كارتر ويعلون: الخيار العسكري ضد إيران ما زال على الطاولة

نتنياهو يرفض محاولات التهدئة ويطالب الكونغرس برفض الاتفاق > وزير الدفاع الأميركي في الرياض اليوم

وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر يصافح نظيره الإسرائيلي موشي يعلون خلال زيارته أمس إلى إسرائيل (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر يصافح نظيره الإسرائيلي موشي يعلون خلال زيارته أمس إلى إسرائيل (أ.ب)
TT

كارتر ويعلون: الخيار العسكري ضد إيران ما زال على الطاولة

وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر يصافح نظيره الإسرائيلي موشي يعلون خلال زيارته أمس إلى إسرائيل (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر يصافح نظيره الإسرائيلي موشي يعلون خلال زيارته أمس إلى إسرائيل (أ.ب)

اختتم وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، زيارته لإسرائيل، أمس، بلقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، محاولا التخفيف من معارضته للاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى، ووعده بوقوف الولايات المتحدة مع إسرائيل في مواجهة أي خطر إيراني. وعرض عليه رزمة مساعدات أمنية للتعويض عن الأضرار التي قد تقع بسبب الاتفاق، «إن وقعت». لكن نتنياهو رفض تغيير موقفه. وقال إن أي مساعدات لن تعوض إسرائيل عن الأضرار. واستغل اللقاء ليهاجم الاتفاق بشكل تفصيلي، البند تلو الآخر.
ووصل وزير الدفاع الأميركي، أمس، إلى الأردن، في إطار جولته التي تركز خصوصا على الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى. وحطت طائرة كارتر في قاعدة جوية عسكرية شمال الأردن قرب الحدود مع سوريا، حيث التقى عددًا من رفاق الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي قتله تنظيم داعش حرقا مطلع العام الحالي، بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. والتقى كارتر كذلك عددا من الجنود الأميركيين المتمركزين هناك، ومن المقرر أن يغادر كارتر الأردن، اليوم، متوجها إلى السعودية.
وقال نتنياهو إن الاتفاق ليس كافيا لمنع الجمهورية الإسلامية من الحصول على أسلحة نووية يمكن أن تستخدم في استهداف إسرائيل وغيرها من دول المنطقة والعالم. واعتبر أن الخيار العسكري يبقى مطروحا رغم أن خبراء يرون أن ضربات أحادية الجانب من قبل إسرائيل أمر غير مرجح الآن.
وقد حرص كلاهما على الامتناع عن الإدلاء بتصريحات للصحافيين «خوفا من بروز الخلافات العميقة بين الطرفين». وكان نتنياهو قد استبق لقاءه كارتر بنشر نص رسالة كان قد وجهها إلى جميع أعضاء الكونغرس الأميركي من الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، يحثهم فيها على رفض الاتفاق المبرم. وجاء في الرسالة أن «قرار مجلس الأمن (المصادقة على الاتفاق) ليس نهاية الطريق». كما تحدث نتنياهو بعد لقاء كارتر مع نواب كتلة حزبه الليكود في الكنيست، فقال: «طالما بقيت العقوبات التي فرضها الكونغرس على إيران سارية المفعول، ستضطر إيران إلى تقديم التنازلات وليس الحصول عليها».
وأضاف أن «مجلس الأمن يمنح الشرعية لدولة تخرق بشكل دائم قراراته وتهدد بتدمير إسرائيل»، وحسب رأيه، فإن «التاريخ أثبت أنه حتى إذا كان العالم موحدا في الرأي فإنه ليس من الضروري أن يكون محقا». وقد واصل كارتر محاولاته لتبديد قلق إسرائيل من الاتفاق، فقال إن سياسة واشنطن في المنطقة تجاه حلفائها وأعدائها لم تتغير بتاتا، مؤكدا أن إسرائيل «تبقى حجر الزاوية للاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط». وأضاف: «الولايات تشعر بالقلق إزاء التهديد من إيران، لكن اتفاق إيران مع الدول الكبرى هو صفقة جيدة ويزيل مصادر التهديد وعدم الاستقرار في المنطقة. وما زالت هناك مخاوف أخرى مثل (داعش) على سبيل المثال، وهذا الأمر يدفع الولايات المتحدة وإسرائيل للتعاون والعمل معا مثل صديقين وحليفين في منطقة مليئة بالمخاطر والتهديدات». وقال إن الولايات المتحدة يجب أن تزيد من تعاونها الأمني مع إسرائيل، وهذا ليس بسبب الاتفاق، ويجب أن يكون التعاون في الجوانب والمواضيع التي تشكل خطرا على الولايات المتحدة وحلفائها، التي قال إنه ناقشها مع المسؤولين الإسرائيليين.
