الحلقة الأولى: بومبيو يروي تفاصيل تصفية سليماني... ويعد نظام طهران «إرهابياً»

«القتال من أجل أميركا» يتضمن تفاصيل مثيرة عن رحلة سريّة إلى كوريا الشمالية والعلاقة مع «الموساد»

السيارة التي كان يستقلها سليماني مشتعلة بعد استهدافها بصواريخ أميركية قبل عامين (أ.ف.ب)
السيارة التي كان يستقلها سليماني مشتعلة بعد استهدافها بصواريخ أميركية قبل عامين (أ.ف.ب)
TT

الحلقة الأولى: بومبيو يروي تفاصيل تصفية سليماني... ويعد نظام طهران «إرهابياً»

السيارة التي كان يستقلها سليماني مشتعلة بعد استهدافها بصواريخ أميركية قبل عامين (أ.ف.ب)
السيارة التي كان يستقلها سليماني مشتعلة بعد استهدافها بصواريخ أميركية قبل عامين (أ.ف.ب)


تفاصيل مثيرة للغاية وضعها وزير الخارجية الأميركي سابقاً مايك بومبيو، في كتاب مذكراته «لا تعطِ أي بوصة، القتال من أجل أميركا التي أحب»، ليس فقط في روايته الأحداث وكيف رآها بعيني كبير الدبلوماسيين الأميركيين خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، بل أيضاً بنظرة مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، باعتبارها جهاز التجسس التابع لأقوى دولة في العالم: الولايات المتحدة. كشف بومبيو جوانب من بعض التحديات الهائلة التي واجهها وهو يرتقي سلم المراتب والمناصب في عمله عبر الإدارات الأميركية، كاشفاً أن الهجوم الذي استهدف مقر وحدات مشاة البحرية الأميركيين (المارينز)، في بيروت منتصف الثمانينات من القرن الماضي «ترك أثراً عميقاً» لا يمّحي من ذاكرته. كاد يقول إن وعيه حيال إيران وأدواتها من «حزب الله» و«الجهاد الإسلامي» وغيرهما، تشكل في تلك اللحظة. وأكد أنه أدرك في وقت مبكر، أن «النظام الإيراني مجرد تنظيم إرهابي» تجلبب بعباءة واتخذ هيئة «دولة بما فيها من مكونات». لكن وصوله إلى المراتب العليا كشف له أيضاً أن النخب الحاكمة في الولايات المتحدة، بما في ذلك ترمب نفسه، لم يكن في واردهم إطاحة النظام و«قطع رأسه»، على الرغم من القرار الاستثنائي الذي قاده إلى قرار القضاء على قائد «فيلق القدس» لدى «الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني، رداً على استمراره في استهداف مصالح الولايات المتحدة. وهو خلص إلى أن المقر الرئيسي لتنظيم «القاعدة» في طهران، و«ليس في تورا بورا بأفغانستان، أو باكستان، أو العراق أو سوريا».
على الرغم من أن بومبيو كشف بعض أسرار الاجتماعات التي رسمت خلالها خيارات السياسات الأميركية في عهد ترمب، والجهود الكبيرة التي بذلت لإصلاح ما أفسدته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما ونائبه آنذاك الرئيس الحالي جو بايدن، فإن بومبيو بدا حذراً في تجاوز ما يمكن اعتباره «خطوطاً حمراء» في عالمي الدبلوماسية والجاسوسية. ولم يتردد في عرضه الشيق لرحلته السريّة الأولى إلى كوريا الشمالية، واجتماعه مع زعيمها كيم جونغ أون، في محاولة لإحداث اختراق في الجهود للتخلص من ترسانته للأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.

