فوتوغرافية روسية تعيد اكتشاف المباني المهجورة في مصر (صور)

رحلتها التوثيقية بدأت منذ 17 عاماً وأثمرت كتاباً مصوراً

الفنانة الروسية - (الجامعة الأميركية بالقاهرة)
الفنانة الروسية - (الجامعة الأميركية بالقاهرة)
TT

فوتوغرافية روسية تعيد اكتشاف المباني المهجورة في مصر (صور)

الفنانة الروسية - (الجامعة الأميركية بالقاهرة)
الفنانة الروسية - (الجامعة الأميركية بالقاهرة)

تأثرت المصورة الفوتوغرافية الروسية زينيا نيكولسكايا بالبنايات القديمة بمدينة سانت بطرسبرغ، التي تم تأسيسها عام 1703-، كميناء مهم وقاعدة بحرية، لدرجة أنه أُطلق عليها لقب «نافذة على أوروبا» من قبل مؤسسها بطرس الأكبر، ولا تزال كذلك. وتوصف بأنها «أكثر مدينة روسية يغلب عليها طابع البناء الأجنبي».
واجتذبت الطرز المعمارية المتنوعة والفريدة بمصر، نيكولسكايا التي لاحظت تشابهاً بين الكثير من مباني القاهرة، ومدينة سانت بطرسبرغ، لدى زيارتها لمصر لأول مرة في بداية الألفية الجديدة، حيث بنى مهندسون ومعماريون أوروبيون مباني عدة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والجزء الأول من القرن العشرين، قبل أن تقرر إنجاز مشروع توثيقي عن هذه القصور المنسية التي ذكّرتها بطفولتها في روسيا.

مدخل فيلا بحي غاردن سيتي بالقاهرة

وتقول نيكولسكايا لـ«الشرق الأوسط»: «أثناء زيارتي للقاهرة لأول مرة، كان لدي شعور دائم بأنني كنت هنا من قبل؛ فالمدينة بدت مثل سانت بطرسبرغ مأهولة بالغرباء».
وذّكر حال المباني المنسية والقصور المهجورة في مصر، الفوتوغرافية الروسية وكأنها في مدينتها الأم (سانت بطرسبرغ)، فبينما كانت روسيا تمر بالكثير من الاضطرابات الاقتصادية والسياسية، فإن الهندسة المعمارية المنسية والمباني المهجورة الجميلة شكلت جزءاً من طفولتها، على حد تعبيرها.
وتؤكد أن «هذا الاهتمام في البداية كان مجرد فضول، ولكن مع الوقت أصبح مهمة بعد أن أدركت أن هذه المباني كادت تختفي».

أحد البنوك القديمة

وشهدت القاهرة ومدن كبيرة أخرى في مصر طفرة إنشائية كبرى بين عامي 1860 و1940 ميلادياً، أدت إلى بناء قصور غير تقليدية ومبانٍ فخمة كثيرة، مزجت بين الكثير من الأساليب المعمارية، من بينها Beaux - Arts وArt Deco التي تأثرت بمواد التصميم المحلية، لكن هذه المباني عانت من الإهمال لعقود وأصبحت غير مأهولة بالسكان.
وفي عام 2006، بدأت المصورة الروسية - السويدية زينيا نيكولسكايا الحاصلة على جائزة في فن التصوير، عملية توثيق وتصوير هذه المباني المهجورة في نحو 30 موقعاً في المدن المصرية المختلفة؛ منها القاهرة، والإسكندرية، والأقصر، والمنيا، وبورسعيد، وضمت صور هذه المباني في الإصدار الأول من كتاب «تراب... العمارة المصرية المنسية» الصادر عن دار نشر الجامعة الأميركية بالقاهرة، الذي نفد عقب طرحه في عام 2012 بفترة وجيزة، ليصبح من الكتب النادرة لهواة جمع الكتب، بحسب وصف الجامعة الأميركية بالقاهرة.