من جهة أخرى، قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون إنه صادق الكونغرس أو لم يصادق على الاتفاق، النظام الإيراني سيبقى بنظر إسرائيل يشكل نظام هيمنة وسيطرة. وما زلنا نعتبر بنظره على حد سواء (الأميركي والإسرائيلي) شيطانا. وقال إنه ما زالت هناك أمور سيناقشونها مستقبلا، مثل الدعم الذي تقدمه إيران إلى كل من حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، التي يعتبرها تنظيمات إرهابية مستعدة لمواجهة إسرائيل والمصالح الأميركية في اليمن والمملكة العربية السعودية وتشعل الشرق الأوسط المضطرب، معتبرا أن هذه قضايا مهمة يجب التعامل معها أيضا. وشدد يعالون على أن التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة بدأ قبل وقت طويل من الاتفاق، وإن لن ينتهي بسبب الاتفاق. ومن المؤكد أن التعاون سيعتمد على الجوانب التي تمت مناقشتها وعن الفرص في المنطقة.
وأضاف أن إسرائيل لم توقف أي مشروع جارٍ بينها وبين الولايات المتحدة ووزارة الدفاع الأميركية، مشددا على أنه يجب على كلا الطرفين التعاون معًا على مستوى الموظفين للنظر والبحث بعناية شديدة في تأثير الصفقة «الذي نؤمن أنه سيعزز قدراتها القتالية فضلا على حصولها على مزيد من المال، ونحن نراقب الأسلحة في الدول بالمنطقة ونعتقد أنه حتى نهاية العام سنحصل على الاستنتاجات». وقال إنه يجب على إسرائيل أن تلائم سياساتها مع التغييرات في الشرق الأوسط. وصرح كلاهما بأنهما ناقشا خلال اجتماعهما الأحداث في سوريا، التي تشكل مصدر قلق للولايات المتحدة، بحسب كارتر، من جهته قال يعالون إن حالة عدم الاستقرار ستستمر في سوريا لفترة طويلة.
وقام الوزير يعلون، بمصاحبة كارتر، بجولة على حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان وسوريا، لما وصف بأنه «تقييم المخاطر التي يشكلها حلفاء إيران؛ سوريا وحزب الله اللبناني، على أمنها». وأوضح لضيفه أن الاتفاق مع طهران لا يغير شيئا في مخططات «محور الشر» في دعم أذرعها في المنطقة لتهديد إسرائيل وغيرها من دول الشرق الأوسط.
وقال كارتر إن «أمن إسرائيل وتفوقها النوعي يوجدان في الأولويات العليا بالنسبة للولايات المتحدة ولجيشنا ولي شخصيا». وتابع: «الاتفاق مع إيران لا يمنع البنتاغون من إبقاء الخيار العسكري مطروحا لمنع إيران من حيازة القنبلة الذرية». وأعلن كارتر أن الولايات المتحدة مستعدة لتعزيز تعاونها العسكري مع إسرائيل، مشيرا بشكل خاص إلى مضادات الصواريخ أو الأمن المعلوماتي.
إلى ذلك، قال ضابط في الجيش الإسرائيلي، أمس، إن إيران لا تزال تقف على رأس اهتمامات جيشه «لأننا نفترض أن إيران ستواصل محاولة تنفيذ خطتها النووية العسكرية سرا». وقال إنه «في ضوء هذا التقدير، يتوقع أن يركز الجيش على جمع المعلومات على الخطة النووية والبحث عن خروقات للالتزامات الإيرانية. وإلى جانب ذلك يتوقع أن يواصل الجيش الاحتفاظ بقوات جوية متأهبة للرد المحتمل على التهديد الإيراني».
وفيما دعت بعض الأطراف الحكومة الإسرائيلية إلى بدء التكيف مع الواقع الجديد الذي خلقه الاتفاق، قالت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي تسيبي حوتوفلي، أمس (الثلاثاء)، إنه سيتم الإبقاء على هذه المعارضة للاتفاق على أمل التأثير على تصويت.



