري تدخّل الصحافة في حياته، مؤكّداً أنّ «كل مقالة» تناولته سبّبت له المعاناة، وذلك في إفادة أدلى بها أمام المحكمة العليا في لندن في إطار دعوى تطال صحيفة «ديلي ميرور» التي يتّهمها بقرصنة رسائل هاتفية خاصة به.

ولم يخفِ دوق ساسكس (38 عاماً) معاناته من تدخّل الصحافة في معظم مراحل حياته، وهو اعتراف أدلى به الثلاثاء أمام المحكمة، وفق ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.

ويشكل مثول الابن الأصغر للملك تشارلز الثالث أول ظهور لأحد أفراد العائلة الملكية في محكمة منذ إدلاء إدوارد السابع بشهادته عام 1890 ضمن قضية تشهير.

وانتقد هاري العلاقة بين الصحافة والحكومة البريطانية، قائلاً: «يُنظَر إلى بلدنا في العالم من خلال وضع صحافته وحكومته، وأعتقد أنّ كلاهما في الحضيض»، مضيفاً أنّ «الديمقراطية تفشل عندما لا تتولّى الصحافة محاسبة الحكومة، بل تختار التحالف معها لضمان الوضع القائم».

ووصل هاري في سيارة سوداء، الثلاثاء، للإدلاء بشهادته في محاكمة ضد الدار الناشرة لصحيفة «ديلي ميرور»، ثم توجّه إلى قاعة المحكمة من دون التحدّث إلى الصحافيين المحتشدين للقائه.

واعتاد هاري المقيم في كاليفورنيا مع زوجته ميغان ماركل، بعدما ابتعد عن العائلة الملكية إثر خلافاته معها، مهاجمة وسائل الإعلام الشعبية البريطانية وملاحقتها قضائياً.

الأمير هاري لحظة وصوله إلى المحكمة في وسط لندن (إ.ب.أ)

ومن شأن حضوره إلى المحكمة إعطاء أهمية إعلامية كبيرة لمعركته مع الصحافة الشعبية التي يحمّلها مسؤولية مقتل والدته الأميرة ديانا إثر حادث سير عام 1997 في باريس، عندما كان صيادو صوَر يلاحقونها، بالإضافة إلى استنكاره طريقة تعاطيها مع زوجته.

ومع أنه استُدعي الاثنين إلى المحكمة، إلا أنّه لم يتمكّن من الوصول لانشغاله بعيد ميلاد ابنته ليليبت الأحد، ما دفعه لتأخير رحلته إلى لندن من لوس أنجليس، فاستاء القاضي تيموثي فانكورت، وقال: «فوجئت قليلاً».

وفيما أكّد وكيل الدفاع عن الأمير، ديفيد شيربورن، أنّ هاري «استُهدف من خلال جمع معلومات عنه بطريقة غير قانونية حتى عندما كان صغيراً»، ألمح إلى أنّ هاتفه تعرّض للاختراق «مرات عدة».

وكانت المحاكمة انطلقت الشهر الفائت، لاتّهام هاري الدار الناشرة لصحيفة «ديلي ميرور» باستخدام وسائل غير قانونية لجمع معلومات عنه، بينها التنصّت على رسائل هاتفية خاصة بين عامي 1995 و2001، فيما اعترفت مجموعة «ميرور غروب نيوزبيبر» الناشرة لـ«ديلي ميرور» و«بيبول»، بوجود «بعض الأدلة» على جمع معلومات بشكل غير قانوني، مقدّمة اعتذارها «من دون تحفظ»، وواعدة بعدم تكرار ما حصل.

وفي المقابل، نفى وكيل الدفاع عنها أندرو غرين، الاتهامات بالتنصت على رسائل صوتية، مركّزاً على توقيت حصول هذه الوقائع التي سُجلت في مرحلة كان يتولى فيها أشخاص آخرون إدارة المجموعة؛ علماً بأنّ المحكمة وافقت على النظر بـ33 مقالاً من 147 ذُكرت في شكوى هاري، الذي يؤكد محاميه أنّ المجموعة الصحافية استعانت بخدمات «30 تحرياً خاصاً على الأقل».

الأمير هاري يهم بدخول قاعة المحكمة في وسط لندن (أ.ف.ب)

* تفاصيل المحاكمة... «فاشل وغشاش»

بالدخول في تفاصيل المحاكمة، قدّم هاري إفادة مكتوبة من 49 صفحة توضح العديد من حججه. فوصف كيفية رسم وسائل الإعلام الشعبية شخصيته العامة بالقول: «تبدأ لوحةً بيضاء بينما يعملون على تحديد نوع الشخص الذي أنت عليه ونوع المشكلات والإغراءات التي قد تكون لديك. ثم يبدأون في توجيهك نحو لعب الدور أو الأدوار التي تناسبهم بشكل أفضل والتي تبيع أكبر عدد ممكن من الصحف. أنت إما (الأمير المستهتر) أو (الفاشل)... وفي حالتي (الغبي)، (الغشاش)، (الشارب القاصر)، (متعاطي المخدرات غير المسؤول) والقائمة تطول».

وإذ أشار إلى أنّ هذه الصحف «تحاول باستمرار إقناعي بأنني شاب (متضرر)، للقيام بشيء غبي من شأنه أن يصنع قصة جيدة ويبيع الكثير من الصحف. إذا نظرنا إلى الوراء الآن، فإن هذا السلوك من جانبهم هو وضيع تماماً»، تابع: «لطالما شعرتُ كما لو أنّ الصحف الشعبية تريدني أن أكون أعزبَ، لأنني كنت أكثر إثارة للاهتمام بالنسبة لهم وبعتُ أكثر».

ردّ دفاع صحيفة «ميرور»، بالقول إنّ بعض القصص كتبتها صحف «ميرور» متابعةً لقصص في منشورات منافسة، ليعقّب هاري بالتأكيد أنّ الصحافيين كانوا «يائسين للحصول على أي شيء ملكي» و«أي عنصر من حياتنا الخاصة هو أمر مثير لاهتمام للجمهور»، مضيفاً: «مجرد وجود قصة ظهرت سابقاً لا يعني أنه لم تكن هناك محاولات للتوسّع فيها».

هاري وميغان وأضواء الصحافة (أ.ب)

* «مطاردة» نيويورك والجرح المفتوح

في مؤشر إلى حدّة التوتر بين هاري والصحافة، كان أفاد ناطق باسم هاري وميغان، بأنّ الزوجين تعرّضا الشهر الفائت لـ«مطاردة» في نيويورك من جانب «صيادي صوَر مشاهير عدوانيين جداً»، في حادثة أيقظت الجرح المفتوح وأعادت إلى الذاكرة وفاة والدته ديانا.

وكان سبق مثول هاري أمام المحكمة، ظهوره للمرة الأخيرة في بريطانيا خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث الذي يزور راهناً رومانيا، ما يعني أنّه من غير المرجح عقد مصالحة مع الأمير.

وفي مارس (آذار) الفائت، سجّل هاري ظهوراً مفاجئاً في المحكمة العليا في لندن، حيث عُقدت جلسة في الدعاوى ضد «أسوشيتد نيوزبيبر» («إيه إن إل»)، الدار الناشرة لصحيفة «ديلي مايل»، التي تواجه الاتهامات عينها من مشاهير بينهم إلتون جون. وقبل أسبوعين، خسر الأمير دعوى قضائية رفعها لتلقّي حماية من عناصر الشرطة على نفقته عندما يزور بريطانيا.


«جلسة سمع» تجربة فريدة من نوعها في عالم الموسيقى العربية

استوديو مؤسسة «أمار» حيث تدور «جلسة سمع» في 10 الحالي (مؤسسة أمار)
استوديو مؤسسة «أمار» حيث تدور «جلسة سمع» في 10 الحالي (مؤسسة أمار)
TT

«جلسة سمع» تجربة فريدة من نوعها في عالم الموسيقى العربية

استوديو مؤسسة «أمار» حيث تدور «جلسة سمع» في 10 الحالي (مؤسسة أمار)
استوديو مؤسسة «أمار» حيث تدور «جلسة سمع» في 10 الحالي (مؤسسة أمار)

يقال أن أقدم مرجع ذكر الموسيقى العربية يعود إلى نقش من القرن السابع قبل الميلاد، ويخص الملك آشوربانيبال. وبحسب النقش، فهو يشير إلى أن الأسرى العرب كانوا يقضون وقتهم بالغناء والموسيقى. فالملك الآشوري آشوربانيبال وصحبته استمتعوا بغناء وموسيقى يؤديها هؤلاء الأسرى، فأعجب بها جمهور عريض وراح يطالب بالمزيد.

