(تحليل إخباري): هل ينجح تحالف الغرب مع النيجر في القضاء على الإرهاب؟

مئات ملايين الدولار ضخها الغرب في البلد الأفريقي الفقير

منظر علوي لأحد أكبر معسكرات النازحين من قبل المتطرفين في مايدوجوري (نيجيريا) حيث أدى الجفاف والفيضانات وانكماش بحيرة تشاد الناجم عن تغير المناخ إلى تأجيج الصراع والهجرة في المنطقة (أ.ب)
منظر علوي لأحد أكبر معسكرات النازحين من قبل المتطرفين في مايدوجوري (نيجيريا) حيث أدى الجفاف والفيضانات وانكماش بحيرة تشاد الناجم عن تغير المناخ إلى تأجيج الصراع والهجرة في المنطقة (أ.ب)
TT

(تحليل إخباري): هل ينجح تحالف الغرب مع النيجر في القضاء على الإرهاب؟

منظر علوي لأحد أكبر معسكرات النازحين من قبل المتطرفين في مايدوجوري (نيجيريا) حيث أدى الجفاف والفيضانات وانكماش بحيرة تشاد الناجم عن تغير المناخ إلى تأجيج الصراع والهجرة في المنطقة (أ.ب)
منظر علوي لأحد أكبر معسكرات النازحين من قبل المتطرفين في مايدوجوري (نيجيريا) حيث أدى الجفاف والفيضانات وانكماش بحيرة تشاد الناجم عن تغير المناخ إلى تأجيج الصراع والهجرة في المنطقة (أ.ب)

في الرابع من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، جلس عدد من قادة جيش النيجر في القاعدة الجوية بالعاصمة نيامي، كانوا يستعدون لتسلم طائرة عسكرية من طراز «سي - 130 هيركوليز» هدية من الولايات المتحدة، وهي ثالث طائرة من الطراز نفسه يهديها الأميركيون خلال عام واحد للنيجر، ذلك البلد الذي تحول مؤخراً إلى حليف قوي للغرب في الحرب على الإرهاب بمنطقة الساحل الأفريقي.
قالت السفارة الأميركية في نيامي إن القيمة الإجمالية للطائرات الثلاث تبلغ 80 مليون دولار، فيما سبق أن صرف الأميركيون 50 مليون دولار لتشييد قاعدة جوية لطائرات الدرونز، وسط صحراء النيجر، منها تنطلق طائرات من دون طيار، بعضها للاستطلاع وبعضها الآخر يحملُ صواريخ.
في غضون ذلك، تتحدث التقارير عن مئات العسكريين الأميركيين في النيجر، ضمن مهام للتدريب والتأطير، ولكنهم في بعض الأحيان يقدمون دعماً لوجيستياً واستخباراتياً للقوات المحلية التي تخوض معارك ضد «القاعدة» و«داعش» على الحدود مع مالي وبوركينا فاسو، وضد «بوكو حرام» على الحدود مع تشاد ونيجيريا، كما تواجه خطر الجريمة العابرة للحدود، وشبكات التهريب على الحدود مع ليبيا والجزائر.
رئيس النيجر محمد بازوم قال الأسبوع الماضي إن بلده يقع في قلب «الإعصار الإرهابي»، ولكن خبراء يعتقدون أن الموقع الجغرافي الصعب للنيجر يمكن أن يتحول إلى ميزة، إذ تسعى الدول الغربية إلى مساعدة النيجر على تفكيك ذلك الإعصار، وبالتالي منع «القاعدة» و«داعش» من تنفيذ خططهما بضرب العمق الأفريقي؛ وهكذا بدأ الرهان الغربي على النيجر، في الوقت الذي توجهت مالي وبوركينا فاسو الجارتان، نحو التحالف مع روسيا.
سلطات النيجر مُهتمة بهذا التحالف، وقد استقبلت 1500 جندي فرنسي طردتهم جارتها مالي العام الماضي، وفي غضون شهر تستعد لاستقبال مئات الجنود الفرنسيين بعد أن طردتهم جارتها الأخرى بوركينا فاسو، حيث أكدت حكومة بوركينا فاسو أمس (الاثنين) إنهاء الاتفاق العسكري الذي يتيح للقوات الفرنسية قتال المسلحين في البلاد، ومنحها مهلة شهر للانسحاب النهائي.
وبهذا يصل عدد القوات الفرنسية في النيجر إلى عدة آلاف، لديهم قاعدة عسكرية مهمة في العاصمة نيامي، بينما تشرف قوات من كندا وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا على برامج لتدريب القوات الخاصة في النيجر، وتقول الحكومة النيجرية إن كل ذلك مكّن جيشها من تحقيق بعض المكاسب على الأرض، وقال الرئيس بازوم الأسبوع الماضي إن الوضع الأمني «يتحسن ببطء ولكن بثقة».
من جانبها، تحاول سلطات النيجر أن تدخل تحسينات هيكلية على منظومتها الأمنية والعسكرية، إذ أطلقت منذ عامين خطة مضاعفة عدد قواتها المسلحة من 25 ألف جندي إلى 50 ألفاً في غضون خمس سنوات، وبدأت بالفعل قبل أيام تعبئة ألف جندي ودركي من المتقاعدين منذ أقل من 5 سنوات، لمؤازرة «قوات الدفاع والأمن الناشطة على الميدان»، كما رفعت سن التقاعد «لضباط الصف».
وفيما يحظى الدعم العسكري والأمني بكثير من الاهتمام، يحاول الغرب أن يقف إلى جانب النيجر في سعيها لتحقيق التنمية، وهي التي تصنف كواحدة من أفقر بلدان العالم، رغم كونها واحدة من أغنى دول العالم باليورانيوم، وتعاني كبقية دول الساحل من انتشار الفساد، ما يشكل تهديداً للاستقرار السياسي في البلد، لذلك يقدم الاتحاد الأوروبي دعماً سنوياً لميزانية الدولة، وصل هذا العام إلى قرابة 50 مليون يورو.
إلا أن الرهان الغربي على النيجر في حربها على الإرهاب، ولمواجهة النفوذ الروسي المتصاعد في أفريقيا، أمامه تحديات كبيرة، من أبرزها نقمة الشارع على القوى الاستعمارية السابقة، وبشكل خاص فرنسا، إذ كثيراً ما تخرجُ مظاهرات في النيجر مناهضة للوجود العسكري الفرنسي في البلد، وهي مظاهرات شبيهة بتلك التي خرجت في مالي وبوركينا فاسو، وأسفرت في النهاية عن طرد الفرنسيين في البلدين.


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.