الحي التراثي في المدينة المنورة يأخذك برحلة إلى ذكريات الماضي

الحارة فيه هي الأجدر بالبقاء في زمن قلّ فيه التواصل بين الجيران

نالت أجنحة الحرف اليدوية والمأكولات الشعبية بشارع العينية بالحي التراثي النصيب الأكبر من الاهتمام والمتابعة من أهالي المنطقة وزائريها
نالت أجنحة الحرف اليدوية والمأكولات الشعبية بشارع العينية بالحي التراثي النصيب الأكبر من الاهتمام والمتابعة من أهالي المنطقة وزائريها
TT

الحي التراثي في المدينة المنورة يأخذك برحلة إلى ذكريات الماضي

نالت أجنحة الحرف اليدوية والمأكولات الشعبية بشارع العينية بالحي التراثي النصيب الأكبر من الاهتمام والمتابعة من أهالي المنطقة وزائريها
نالت أجنحة الحرف اليدوية والمأكولات الشعبية بشارع العينية بالحي التراثي النصيب الأكبر من الاهتمام والمتابعة من أهالي المنطقة وزائريها

عكست الصور الاجتماعية التي احتضنها الحي التراثي بحديقة الملك فهد، واحدة من أجمل تفاصيل وعادات الحياة في الماضي، وأبرزت جانبًا ثريًا من هوية المجتمع المديني التي تجلت بالبساطة والحميمية، عاش خلالها أهالي المدينة وزائروها ذكريات ماضي طيبة الطيبة وحاراتها القديمة بداية من زقاق الطيار، وحوش خير الله، وصولاً لشارع وسوق العينية، وسط أجواء مزجت طابع الألفة والمحبة بين الناس وجمعت الأسر تحت سقف المودة والتواصل لتأخذ منها الأجيال العبر وحكايا الزمن الجميل.
سنون ينساب أثرها في النفوس فرحًا وبهجة، أطرت بعادات مدينية تجمع ولا تفرق فيصلها متانة العلاقة بين الناس ضمن مصطلح الحارة الواحدة، وعرى الود التي تناغمت مع أخلاق أهل المدينة وترحيبهم ووفادتهم وإكرامهم لكل ضيف زائر. ملامح ذلك الواقع الاجتماعي الجميل تعايش معها الجميع في ساحات الحي التراثي، وجسدت الموروث في قالب اجتماعي يليق بالحضور وبروعة عيد طيبة، ويتواكب مع نجاح احتفالات أمانة المنطقة التي ترجمها الإقبال المتزايد خلال أيام العيد.
وتصدرت التجمعات الأسرية باحة الحي التراثي تأكيدًا منها أن الحارة هي الأجدر بالبقاء في زمن قلّ فيه التواصل بين الجيران، وباعد العمران الخطى وحجب العيون عن المشاهدة، وسط مطالب وأمنيات بعض من عاشوا تلك الذكريات للمعماريين بضرورة وضع تصاميم تعيد أنموذج الحارة قديمًا في صورة مخطط عمراني مماثل للتصميم التقليدي الذي ساد في الماضي على أن تطابقه جملة لا تفصيلاً، ليستعيد الأهالي شيئًا من الحنين للحارة، وما تركته في نفوس من سكنها من أثر اجتماعي عظيم ألف القلوب وزاد من ترابطها.
ونالت أجنحة الحرف اليدوية والمأكولات الشعبية بشارع العينية بالحي التراثي النصيب الأكبر من الاهتمام والمتابعة من أهالي المنطقة وزائريها، ورفعت معدلات الحضور والإقبال والتردد اليومي لزيارة حديقة الملك فهد، حيث تنتشر أركان الحرفيين وباعة مأكولات ومشروبات أيام زمان بمشاركة فرق العروض الشعبية الفلكلورية، التي حولت ليل المكان بروعة الموروث المديني وما يزخر به من عراقة وأصالة، إلى قناديل فرح شكلت أجمل لوحات العيد وسط أجواء بهجة عمت المكان ونالت من الأهالي الإشادة والاستحسان.
وقال أسامة بادويلان شيخ العطارين في المدينة إن «أمانة المنطقة قدمت لنا كل التسهيلات المطلوبة، وجميع الحرفيين المشاركين بفعاليات عيد طيبة ممن امتهنوا الصنعة ولهم باع طويل في هذا المجال».
يذكر أن «العينية» يشهد مشاركة حرفيين؛ منهم: الصائغ، والقماش، والنجار، والعطرجي، والخراز، والسقا، وبائع السبح، وبائع الفضيات، وغيرهم، وتأتي المناسبة لتكون فرصة للتعريف بكثير من الصناعات اليدوية التي طواها الزمن وتستعيد بريقها بالوجود والحضور، وسؤال الجميع عن كل مهنة وأسرارها وتفاصيلها.
وعن الحي التراثي، أكد لـ«الشرق الأوسط» الدكتور خالد بن عبد القادر طاهر، أمين منطقة المدينة المنورة، أن «ما يشاهده الزوار من منجز بناء الحي التراثي على مساحة تبلغ 200 ألف متر مربع هو نتاج بادرة كريمة نبعت من فكر الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة، وأولاها الدعم والمتابعة، ويجني ثمارها الآن أبناء هذه المنطقة وزائروها».
ويأتي إطلاق أمير المنطقة لمشروع الحي التراثي بحديقة الملك فهد الذي يحاكي واقع المدينة منذ عقود مضت، وقد جرى إنجاز المرحلة الأولى للحي والمتمثل بشارع العينية التراثي، هذا العنصر المعماري الذي يضم الحرفيين وأصحاب المهن قديمًا وهم يمارسون أعمالهم كما كان في الماضي، وذلك إحياءً لذاكرة المكان لدى أهالي طيبة وزوارها ممن عاشوا هذه التجربة الثرية، إضافة إلى إنهاء تشييد منشآت أخرى ملحقة بالحي التراثي، ومنها المسرح المفتوح، وصالات كبرى لتكون موقعًا احتفائيًا دائمًا بالمدينة المنورة.
وأضاف طاهر: «تجسد فعاليات (عيد طيبة 36) مزيجًا للأصالة والثقافة والحضارة الإسلامية في مجالات شتى، والكل تواق لمعرفة تفاصيل تاريخ المدينة المنورة، وسط كم من الثقافات المتناثرة في رحابها، واستذكار الجوانب المشرقة للموروث الثقافي لها، على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم؛ حيث شرف المكان وعبق التاريخ وروعة الموروث».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».