هذه القصة نقطة من بحر عالم بدايات الموسيقى العربية التي غاص فيها كمال قصار. شغفه بتاريخ الموسيقى دفعه إلى تأسيس مؤسسة «أمار» (AMAR)، فأطلقها في عام 2009 وهدفها الإسهام في حفظ التقاليد الموسيقية الحية والقديمة في العالم العربي. وبعد أن قام برحلة تجميع طويلة لتسجيلات صوتية خاصة، استطاع أن يؤلف أرشيفاً موسيقياً غنياً. وتتألف مجموعته من أسطوانات حجرية وشرائط (ريلز) وتسجيلات على وسائط متعددة، وتحكي بغالبيتها عن فترة عصر النهضة، أي منذ بدايات تقنية التسجيل في عام 1903. وتشمل كل تلك المرحلة لغاية الثلاثينات من القرن العشرين. وفي الاستوديو الذي بناه خصيصاً في بلدة القرنة الحمرا المتنية، يمكن لزائر المؤسسة أن يطلع على هذا الأرشيف.

وفي مناسبة يوم الأرشيف العالمي الذي يصادف 9 يونيو (حزيران) الحالي تنظم مؤسسة «أمار» للتوثيق والبحث في الموسيقى العربية «جلسة سمع». وهي تجري على مرحلتين: فتبدأ من صباح السبت 10 يونيو لغاية الظهر، ولتكمل مجرياتها في فترة بعد الظهر من اليوم نفسه.

ويوضح دكتور ريمون أفرام، أحد أعضاء هيئة مؤسسة «أمار»، في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأنه تم اتباع مرحلتين من هذه الجلسة كي يستطيع أكبر عدد من الناس تلبية هذه الدعوة المجانية. فيختارون الوقت الذي يناسبهم كي يتعرفوا من كثب إلى إث موسيقي عريق. ويؤكد أفرام بأن هذا التراث الذي يضعه بين أيادي وآذان مَن يهوون الموسيقى العربية يتضمن 9000 تسجيل ويشكل 70 في المائة من مجمل هذا النتاج الأصيل.

ومن أنواع الموسيقى المتوفرة في هذه الجلسة تلك التي تعود إلى بلاد الشام في لبنان وسوريا وفلسطين، إضافة إلى غيرها من مصر. ويروي لـ«الشرق الأوسط»: «كانت شركات إنتاج الموسيقى في الماضي كـ(غرامافون) و(أوديون) و(باتيه) وغيرها يرفقون مع إنتاجاتهم الموسيقية على ديسك من الإسفلت كتيبات صغيرة. فكانت بمثابة دليل للموسيقى المسموعة. تطورت فيما بعد هذه التقنيات لتنتقل على الـ«سي دي»، ومن بعدها صرنا ننقلها على «يو إس بي». وحالياً نضعها بمتناول الناس في الاستوديو خاصتنا في مقر المؤسسة في القرنة الحمرا في منطقة المتن». ويتابع أفرام: «حاولنا جمع أكبر عدد من مقطوعات موسيقية وغنائية قديمة. وبينها ما هو محبب للسمع والعكس كوننا اعتدنا على نمط موسيقي غنائي متطور منذ أيام الراحلين محمد عبد الوهاب وأم كلثوم. فشكلا شجرتين ضخمتين غطتا على ما قبلهما. ولكننا جئنا نكشف عما قبل هذه الفترة والتي هي بمثابة غابة كثيفة من الموسيقى. وتكمن أهميتها بحفظ تراثها من ناحية والاستمرارية للتواصل بين الثقافات من ناحية ثانية».

في «جلسة سمع» ستحضر مقطوعات لعبد العزيز عناني من مصر وعبد الحي حلمي من البلد نفسه. وكان هذا الأخير من أوائل مشاهير المطربين الذين أقاموا حفلات عامة يحضرها الناس. ويمكن لهواة هذا النوع من الموسيقى التعرف إلى محيي الدين بعيون من لبنان. فهو اشتهر بغناء الموشحات والمواويل وإلقاء القصائد الشعرية. وكان عازفاً بارعاً على آلتي العود والبزق، واشتهر بالغناء البلدي من اللون الإبراهيمي والشرقاوي والمصري والبغدادي. وكذلك ستتاح لهواة هذا الفن سماع موسيقى السوري سامي الشوا أحد أبرز عازفي الكمان في أوئل القرن العشرين.

سامي الشوا من الفنانين الحاضر أرشيفهم في «جلسة سمع» (مؤسسة أمار)

وكانت المؤسسة «أمار» قد دعيت إلى متاحف عالمية لعرض أرشيفها، ومن بينها «هومبولت» في ألمانيا و«ميسيم» في فرنسا.

وتخصص مؤسسة «أمار» على صفحتها الإلكترونية أكثر من 220 بودكاست يتم خلالها التعريف عن مراحل مختلفة من الموسيقى العربية القديمة. وتحمل عناوين عدة، بينها «زكريا أحمد» و«الأغنية الشعبية في لبنان» و«العوالم» و«دروب النغم» وغيرها. وأطلقت على هذه المجموعة من التسجيلات اسم «روضة البلابل».

ويتابع دكتور أفرام لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أيضاً أغانٍ نعرفها اليوم بنسخة جديدة كـ(يا ظريف الطول) و(يا نور حبك) وغيرها. فهي تنتمي إلى الموسيقى العربية القديمة والتي جرى تطويرها مع الوقت. ولعب الرحابنة دوراً كبيراً في هذا الإطار إذ استعانوا بهذه الأغنيات كلفتة منهم إلى تراث موسيقي عربي قديم. فجددوها كما فعلوا تماماً بأغنية (يا مسوسح القبطان والبحرية)، فكانوا يعدلون بهذه الموسيقى القديمة ويضفون عليها نكهتهم الرحبانية الخاصة».

وكذلك جرى تطوير بعض النصوص لأبي نواس مثلاً، فجرى غناؤها بأسلوب مختلف تماماً كما في أغنية فيروز «حامل الهوى تعِب»، فتمت تأديتها بأسلوب كل فنان على طريقته.

تجري «جلسة سمع» على مرحلتين

بعض التسجيلات المتاح سماعها في «جلسة سمع» تلفت سامعها بعدد الآلات الموسيقية القليلة المستخدمة فيها. وبعضها الآخر لا يتمتع بجودة تسجيل عالية فتأخذ سامعها مباشرة إلى زمن الفونوغراف. ويضيف دكتور أفرام: «لم تكن آلات الموسيقى رائجة في ذلك العصر وكانت تقتصر على (الربابة) ونقر خفيف على آلة العود وجرعات نادرة من عزف الكمان».

وبرأي طبيب الأسنان ريمون أفرام الشغوف بعالم الموسيقى، أن هذا الأرشيف الذي يحتفظ به، يشكل الحلقة الوازنة والأهم في بزوغ الأغنية العربية. ويختم «علينا أن نحافظ على هذا الإرث قبل أن يندثر ويصبح مجرد ذكرى من الماضي».


في جنوب أفريقيا... اكتشاف أقدم مقابر من حقبة ما قبل التاريخ

أقدم المقابر المكتشفة سابقاً ولا سيما في الشرق الأوسط وكينيا تعود إلى نحو 100 ألف عام قبل عصرنا (أ.ب)
أقدم المقابر المكتشفة سابقاً ولا سيما في الشرق الأوسط وكينيا تعود إلى نحو 100 ألف عام قبل عصرنا (أ.ب)
TT

في جنوب أفريقيا... اكتشاف أقدم مقابر من حقبة ما قبل التاريخ

أقدم المقابر المكتشفة سابقاً ولا سيما في الشرق الأوسط وكينيا تعود إلى نحو 100 ألف عام قبل عصرنا (أ.ب)
أقدم المقابر المكتشفة سابقاً ولا سيما في الشرق الأوسط وكينيا تعود إلى نحو 100 ألف عام قبل عصرنا (أ.ب)

في تطور قد يزعزع الموروثات العلمية بشأن تطور البشر، أعلن عالم الإحاثة الشهير عالمياً لي بيرغر عن اكتشاف باحثين في جنوب أفريقيا لأقدم المدافن من حقبة ما قبل التاريخ، ما يزيد عمر الآثار الأولى للممارسات الجنائزية مائة ألف عام على الأقل، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقد عُثر على متحجرات لأسلاف البشر هؤلاء داخل مدافن أثناء عمليات حفر أثرية بدأت عام 2018، وهي في حالة تقوقع داخل تجاويف مدفونة في نهاية شبكة مؤلفة من صالات عرض ضيقة.

ولاحظ المستكشفون أن المقابر سُدت بتراب كان قد سُحب في البداية لتشكيل الثقوب، ما يدل على أن جثث هؤلاء البشر دُفنت طواعية.

عالم الإحاثة الشهير لي بيرغر أعلن عن اكتشاف أقدم المدافن من حقبة ما قبل التاريخ (أ.ب)

وأكد الباحثون في سلسلة مقالات لا يزال يتعين مراجعتها من نظراء لهم قبل نشرها في مجلة «إي لايف» العلمية، أن «هذه أقدم مدافن بشرية مسجلة، تسبق دفن الإنسان العاقل بما لا يقل عن مائة ألف عام».

وجرت الحفريات في موقع أثري يُعرف بـ«مهد البشرية»، وهو مدرج على قائمة التراث التي تعدها منظمة «اليونيسكو» ويقع في شمال غربي جوهانسبرغ.

