التطبيع مع إيران يثير مخاوف دبلوماسيين وعسكريين غربيين

حذروا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من توسع طهران في دعم الإرهاب

التطبيع مع إيران يثير مخاوف دبلوماسيين وعسكريين غربيين
TT

التطبيع مع إيران يثير مخاوف دبلوماسيين وعسكريين غربيين

التطبيع مع إيران يثير مخاوف دبلوماسيين وعسكريين غربيين

يثير «التطبيع الغربي» مع إيران مخاوف دبلوماسيين وعسكريين غربيين، بعد يومين من إقرار توقيع الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، في مجلس الأمن. لكن إحدى الفرص النادرة لعرقلة رفع العقوبات الأميركية عن طهران، ما زالت موجودة في الكونغرس الذي سيتوجب عليه التوقيع على ما توصلت إليه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، خلال نحو 60 يوما من الآن.
وبينما حذر طاهر بومدرا، کبير موظفي الأمم المتحدة في العراق سابقا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، من تمادي إيران في سياساتها بالمنطقة، قالت ليندا تشاوز، المديرة السابقة للعلاقات العامة في البيت الأبيض الأميركي، إن ملخص الاتفاق النووي الذي جرى التوصل إليه بين القوى الكبرى وإيران، هو بكل بساطة «تقديم خدمة لنظام طهران». وشارك ثلاثة من المراقبين الغربيين المعنيين بقضايا منطقة الشرق الأوسط في مؤتمر صحافي نظمته المعارضة الإيرانية عبر الإنترنت من باريس أمس، وطرحت فيه «الشرق الأوسط» عدة أسئلة عن التداعيات المحتملة للاتفاق النووي، بينما تلقت ردودا من أطراف غربية أخرى حول القضية نفسها. وشدد البروفسور إيفان شيهان، مدير المفاوضات وإدارة الأزمات في جامعة بالتيمور، على الدور الذي يتوجب أن يلعبه الكونغرس للتصدي لأطماع إيران.
وقال إن الكونغرس يجب أن يتخذ قراره تجاه الاتفاق النووي «خاصة أننا وجدنا أن الاتفاق يحمل في طياته حالة دراماتيكية في ما يتعلق بالأمن في منطقة الشرق الأوسط.. المشرعون الأميركيون يجب أن يرفضوا هذا الاتفاق». وأضاف ردا على سؤال آخر بشأن ما يمكن أن يقوم به الكونغرس قائلا إنه يمكن للكونغرس الوقوف بصرامة تجاه هذا الأمر والتحقيق في كل المعلومات التي جرى الحصول عليها في السابق بشأن الأنشطة النووية الإيرانية السرية. وأضاف البروفسور شيهان أن الكونغرس لا بد أن يبت في المعلومات التي تأتي من الأرض ومن الداخل الإيراني وأن يضعها في الاعتبار، مشيرا إلى أن الإيرانيين كانوا يحضرون المفاوضات وفي الوقت نفسه يعبئون الشعب الإيراني ضد الاتفاق الدولي، خاصة من جانب قوة القدس والحرس الثوري الإيراني. وتابع موضحا: «من وجهة نظري يجب على الكونغرس أن ينظر إلى ممارسات الحرس الثوري الإيراني»، مشيرا إلى أن الرئيس أوباما نفسه، هو الذي تحدث عن أن النظام الإيراني بؤرة الإرهاب، والراعي للإرهاب في العالم. وتساءل البروفسور شيهان: «كيف بالإمكان، بعد هذا، أن نجلس مع نظام طهران ونصل معه لمثل هذا الاتفاق؟».
وقال إن المشرعين الأميركيين يجب أن يرفضوا الاتفاق النووي «لأنه لم يأت بالنتيجة المتوخاة. نحن نعرف أن هذا النظام لم يأت برغبته إلى هذه المفاوضات»، مشددا على أن النظام الإيراني، ولمدة عقود «كان يتدخل في المنطقة، وكان بحاجة إلى تقنية نووية لتكون رصيدا له من أجل مزيد من التدخلات في الدول الأخرى. وهذا النظام متورط بشكل مباشر في دعم نظام بشار الأسد، وكل ذلك على حساب مصلحة الشعب الإيراني».
وأضاف البروفسور شيهان أن «الاتفاق الجديد لن يمنع طهران من التدخل في المنطقة، وسوف تستمر في ذلك، ويجب أن نراقبها عن كثب». وقال إن «النظام الإيراني كان متورطا فعلا في كثير من الأمور، سواء دعم الأسد أو الميليشيات التابعة لطهران في العراق والدول الأخرى». وأعرب عن وقوفه ضد النظرية المقدمة من الرئيس أوباما التي تقول إنه جاء بالاتفاق النووي مع إيران تجنبا للحرب، لكن، في الحقيقة، العكس هو ما سوف يحدث.