فرنسا لمواجهة «التحدي الاستراتيجي» الإيراني

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو في أثناء حضورهما تجمعاً بمناسبة مرور 10 سنوات على الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة وسوبر ماركت يهودي في باريس (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو في أثناء حضورهما تجمعاً بمناسبة مرور 10 سنوات على الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة وسوبر ماركت يهودي في باريس (رويترز)
TT

فرنسا لمواجهة «التحدي الاستراتيجي» الإيراني

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو في أثناء حضورهما تجمعاً بمناسبة مرور 10 سنوات على الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة وسوبر ماركت يهودي في باريس (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو في أثناء حضورهما تجمعاً بمناسبة مرور 10 سنوات على الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة وسوبر ماركت يهودي في باريس (رويترز)

استكمل وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم الثلاثاء، «مضبطة الاتهامات» ضد إيران التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون في كلمته أمام السلك الدبلوماسي، الاثنين، والتي لم تتضمن ملف الرهائن الفرنسيين المحتجزين في إيران منذ عام 2022.

وبذلك، أضاف بارو مدماكاً إضافياً إلى المداميك العديدة التي تؤدي إلى تصعيد التوتر في العلاقات الفرنسية - الإيرانية.

يعكس كلام بارو شكلاً من أشكال الإحباط بسبب فشل باريس في الحصول على الإفراج عن مواطنيها الثلاثة: سيسيل كوهلر ورفيق دربها جاك باريس ومواطن ثالث لم يكشف سوى عن اسمه الأول، أوليفيه، الذين ما زالوا محتجزين في إيران، علماً بأن السلطات الإيرانية قد وافقت سابقاً وفي فترات مختلفة على تحرير عدد من الفرنسيين.

رداً على ذلك، دعا بارو الفرنسيين، الثلاثاء، إلى الامتناع عن التوجه إلى إيران انتظاراً لـ«الإفراج الكامل» عن «رهائن الدولة»، كما تسميهم باريس.

وجاء في تصريحاته حرفياً: «أقول للسلطات الإيرانية: يجب الإفراج عن رهائننا. علاقاتنا الثنائية ومستقبل العقوبات يعتمد على ذلك. أدعو مواطنينا، وحتى يتم الإفراج الكامل عن رهائننا، إلى عدم التوجه إلى إيران».

وأفاد بارو بأنه «منذ انتخاب الرئيس (مسعود) بزشكيان، ورغم الجهود التي بذلناها على أعلى مستوى، فقد تدهورت أوضاعهم».

بارو يُلقي خطاباً بجانب وزير الخارجية البولندي رادوسواف سيكورسكي خلال المؤتمر السنوي للسفراء الفرنسيين الاثنين (رويترز)

وترفض باريس، قطعياً، الاتهامات الموجهة لمواطنيها الثلاثة، ومنها التجسس لصالح قوة أجنبية. ولم يتردد الوزير الفرنسي في اتهام إيران بممارسة التعذيب ضد الثلاثة بقوله: «إن وضع مواطنينا المحتجزين كرهائن في إيران غير مقبول بكل بساطة، فهم محتجزون ظلماً منذ عدة سنوات، في ظروف غير لائقة تندرج بالنسبة للبعض ضمن تعريف التعذيب بموجب القانون الدولي».

دبلوماسية الرهائن

ليس ملف احتجاز الرهائن في إيران جديداً، لا بالنسبة لفرنسا أو للبلدان الأوروبية ولدول أخرى. وآخر ما استجد توقيف الصحافية الإيطالية سيسيليا سالا في طهران يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) بحجة «انتهاك القوانين الإيرانية»، الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة الإيطالية.

