اتهامات للحوثيين بنهب الآثار في محافظة إب تمهيداً لبيعها

الميليشيات دمرت عشرات المواقع التاريخية منذ انقلابها

قطع أثرية يمنية كانت معروضة في متحف ظفار في محافظة إب (تويتر)
قطع أثرية يمنية كانت معروضة في متحف ظفار في محافظة إب (تويتر)
TT

اتهامات للحوثيين بنهب الآثار في محافظة إب تمهيداً لبيعها

قطع أثرية يمنية كانت معروضة في متحف ظفار في محافظة إب (تويتر)
قطع أثرية يمنية كانت معروضة في متحف ظفار في محافظة إب (تويتر)

اتهمت مصادر يمنية الميليشيات الحوثية بالقيام بعمليات تجريف ونهب واسعة للآثار في محافظة إب (192 كلم جنوب صنعاء)، خاصة في متاحف ومواقع أثرية في منطقة «ظفار» التاريخية، وسط تأكيدات محلية بوجود عصابات متخصصة تابعة لقيادات حوثية تقف خلف جرائم النهب.
وكشف الباحث اليمني في مجال الآثار عبد الله محسن، عن استمرار تعرض مواقع أثرية في مناطق يمنية عدة لعمليات تجريف وحفر عشوائي واسعة النطاق، من بينها منطقة «ظفار» ومتحفها التاريخي بمحافظة إب.
وأشار إلى أن عدداً من المواقع الأثرية في «ظفار» تعرض في الفترة القليلة الماضية لعمليات تعد واسعة، نتج عنها استخراج عدد من الآثار، منها تمثال برونزي يزن 684 غراماً، بطول يزيد على 20 سم وعرض 6.5 سم.
وحذر محسن في منشور له على حسابه بموقع «فيسبوك»، من مساع حوثية لبيع تمثال برونزي ووجه أسد، تم نهبهما من منطقة «ظفار» الأثرية بعد نقلهما إلى صنعاء.
ولفت إلى أن النشر عن تلك القطع المعروضة للبيع يعد بلاغاً، ومن شأنه جعل المشتري الأجنبي والمحلي يُحجم عن الشراء. محمِّلاً الانقلابيين كامل المسؤولية عن التساهل مع هذه الجرائم التي تطال الآثار اليمنية.
وحمل الباحث اليمني سلطات الانقلاب في صنعاء كامل المسؤولية عن التساهل مع كل الجرائم والانتهاكات التي طالت وتطال الآثار اليمنية بالمناطق التي تقع تحت سيطرتها.
ويأتي تكرار الجماعة الانقلابية استهداف كل ما له علاقة بتاريخ وحضارة وتراث اليمن، متوازياً مع اتهامات سابقة وجهها عاملون ومهتمون في مجال الآثار لقادة في الجماعة قاموا بعمليات نهب وبيع قطع أثرية عبر شبكة تهريب، حيث وصل عددها إلى 4800 قطعة ومخطوطة.
وتعد هذه المرة الثالثة خلال أقل من عامين التي تتعرض فيها المعالم والمتاحف والمواقع التاريخية في محافظة إب، الخاضعة لسيطرة الجماعة، لأعمال تجريف واسعة ومنظمة على أيدي عصابات تتلقى التمويل والدعم من قيادات حوثية.
وكان مسؤول سابق في الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية الخاضعة للانقلاب في صنعاء، كشف في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، عن ضلوع قيادات حوثية في نهب آثار عدة من مختلف مديريات إب؛ لغرض ببيعها والمتاجرة بها.
وتواصل الجماعة الحوثية منذ انقلابها اعتداءاتها ضد عديد من مواقع ومعالم اليمن الأثرية والتاريخية، تارةً بالنهب والتهريب والبيع، وأخرى بالتفجير والقصف والتحويل لمخازن أسلحة وثكنات عسكرية.
ويقول العاملون في مجال الآثار إن الميليشيات استهدفت أكثر من 150 مَعْلَماً وموقعاً أثرياً وتاريخياً، بالتدمير والنهب والقصف والتحويل لثكنات عسكرية، منذ انقلابها أواخر عام 2014، مع تأكيدهم اختفاء 60 في المائة من مكنوزات المتحف الوطني بصنعاء. وكان ناشطون يمنيون اتهموا في مطلع فبراير (شباط) 2021 الانقلابيين الحوثيين بمواصلة مسلسل التدمير المتعمد لحضارة وتراث البلاد، من خلال جرائم التجريف والنهب المستمرة للآثار، خصوصاً تلك الواقعة بنطاق محافظة إب تحت سيطرتها.
وأكد الناشطون أن قيادات حوثية، وعبر عصابات نهب متخصصة، تمكنت حينها من سرقة مقتنيات أثرية من متحف «ظفار» في إب، وتزامن ذلك مع إطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب العالم بالتدخل لوقف جرائم الميليشيات بحق تاريخ وتراث وحضارة اليمن.
ويتهم العاملون في مجال الآثار الميليشيات بأنها نهبت قطعاً ومقتنيات أثرية من متحف «ظفار» يعود بعضها - وفق باحثين - إلى عهد الدولة الحميرية التي حكمت اليمن بين عامي 115 قبل الميلاد و752 بعد الميلاد.
وذكرت المصادر أن من بين المنهوبات ختماً لأحد الملوك الحميريين، وأحد النقوش الذي يوثق حقبة من تاريخ اليمن القديم، وكثيراً من القطع الأثرية المهمة.
وأقرت الجماعة الانقلابية وقتها على لسان المنتحل لصفة نائب رئيس هيئة الآثار والمتاحف المدعو عبد الله ثابت، بواقعة تعرض متحف ظفار للسرقة، ونتج عنها، بحسبه، سرقة قطعتين أثريتين، إحداهما ختم سبئي حميري، والثانية قطعة برونزية عليها نقش في حدود 13 سطراً.
وكان متحف «ظفار» التاريخي الذي تعرض مراراً للنهب يضم قبل الانقلاب الحوثي واجتياح الميليشيات إب أكثر من 300 قطعة أثرية قيمة من آثار المدينة التاريخية الحميرية، كما يعد أيضاً أحد أبرز المتاحف في اليمن، ويجمع آثار مناطق ظفار وقصر ريدان وغيرها.
ورداً على تواصل جرائم النهب الحوثي المتكررة لـ«ظفار» ومتحفها في إب، كانت الحكومة اليمنية نددت غير مرة بتلك الممارسات التي وصفتها بـ«الإجرامية». وعبّر وزير الإعلام والسياحة والثقافة معمر الإرياني عن إدانته، وبأشد العبارات، قيام ميليشيا الحوثي بتلك الأعمال.
وقال الإرياني، في تصريحات رسمية: «إن اعتداء ميليشيا الحوثي على متحف ظفار التاريخي امتداد لعمليات النهب المنظم وبيع وتهريب الآثار، ومسلسل الاعتداءات الممنهجة التي طالت المواقع والمعالم الأثرية والتراثية منذ الانقلاب، تنفيذاً لمخططاتها في طمس الموروث الثقافي والحضاري لليمنيين».
وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، وفي مقدمها منظمة اليونسكو، بإدانة اعتداء ميليشيا الحوثي الإرهابية على متحف ظفار التاريخي، وما تقوم به من نهب وتدمير ممنهج ومتعمد للمواقع والمعالم الأثرية والتاريخية في اليمن باعتبارها جزءاً من التراث الإنساني.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.