بشار الأسد (أ.ف.ب)

«مهمة سريّة»
تتألف مذكرات بومبيو من 17 فصلاً في 438 صفحة، ويستهلها برواية عن «مهمة سريّة» قام بها يوم الجمعة العظيمة 30 مارس (آذار) 2018، أوصلته كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) إلى بيونغ يانغ؛ «أحد أكثر الأمكنة ظلاماً» على الأرض، للاجتماع مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون؛ «أحد أكثر سكانها قتامة»، موضحاً أن غايته كانت تتمثل في «تصحيح جهود الماضي الفاشلة التي لم تُزِل» الأسلحة النووية والدمار الشامل لدى كوريا الشمالية النووية، مما «قاد حقيقة إلى التهديد الكبير الحالي». وكشف أن «ترمب أبلغني أنه مستعد للقيام بمجازفات، وأنا كمدير لـ(سي آي إيه)، كنت مستعداً للقيام بذلك أيضاً». وذكر أنه عندما دخلت طائرته الأجواء الكورية الشمالية، رافقتها طائرات حربية معادية، مشيراً إلى أنه «في العادة، يشير هذا العمل إلى عدوانية، وربما إلى هجوم وشيك. غير أن طاقمنا وأنا، كنا على ثقة بأن ذلك مجرد وعيد كوري شمالي نموذجي». ووصف اسم «جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية»؛ أي الاسم الرسمي لكوريا الشمالية، بأنه «كذبة»، لأنها «ليست ديمقراطية، وليست جمهورية، وهي بالتأكيد لا تخدم مصالح شعبها»، مضيفاً أنه عند الوصول إلى مطار بيونغ يانغ، تبلغ الوفد بأن حراس بومبيو لا يمكنهم أن يأخذوا أسلحتهم إلى وسط المدينة. وعندما نزل بومبيو من الطائرة، كان عند أسفل السلم «أحد أبغض الرجال الذين التقيتهم»؛ الجنرال المتقاعد كيم يونغ تشول، الذي يخدم نائباً لرئيس حزب العمال الكوري، الاسم الرسمي للحزب الشيوعي الكوري الشمالي.

قاسم سليماني (أ.ف.ب)

«أكلنا العشب 50 عاماً»
عوض أن يصافح ضيفه أو يرحب به، قال تشول: «أكلنا العشب في الأعوام الـ50 الأخيرة. يمكننا أن نأكل العشب في الأعوام الـ50 المقبلة». وقال بومبيو: «بالطبع، لم يكن تشول يأكل العشب. كغيره من جميع أفراد النخبة الكورية الشمالية المصابين بهوس السرقة، كان يحتسي أفخر الكحول ويولم على لحم الوانغيو البقري. أكل العشب كان للناس العاديين»، مضيفاً أنه اتخذ «مجازفة محسوبة»، وأجاب: «جنرال تشول، جميل أني أراك أيضاً. أتطلع بشغف إلى الغداء. وأفضل عشبي مطبوخاً على البخار». ثم عرض لتفاصيل الزيارة وشروطها الأميركية، ومنها رفض أي «حيلة» أو «بروباغندا» كورية شمالية، بما في ذلك عبر المطار والطريق إلى مكتب الزعيم كيم جونغ أون في بيونغ يانغ، مضيفاً أن شقيقته كيم يو جونغ التي رافقت بومبيو وفريقه عبر أبواب عملاقة وسقوف عالية، وصولاً إلى مكتب كيم الذي «كان واقفاً عند نهاية سجادة حمراء طويلة، مرتدياً بدلة (الزعيم الصيني التاريخي) ماو (تسي دونغ) السوداء النموذجية أمام جدار برتقالي لامع». وشرح أن «أسوأ ديكتاتور في العالم استقبلني بابتسامة». ونقل عن كيم قوله: «حضرة المدير، لم أعتقد أنك ستأتي. أعرف أنك كنت تحاول قتلي». ورد بومبيو مازحاً: «حضرة الرئيس، لا أزال أحاول قتلك».
كانت هذه مجرد افتتاحية للفصل الأول في كتاب بومبيو، الذي «غاص» في عرض مسهب للسياسات الخارجية الأميركية قبل عهد ترمب، منتقداً خصوصاً أوباما ونائبه آنذاك بايدن. ثم عرض لانتقاله من الكونغرس إلى «سي آي إيه»، وما رافق ذلك من «مطبات» السياسات الداخلية والخارجية الأميركية، بما في ذلك انتفاضات الربيع العربي، وصولاً إلى قرار الرئيس ترمب ونائبه بنس، تعيينه أولاً مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية، ثم وزيراً للخارجية.

ترمب وكيم عند الخط الفاصل بين الكوريتين في يونيو 2019 (أ. ب)

مشكلة الشرق الأوسط
في محطة لاحقة، كتب بومبيو أن «الديكتاتور السوري بشار الأسد المدعوم من إيران دعا روسيا إلى الحارة (العربية) واستخدم الأسلحة الكيميائية ضد شعبه، وأوباما وجه رسالة سيئة لأخصام أميركا بتراجعه بضعف عن الخط الأحمر الذي وضعه هناك»، مضيفاً أن لبنان تردى بعدما «طور حزب الله، وهو ميليشيا تابعة لإيران، ووضع الآلاف من الصواريخ الموجهة بدقة على الحدود الشمالية لإسرائيل». وقال إن «الدول الخليجية، بينما كانت تحاول التوازن علانية، كانت أيضاً خائفة من الدعم الأميركي لإيران»، ملاحظاً أن «ثقتهم بالولايات المتحدة انحدرت إلى أدنى مستوياتها» بسبب ذلك.
وكشف أن استراتيجيته للشرق الأوسط «استندت إلى أعمدة رئيسية قليلة: بناء سياسات تعكس حقيقة رئيسية: إيران هي أكبر صانع مشاكل في الشرق الأوسط؛ استعادة العلاقة مع إسرائيل؛ وإنشاء شراكة أمنية خليجية إسرائيلية جديدة». وأكد أن «المهمة الشرق الأوسطية، التي استوجبت عنايتنا الفورية، هي إلحاق هزيمة مميتة بخلافة دولة (داعش) في العراق وسوريا». وأوضح أنه بموازاة وضع الخطط العسكرية للقتال ضد الإرهاب، «اتخذنا خطوات أولى للابتعاد عن سياسة أوباما - بايدن للمحاباة الفاشلة ومواجهة النظام الإيراني». وأكد أن «المهمة رقم واحد لي كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية هي التأكد من أن لدينا الأدوات التي نحتاج إليها لمواجهة (المرشد الإيراني علي خامنئي) وأتباعه»، مضيفاً أنه «فيما أعلن الرئيس ترمب أن تغيير النظام ليس مهمتنا، وأنا اتبعت هذا التوجيه، كنت أعرف أن وضع ضغط على النظام سيرفع بشكل كبير إمكانية انهياره». وكشف أن مهمته هذه «تظللت بخلاف في الإدارة»، إذ إن ترمب وعد في حملته الانتخابية بترك الاتفاق النووي، المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، والذي عقده الرئيس أوباما مع إيران عام 2015 آسفاً، «لأننا لم نتراجع عن هذا الفشل بالسرعة المبتغاة». وأكد أن «فريق الرئيس للأمن القومي بكامله - وزير الدفاع جيم ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيليرسون ومستشار الأمن القومي هـ. ماكماستر - اعتقدوا أن البقاء هو الخيار الصحيح»، لأن الانسحاب من الاتفاق «خطر للغاية، ويمكن أن يقودنا إلى حرب»، لافتاً إلى أنه كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية «بدا له ذلك تماماً» مثل تفكير وزير الخارجية السابق جون كيري ومدير «سي آي إيه» سابقاً جون برينان وبايدن. واعتبر أن «الخطوة الأولى لمواجهة التهديد النووي من إيران عدم الاستماع إلى المحللين المؤيدين بشدة للاتفاق النووي (…) وإنشاء مركز مهمة الجمهورية الإيرانية» كفريق دعم ضد «الحرس الثوري» الإيراني، وهو «وحدة نخبة عسكرية»، ولكنها أيضاً «مافيا محلية في وحشيتها وسيطرتها الفاسدة على الاقتصاد الإيراني»، كاشفاً أنه وضع عميلاً اسمه «مايك» على رأس فريق الدعم الذي «زود بمشغلين مخضرمين عملوا على أهداف صعبة في العراق وأفغانستان وروسيا».
أما «الخطوة الثانية في مواجهة إيران»، فتمثلت بـ«بناء شراكات دولية»، مضيفاً أن «لا علاقة كانت أكثر حرجاً كالتي كانت لدى أميركا، ويجب أن تستمر مع إسرائيل والموساد». وإذ أشاد برئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي آنذاك، يوسي كوهين، قال: «بخلاف وضعي، هو جاسوس حقيقي، بوظيفة لها قصة بدأت في الثمانينات» من القرن الماضي، واصفاً إياه بأنه «لا يخاف، مبتكر، وجذاب»، يعتقد أن «إيران هي المشكلة»، علماً بأن «سي آي إيه» كانت تعتبر أن «إيران مشكلة» من كثير من المشاكل. وأشار إلى أنهما اجتمعا للمرة الأولى في فبراير (شباط) 2017 بفندق الملك داود بالقدس خلال رحلته الدولية الأولى مديراً لوكالة الاستخبارات، مؤكداً أنهما اتفقا على أن «عملنا المشترك لسحق إيران يجب أن يتكامل 100 في المائة»، فضلاً عن بناء علاقة وثيقة للغاية عائلياً ودينياً.

هجوم بيروت
وروى بومبيو في كتابه، أنه وجد الرئيس ترمب محقاً تماماً في قوله إن «العالم مكان لئيم وسيئ»، مستذكراً كم تأثر يوم الأحد 23 أكتوبر (تشرين الأول) 1983، حين كان في الكلية العسكرية الأميركية، بخبر عن «هجوم إرهابي قتل وجرح المئات من مشاة البحرية الأميركيين في ثكناتهم ببيروت». وتساءل يومها: «من يفعل ذلك بجنود أميركيين؟ ما دافعهم؟»، إلى أسئلة أخرى، مضيفاً: «علمنا سريعاً أن تجسيداً مبكراً لتنظيم حزب الله الإرهابي المدعوم من إيران نفذ التفجير»، الذي قُتل فيه 241 من العسكريين الأميركيين وجُرح 128 آخرون. وقال: «لم أنسَ قط تلك اللحظة عندما قتل فيها الإيرانيون عناصر الجيش الأميركي». وبالإضافة إلى ذلك، ذكر بالثورة الإسلامية الإيرانية التي قادها المرشد الأول آية الله الخميني عام 1979، ثم مهاجمة السفارة الأميركية بطهران واحتجاز العاملين فيها رهائن لمدة 444 يوماً، موضحاً أن «النظام الإيراني اليوم هو القوة خلف شبكة جماعات إرهابية تقاتل لإنشاء (الهلال الشيعي) لأراضٍ (…) تمتد من إيران إلى العراق ولبنان وسوريا واليمن». ولفت إلى وقوف إيران وراء هجوم أبراج الخبر في المملكة العربية السعودية عام 1996، حين سقط 19 من سلاح الجو الأميركي قتلى. ورأى أن «النظام الإيراني الشيعي أنشأ قضية مشتركة مع تنظيم القاعدة السني. انسَ ما تفكر به حول الخصام السني - الشيعي الذي يحول دون تعاونهما»، مكرراً أن «طهران هي اليوم القاعدة الرئيسية لقيادة القاعدة الرفيعة». وقال: «المقر الرئيسي العملاني لـ(القاعدة) ليس في تورا بورا بأفغانستان، أو في باكستان. ليس في سوريا أو العراق. إنه في عاصمة إيران»، متهماً «النظام الإيراني بأنه في الواقع جماعة إرهابية. ولكن بخلاف غالبية الجماعات الإرهابية، يمتلك النظام - بحماية الحرس الثوري - كل أدوات فن الحكم: حدوداً معترفاً بها دولياً، ودبلوماسيين في الأمم المتحدة، وعملة إلزامية، وتحكماً تاماً بحقول نفط هائلة، ومصارف، وقطاعات أخرى في الاقتصاد الإيراني».