غلاف الكتاب

ووفق نيكولسكايا، فإن «النسخة الجديدة من الكتاب ترصد حالة البنايات المعمارية المهجورة في مصر وأهميتها، إذ تتنوع ملكية المباني العتيقة التي صورتها ما بين عامة وخاصة، جامعة بين ازدواجية متشابكة من الغبار أو التراب باعتباره المادة التي تغلف المدينة والتي من خلالها يتم تتبع مرور الوقت على الأشياء الحضارية، وكذلك كاستعارة عن تسجيل الزمان لهذه التغييرات وتشكيلة لذكريات الماضي والوقت الحالي».
وتتضمن الطبعة الجديدة والموسعة من الكتاب صوراً من الإصدار الأول للكتاب، بالإضافة إلى صور إضافية جديدة التقطتها نيكولسكايا بين عامي 2013 و2021. وتتضمن أيضاً مقالات غير منشورة سابقاً بقلم كل من هبة فريد، المالكة المشاركة لغاليري «تنتيرا» والمهندس المعماري والمخطط العمراني عمر نجاتي، المؤسس المشارك في منصة «بحث» في مجال التصميم الحضاري.
وتشير الفوتوغرافية الروسية إلى أن مهمة توثيق المباني المهجورة في مصر لم تكن سهلة: «بالطبع، سأكتب كتاباً إضافياً عن ذلك يوماً ما، لأن حالة هذه المباني محيرة للغاية، وبشكل عام، لا يقدر الناس تهالك المباني، لذلك كان من الصعب دائماً شرح ما أفعله، كما أن التصوير الفوتوغرافي دائماً ما يثير القلق»، على حد تعبيرها.
وتؤكد نيكولسكايا أن «قصر السكاكيني، القابع بوسط القاهرة، كان أكثر مبنى أثار دهشتها وإعجابها، بالإضافة إلى أول مكان وطئته قدمها، وهو قصر سراج الدين».

قصر سعيد حليم بالقاهرة

وتشير المصورة الروسية إلى أن «هناك الكثير من الطرق لإحياء هذه المباني، من بينها تحويل المباني التراثية إلى أماكن ثقافية، فأصدقائي في السويد ولاتفيا على سبيل المثال يقومون بذلك بالاتفاق مع الحكومة وإدارة المدن، اللتين كانتا على استعداد لعقد اتفاقات خاصة مع المؤسسات الثقافية مقابل تجديد المباني، بإيجار رمزي يساوي دولاراً واحداً، لكن لا يزال الوضع تجارياً في مصر للغاية وقد نفقد بعضاً من هذه المباني إذا انتظرنا جمع الأموال اللازمة لتجديد المباني»، على حد تعبيرها.
وتكشف نيكولسكايا أن «لديها مشروعاً فوتوغرافياً جديداً في مصر، لكن ما زال الوقت مبكراً للإعلان عنه».

أحد القصور المهجورة بالمنيل

وأعلنت وزارة الثقافة المصرية أخيراً انتهاءها من توثيق 400 مبنى تراثي يقع معظمها وسط محافظة القاهرة وشرقها، استعداداً لضمها للأرشيف القومي للمباني التراثية ذات الطابع المعماري المتميز، الذي يُشرف على إعداده الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، برئاسة المهندس محمد أبو سعدة.
ويعد الأرشيف القومي للمباني التراثية «أحد أهم المشروعات التي أطلقتها الوزارة مؤخراً بهدف حصر المباني التراثية، وتوثيقها وحمايتها، ما يساعد في الحفاظ على تلك الكنوز للأجيال القادمة»، بحسب وصف وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني.


مقالات ذات صلة

«مشروع توثيقي» لمصري يفوز بجائزة من «وورلد برس فوتو»

يوميات الشرق «مشروع توثيقي» لمصري يفوز بجائزة من «وورلد برس فوتو»

«مشروع توثيقي» لمصري يفوز بجائزة من «وورلد برس فوتو»

«هنا الأبواب لا تعرفني» عنوان المشروع، الذي فاز به المصور المصري الشاب محمد مهدي في المسابقة الدولية للتصوير الفوتوغرافي «وورلد برس فوتو» لعام 2023.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق «الإسماعيلية التسجيلي» يُبرز مسيرة سينمائيين مصريين