وفي ما يتعلق بمسألة التفتيش على المنشآت النووية، أوضح مدير المفاوضات وإدارة الأزمات في جامعة بالتيمور، أنه من الصعب وصول المفتشين الدوليين في كل وقت وفي كل مكان للمراكز النووية السرية.. «النظام الإيراني نفسه يقول إن هذا لن يكون متاحا ليس في كل مكان وليس في كل وقت.. عكس ما كان يقال في السابق. لا أعتقد أن أي ناخب أميركي سيثق بمثل هذا الأمر». وحذر شيهان من الأموال الضخمة التي ستكون تحت يدي النظام الإيراني بفضل الاتفاق النووي، وقال إن «هناك كمية كبيرة من السيولة النقدية سوف تتدفق لجيوب النظام الإيراني وسوف يعزز بها قدراته من أجل التدخل في شؤون المنطقة. هذا الاتفاق يوفر الإمكانيات التسليحية والصاروخية للنظام الإيراني، مع بعض التأخير، لكن لا يمنعه». وتابع قائلا إن «ما نراه هو تنازلات بعد تنازلات لصالح النظام الإيراني، وهذا يجعل الأمر خطيرا أمامنا. الكونغرس يجب أن يأخذ قراره الخاص، ويجب أن يعرف أن طهران تقف وراء زعزعة الأمن وانتهاك حقوق الإنسان، وأن المسار الذي اتخذه أوباما خاطئ جدا».
ومن جانبها أكدت السيدة تشاوز على أن الاتفاق لن يمنع إيران من الوصول إلى القنبلة النووية، وأضافت أن نظام طهران «سوف يستغل الوقت للحصول على هذه القنبلة»، مشيرة إلى أن الدول الكبرى تسببت في إطلاق يد السباق النووي في المنطقة.. «الكثير من دول الإقليم بدأت تبحث، بعد الاتفاق، للدخول في المجال النووي». وأعربت عن اعتقادها في أن الكونغرس كان ينبغي عليه أن يعطي رأيه في الاتفاق قبل التوقيع عليه من جانب الدول الكبرى ومجلس الأمن. ومن المعروف أن وزارة الخارجية الأميركية أحالت للكونغرس يوم الأحد الماضي النص الكامل للاتفاق حول الملف النووي الإيراني. وسيكون على الكونغرس الذي يسيطر الجمهوريون على غالبيته، التصويت على القرار قبل يوم 18 سبتمبر (أيلول) المقبل، وإذا لم يوافق عليه فلن يكون هناك مجال لإلغاء العقوبات الأميركية على طهران، كما وعدت إدارة أوباما.
وردا على سؤال حول المقارنة بين الاتفاق النووي مع إيران وما حدث من اتفاق مماثل في السابق مع كوريا الشمالية النشطة في مجال التصنيع العسكري النووي، قالت السيدة تشاوز، إنه كان ينبغي أن نتعلم من الدرس الذي تلقته القوى الدولية من تجربة الاتفاق مع كوريا الشمالية، و«لهذا كان علينا أن نكون أكثر صرامة مع الجانب الإيراني، بينما هذا لم يحدث». وأوضحت أن الرئيس أوباما سبق ووعد بالعمل على وقف إيران عن مسارها في النشاط النووي، «لكن توجد عقبات أمام تحقيق هذا عمليا»، مشيرة إلى أنه «ليس في كل يوم يمكن للمفتشين دخول إيران، ولكن لا بد لهم أن يحصلوا على الإذن، وهذا ليس ممكنا طوال الوقت. البرنامج النووي الإيراني بهذه الطريقة لا يمكن فرض الرقابة عليه، وسيسمح الاتفاق بمراوغات وانتهاكات».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عدَّ القائد العسكري الأميركي السابق في العراق الجنرال ويسلي مارتين، الاتفاق النووي بمثابة فتح الأبواب أمام النظام الإيراني لفعل ما يريد، سواء في المنطقة وخاصة العراق، أو بحق المعارضة الإيرانية.. «الآن، وبعد الاتفاق النووي، أصبح الخطر من إيران أكبر مما نتصور»، بينما قال السفير الأميركي السابق في الأمم المتحدة، كن بلاك وول، إن النظام الإيراني «سوف يتحصل على مليارات الدولارات من السيولة النقدية والذهب والأرصدة المالية، وسوف يعزز قدراته في الإنفاق على الأعمال الإرهابية».
ودعا السفير بلاك ويل إلى تركيز الاهتمام على الكونغرس الأميركي للوصول إلى رفض للاتفاق. وقال: «يجب أن نركز اهتمامنا على الكونغرس لكي يرفض الاتفاق، وإذا رفضه فعلى الرئيس أوباما أن يقبل بهذا الأمر.. الإدارة الأميركية، بما اتخذته من قرارات، فإنها في الحقيقة قامت بتعزيز قدرات النظام الإيراني».



إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
TT

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات. وبينما قتلت الغارات الإسرائيلية 3 فلسطينيين بينهم طفلان في قصف جوي، واصلت عمليتها البرية في شمال غزة وقالت إنها تقترب من «هزيمة (حماس)» هناك.

وقتل الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين في قصف جوي في بلدة «طمون» شمال الضفة، بينهم آدم بشارات (24 عاماً)، الذي يعتقد أنه الهدف الرئيسي، والطفلان رضا بشارات (8 سنوات) وحمزة بشارات (10 سنوات) ما يرفع عدد من قتلهم الجيش منذ بدأ عملية واسعة في شمال الضفة إلى 6 فلسطينيين، وكان ذلك بعد مقتل 3 إسرائيليين في هجوم فلسطيني قرب قلقيلية يوم الاثنين الماضي. وقتلت إسرائيل 3 فلسطينيين آخرين، يوم الثلاثاء، في طمون وقرب نابلس.

مشيعون يحملون جثمان جعفر دبابسة (40 عاماً) خلال جنازته في قرية طلوزة بالقرب من مدينة نابلس الثلاثاء (إ.ب.أ)

وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن طائرة تابعة لسلاح الجو هاجمت «خلية إرهابية» شمال الضفة، لكن بعد اكتشاف مقتل طفلين في القصف، قال الجيش إنه فتح تحقيقاً حول الأمر.

وقال الجيش في بيانه إن «الغارة جاءت بعد رصد إرهابي يقوم بزرع عبوات ناسفة في منطقة تنشط فيها قوات الأمن».

وبحسب مصادر عسكرية فإن التحقيق «يشمل إعادة النظر في تحديد أهداف الغارة، والتأكد من عدم وجود أخطاء في عملية الاستهداف».

ساحة رئيسية

التصعيد في الضفة جاء بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه صادق على زيادة العمليات الدفاعية والهجومية في الضفة الغربية، رداً على عملية قلقيلية.

وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن الضفة الغربية أصبحت «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات الإسرائيلية.

ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن كاتس قوله في لقاء جمعه مع قادة ورؤساء المستوطنين ومجالسهم في الضفة، إن «يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أصبحت ساحة مركزية في خريطة التهديدات لإسرائيل ونحن نستعد للرد وفقاً لذلك».

وأضاف: «إننا نرى تهديدات متزايدة للمستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ونحن نستعد مع الجيش الإسرائيلي لتقديم الرد القوي اللازم لمنع وقوع أحداث مثل 7 أكتوبر (تشرين الأول) هنا».

قوة إسرائيلية خلال غارة على مخيم الفرا للاجئين قرب مدينة طوباس بالضفة الغربية الثلاثاء (د.ب.أ)

وذكر مكتب كاتس أنه أبلغ رؤساء السلطات بالخطوات الفورية التي وجه الجيش الإسرائيلي باتخاذها لتعزيز الأمن في المنطقة، بما في ذلك زيادة النشاط العسكري، وتنفيذ إجراءات مضادة واسعة النطاق في البلدات وتعزيز إنفاذ القانون على طول طرق المرور، والتزام الجهاز الأمني بتوسيع العمليات العملياتية في كل ساحة يتم فيها تنفيذ هذه العمليات.

ضغط بموازاة المفاوضات

وبينما قرر الجيش التصعيد في الضفة الغربية، وأنه حولها إلى ساحة تهديد رئيسية، واصلت القوات الإسرائيلية عمليتها البرية في قطاع غزة، في الشمال والوسط والجنوب.

وتعهد رئيس الأركان هيرتسي هاليفي بمواصلة القتال في غزة، حتى تصل حماس إلى «نقطة تفهم فيها أن عليها إعادة جميع المختطفين».

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن الجيش يواصل عمليته في شمال قطاع غزة بالتوازي مع المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق، وقام بتعميق نشاطه في مناطق مختلفة في الأيام الأخيرة بينها بيت حانون، وهي المنطقة التي تدور فيها المعارك الأعنف في قطاع غزة خلال هذه الفترة.

وقالت القناة إن «القوات في المراحل النهائية لتطهير شمال قطاع غزة من الإرهابيين».

ونقلت القناة العبرية أن «الشعور السائد لدى الجنود أن (حماس) قد تنازلت عن شمال القطاع». وزعموا أن انخفاضاً كبيراً في الاحتكاك حدث في جباليا وبيت لاهيا وأن «العديد من المسلحين يفرون إلى الجنوب بأعداد غير مسبوقة».

لكن الجيش الإسرائيلي أعلن مراراً خلال حربه على غزة سيطرته على شمال القطاع، قبل أن يعود المسلحون الفلسطينيون لمفاجأته بعمليات وإطلاق صواريخ تجاه المستوطنات.

صاروخ اعترضه الدفاع الجوي الإسرائيلي يوم الأربعاء فوق بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارك مستمرة، وما يجري (من تحريك للمسلحين) هو تكتيك». وأضافت أن طبيعة المعارك تفرض «قاعدة الكر والفر» في العمل الميداني.

ويواجه الجيش الإسرائيلي معارك عنيفة في شمال غزة، إذ أعلن، الثلاثاء، عن مقتل المزيد من جنوده في المعارك الدائرة هناك. وإلى جانب المعركة في الشمال، واصلت إسرائيل قصف مناطق في القطاع في مدينة غزة، وخان يونس، وقتلت 15 فلسطينياً على الأقل، الأربعاء.

وقالت وزارة الصحة، إن حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ارتفع إلى 45.936 و 109.274 مصاباً منذ السابع من أكتوبر 2023.