«ما أفسده أوباما»
وكتب وزير الخارجية السابق كيف سعى ترمب إلى إصلاح «ما أفسده أوباما»، مكرراً مساوئ الاتفاق النووي بشكل خاص ودعم إيران لجماعات مثل «حزب الله» في لبنان و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» في الأراضي الفلسطينية والحوثيين في اليمن، قائلاً إن «العقل المدبر لهذا المشروع الشرير هو قائد في الحرس الثوري اسمه قاسم سليماني، الذي صار محور التركيز في جهودنا الحازمة لإحباط أجندة إيران». وشكلت هذه الرؤية محور الفصل السادس من مذكرات بومبيو الذي كشف أنه كتب يوماً رسالة لسليماني قال فيها: «إننا سنحاسبه ونحاسب إيران على أي هجمات ضد المصالح الأميركية في العراق من القوى التي تحت سيطرته»، مؤكداً أن ذلك كان مؤشراً إلى «تغيير هائل» في سياسة الإدارة الأميركية، التي كانت قبل ترمب متساهلة للغاية مع سقوط ضحايا أميركيين في الهجمات التي تشنها جماعات مدعومة من إيران، مضيفاً أن سليماني لم يرد قط على رسالته. ولكن «بعد سنتين، في 29 ديسمبر (كانون الأول) 2019. كنت جالساً مع الرئيس ترمب بمنزله الفخم في فلوريدا، مارالاغو، وهذه المرة كوزير للخارجية. وكان بجانبي وزير الدفاع ورئيس الأركان المشتركة. كنا هناك في عمل خطير: سيدي الرئيس، لدينا توصية لك - الهدف هو الجنرال قاسم سليماني». وأضاف: «في غضون أيام قليلة فحسب، سيشعر سليماني والإيرانيون بالأثر الكامل لرفضنا محاباة شرهم. بدلاً من ذلك، سيلقون طعم الهجوم الأميركي». وشرح أنه «رغم المكانة الضئيلة لسليماني، زرع الخوف الحقيقي في قلوب زعماء الشرق الأوسط»، مضيفاً أنه «متصلب بكونه رأس حربة عقود من العمل العسكري الإيراني في العراق ولبنان وسوريا، قاد سليماني منذ عام 1998 وحدة قوة القدس الإجرامية»، التي تعد «السبب الرئيسي لماذا بلدان مثل العراق ولبنان وسوريا واليمن في حال فوضوية اليوم». وحمل سليماني المسؤولية عن مقتل 600 من الجنود الأميركيين خلال حرب العراق. وكشف أنه ذهب إلى بغداد يوماً واجتمع مع رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي لإقناعه بعدم الحصول على موارد الطاقة من إيران، فقال العبادي لبومبيو: «حضرة المدير، حين تغادر، سيأتي قاسم سليماني ليراني. يمكنك أن تأخذ أموالي. هو سيأخذ حياتي».
ثم تحدث عن اجتماعات مع مسؤولين عراقيين آخرين، بينهم الرئيس آنذاك برهم صالح وعادل عبد المهدي، في ظل تصاعد التهديدات الإيرانية ضد المصالح الأميركية في العراق، وصولاً إلى قوله إن «عواقب رفضنا لمحاباة إيران عبر التراجع عن العقوبات كان أيضاً واضحاً في 14 سبتمبر (أيلول) 2019. فبعد شهرين تقريباً من إسقاط إيران مسيرة (أميركية)، أطلقت صواريخ كروز من إيران لضرب المملكة العربية السعودية. الأهداف كانت منشآت نفط رئيسية عائدة لشركة أرامكو السعودية، وبالتالي أدى الهجوم إلى تهديد إمدادات الطاقة العالمية». وأشار إلى التعاون بين الولايات المتحدة والسعودية «لإعادة المنشآت إلى العمل. أرامكو قامت بعمل رائع» في هذا السياق. وأضاف أن «السعوديين كانوا يريدون أيضاً أن يعرفوا ما الذي كنا مستعدين للقيام به في هذا الوقت الخطر. أوصيت الرئيس بأن نرسل أنظمة دفاع جوي إلى المملكة العربية السعودية. فوافق على توفير أسلحة دفاعية لها، لكنه رفض الجزء الثاني من توصيتي - أن تنفذ الولايات المتحدة هجوماً بعمل مباشر لتدفع إيران الثمن».

