حركة عبد العزيز الحلو: مستعدون للتفاوض مع الحكومة المرتقبة

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
TT

حركة عبد العزيز الحلو: مستعدون للتفاوض مع الحكومة المرتقبة

جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الخرطوم المطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)

تتواصل مباراة القوى السياسية السودانية لكسب المؤيدين من «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال» بقيادة عبد العزيز الحلو، و«حركة تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد نور، وهما أكبر حركتين مسلحتين خارج «اتفاق سلام جوبا». لكن مواقف قادة الحركتين المتباينة تزيد من ارتباك المشهد السياسي في البلاد، نظراً إلى أن الأول «وقّع تفاهمات» مع الفرقاء كافة، فيما يرفض الثاني الفكرة برمّتها، ويحتفظ لنفسه بصفة الرافض لكل شيء.
وضمن هذه الأجواء، التقى القيادي في حزب الأمة ونجل زعيم الحزب الراحل، صديق الصادق المهدي، يوم الجمعة، في عاصمة جنوب السودان رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» عبد العزيز الحلو، وخرج اللقاء بما أُطلق عليه «تفاهمات» على قضايا حيوية، تطالب الحركة الشعبية بالتوافق عليها قبل الدخول في أي تفاوض مع الحكومة في الخرطوم.
واتفق الطرفان على حل الأزمة السودانية، وفقاً لبيان مشترك، على وقف استغلال الدين في السياسة (فصل الدين عن الدولة)، وإصلاح القطاع الأمني والعسكري، وتكوين جيش مهني موحد، وتعزيز التنوع الثقافي، وبناء هوية وطنية سودانية، واقتسام الثروة بشكل عادل غير مركزي، وتحقيق العدالة، وإعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وإنهاء تمكين نظام الإسلاميين وتفكيكه، وتحقيق السلام الشامل والعادل والمستدام.
ولا تختلف التفاهمات بين حزب الأمة والحركة الشعبية كثيراً عن نصوص «الاتفاق الإطاري»، ما جعل كثيراً من النشطاء السياسيين يعتبرونه «خطوة تجاه الاتفاق الإطاري»، أو في الحد الأدنى الاستعداد للتفاوض مع الحكومة المدنية المرتقبة. وقال رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال» محمد يوسف أحمد المصطفى لـ«الشرق الأوسط»: «مبدئياً الحركة ليست بحاجة لمن يحرضها أو يقنعها أو يغريها بالتفاوض مع الحكومة المرتقبة، فنحن والحكومة ملزمون وفقاً لمانفيستو الحركة وقرار مجلس الأمن، بالتفاوض مع حكومة الأمر الواقع».
وأوضح المصطفى أن التفاهمات الواردة في البيان المشترك مع حزب الأمة طمأنت الحركة على التزام الحزب بالمبادئ الواردة فيه، مضيفاً: «نتفاوض مع كل القوى السياسية للتوافق على القضايا التي تسهّل التفاوض. فإذا أتت حكومة جديدة فسيكون التفاوض معها سلساً في حال اتفقنا على القضايا الرئيسية». وعما إن كانت الحركة ستنحاز لأي من التحالفات القائمة، قال المصطفى إنهم ينظرون إلى مبادرات هذه التحالفات، وليس إلى صراعها على السلطة في الخرطوم.
وعما إن كانت الحركة ستنحاز لأي من التحالفات القائمة، قال المصطفى إنهم ينظرون إلى مبادرات هذه التحالفات، وليس إلى صراعها على السلطة في الخرطوم وكيف تكون. وتابع: «هذه العملية رغم أهميتها لا نعتبرها أولوية للشعب السوداني في المرحلة الانتقالية، بل في نظرنا الأولويات تتمثل في التوافق على أساسيات البناء الوطني، ولا يهمنا من يجلس على كرسي الحكم إذا اتفقنا عليها»، مضيفاً: «لن ندخل في أي من التحالفات القائمة، ولن نكون طرفاً في الصراعات على السلطة، ولن نشارك في اتفاق إطاري أو غير إطاري. إذا تكونت حكومة فسنتفاوض معها على القضايا الجذرية».
من جهته، قال المحلل السياسي محمد لطيف لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يرى اختلافاً رئيسياً بين مواقف الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الحلو وبقية الحركات المسلحة الأخرى، فهي في نظره تنتظر تحالفاً به «الأحزاب الكبيرة» لتنضم إليه، ولن تنضم إلى تحالف يساري أو يميني أو وسطي لا يضم الأحزاب الكبيرة. وأضاف: «حزب الأمة أحد الأحزاب الكبيرة بالطبع، لكن مواقف قياداته متباينة، وربما لهذا السبب يجب النظر إلى هذه التباينات التي تضعف موقف الحزب من التفاهمات التي توصل إليها مع الصديق المهدي».
وأوضح لطيف أن البيان المشترك بين «الشعبية» وحزب الأمة ليس جديداً، بقوله: «لقد سبق أن وقّعت (الشعبية) بيانات مشتركة مع عدد من القوى السياسية، من بينها الحزب الشيوعي، والحزب الاتحادي الديمقراطي - الأصل، لكنها لم تتطور إلى تحالفات».
وقال سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب، في مايو (أيار) 2022، إنه أجرى مفاوضات مع الحلو اتفقا خلالها على «تكوين تحالف عريض يضم قوى الثورة الحية، وتأسيس هيكل تنظيمي للتحالف الجديد، وميثاق ثوري مستمد من مواثيق القوى القاعدية». وقبل ذلك في أبريل (نيسان) 2021، وقّعت «الشعبية» مذكرة تفاهم مشابهة مع الحزب الاتحادي الديمقراطي، بقيادة محمد عثمان الميرغني، نصّت على مراجعة «الوثيقة الدستورية» التي كانت تحكم الفترة الانتقالية، وإلغاء القوانين الصادرة بموجبها، والعودة للعمل بقوانين 1974 إلى حين إعداد الدستور الدائم، لكن كل هذه التفاهمات لم تتحول إلى عمل على الأرض، بل تم تناسيها بعد كتابتها مباشرة.
ولا يرى المحلل السياسي، لطيف، جديداً في البيان المشترك بين الطرفين، قائلاً: «هم وقّعوا بيانات مشابهة مع الجميع». وفي غضون ذلك، لا يزال قائد حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور متمسكاً بموقفه الرافض لكل شيء، رغم توقيعه لبيان مع الحزب الشيوعي سرعان ما تراجع عنه، ما جعل أطرافاً سياسية ودولية تطلق عليه تسمية «Mr. No» أو الرجل الرافض دوماً.
وتسعى الأطراف الثلاثة المتصارعة في السودان؛ تحالف «الحرية والتغيير» والقوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، وتحالف «التغيير الجذري» بقيادة الحزب الشيوعي، و«كتلة التغيير الديمقراطي»، على كسب تأييد الحركتين لتقوية موقفها، لكن الراجح أن كلا الحركتين تنتظران ما يمكن أن يصل إليه الصراع السياسي، الذي تشهده البلاد حالياً. وتسيطر «الشعبية» بقيادة الحلو على منطقة «كاودا» الحصينة في ولاية جنوب كردفان، التي يحدها الحليف التقليدي للحركة الشعبية (دولة جنوب السودان)، فيما تسيطر القوات التابعة لحركة عبد الواحد محمد نور على مناطق في «جبل مرة» بإقليم دارفور. وتعدان من أكبر الحركات المسلحة التي قاتلت حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، ولم توقعا اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.