كما أنه ليس سراً أن السلطات الإيرانية تلجأ إلى اعتماد سياسة الرهائن لمقايضتهم بمواطنين إيرانيين مسجونين في البلدان الغربية، والأدلة على ذلك عديدة.

وفي حالة فرنسا، فإن ما يثير استغرابها أن طهران لا تأخذ بعين الاعتبار حرص باريس على استمرار التواصل معها الدبلوماسي على أعلى المستويات. لكن اللافت أن وزير الخارجية ربط، وللمرة الأولى، كما تقول مصادر فرنسية، بين ملف الرهائن، وتواصل العقوبات على إيران. ويبدو أن بارو تعمد الغموض من حيث امتناعه عن تحديد العقوبات التي أشار إليها، وما إذا كانت مرتبطة فقط بمسألة الرهائن أم بالملفات الخلافية العديدة القائمة مع طهران، والتي شكلت لـ«مضبطة الاتهامات» التي فصّلها ماكرون.

أشخاص يشاركون الثلاثاء في وقفة نظمتها نقابة الصحافيين في لاتسيو ورابطة الصحافة الرومانية للمطالبة بالإفراج عن الصحافية الإيطالية سيسيليا سالا المحتجزة في إيران (د.ب.أ)

ماكرون والعودة لـ«سناب باك»

لم تكن المرة الأولى التي ينتقد فيها ماكرون إيران وبرنامجها النووي ودورها الإقليمي، لكن اللافت فيما جاء على لسانه، الاثنين، وصفه إياها بـ«التحدي الاستراتيجي والأمني لفرنسا وللأوروبيين وللمنطقة بكاملها (الشرق الأوسط)، وأبعد من ذلك». وتشمل «مضبطة الاتهامات» برنامج إيران النووي المتسارع الذي يقودنا إلى حافة القطيعة أو «اللاعودة»، في إشارة إلى ارتقائها بتخصيب اليورانيوم، وبالتالي اقترابها من القدرة على امتلاك السلاح النووي.

كذلك، ندد ماكرون ببرنامج إيران للصواريخ الباليستية الذي «يهدد التراب الأوروبي ومصالحنا». وكان لا بد لماكرون أن يشير إلى «انخراط إيران في الحرب الروسية على أوكرانيا»، وهو أمر «مثبت»، وكذلك «توفيرها الدعم للمجموعات الخطيرة» الضالعة في كافة نزاعات وحروب الشرق الأوسط، مدللاً على الميليشيات التي تساندها طهران في غزة ولبنان والعراق واليمن.

وللمرة الأولى، يشير ماكرون لدور إيراني في أفريقيا من خلال «وكلائها»، فضلاً عن اللجوء إلى «ممارسة الإرهاب».

الخلاصة التي توصل إليها ماكرون تقول إن إيران «تشكل خطراً إن لم يتم التعامل معها»، ما يحتّم «القيام بمناقشة شاملة» تضم الملفات الخلافية العديدة: النووي، والباليستي، والأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة بما فيها أفريقيا»، والغرض «بناء حلول قابلة للتحقق ولا رجعة فيها».

ثم إن ملفاً بهذه الخطورة يفترض، وفق ماكرون، أن يكون على رأس الملفات الرئيسية المفترض مناقشتها مع الإدارة الأميركية الجديدة من أجل التوصل، بخصوص النووي، إلى «اتفاق أوسع نطاقاً، وهو الخط الذي نسير عليه».

وذكر الرئيس الفرنسي أنه طرح، في عام 2018، على الرئيس ترمب، عوض نقض اتفاق 2018، استكماله ببنود إضافية للتوصل إلى اتفاق أقوى وأوسع. ويريد ماكرون انخراطاً واسعاً لمعالجة الملفات الإيرانية، يشمل بالطبع الولايات المتحدة والأوروبيين، ولكن أيضاً دول المنطقة الرئيسية. أما القنبلة التي فجرها ماكرون والتي يعدّها الورقة الرئيسية الضاغطة على إيران، فعنوانها تفعيل ما يسمى آلية «سناب باك» التي تعني إعادة الملف النووي إلى مجلس الأمن، وما يمكن أن يُفضي إلى إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.