القضاء على سليماني
وفي وقت غير بعيد، استهدفت القوات الأميركية «كتائب حزب الله العراقي» رداً على هجوم قتل فيه متعهد أميركي. وبعد هجوم آخر، شارك بومبيو في اجتماع عقده الرئيس ترمب بتاريخ 29 ديسمبر (كانون الأول) 2019 في مارالاغو بمشاركة وزير الدفاع مارك أسبر ورئيس الأركان الجنرال مارك ميلي. واستهله بومبيو: «سيدي الرئيس، سليماني مسافر من بيروت إلى دمشق ثم بغداد. يطير على رحلات تجارية، ونعرف طريق رحلته. إنه يتآمر لقتل المزيد من الأميركيين. ولدينا الأدوات الضرورية لوقف قيادته لهذه الجهود الإجرامية. لقد أسقطوا مسيرتين أميركيتين، أطلقوا صواريخ باليستية على المملكة العربية السعودية، والآن قتلوا أميركياً... كل ذلك بتوجيه من الجنرال سليماني. حان الوقت لوقف حكمه الإجرامي. هذا هدف عسكري مشروع». وكتب بومبيو مفسراً أن «الذهاب إلى هجوم عبر قتل سليماني سيكون حدثاً مزلزلاً. طبيعياً، حين تخلصت أميركا من قائد إرهابي في عالم ما بعد 11 سبتمبر (أيلول) 2001، يتبع التنظيم البلا قيادة ما يسميه مدربو فرق كرة القدم الأميركية عقلية الرجل التالي - أي ثاني أفضل اللاعبين المتوافرين في الملعب». وفي «حال سليماني، سيأتي جنرال آخر» ولكن «لا أحد لديه هذا المزيج من السلطة، والعقول، والوحشية، والجاذبية العامة داخل إيران» لأن محاولة استبداله تشبه محاولة تغيير (لوحة أصلية) لرامبراندت» (بلوحة مقلدة). وأكد أن الرئيس ترمب «تفهم المخاطر الكبيرة. كما فعلنا جميعاً. ولكن الوقت حان للضغط على الزناد». وأضاف أن «ميلي وأسبر أطلعا الرئيس على الخطة المقترحة. وأضفت أننا على استعداد للتواصل مباشرة مع الإيرانيين بعد الهجوم حتى نوضح أن هذه ليست محاولة لقطع رأس النظام، بيد أننا مستعدين للتصعيد إذا كانت هذه أمنيتهم». وأجاب ترمب: «هلم». وجرى تحديد 3 يناير (كانون الثاني) 2020 موعداً للعملية مع وصول سليماني إلى مطار بغداد الدولي حيث استقبله مؤسس «كتائب حزب الله» أبو مهدي المهندس. وكتب أنه مع انطلاق موكبه «كانت مسيرة أميركية من طراز أم كيو - 9 ريبر تتقفى كل حركتهما. ومع مغادرة سيارة سليماني المطار (...) سقطت عليها صواريخ هيل فاير (...) ضرب الردع الأميركي، وسليماني لن يؤذي أحداً على الإطلاق بعد الآن».


مقالات ذات صلة

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، التي كانت تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها التي سينظر فيها مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء. وتدور جلسة الاستماع، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها، إذ يرى 58 في المائة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيئ. ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، التي يسيطر عليها الديمقراطيون، جلسة الاستماع هذه، بعد جدل طال قاضيين محافظَين، قبِل أحدهما وهو كلارنس توماس هبة من رجل أعمال. ورفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الك

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي قبول دعوة الرئيس جو بايدن للاجتماع (الثلاثاء) المقبل، لمناقشة سقف الدين الأميركي قبل وقوع كارثة اقتصادية وعجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها بحلول بداية يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون اللقاء بين بايدن ومكارثي في التاسع من مايو (أيار) الجاري هو الأول منذ اجتماع فبراير (شباط) الماضي الذي بحث فيه الرجلان سقف الدين دون التوصل إلى توافق. ودعا بايدن إلى لقاء الأسبوع المقبل مع كل من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز (ديمقراطي م

