كيف تعرف نقص المغنيسيوم الغذائي في جسمك؟

دراسة حديثة ربطت بينه وبين السكري من النوع الثاني

المغنيسيوم يمكن الحصول عليه من المكسرات والفواكه والبذور والخضراوات (شاترستوك)
المغنيسيوم يمكن الحصول عليه من المكسرات والفواكه والبذور والخضراوات (شاترستوك)
TT

كيف تعرف نقص المغنيسيوم الغذائي في جسمك؟

المغنيسيوم يمكن الحصول عليه من المكسرات والفواكه والبذور والخضراوات (شاترستوك)
المغنيسيوم يمكن الحصول عليه من المكسرات والفواكه والبذور والخضراوات (شاترستوك)

ربطت دراسة حديثة نشرتها «المجلة الأوروبية للطب الجزيئي والسريري»، بين نقص المغنيسيوم الغذائي، والإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وهو ما يدعم الحاجة إلى معرفة الكثير عن هذه المشكلة الغذائية.
المغنيسيوم واحد من أبرز المغذيات الدقيقة التي يحتاجها الجسم للبقاء بصحة جيدة، فهو ضروري لمساعدة أكثر من 300 إنزيم على تنفيذ العديد من العمليات الكيميائية في الجسم، بما في ذلك الإنزيمات التي تنتج البروتينات، وتدعم العظام القوية، وتتحكم في ضغط الدم، وتحافظ على صحة العضلات والأعصاب، كما أنه يعمل كموصل كهربائي يساعد في ضربات القلب وتقلص العضلات.
وتقول هيزل فلايت، من برنامج التغذية والصحة بجامعة «إيدج هيل» البريطانية، في مقال نشرته (الجمعة) بموقع «ذا كونفرسيشن»، إنه «بالنظر إلى مدى أهمية المغنيسيوم للجسم، فإذا لم تحصل على ما يكفي منه، فسيمكن أن يؤدي ذلك في النهاية إلى مجموعة من المشاكل الصحية».
ولم تتطرق فلايت في مقالها بالتفصيل إلى مشكلة مرض السكري من النوع الثاني، لكن باحثين من كلية «الدكتور شري فاسانتراو نايك الطبية الحكومية» بالهند أشاروا لعلاقة واضحة بين نقص المغنيسيوم، ومرض السكري من النوع الثاني.
وخلال دراستهم المنشورة في عدد يناير (كانون ثاني) الجاري من «المجلة الأوروبية للطب الجزيئي والسريري» وجد الباحثون أن «مستويات المغنيسيوم في الدم، كانت أقل لدى مرضى السكري من النوع الثاني، بالمقارنة مع المجموعة الضابطة من غير المرضى، وكانت مستوياته أكثر انخفاضاً في مرضى السكري من النوع الثاني غير المنضبط، مقارنة بمرضى السكري المنضبط».
وحول كيفية تشخيص نقص المغنيسيوم، تشرح فلايت في مقالها، أنه «لا يتم تشخيص معظم الأشخاص الذين يعانون من نقص المغنيسيوم، لأن مستويات المغنيسيوم في الدم لا تعكس بدقة مقداره المخزن بالفعل في خلايانا، ناهيك عن أن علامات انخفاض مستوياته تصبح واضحة فقط بحلول الوقت الذي تعاني فيه من نقص، وتشمل الأعراض الضعف العام وفقدان الشهية والتعب والغثيان والقيء، لكن الأعراض التي لدى الشخص وشدتها ستعتمد على مدى انخفاض مستوياته لدى هذا الشخص». وتضيف: «إذا تُرك نقص المغنيسيوم دون رادع، فإنه يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية وهشاشة العظام والصداع النصفي ومرض ألزهايمر»، ومؤخراً تم تأكيد العلاقة بينه وبين مرض السكري من النوع الثاني.
وبينما يمكن لأي شخص أن يصاب بنقص المغنيسيوم، فإن مجموعات بعينها أكثر عرضة للخطر من غيرها، بمن في ذلك الأطفال والمراهقون وكبار السن والنساء بعد انقطاع الطمث، كما توضح فلايت.
وتضيف: «قد تجعلك أيضاً حالات مثل الداء البطني ومتلازمة الأمعاء الالتهابية، أكثر عرضة لهذه المشكلة الغذائية؛ لأنها تجعل من الصعب على الجسم امتصاص العناصر الغذائية، وقي مقدمتها المغنيسيوم، كما أن الغالبية العظمى من الناس في البلدان المتقدمة معرضون لخطر نقصه بسبب الأمراض المزمنة، وبعض الأدوية الموصوفة (مثل مدرات البول والمضادات الحيوية، التي تستنفد مستويات المغنيسيوم)، وانخفاض محتوى المغنيسيوم في المحاصيل والوجبات الغذائية الغنية بالأغذية المصنعة».
وتقول فلايت: «كان هناك الكثير من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأشهر القليلة الماضية حول أهمية مكملات المغنيسيوم، وهذه فرصة لتأكيد أنها آمنة عندما تعطى في حدود الجرعة التي يحتاجها الشخص، حيث إن تناول الكثير منها يمكن أن يسبب بعض الآثار الجانبية، بما في ذلك الإسهال، وتدني الحالة المزاجية، وانخفاض ضغط الدم، ومن الضروري أيضاً ألا يتناولها المصابون بأمراض الكلى ما لم يتم وصفها لهم». وتوضح: «يمكن للمغنيسيوم أيضاً تغيير فاعلية العديد من الأدوية، بما في ذلك بعض المضادات الحيوية الشائعة ومدرات البول وأدوية القلب، جنباً إلى جنب مع مضادات الحموضة والملينات التي لا تستلزم وصفة طبية، لهذا السبب من المهم استشارة الطبيب قبل البدء في تناول مكملات المغنيسيوم».
ورغم أن مكملات المغنيسيوم قد تكون ضرورية في بعض الأحيان، فإنها لن تعالج الأسباب الجذرية للمشكلة، مثل بعض الحالات الصحية التي قد تسهم في انخفاض المستويات؛ لذلك تشدد فلايت على أنه من المهم التركيز على الحفاظ على نمط حياة صحي، يتضمن ممارسة الرياضة والنوم الجيد وتناول نظام غذائي متوازن.
من جانبه، يقول محمد عبد الحليم، أستاذ علوم الأغذية المساعد بجامعة بنها بمصر، إن «الكمية الموصى بها من المغنيسيوم التي يجب أن يستهلكها الشخص يومياً تتوقف على عمره وصحته»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «بشكل عام، يجب أن يحصل الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 19-51 على 400-420 مجم يومياً، بينما يجب أن تستهدف النساء من نفس الشريحة العمرية 310-320 مجم يومياً».
والمصادر الطبيعية للحصول على المغنيسيوم كما يوضحها عبد الحليم، تأتي في مقدمتها المكسرات، حيث تحتوي 28 جراماً من اللوز وحده على 20 في المائة من احتياجات المغنيسيوم اليومية للبالغين، كما يوجد أيضاً في الفواكه والبذور والحبوب الكاملة والفول والخضراوات ذات الأوراق الخضراء (مثل اللفت أو البروكلي) والحليب والزبادي.


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».