ملف انفجار مرفأ بيروت يفجّر «حرباً قضائية» في لبنان

النائب العام التمييزي يطلق سراح جميع الموقوفين ويدّعي على البيطار

صورة أرشيفية تظهر حجم الدمار الهائل الذي خلفه انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020 (أ.ب)
صورة أرشيفية تظهر حجم الدمار الهائل الذي خلفه انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020 (أ.ب)
TT

ملف انفجار مرفأ بيروت يفجّر «حرباً قضائية» في لبنان

صورة أرشيفية تظهر حجم الدمار الهائل الذي خلفه انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020 (أ.ب)
صورة أرشيفية تظهر حجم الدمار الهائل الذي خلفه انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020 (أ.ب)

يعيش القضاء اللبناني أسوأ مرحلة في تاريخه، فالصراع القائم بين مرجعياته أصاب العدالة بالتصدّع وربما بالتفكك، وبات من الصعب استعادة ثقة اللبنانيين بها، جرّاء احتدام الحرب الدائرة داخل الجهاز القضائي بسبب ملفّ التحقيق بجريمة انفجار مرفأ بيروت، بين المحقق العدلي القاضي طارق البيطار الذي بات شبه وحيد في هذه المعركة، وبين النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، الذي يحظى بدعم مطلق من القضاة المدعين العامين في جميع النيابات العامة.
ولم تمضِ ساعات قليلة على قرار البيطار، باستئناف تحقيقاته وإصدار لائحة ادعاءات جديدة ضمنها أسماء مسؤولين سياسيين وأمنيين وقضائيين، بينهم القاضي عويدات، حتى ردّ الأخير بهجوم معاكس، فاتخذ قراراً مفاجئاً وغير متوقع، قضى بإطلاق سراح جميع الموقوفين في ملف المرفأ وعددهم 17 شخصاً، وأوعز إلى إدارات السجون التي يُحتجزون فيها بالإفراج عنهم فوراً.
ولم يكتف عويدات بتطويق المحقق العدلي صاحب الصلاحية الحصرية للبتّ بملفّ الموقوفين، فاستتبع ذلك بالادعاء عليه بجرم اغتصاب السلطة، واستدعاه إلى جلسة تحقيق تعقد يوم الخميس المقبل، وأرسل مذكرة لتبليغه ضرورة المثول أمام النيابة العامة التمييزية، إلا أن البيطار رفض تسلّم هذه المذكرة، وأبلغ الضابط العدلي الذي كُلّف مهمة تبليغه أن عويدات مدعى عليه بجريمة المرفأ، ولا صلاحية له بالادعاء عليه. ووجّه النائب العام التمييزي كتاباً إلى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، جاء فيه «نكلفكم بوضع إشارة منع سفر بحق القاضي طارق فايز البيطار، والإفادة بالسرعة الممكنة».
وأتى قرار النائب العام التمييزي الذي حرر موقوفي المرفأ بعد عامين ونصف العام على توقيفهم، ثمرة اجتماعات عقدت لساعات طويلة مع مساعديه في النيابة العامة التمييزية ومحامين عامين استئنافيين، وجاء في مضمونه «نحن غسان منيف عويدات النائب العام لدى محكمة التمييز، بما أن المحقق العدلي القاضي طارق البيطار المكفوفة يده في قضية انفجار مرفأ بيروت، اعتبر نفسه مولجاً بصلاحية النائب العام لدى محكمة التمييز لاتخاذ ما يراه مناسباً من إجراءات، فيكون استقى سلطته وصلاحياته من الهيئات القضائية جمعاء، وبما أن الأمر ينسحب أيضاً على النيابة العامة التمييزية فيسري على الأصل أيضاً».
وأضاف عويدات «بما أن كفّ يد المحقق العدلي يبقي الملف من دون قاضٍ للنظر في طلبات إخلاء سبيل الموقوفين منذ أكثر من سنة، وبما أنه بالاستناد إلى المادة 9 بفقرتيها 1 و3 من العهد الدولي الخاص الذي أقرت في العام 1966 ودخلت حيز التنفيذ في العام 1967 والتي صادق عليها لبنان في العام 1972؛ لذلك نقرر إطلاق سراح كافة الموقوفين في قضية انفجار مرفأ بيروت، من دون استثناء ومنعهم من السفر وجعلهم بتصرف المجلس العدلي في حال انعقاده وإبلاغ هذا القرار من يلزم».
ورغم أن قرار المدعي العام التمييزي أخذ طريقه للتنفيذ فوراً، ولم تتأخر الأجهزة الأمنية في إطلاق سراح الموقوفين من السجون الخاضعة لسلطتها، فقد أعلن البيطار رفضه الاعتراف بقرار عويدات، وأكد، أنه لا يزال «المحقق العدلي الواضع يده على هذا الملف ولن يتنازل عنه». وأوضح البيطار لـ«الشرق الأوسط»، أن «القاضي عويدات متنحٍ عن الملف، ولا صلاحية له بالادعاء عليه، كما أنه لا يملك صلاحية إطلاق سراح الموقوفين؛ لأن هذا الأمر ملك المحقق العدلي دون سواه»، داعياً إلى «عدم تنفيذ قرارات النائب العام التمييزي». كما أشار البيطار إلى أنه «ماضٍ في إجراءاته وبعقد جلسات التحقيق لاستجواب المدعى عليهم في المواعيد المحددة».
ومن المقرر أن يعقد مجلس القضاء الأعلى اجتماعاً اليوم برئاسة القاضي سهيل عبود، للبحث في الوضع العام للقضاء، والخلاف الذي فجّرته عودة البيطار إلى التحقيق، وسيحضر الجلسة كامل أعضاء المجلس بمن فيهم عويدات، الذي نفى لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون إقالة البيطار على جدول أعمال المجلس. ولم يستبعد النائب العام التمييزي أن «يعمد البيطار إلى ارتكاب الكثير من المخالفات القانونية في الأيام المقبلة، بما فيها إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه (عويدات) وبحق زملائه القضاة الآخرين». وأشار إلى أن «تعيين محقق عدلي رديف بات من الماضي، ومجلس القضاء سيبحث في مضمون كتاب وزير العدل الذي طلب فيه النظر بقانونية الإجراءات التي اتخذها البيطار في الساعات الماضية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

4 قتلى من الأمن السوري في إطلاق نار جنوب إدلب

عناصر من الأمن السوري يشاركون في عرض عسكري وسط دمشق بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام الأسد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن السوري يشاركون في عرض عسكري وسط دمشق بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام الأسد (د.ب.أ)
TT

4 قتلى من الأمن السوري في إطلاق نار جنوب إدلب

عناصر من الأمن السوري يشاركون في عرض عسكري وسط دمشق بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام الأسد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن السوري يشاركون في عرض عسكري وسط دمشق بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام الأسد (د.ب.أ)

ذكرت وزارة الداخلية السورية أن أربعة من عناصر الأمن قتلوا في إطلاق نار بمدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، الأحد.

وقالت الوزارة، في بيان، إن أربعة من عناصر إدارة أمن الطرق في وزارة الداخلية قتلوا وأُصيب عنصر خامس «إثر استهدافٍ تعرّضت له إحدى الدوريات أثناء تنفيذ مهامها» على طريق معرّة النعمان، جنوب محافظة إدلب. وأضافت أن الوحدات الأمنية المختصة تقوم بعمليات تمشيط مكثفة في المنطقة لملاحقة المتورطين في الهجوم.

يأتي الهجوم بعد يوم واحد من مقتل جنديين أميركيين ومترجم أميركي مدني وإصابة ثلاثة جنود آخرين في هجوم نفذه مسلح من تنظيم «داعش» على دورية في تدمر بوسط سوريا.


اشتباك «سوء تفاهم» لبناني - سوري

آليات للجيش اللبناني عند الحدود مع سوريا (أرشيفية - مديرية التوجيه)
آليات للجيش اللبناني عند الحدود مع سوريا (أرشيفية - مديرية التوجيه)
TT

اشتباك «سوء تفاهم» لبناني - سوري

آليات للجيش اللبناني عند الحدود مع سوريا (أرشيفية - مديرية التوجيه)
آليات للجيش اللبناني عند الحدود مع سوريا (أرشيفية - مديرية التوجيه)

تعرضت دورية للجيش اللبناني لإطلاق نار من داخل الأراضي السورية في شرق لبنان، ما أدى إلى اندلاع اشتباك من دون وقوع إصابات.

وقالت مصادر أمنية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن جنوداً من الجيش تعرضوا لإطلاق نار أثناء قيامهم بإقفال معبر تهريب عبر الحدود بين البلدين، من قبل قوات الأمن العام السوري، خلال قيام عناصر من الجيش بإقفال معبر تهريب لال دندش عند الحدود، تعرضت القوة لإطلاق نار من الجانب السوري من قبل قوات الأمن العام، فاندلع اشتباك استمر نحو 10 دقائق.

وأفاد المصدر بأن الجانب اللبناني تواصل مع الاستخبارات السورية، وأتى الردّ بأن هناك «سوء تفاهم».


روبيو والشيباني يعتبران هجوم تدمر محاولة لزعزعة العلاقة «الوليدة» بين البلدين

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
TT

روبيو والشيباني يعتبران هجوم تدمر محاولة لزعزعة العلاقة «الوليدة» بين البلدين

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

اتفق وزيرا خارجية سوريا والولايات المتحدة، خلال اتصال هاتفي، اليوم الأحد، على أن الهجوم الذي وقع في مدينة تدمر بوسط سوريا وأسفر عن مقتل جنديين أميركيين ومترجم مدني يعد محاولة لزعزعة العلاقة «الوليدة» بين البلدين.

وقالت وزارة الخارجية السورية، في بيان، إن الوزير أسعد الشيباني شدد خلال اتصاله بنظيره الأميركي ماركو روبيو على أهمية العمل «جنباً إلى جنب بين سوريا وشركائها الدوليين، على رأسهم الولايات المتحدة، لتعزيز الجهود المشتركة» في مجال مكافحة الإرهاب.

وذكرت الخارجية السورية أن روبيو أكد استمرار دعم الحكومة الأميركية لسوريا في مختلف المجالات، بما في ذلك دعم جهود مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار والمساهمة في تهيئة الظروف المناسبة للتعافي الاقتصادي، حسب البيان.