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

تمكّن تلميذ أميركي يبلغ 13 سنة من إيقاف حافلة مدرسية تقل عشرات التلاميذ بعدما فقد سائقها وعيه. وحصلت الواقعة الأربعاء في ولاية ميشيغان الشمالية، عندما نهض مراهق يدعى ديلون ريفز من مقعده وسيطر على مقود الحافلة بعدما لاحظ أنّ السائق قد أغمي عليه. وتمكّن التلميذ من إيقاف السيارة في منتصف الطريق باستخدامه فرامل اليد، على ما أفاد المسؤول عن المدارس الرسمية في المنطقة روبرت ليفرنوا. وكانت الحافلة تقل نحو 70 تلميذاً من مدرسة «لويس أي كارتر ميدل سكول» في بلدة وارين عندما فقد السائق وعيه، على ما ظهر في مقطع فيديو نشرته السلطات.

يوميات الشرق أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

كشفت دراسة أجريت على البشر، ستعرض خلال أسبوع أمراض الجهاز الهضمي بأميركا، خلال الفترة من 6 إلى 9 مايو (أيار) المقبل، عن إمكانية السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني، من خلال علاج يعتمد على النبضات الكهربائية سيعلن عنه للمرة الأولى. وتستخدم هذه الطريقة العلاجية، التي نفذها المركز الطبي بجامعة أمستردام بهولندا، المنظار لإرسال نبضات كهربائية مضبوطة، بهدف إحداث تغييرات في بطانة الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة لمرضى السكري من النوع الثاني، وهو ما يساعد على التوقف عن تناول الإنسولين، والاستمرار في التحكم بنسبة السكر في الدم. وتقول سيلين بوش، الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الجمعة الموقع ال

حازم بدر (القاهرة)
آسيا شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله، اليوم (الجمعة)، إن موسكو تعزز الجاهزية القتالية في قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى لمواجهة ما قال إنها جهود أميركية لتعزيز حضورها في المنطقة. وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، تملك موسكو قواعد عسكرية في قرغيزستان وطاجيكستان، لكن الوكالة نقلت عن شويغو قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون إرساء بنية تحتية عسكرية في أنحاء المنطقة، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع «منظمة شنغهاي للتعاون» المقام في الهند. وقال شويغو: «تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب، استعادة حضورها العسكري في آسيا الوسطى

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
TT

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الخميس، بام بوندي المقرّبة منه والعضوة في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل، بعد انسحاب مرشحه المثير للجدل النائب السابق مات غايتز.

وكتب الرئيس المنتخب على منصته «تروث سوشيال»، بعد ساعات قليلة على انسحاب غايتز: «يُشرفني أن أعلن اختيار المدعية العامة السابقة لفلوريدا، بام بوندي، لتكون وزيرة العدل المقبلة»، مضيفاً: «لفترة طويلة جداً، استخدمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن. ستعيد بام تركيز وزارة العدل على هدفها المقصود المتمثّل في مكافحة الجريمة، وجعل أميركا آمنة مرة أخرى. لقد عرفت بام لسنوات عديدة - إنها ذكية وقوية، وهي مقاتلة في (حركة) أميركا أولاً، وستقوم بعمل رائع بصفتها وزيرة للعدل».

من هي بام بوندي؟

وفي عام 2010، أصبحت بوندي أول امرأة تُنتخب لمنصب المدعي العام لولاية فلوريدا وشغلته لفترتين، من 2011 إلى 2019، وهي تشغل مناصب قيادية في مركز التقاضي ومركز القانون والعدالة في «معهد أميركا أولاً» للسياسة الذي لعب دوراً كبيراً في المساعدة على تشكيل السياسات لإدارة ترمب المقبلة.

وتُعد من الداعمين الأساسيين لترمب منذ فترة طويلة؛ حيث دعّمت ترشيحه للرئاسة عام 2016 ضد سيناتور ولايتها ماركو روبيو. وكانت جزءاً من فريق الدفاع عن ترمب خلال محاولة عزله الأولى، التي اتُّهم فيها بالضغط على أوكرانيا لإجراء تحقيق فساد بحق جو بايدن، منافسه الرئاسي آنذاك، من خلال حجب المساعدات العسكرية عنها.

