لبنان: «الأزمة المالية» و«المخاوف الأمنية» تسرّعان الاتصالات لانتخاب رئيس للجمهورية

معاون بري لا يستبعد وصول فرنجية بأكثرية «النصف زائداً واحداً»

TT

لبنان: «الأزمة المالية» و«المخاوف الأمنية» تسرّعان الاتصالات لانتخاب رئيس للجمهورية

سرّعت التطورات الاقتصادية والقضائية والمخاوف الأمنية من انفجار اجتماعي، وسعت الاتصالات الجارية بين القوى السياسية للدفع باتجاه انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولم يُستثنَ من هذه المساعي احتمال انتخاب رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية إذا استطاع تأمين 65 صوتاً وضمن النصاب بحضور ثلثي النواب في الجلسة، وفق ما قال المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب، النائب علي حسن خليل.
وتكثفت الاتصالات بين القوى السياسية في لحظة توتر سياسي وقضائي وحالة انهيار مالي، وذلك بغرض وضع حد للشغور في سدة الرئاسة، وسط تقاطع بين القوى الداخلية والدولية على أن مفتاح حل الأزمات «يبدأ من انتخاب الرئيس وتفعيل السلطة التنفيذية»، وفق ما قالت مصادر نيابية مواكبة للاتصالات الدولية، لافتة إلى أن «كل السيناريوهات مطروحة، بما فيها انتخاب رئيس بأكثرية النصف زائداً واحداً (65 نائباً)»، مضيفة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك «دعوة مستمرة من قوى سياسية لبقاء الجلسات مفتوحة حتى انتخاب الرئيس»، في إشارة إلى حزب «القوات اللبنانية»، وشخصيات سياسية مستقلة وسيادية، تدفع بهذا الاتجاه.
وقال النائب علي حسن خليل مساء الاثنين في تصريح تلفزيوني إنه «إذا جمع فرنجية 65 صوتاً من دون الكتلتين المسيحيتين فسنمضي به»، مضيفاً أن «أولويتنا التوافق لكن عندما تصبح المعركة معركة أرقام فكل طرف يقوم بمصلحته». وقال إن «حضور (التيار الوطني الحر) في أي جلسة مفترضة لانتخاب فرنجية يعطي قدرة أكبر على التمثيل».
وقالت المصادر إن هناك «سيناريو» بدأ العمل عليه، للوصول إلى انتخاب رئيس حتى لو كان ذلك بالنصف زائداً واحداً، وهو إجراء قانوني ينص عليه الدستور اللبناني، لافتة إلى أن «العمل اليوم، يتركز على تأمين نصاب الجلسة في الدورة الثانية، أي تأمين حضور أكثرية الثلثين، ما يتيح للحاضرين انتخاب الشخص الذي يرونه مناسباً»، علماً أن هذه المعضلة يحاول «حزب الله» تفكيكها مع «التيار الوطني الحر» الذي يرى أن رئيسه النائب جبران باسيل هو معبر إلزاميّ لأي حل للملف.
ولا تضع البطريركية المارونية موانع أمام انتخاب الرئيس بأكثرية النصف زائداً واحداً في حال تأمّن نصاب الثلثين، وفق ما تقول مصادر مطلعة على موقف بكركي، مشددة على أن البطريرك الراعي لم يتوقف عن الدعوة لانتخاب الرئيس، ضمن الأطر الدستورية والقانونية، وملء الشغور في الموقع الأول في البلاد.
ويتصدر رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط محور الحراك المكثف منذ الأسبوع الماضي، حيث أجرى ممثلون عن الحزب 5 لقاءات في الأسبوع الماضي مع قوى سياسية، بينها «حزب الله»، وقالت أوساط «الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط» إن التحرك ينطلق من كون الأفق مسدوداً أمام احتمالات تحقيق خرق، بالتزامن مع وضع اقتصادي يتدهور، مما يزيد المخاوف من انعكاسات أمنية، إضافة إلى التطورات القضائية الأخيرة وما يمكن أن تؤدي إليه من تفكك السلطة القضائية. وقالت الأوساط نفسها إن «المشهد المقلق يدفع لتحقيق خرق، بدلاً من التمترس خلف الترشيحات المعلن عنها والتي اصطدمت بمعوقات عدم توفر الأصوات اللازمة لها»، موضحة أن المسعى «يهدف إلى تحديد الخيارات في الاستحقاق، كي لا تبقى المباحثات أسيرة العناوين والشعارات، وحتى يتمكن اللبنانيون من حصر الترشيحات».
قبل هذا الحراك، تقول أوساط «الاشتراكي» إنه لم تكن تُطرح أسماء بديلة، بل كان يؤخذ الرأي في بعض الأسماء المطروحة، أما الآن فإن تحديد الخيارات بات مهمة ملزمة لحصرها واختيار من يستطيع أن يحشد أكبر عدد من الأصوات. ورغم أن الحركة الأخيرة لم تصل بعد إلى نتيجة، فإنها «أسست لنوع آخر من التواصل، حيث انتقلت النقاشات من الأحاديث العمومية إلى التفاصيل». وقالت أوساط الحزب إنه «متمسك بالحصول على التوافق على شخصية أو اثنتين، لأن التوافق يستطيع تأمين نصاب للجلسة وانتخاب الرئيس في النهاية».
وتعيش البلاد على المستوى السياسي، أياماً حاسمة بعد التطورات الأخيرة والاتصالات السياسية، وشبه مصدر نيابي قريب من «الثنائي الشيعي» المرحلة الأخيرة بـ«مخاض لولادة حل»، لافتاً إلى أن الاتصالات «تحاول بلورة حل على نار هادئة لإيجاد المخارج التي تؤدي إلى إنهاء الشغور الرئاسي»، وشدد على أن الحراك الذي يقوم به جنبلاط «ليس رئيس مجلس النواب بعيداً عنه»، فيما «يتعامل (حزب الله) بليونة مع المطالب الدولية لجهة الالتزام بـ(السياسات الضامنة)، كالالتزام بالمطالب اللبنانية، مثل وقف الحملات على الدول العربية والنأي بالنفس عن ملفات المنطقة، وفق ما تقول المصادر».
ولا ترى مصادر مواكبة من كثب لملف الانتخابات الرئاسية، أن الأحزاب ستحتفظ بـ«بلوك» واحد من الأصوات «عندما يُتخذ قرار حاسم بانتخاب الرئيس». وفي حالة فرنجية، يعوّل البعض على أن ينال أصواتاً يقارب عددها الأصوات التي حازها بري في انتخابات رئاسة البرلمان في الصيف الماضي (65 صوتاً)، وأن يتمكن من الحصول على 11 صوتاً على الأقل من النواب المسيحيين، بينهم ثلاثة من كتلة «الطاشناق»، وثلاثة من «المردة»، وحلفاء وأصدقاء آخرون.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت... وتجدد الغارات على الضاحية الجنوبية

موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)
موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)
TT

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت... وتجدد الغارات على الضاحية الجنوبية

موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)
موقع غارة إسرائيلية استهدفت قلب بيروت فجر اليوم (أ.ب)

استهدفت ضربة جوية إسرائيلية، فجر اليوم (السبت)، مبنى سكنياً في قلب بيروت بـ«خمسة صواريخ» ودمرته بالكامل وسط أنباء عن استهداف القيادي البارز في «حزب الله» طلال حمية، فيما تدخل الحرب المفتوحة بين إسرائيل و«حزب الله» شهرها الثالث.

وأوردت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» الرسمية، أن بيروت «استفاقت على مجزرة مروّعة، حيث دمّر طيران العدوّ الإسرائيلي بالكامل مبنى سكنياً مؤلفاً من ثماني طبقات بخمسة صواريخ في شارع المأمون بمنطقة البسطة».

عمال إنقاذ وسكان يبحثون عن ضحايا في موقع غارة إسرائيلية في بيروت (أ.ب)

وقالت الوكالة إن «فرق الإنقاذ تعمل على رفع الأنقاض في شارع المأمون في البسطة، حيث استهدف طيران العدو مبنى سكنياً، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى».

وذكرت قناة محلية تابعة لـ«حزب الله» نقلاً عن وزارة الصحة اللبنانية أن أربعة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 23 آخرون في الهجوم الذي استهدف حي البسطة في بيروت.

تجدد الغارات على الضاحية

بعد الضربة فجراً على بيروت، شنّ الجيش الإسرائيلي اليوم ضربات جديدة على الضاحية الجنوبية، حيث أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن غارة عنيفة على منطقة الحدث محيط الجامعة اللبنانية.

يأتي ذلك بعدما أصدر المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي الناطق بالعربية، أفيخاي أدرعي، إنذارات جديدة بالإخلاء لسكان الضاحية الجنوبية، عبر منصة «إكس».

وقال أدرعي « إلى جميع السكان المتواجدين في منطقة الضاحية الجنوبية وتحديدًا في المباني المحددة في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها في الحدث وشويفات العمروسية، أنتم تتواجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله) حيث سيعمل ضدها جيش الدفاع على المدى الزمني القريب».

وتابع « من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلتكم عليكم اخلاء هذه المباني وتلك المجاورة لها فورًا والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر».

طلال حمية

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن المستهدف في الضربة في قلب بيروت هو القيادي في «حزب الله»، طلال حمية، حيث تم استخدام صواريخ خارقة للتحصينات ما أدى الى سماع دوي كبير في مناطق مختلفة من لبنان، وهي شبيهة بتلك التي استخدمت في عمليتي اغتيال الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن حمية يُعرف بـ«صاحب السيرة العسكرية اللامعة»، وأنه تولى قيادة الذراع العسكرية للحزب بعد اغتيال القيادي مصطفى بدر الدين.

وظل حمية بعيداً عن الأضواء حتى عاد إلى الواجهة مع إعلان برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الأميركية، الذي عرض مكافأة تصل 7 ملايين دولار لمن يُدلي بمعلومات عنه.

ويعد حمية القائد التنفيذي للوحدة «910» وهي وحدة العمليات الخارجية التابعة لـ«حزب الله»، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الحزب خارج الأراضي اللبنانية.

أضرار جسيمة

وأظهر مقطع بثته قناة تلفزيونية محلية مبنى واحداً على الأقل منهاراً وعدداً من المباني الأخرى تعرضت لأضرار جسيمة.

وذكر شهود من «رويترز» أن الانفجارات هزت بيروت في نحو الساعة الرابعة صباحاً (02:00 بتوقيت غرينتش). وقالت مصادر أمنية إن أربع قنابل على الأقل أطلقت في الهجوم.

وهذا هو رابع هجوم جوي إسرائيلي خلال أيام يستهدف منطقة في وسط بيروت، فيما شنت إسرائيل معظم هجماتها على الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله». وأسفر هجوم جوي إسرائيلي يوم الأحد على حي رأس النبع عن مقتل مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب.

وشنت إسرائيل هجوماً كبيراً على «حزب الله» في سبتمبر (أيلول)، بعد عام تقريباً من اندلاع الأعمال القتالية عبر الحدود بسبب الحرب في قطاع غزة، ودكت مساحات واسعة من لبنان بضربات جوية وأرسلت قوات برية إلى الجنوب.

واندلع الصراع بعد أن فتح «حزب الله» النار تضامناً مع «حماس» التي شنت هجوماً على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وزار المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكستين لبنان وإسرائيل الأسبوع الماضي في محاولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتحدث هوكستين عن إحراز تقدم بعد اجتماعاته يومي الثلاثاء والأربعاء في بيروت قبل أن يتوجه إلى إسرائيل للاجتماع مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس.