مستقبل غامض لمصير «بعثة السلام» الأممية في مالي

«الأمم المتحدة» تحدثت عن مخاطر تواجهها منها «نفوذ فاغنر»

أنطونيو غوتيريش في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك سبتمبر الماضي (رويترز)
أنطونيو غوتيريش في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك سبتمبر الماضي (رويترز)
TT

مستقبل غامض لمصير «بعثة السلام» الأممية في مالي

أنطونيو غوتيريش في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك سبتمبر الماضي (رويترز)
أنطونيو غوتيريش في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك سبتمبر الماضي (رويترز)

يكتنف الغموض مصير بعثة «الأمم المتحدة» لحفظ السلام في مالي، بعد إعلان المنظمة الدولية عن «مخاطر وعقبات» تواجهها، من بينها «تصاعد نفوذ قوات فاغنر الروسية».
وخلال جلسة له (الجمعة)، بحث «مجلس الأمن» للمرة الأولى تقرير الأمين العام أنطونيو غوتيريش الذي يؤكد أن استمرار المهمة في شكلها الحالي «غير ممكن» دون زيادة عدد الجنود، مشيراً إلى ضرورة سحب القوات إذا لم يتم توفير الشروط الأساسية لبقائها.
وخلال الجلسة عرض غوتيريش نتائج «مراجعة داخلية» لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما)، وصفت البعثة بأنها تشهد «واحدة من أصعب بيئات العمل لعمليات حفظ السلام».
وقال غوتيريش خلال عرضه النتائج التي خلصت إليها المراجعة إن «شراكة مالي الأمنية طويلة الأمد مع فرنسا وآخرين تدهورت بسبب مخاوف بشأن أفراد مجموعة (فاغنر) الذين يعملون لدعم القوات المسلحة المالية، وهو ما قال إن المسؤولين الروس اعترفوا به علناً».
وأعلن غوتيريش أن المراجعة خلصت إلى وجود «قيود جوية وبحرية تفرضها السلطات الأمنية المالية، تعوق عمل البعثة، وتعرض أفراد حفظ السلام لمخاطر أمنية في بيئة خطرة بالفعل قتل فيها 165 من قوات حفظ السلام، وأصيب 687 في أعمال عدائية منذ يوليو (تموز) 2013».
وقال الأمين العام إن «عمليات البعثة ستتعرض لضغوط إضافية؛ لأن أربع دول كانت تسهم بقوات تقوم بسحبها، ما يعني خسارة أكثر من 2250 جندياً».
وأضاف غوتيريش أن قدرة البعثة على تنفيذ مهامها «ستعتمد على التقدم في الانتقال السياسي، والتقدم في تنفيذ اتفاقية السلام وحرية التنقل لقوات حفظ السلام واستخباراتها، وما يتعلق بذلك من مهام المراقبة والاستطلاع». واقترح خيارات للقيام بذلك: زيادة القوة إما بـ3680 أو 2000 من الأفراد النظاميين، وإما إعادة تشكيل القوة والتركيز بشكل أساسي على دعم اتفاقية السلام، وإما إنهاء مهمة حفظ السلام وتحويلها إلى مهمة سياسية.
من جهته، رفض عبد الله ديوب، وزير خارجية مالي الخيارات التي طرحها الأمين العام، وقال إنها «لا تأخذ في الاعتبار التطلعات المشروعة للشعب المالي، التي هي قبل كل شيء ذات طابع أمني». مضيفاً أن بلاده «لن تستمر في تبرير شراكتها مع روسيا، التي توفر التدريب والمعدات للجيش».
وخلال الجلسة، قال نائب السفير الأميركي ريتشارد ميلز إن الولايات المتحدة ترحب باعتراف الأمم المتحدة في المراجعة الداخلية بوجود مجموعة (فاغنر) في مالي، واصفاً إياها بأنها «منظمة إجرامية ترتكب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع في مالي وأماكن أخرى».
وقالت ناتالي برودهيرست نائبة السفير الفرنسي في المجلس إن الأشهر القليلة المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لمستقبل (مينوسما)، وأشارت إلى أن مستقبل البعثة يعتمد على «التزامات واضحة» و«خطوات ملموسة» من المجلس العسكري الحاكم في مالي.
في المقابل، شدد السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا على أن موقف الدولة المضيفة يمثل أولوية رئيسية، وقال: «نعتقد أن المشاورات يجب أن تستمر»، مستنكراً ما سماه بـ«نهج الغرب الاستعماري الجديد». ورأى نيبينزيا أن «عجز الغرب عن تحقيق نتائج ملموسة في محاربة الإرهاب في مالي هو ما دفع باماكو إلى البحث عن شركاء جدد».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى الخبير في شؤون الساحل الأفريقي محمد ولد الداه، أن «انسحاب البعثة الأممية من مالي سيكون خطيراً على الحكومة المالية على كل المستويات الأمنية والسياسية، وربما لن تستطيع تحمل نتائجه».
وقال ولد الداه: «بعد انسحاب القوات الفرنسية، وعدم فاعلية قوات تاكوبا، وانسحاب مالي من قوات (G5) الانسحاب المحتمل لـ(مينوسما)، يعني أن المواجهة مع قوى الإرهاب ستصير بالغة الصعوبة».
وأضاف ولد الداه أن «وجود القوات الأممية له أيضاً رمزية سياسية؛ فهي تمثل حضوراً شرعياً دولياً في البلاد، وقد يعني غيابها إقراراً ضمنياً بعدم قابلية الوضع السياسي في مالي للتحسن والتوجه نحو الشرعية».
ورأى ولد الداه كذلك أن «مالي قد توافق على زيادة عدد قوات البعثة»، مشيراً إلى أن «الطلب مبرر ومنطقي بعد انسحاب قوات العديد من الدول من (مينوسما)، بالإضافة إلى الانسحاب الفرنسي».