«الإسماعيلية التسجيلي» يُبرز مسيرة سينمائيين مصريين

يحتفي «مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة» خلال دورته اﻟ24. بمسيرة 2 من السينمائيين المصريين، وهما مدير التصوير السينمائي دكتور محمود عبد السميع، والناقد والمؤرخ محمود علي، اللذين جمعهما توثيق السينما، حيث وثقها عبد السميع بالكاميرا عبر أفلامه، بينما وثقها علي بالقلم عبر كتب وموسوعات عن تاريخ السينما، واستهل المهرجان أولى فاعلياته بإقامة ندوة لكل منهما ظهر اليوم (الأربعاء). وأكد مدير التصوير السينمائي عبد السميع، خلال الندوة، أنه «كلما كانت اللقطة التي يتم تصويرها واقعية جنح الفيلم إلى التوثيق». وقال إن «الصورة يجب أن تبقى في خدمة المضمون في الفيلم التسجيلي بعيداً عن الجماليات».

انتصار دردير (الإسماعيلية)
يوميات الشرق مسعود هانتشر ممسكاً بيد ابنته إرماك البالغة 15 عاماً المتوفاة تحت الأنقاض جراء الزلزال في كهرمان ماراش (أ.ف.ب)

حملة تضامن مع رجل تركي ينشر صورته ممسكاً بيد ابنته المتوفاة تحت الأنقاض

حرّكت صورة مسعود هانتشر ممسكاً بيد ابنته المتوفاة تحت الأنقاض، عقب الزلزال العنيف الذي ضرب تركيا يوم 6 فبراير (شباط)، العالم بأسره، واستتبعت حملة من التضامن مع هذا الرجل المحطم، كما روى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». بعد نحو 3 أسابيع على هذه الكارثة الطبيعية التي أودت بأكثر من 44 ألف شخص في تركيا، غادر هانتشر، وهو والد لأربعة أطفال، من بينهم إرماك (15 عاماً) التي قضت مدفونة تحت أنقاض مبنى من 8 طوابق، بلدته كهرمان مراش، في جنوب شرقي تركيا، ليستقر في أنقرة. وقال: «لقد فقدت أيضاً والدتي وإخوتي وأبناء إخوتي في الزلزال. لكن دفن ولدك لا نظير لمأساويته...

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
يوميات الشرق الفريق المنظم لمهرجان «ما بين بين» خلال الإعلان عن فقراته (من المركز البريطاني)

مهرجان «ما بين بين» مساحات من الإبداع تضيء بيروت

حزم المجلس الثقافي البريطاني أمره في ما يخص تنظيمه للنشاطات الفنية، فقد قرر أن يشارك فيها بعد أن كان ينظمها ويشرف عليها فقط. وفي مؤتمر صحافي عقد في مركز «ستايشن» الثقافي، أعلن مارك معركش مدير الفنون في المجلس المذكور عن هذا التبديل. وأطلق في المناسبة مهرجان «ما بين بين» (in between) الثقافي والفني. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «الفنون حاضرة دائماً في نشاطات المجلس الثقافي البريطاني. لكن منذ نحو سنة ونيف أعدنا النظر بالاستراتيجية الخاصة بنا. ففي السابق كنا نعتمد على دعم مادي يوزع على شركائنا في الحقل الثقافي من دون أن يكون لنا أي دور مباشر فيه.

يوميات الشرق بنايات تعكس وجه السودان القديم (الشرق الأوسط)

مباني الخرطوم المهجورة تعود إلى الحياة عبر الصور

«سودانية بكتوريل التصويرية» هو واحد من برامج كثيرة لإحياء بنايات تعكس وجه السودان القديم، عبر توثيق لمبانيه المهجورة والأثرية التي أشرفت على الاندثار، بإعادة قراءتها للأجيال القادمة والحاضرة عبر الصورة. وتقول ريم حسين (مهندسة) صاحبة الفكرة: «إن المبادرة منبثقة من حب السودان.

سهام صالح (الخرطوم)

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
TT

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)
إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)

يراهن مهرجان «الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة» في نسخته الأولى التي انطلقت، الاثنين، وتستمر حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي على الفنون المعاصرة والحضور الشبابي، مع تقديم عدد من العروض في جامعة الفيوم.

وشهد حفل انطلاق المهرجان تكريم الممثلة المصرية إلهام شاهين، والمنتجة التونسية درة بو شوشة، إضافة إلى الممثل المصري حمزة العيلي، مع حضور عدد من الفنانين لدعم المهرجان، الذي استقبل ضيوفه على «سجادة خضراء»، مع اهتمامه وتركيزه على قضايا البيئة.