هيغسيث وكينيدي تحت المجهر

وكان غايتز قد أعلن، الخميس، انسحابه من الترشح لمنصب وزير العدل، بعد تصاعد الضغوط عليه، جراء أدلة بدت دامغة، تُظهر تورّطه في تجاوزات أخلاقية، كانت لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب قد فتحت تحقيقاً فيها منذ عام 2021. وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، إن «ترشيحه أصبح مصدر إلهاء». وعُد انسحاب غايتز أول ضربة سياسية لمرشحي ترمب، لشغل مناصب في إدارته المقبلة، واختبار قدرته في الدفاع عن مرشحيه من الذين يواجهون تُهماً مماثلة.

كينيدي متوسّطاً تولسي غابارد ومايك جونسون خلال عرض مصارعة حضره ترمب في نيويورك 16 نوفمبر 2024 (إيماجن)

ويواجه ترمب ضغوطاً لإعادة النظر على الأقل في ثلاثة مرشحين آخرين، هم: بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع والمتهم كذلك بتجاوزات أخلاقية، وروبرت كينيدي لمنصب وزير الصحة الذي يخشى بعض الجمهوريين مواقفه المتشددة في اللقاحات، وتولسي غابارد المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، التي وصفتها نيكي هايلي المندوبة السابقة لدى الأمم المتحدة بـ«المتعاطفة مع الصينيين والإيرانيين والروس».

وحتى الآن، يُشدد الجمهوريون على دعم هيغسيث وكينيدي وغابارد. وأعلنوا استعدادهم في الوقت الحالي على الأقل، لتثبيتهم في مناصبهم، في جلسات الاستماع التي ستبدأ بعد تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال السيناتور الجمهوري، كيفن كرامر، إن ترمب بصفته «ضحية للحرب القانونية» يدرك تماماً أن الملاحقات القضائية غير عادلة، وأن غايتز والآخرين لم تتم إدانتهم بأي جرائم.

وقال السيناتور الجمهوري، جون كينيدي، إنه لن يحكم على أي من المرشحين بناءً على «الشائعات»، ويريد عقد جلسات استماع لفحص اختيارات ترمب. وقال السيناتور ماركوين مولين: «نحن نعيش في عصر يتم فيه الكشف عن ماضي الجميع، بغض النظر عن ظروفهم، ويستخلص الناس رأيهم قبل أن يكون لديهم الوقت لمعرفة الحقيقة كاملة».

ارتياح جمهوري

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

وعقد غايتز اجتماعات متعددة مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، لاختبار فرصه في الحصول على تأكيد ترشحه. لكنهم أبلغوه، بمن فيهم أولئك الذين دعّموه، أنه قد يخسر على الأقل 3 أصوات جمهورية، مما قد يؤدي إلى رفض ترشحه، في ظل الأغلبية الضيقة للجمهوريين على مجلس الشيوخ الجديد.

وفور إعلانه الانسحاب، بدا العديد من أعضاء مجلس الشيوخ مرتاحين لقراره. وقالت السيناتورة الجمهورية سينثيا لوميس: «أعتقد (...) أنه شعر أن هذا سيكون مصدر إلهاء كبير، ومن الجيد أن يدرك ذلك، وأن يكون على دراية بنفسه». وقال بعض أعضاء مجلس الشيوخ إنهم يريدون رؤية تقرير لجنة الأخلاقيات بمجلس النواب الذي طال انتظاره، والذي يُفسّر بعض هذه الادعاءات.

وكان النائب الجمهوري مايكل غويست الذي يرأس اللجنة، قد رفض التعليق، قائلاً إنه «لم يكن هناك اتفاق من جانب اللجنة على إصدار التقرير». وفي الأسبوع الماضي، ضغط رئيس مجلس النواب مايك جونسون على اللجنة لعدم نشر التقرير بشأن غايتز، بحجة أن ذلك سيشكّل «خرقاً فظيعاً للبروتوكول» للقيام بذلك بعد استقالة غايتز، مما يجعله خارج اختصاص اللجنة. وحثّ جونسون النائب غويست بشكل خاص على عدم نشر النتائج.