ويرجع تاريخ أقدم المقابر المكتشفة سابقاً، ولا سيما في الشرق الأوسط وكينيا، إلى نحو 100 ألف عام قبل عصرنا، وتحتوي على بقايا للإنسان العاقل.

وتعود مدافن جنوب أفريقيا إلى فترة تتراوح بين مئتي ألف عام إلى ثلاثمائة ألف عام. وتحتوي على عظام لإنسان من نوع «هومو ناليدي» (نجم في اللغة المحلية)، وهو إنسان قصير يقرب طوله من 1.5 متر وله دماغ بحجم برتقالة.

مدافن جنوب أفريقيا تعود إلى فترة تتراوح بين مئتي ألف عام إلى ثلاثمائة ألف عام (أ.ب)

هذا النوع، الذي كان اكتشافه في عام 2013 من جانب عالم الأنثروبولوجيا القديمة الأميركي لي بيرغر موضع تساؤل حول القراءات الخطية لتطور البشرية، لا يزال يشكّل لغزاً للعلماء.

ومن خلال جمعه بين ميزات المخلوقات التي يبلغ عمرها ملايين السنين، مثل الأسنان البدائية وأرجل قادرة على التسلق، يتمتع إنسان «هومو ناليدي» أيضاً بقدمين مشابهتين للقدمين لدى البشر الحاليين، ويدين قادرتين على استخدام الأدوات.

دماغ صغير

ويقول العلماء إنّ «هذه النتائج تُظهر أن الممارسات الجنائزية لم تقتصر على الإنسان العاقل أو غيره من البشر ذوي الأدمغة الكبيرة».

هذه النظرية، التي تتعارض مع الفكرة المقبولة عموماً بأن الوعي بالموت والممارسات ذات الصلة هي من السمات الخاصة بالبشر، جرى التلميح إليها سابقاً من لي بيرغر عندما قدم «هومو ناليدي» إلى العالم في عام 2015.

وأثارت الفرضية حينها غضباً، وسط تساؤلات من متخصصين كثيرين بشأن الدقة العلمية المعتمدة من الجهة التي نشرت هذه النتائج، المدعومة من شبكة «ناشونال جيوغرافيك».

ويقول لي بيرغر في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: «كان الأمر يتخطى قدرة تقبّل العلماء في ذلك الوقت». ويوضح أن هؤلاء ما زالوا «مقتنعين بأن كل هذا مرتبط بدماغنا الكبير، وأن الأمر حدث في فترة قريبة جداً، قبل أقل من مائة ألف عام».

ويضيف الباحث البالغ 57 عاماً: «نحن على وشك أن نقول للعالم إنّ هذا ليس صحيحاً».

وقد عُثر على رموز هندسية تم تتبّعها بعناية باستخدام أداة قطع مدببة، على جدران المقابر. وبحسب بيرغر، تُركت مربعات ومثلثات وصلبان عمداً على أسطح ناعمة، ربما لجعلها أكثر قابلية للقراءة.

ويضيف لي بيرغر: «هذا يعني أن البشر ليسوا وحدهم الذين طوروا ممارسات رمزية، لكنّهم ربما لم يخترعوا مثل هذه السلوكيات».

الحفريات جرت في موقع أثري يُعرف بـ«مهد البشرية» وهو مدرج على قائمة التراث التي تعدها منظمة اليونيسكو (أ.ف.ب)

وتبدي عالمة الأنثروبولوجيا بجامعة ميسوري كارول وارد، اعتقادها بأن «هذه النتائج، إذا ما تأكدت صحتها، ستكون لها أهمية كبيرة محتملة».

وتقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «أتطلع إلى معرفة كيف أن التخلص من الرفات يدفع إلى استبعاد تفسيرات محتملة غير الدفن المتعمد، ورؤية النتائج بمجرد مراجعتها من قبل أقران» الباحثين في هذه الدراسة.

ولا تزال هناك حاجة لإجراء مزيد من التحليلات. لكن فريق بيرغر أعلن بالفعل أنه سيتعين «إعادة التفكير في سلسلة كاملة من الفرضيات حول البشر والتطور البشري».

ولوقت طويل، ربط الباحثون القدرة على التحكم بالنار أو النقش أو الرسم بالقوة العقلية لدى الإنسان الحديث، كما الحال لدى إنسان كرومانيون.

ويقول عالم الأناسة في جامعة برينستون، أغوستين فوينتيس، المشارك في إعداد الدراسة، إن «الدفن، وإدراك المعاني، وحتى الفن، يمكن أن يكون له أصل غير بشري أكثر تعقيداً بكثير مما كنا نظن».