سحبت الملاهي الشعبية البساط من أمام ألعاب الفيديو والألعاب الرياضية خلال فعاليات العيد بالمناطق التراثية في السعودية. وامتلأت ساحات الألعاب الشعبية بالزوار والفعاليات المصاحبة لـ«عيدنا كدا» في نسخته الثانية، ومنها الفلكلور الشعبي للمنطقة إلى جانب «بسط» المأكولات الشعبية المنتشرة على جنبات المهرجان.
ولدى التجول داخل محيط الفعاليات والملاهي ترى مجموعة من الشباب والفتيات منهمكين في الرسم على وجوه الأطفال في بادرة تطوعية يقومون بها لإدخال البهجة والسرور على الأطفال احتفاءً بالعيد. عمار حداد، أحد أعضاء المجموعة التي أطلقت على نفسها «رسالة خير»، أشار إلى أن جميع أعضاء المجموعة تجمعهم صلة قرابة، وفضلوا أن يؤسسوا المجموعة للمشاركة في مبادرات اجتماعية، كانت أولاها المشاركة في مهرجان العيد.
من جانب آخر، أرجع حسن وعلي الزريق، وهما من الزوار داخل الألعاب الشعبية، حرصهما على اصطحاب أبنائهما، لشغفهما بالألعاب التي عايشت مرحلة عمرية مبكرة لهما، وباتت تشكل مطلبا لأبنائهم مع كل عيد للحضور بهم، مشيرين إلى أن الألعاب الشعبية تحتفظ بمعنى خاص عند الكثير من الذين عاشوها وما زالوا يتذكرونها وينقلون سيرتها إلى الجيل المعاصر، مشيرين إلى أن الألعاب التراثية رغم عفويتها وتلقائيتها فهي تسهم في النمو الجسدي لممارسيها، وتلك الألعاب كانت تمارَس في الغالب في الفضاءات الواسعة. ونوها بضرورة الحفاظ على هذا النوع من التراث والألعاب والشعبية وتبني جمعيات محلية الحفاظ عليها ونفض الغبار عنها، خاصة أن الكثير منها على وشك الاندثار، مضيفين: «يجب أن تحمل الجمعيات المهتمة بالتراث على عاتقها مسؤولية الاهتمام بها ونقلها إلى الأجيال الجديدة من خلال إعادة إحياء الكثير منها في أوساط الشباب لأجل المحافظة عليها وإبرازها كرصيد ثقافي تزخر به الحجاز».
من جانبه، أكد المهندس سامي نوار، رئيس بلدية المنطقة التاريخية بمدينة جدة، أن الإقبال على الألعاب الشعبية أمر غير مستغرب لحرص العديد من أبناء العوائل والزوار للمدينة الساحلية على الحضور بأبنائهم إليها للاستمتاع معهم بها، إلى جانب الفعاليات العديدة المصاحبة ضمن فعاليات المهرجان.
وبيّن نوار أن تاريخ الألعاب الشعبية يمتد لـ9 قرون مضت وتتوارثها الأجيال المتعاقبة، حيث كانت وسائل الترفيه في المجتمع الحجازي القديم، مبينا أن الألعاب الشعبية التي تقام في المنطقة تشجع على التواصل واللقاءات الاجتماعية والثقافية في أماكن مفتوحة وتعد مكانا للالتقاء بالأصدقاء الذين فرقت بينهم مشاغل الحياة.
في المقابل، قال عبد الله بن سعيد بن ضاوي، رئيس اللجنة التنفيذية: «إنه من الصعوبة بمكان في وقتنا الحالي أن تحقق الألعاب الشعبية التي كانت تملأ حواري وأزقة أحياء جدة سابقا تفوقا واستقطابا لجيل الآيباد والأجهزة الإلكترونية، إذ استطاعت التقنيات الحديثة وبكل سهولة أن تمحو الترفيه الشعبي ببساطته وعفويته من ذاكرة الآباء قبل الأبناء».
ولفت رئيس اللجنة التنفيذية النظر إلى أن الألعاب الشعبية استطاعت استعادة هويتها وإرثها التاريخي، مؤكدا حرص إدارة مهرجان جدة التاريخية على توفير أركان خصصت فقط لممارسة تلك الألعاب.
من جانبه، قال ملاك باعيسى، عمدة حارة الشام والمظلوم: «أحياء جدة العتيقة ما زالت محافظة على مظاهر الحياة الاجتماعية القديمة التي كانت وما زالت تشتهر بها منذ القدم، خصوصا في مواسم الأعياد كالتواصل بين الجيران ومركاز العمدة والبسطات الموسمية التي أصبحت عادة تجذب أهالي وزوار جدة، في حين تضم حارة المظلوم أقدم مكان للترفيه في السعودية وهو (برحة العيدروس) التي يعود تاريخها لأكثر من سبعين عاما وتحيط بها المباني الأثرية القديمة التي تزيّنها الرياشين وتضم في أرجائها عديدا من ألعاب الأطفال التراثية التي يتم تحريكها يدويا».
الألعاب الشعبية الحجازية.. تاريخ يمتد لـ9 قرون وتصارع من أجل مكانتها
أبعدت الجيل الجديد ولو قليلاً عن الحياة العصرية والألعاب الإلكترونية
الألعاب الشعبية الحجازية.. تاريخ يمتد لـ9 قرون وتصارع من أجل مكانتها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة