باتت منطقة «الدرعية» أحد أهم المراكز الرئيسية في المنطقة لاستضافة الفعاليات الرياضية والثقافية الكبرى، نظير رمزيتها الخالدة على صعيد الثقافة محلياً وإقليمياً، وما تمتلكه من تاريخ مشهود ذي إرث حضاري لا يزال مؤثراً منذ كانت أول عاصمة للدولة السعودية، في أحضان وادي حنيفة الخصب شمال غربي العاصمة السعودية الرياض، وصولاً إلى كونها أكبر مشروع تراثي بالعالم حالياً.
وانطلقت الدرعية في استضافة عدد من المناسبات والفعاليات الثقافية والرياضية، ليس أولها سباقات فورمولا إي، وكذلك نزال الدرعية التاريخي على لقب الوزن الثقيل في الملاكمة، وكأس الدرعية للتنس الذي كان أول بطولة تنس دولية استضافتها السعودية في ميدان الدرعية، ومهرجان الدرعية للفروسية، والعديد من المناسبات الدولية والإقليمية.
إيمان عالي المستوى بتاريخ ومستقبل الدرعية
وشكلت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، للدرعية كرمز ثقافي وتاريخي سعودي، وتدشينه في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2019 مشروع «بوابة الدرعية» الهادف إلى ترميم المنطقة التاريخية كمشروع تراثي ثقافي، وإعادتها إلى ماضيها العريق في القرن الثامن عشر، ولتصبح وجهة سياحية محلية وعالمية نظراً لما تضمه من جغرافيا وتاريخ عتيق، وكذلك الحضور المستمر لولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، إلى سباقات الفورمولا في الدرعية، وآخرها أمس السبت، وتكرار زياراته إلى أحياء الدرعية ومواقعها التاريخية برفقة ضيوف الدولة الرسميين، تأكيداً على أهمية هذه المنطقة التاريخية في العمق السعودي والإقليمي وما تتمتع به من اهتمام رفيع المستوى في إطار مسيرة البلاد التنموية القائمة تحت «رؤية 2030».
كبار الضيوف يستكشفون الدرعية
وسجلت الدرعية حضوراً مختلفاً في السعودية خلال الفترات الماضية، كان أحد تشكلاته، الجولات الاستكشافية لكبار ضيوف الدولة برفقة ولي العهد السعودي، على هامش زياراتهم الرسمية إلى الرياض، ومنهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ورئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، وغيرهم.
بعد جديد لسباقات الفورمولا
وفي حديث صحافي سابق أشاد مارتن ويتاكر، الرئيس التنفيذي لسباق الجائزة الكبرى لفورمولا 1 في السعودية باستضافة السعودية لسباقات الفورمولا ومن ضمنها في حلبة الدرعية: «إنه أمر خاص للغاية أن تكون فورمولا 1 هنا، فالسعودية لاعب عالمي وبالنسبة لبطولة الفورمولا 1 العالمية، فهي مكان خاص للغاية بالنسبة لهم للسباق، إنها تضيف بعداً جديداً لهم»، ويضيف ويتاكر «أي مكان جديد هو مكان خاص، ولكن السعودية مختلفة تماماً لأنها مثل لاعب ضخم على المسرح العالمي ولكي تجري سباقات فورمولا 1 هنا، فهي مناسبة تماماً».
حلبة الدرعية
وتقع «حلبة الدرعية» التي تحتضن سباقات الفورمولا، وتمتد لقرابة 2.5 كم على مشارف العاصمة السعودية الرياض، ضمن المناطق التاريخية المحيطة والمدرجة في قائمة التراث العالمي التابع لليونيسكو، وتتضمن 21 منعطفاً، ووفقاً للقائمين على السباقات، فإن حلبة الدرعية تعد المفضلة للسائقين.
عاصمة للثقافة العربية
وجاء اختيار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو»، لمنطقة «الدرعية» عاصمةً للثقافة العربية للعام 2030 تتويجاً للإرث التاريخي والعمل الجاري فيها لتحويلها إلى منطقة عصرية.
وأشار وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، إلى أن اختيار «الدرعية» عاصمةً للثقافة العربية للعام 2030، يعد «تتويجاً لمسيرة عاصمة الدولة السعودية الأولى، وما أنتجته طيلة قرون من ثراء تاريخي وحضاري جعلها أبرز المواقع التاريخية التي تزخر بالحراك الكبير ذي الأثر الثقافي الذي يستمر إلى الأبد، خاصةً أن هذا الاختيار يأتي بعد تتويج العاصمة الرياض في العام 2000 عاصمةً للثقافة العربية، وفي هذا تعزيز لمكانة مدينتين لهما قيمة رفيعة ثقافياً ومعرفياً، مشيراً إلى أن ارتباط تتويج الدرعية بالعام 2030 تحديداً، يحمل في طياته دلالات كبيرة كونه نفس العام الذي ترتبط به المستهدفات التنموية الوطنية الشاملة لرؤية 2030».
ورشة عمل كبرى
وتعيش «الدرعية» اليوم ورشة عمل كبرى مع انضمامها في التاسع من الشهر الجاري، إلى قائمة المشاريع الكبرى في صندوق الاستثمارات العامة السعودي برفقة المشاريع الكبرى الأخرى الجاري العمل عليها في البلاد مثل «نيوم، والبحر الأحمر، والقدية، وروشن، وأخيراً الدرعية» ليصبح واحداً من المشاريع الفريدة من نوعها على مستوى العالم، بما يزخر به من مقومات ومعالم ثقافية وتراثية وسياحية.
بعد خمسة أعوام من تأسيس «هيئة تطوير بوابة الدرعية» أعلن ولي العهد عن انضمام المشروع إلى مشاريع الصندوق الكبرى
ويكتسب مشروع الدرعية أهمية لكونه يحتضن العديد من معالم السعودية الثقافية والتراثية، كحي طريف التاريخي الذي يعد أحد المواقع المدرجة على قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي، إضافةً إلى العديد من المقومات التراثية التي ستجعل من المشروع وجهة جاذبة وفريدة، لتقدم لزوارها تجارب مميزة تتيح لهم التعرف على تاريخ السعودية وثقافتها، وذلك من خلال استضافة الفعاليات الثقافية والتاريخية وزيارة المتاحف والمرافق المتنوعة.