وتحدثت إلهام شاهين عن تصويرها أكثر من 15 عملاً، بين فيلم ومسلسل، في الفيوم خلال مسيرتها الفنية، مشيدة خلال تصريحات على هامش الافتتاح بإقامة مهرجان سينمائي متخصص في أفلام البيئة بموقع سياحي من الأماكن المتميزة في مصر.

وأبدى محافظ الفيوم، أحمد الأنصاري، سعادته بإطلاق الدورة الأولى من المهرجان، بوصفه حدثاً ثقافياً غير مسبوق بالمحافظة، مؤكداً -في كلمته خلال الافتتاح- أن «إقامة المهرجان تأتي في إطار وضع المحافظة على خريطة الإنتاج الثقافي السينمائي التي تهتم بالبيئة والفنون المعاصرة».

جانب من الحضور خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

وبدأ المهرجان فعالياته الثلاثاء بندوات حول «السينما والبيئة»، ومناقشة التحديات البيئية بين السينما والواقع، عبر استعراض نماذج مصرية وعربية، إضافة إلى فعاليات رسم الفنانين على بحيرة قارون، ضمن حملة التوعية، في حين تتضمن الفعاليات جلسات تفاعلية مع الشباب بجانب فعاليات للحرف اليدوية، ومعرض للفنون البصرية.

ويشهد المهرجان مشاركة 55 فيلماً من 16 دولة، من أصل أكثر من 150 فيلماً تقدمت للمشاركة في الدورة الأولى، في حين يُحتفى بفلسطين ضيف شرف للمهرجان، من خلال إقامة عدة أنشطة وعروض فنية وسينمائية فلسطينية، من بينها فيلم «من المسافة صفر».

وقالت المديرة الفنية للمهرجان، الناقدة ناهد صلاح: «إن اختيارات الأفلام تضمنت مراعاة الأعمال الفنية التي تتطرق لقضايا البيئة والتغيرات المناخية، إضافة إلى ارتباط القضايا البيئية بالجانب الاجتماعي»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» حرصهم في أن تراعي الاختيارات تيمة المهرجان، بجانب إقامة فعاليات مرتبطة بالفنون المعاصرة ضمن جدول المهرجان.

وأبدى عضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة، الناقد السعودي خالد ربيع، حماسه للمشاركة في المهرجان بدورته الأولى، لتخصصه في القضايا البيئية واهتمامه بالفنون المعاصرة، وعَدّ «إدماجها في المهرجانات السينمائية أمراً جديراً بالتقدير، في ظل حرص القائمين على المهرجان على تحقيق أهداف ثقافية تنموية، وليس فقط مجرد عرض أفلام سينمائية».

إلهام شاهين تتوسط عدداً من الحضور في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «تركيز المهرجان على تنمية قدرات الشباب الجامعي، وتنظيم ورش متنوعة لتمكين الشباب سينمائياً أمر يعكس إدراك المهرجان للمسؤولية الثقافية والاجتماعية، التي ستُساعد في دعم المواهب الشبابية في الفيوم»، لافتاً إلى أن «اختيارات لجنة المشاهدة للأفلام المتنافسة على جوائز المهرجان بمسابقاته الرسمية ستجعل هناك منافسة قوية، في ظل جودتها وتميز عناصرها».

يذكر أن 4 أفلام سعودية اختيرت للمنافسة في مسابقتي «الأفلام الطويلة» و«الأفلام القصيرة»؛ حيث يشارك فيلم «طريق الوادي» للمخرج السعودي خالد فهد في مسابقة «الأفلام الطويلة»، في حين تشارك أفلام «ترياق» للمخرج حسن سعيد، و«سليق» من إخراج أفنان باويان، و«حياة مشنية» للمخرج سعد طحيطح في مسابقة «الأفلام القصيرة».

وأكدت المديرة الفنية للمهرجان أن «اختيار الأفلام السعودية للمشاركة جاء لتميزها فنياً ومناسبتها لفكرة المهرجان»، لافتة إلى أن «كل عمل منها جرى اختياره لكونه يناقش قضية مختلفة، خصوصاً فيلم (طريق الوادي) الذي تميز بمستواه الفني المتقن في التنفيذ».