وقال ماكرون ما حرفيته: «في الأشهر المقبلة، سيتعين علينا أن نطرح على أنفسنا مسألة استخدام آليات إعادة فرض العقوبات من الآن وحتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ونحن مستعدون للقيام بذلك، ولكننا بحاجة إلى التزام أوسع نطاقاً من أجل التوصل إلى معاهدة أكثر تشدداً. من وجهة نظري، هذه إحدى القضايا ذات الأولوية في النقاش الاستراتيجي مع الولايات المتحدة والمنطقة بأسرها».

وإشارة ماكرون إلى شهر أكتوبر مردّها لانتهاء الاتفاقية النووية والقرار 2231، رسمياً، في الخريف المقبل.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في صورة قديمة جمعته في 2020 مع ينس ستولتنبرغ أمين عام حلف شمال الأطلسي وقتها (د.ب.أ)

ترمب والمُعطَى الجديد

ليست المآخذ الغربية على برنامج إيران النووي جديدة ولا حاجة لتكرارها، بيد أن ما يفسر اللهجة «الهجومية» التي يعتمدها الرئيس الفرنسي لا يمكن فصلها، وفق سفير سابق في المنطقة، عن ثلاثة عوامل رئيسية: الأول، عودة ترمب إلى البيت الأبيض وخططه المرتقبة تجاه إيران. والثاني، ضعف النظام الإيراني حالياً بسبب التطورات العسكرية التي تشهدها المنطقة منذ أكتوبر 2023. والثالث فرنسي خالص «ملف الرهائن الفرنسيين في إيران». ولذا، أصبح واضحاً اليوم أن إيران فقدت الكثير من مخالبها التي سعت خلال العقود الماضية إلى تقويتها وفق استراتيجية تطويق إسرائيل وتقوية «الوكلاء»؛ سواء كانوا في غزة أو لبنان أو العراق أو اليمن؛ من أجل حماية النظام.

يضاف إلى ما سبق أن الضربات العسكرية التي وجهتها إسرائيل لإيران، خصوصاً الضربة الجوية الأخيرة، أواخر أكتوبر الماضي، أضعفت قدراتها الدفاعية بسبب القضاء على منظومات الدفاع الجوي التي تمتلكها، ما دفع برئيس الوزراء الإسرائيلي بـ«التباهي» وتأكيد أن سلاح الجو الإسرائيلي يستطيع أن يسرح ويمرح في الأجواء الإيرانية على هواه، ما دفع الدبلوماسي الأميركي السابق المعروف جيمس جيفري إلى القول لقناة «بي بي سي» يوم 22 ديسمبر ( كانون الأول) الماضي، إن ما تعيشه طهران هو «انهيار غير مسبوق لهيمنة إقليمية»، وإن «كافة أحجار الدومينو التي بنتها قد تهاوت»، ما ينعكس حكماً على قدراتها.

بالنظر لما سبق، ثمة قراءة تقول إن «الوقت مناسب للحصول على تنازلات من إيران»، وهو الأمر الذي يفسر قبولها معاودة المفاوضات مع الثلاثي الأوروبي: فرنسا وبريطانيا وألمانيا حول برنامجها النووي في اجتماع ثان سيعقد يوم 13 الحالي استباقاً لتسلم ترمب مسؤولياته رسمياً بعد أسبوعين.

وثمة قناعة لا تتزحزح، قوامها أن ملف إيران اليوم مرهون بما سيقرره ترمب، وليس أي جهة أخرى. من هنا، تتلاطم التكهنات بين من يتوقع ضربة عسكرية إسرائيلية أو أميركية - إسرائيلية للقضاء على برنامج إيران التي اتهمها جاك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن، بأنها تعمل على تصنيع القنبلة النووية، ومن يعتقد أن السلطات في طهران، المشغولة أيضاً بخلافة خامنئي البالغ من العمر 85 عاماً، والذي يتحكم بالقرار منذ عام 1989، ستظهر ليونة في التعاطي مع الوضع الإقليمي والدولي الجديد لتجنب الأسوأ.