مقالات ذات صلة

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

العالم هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

وسط محاولات لإنقاذ «اتفاق سلام هش» مع جماعات مسلحة انفصالية، وتصاعد الصراع على النفوذ بين تنظيمات «إرهابية» في مالي، دعا تنظيم «داعش» جميع الجماعات المسلحة المتنافسة معه في البلاد، إلى إلقاء أسلحتها والانضمام إلى صفوفه. وهي الرسالة التي يرى خبراء أنها موجهة إلى «الجماعات المسلحة المحلية التي وقعت اتفاقية السلام لعام 2015، إضافة إلى تنظيم (القاعدة) في مالي ومنطقة الساحل»، الأمر الذي «يزيد من هشاشة الأوضاع الأمنية في البلاد، ويدفع نحو مواجهات أوسع بين التنظيمات المتطرفة».

العالم العربي عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

بينما تبنى تنظيم تابع لـ«القاعدة» في مالي اغتيال مسؤول بارز في البلاد، كثَفت الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية لإنقاذ «اتفاق السلم»، الذي ترعاه منذ التوقيع عليه فوق أرضها عام 2015، من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ بالمنطقة يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التي تتبع لـ«القاعدة» في مالي، مقتل عمر تراوري، مدير ديوان الرئيس الانتقالي، العقيد عاصمي غويتا، وثلاثة جنود وأسر اثنين آخرين من الجيش المالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطمت مروحية عسكرية، السبت، في حي سكني بعاصمة مالي، باماكو، أثناء عودتها من عملية لمكافحة المتشددين، بحسب ما أفادت القوات المسلحة ومصادر. وسقط عشرات الضحايا بتفجير انتحاري ثلاثي في وسط البلاد. وجاء حادث المروحية إثر تعرض مهمة إمداد للجيش لهجوم في وقت سابق في شمال البلاد المضطرب. وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في بيان: «نحو الساعة الواحدة وعشر دقائق بعد الظهر، تحطمت مروحية هجومية تابعة للقوات المسلحة المالية في منطقة سكنية في باماكو أثناء عودتها من مهمة عملانية».

«الشرق الأوسط» (باماكو)
العالم جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

تبنَّت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة الإرهابي»، هجوماً قرب الحدود الموريتانية، أدى إلى مقتل عمر تراوري مدير ديوان رئيس المجلس العسكري الحاكم الانتقالي مع 3 من مرافقيه، إضافة إلى مسؤوليتها عن هجوم في كمين آخر نفذته (الأربعاء) الماضي أسفر عن مقتل 7 جنود ماليين. وأفادت الرئاسة المالية (الخميس) بأن عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا، هو أحد القتلى الأربعة الذين سقطوا في هجوم استهدفهم (الثلاثاء) بالقرب من بلدة نارا. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» أنها شنَّت هجوماً آخر (الأربعاء) أسفر عن مقتل 7 جنود في مكمن بين سوكولو وفرابوغو (وسط مالي)، فيما ق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

بعد اغتيال مسؤول بارز في مالي على يد تنظيم متشدد، تكثّف الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية في البلد الأفريقي لإنقاذ «اتفاق السلم» - الموقّع في 2015 - من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ في المنطقة قد يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة» في مالي، اغتيال عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا و3 جنود، إضافة إلى أسْر اثنين آخرين من الجيش. وذكرت الجماعة في بيان أنها نصبت «مكمناً للجيش بين نارا وغيري، الثلاثاء الماضي، وقتلت مدير الديوان و3 جنود وأسَرَت اثنين، واستحوذت على أسلحة، فيما أصيب عنصر من الجماعة»، وت

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».