غوتيريش: «مينوسما» في «وضع حرج» و«غير قابلة للاستمرار»

جندي من بعثة الأمم المتحدة في مالي «مينوسما» وهو يقف بالقرب من مركبة تابعة للأمم المتحدة بعد أن مرت فوق عبوة ناسفة بالقرب من كيدال يوليو 2016 (أ.ف.ب)
جندي من بعثة الأمم المتحدة في مالي «مينوسما» وهو يقف بالقرب من مركبة تابعة للأمم المتحدة بعد أن مرت فوق عبوة ناسفة بالقرب من كيدال يوليو 2016 (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش: «مينوسما» في «وضع حرج» و«غير قابلة للاستمرار»

جندي من بعثة الأمم المتحدة في مالي «مينوسما» وهو يقف بالقرب من مركبة تابعة للأمم المتحدة بعد أن مرت فوق عبوة ناسفة بالقرب من كيدال يوليو 2016 (أ.ف.ب)
جندي من بعثة الأمم المتحدة في مالي «مينوسما» وهو يقف بالقرب من مركبة تابعة للأمم المتحدة بعد أن مرت فوق عبوة ناسفة بالقرب من كيدال يوليو 2016 (أ.ف.ب)

أكدت مسودة تقرير أممي أن بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) صارت «في وضع حرج» وهي «غير قابلة للاستمرار» من دون زيادة عددها. وعرض الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش ثلاثة خيارات لتسوية المشكلة، يتضمن أحدها احتمال سحب القوة في حال عدم تلبية شروط أساسية.
وتشكلت قوة «مينوسما» عام 2013 للمساعدة على فرض الاستقرار في البلاد المهددة بالانهيار بسبب انتشار الحركات الجهادية، وحماية المدنيين والمساهمة في جهود السلام والدفاع عن حقوق الإنسان، غير أن الوضع الأمني استمر بالتدهور.
وأرسل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى أعضاء مجلس الأمن، التقرير الذي يفيد بأن «مينوسما عملية حفظ سلام حيث لا سلام لحفظه».
ومع تمديد تفويضها عام 2019 في وسط البلاد الذي يشهد أعمال عنف، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن غوتيريش أن البعثة التي باتت محرومة من دعم عمليات أطراف أجنبية ولا سيما فرنسا التي انسحبت في أغسطس (آب) الماضي «قامت بما في وسعها القيام به» لكنها «بلغت حدود» قدراتها. ورأى أن «مينوسما» في «وضع حرج» باتت فيه «عاجزة عن تلبية توقعات المواطنين في مالي وبعض الأطراف الإقليمية» وهي عرضة «لانتقادات متواصلة».
ورأى التقرير الذي طلبه مجلس الأمن في يونيو (حزيران) الماضي عند تجديد المهمة لسنة إضافية، أن «الوضع الحالي غير قابل للاستمرار» مقترحاً ثلاثة خيارات لمعالجة الوضع. يقوم الخيار الأول على مد القوة بالوسائل التي تجعلها قادرة على تنفيذ مهمتها مع زيادة عددها على صعيد العسكريين وعناصر الشرطة بـ3680 فرداً أو أقله بـ2000 فرد، علماً بأن عدد عناصر البعثة بلغ 12388 عسكرياً في منتصف ديسمبر (كانون الأول) فيما ينص التفويض على 13289 جندياً و1598 شرطياً. ويمكن زيادة عدد عناصر الشرطة إلى الحد الأقصى المسموح به وهو 1920.
إلا أن هذا الخيار الأول يتطلب توافر «كل الشروط»، التي عدّدها غوتيريش، ومنها حصول تقدم في عملية الانتقال السياسي التي تنص بعد انقلابين عسكريين، على عودة المدنيين إلى السلطة في مارس (آذار) 2024، فضلاً عن حرية تحرك الجنود الدوليين في وقت تندد فيه الأمم المتحدة بالعوائق التي تفرضها السلطات المالية.
وتطرح زيادة عدد البعثة كذلك مشكلة إيجاد قوات إضافية، في حين أعلنت دول مساهمة سحب نحو 2250 جندياً من «مينوسما»، التي دفعت ثمناً بشرياً باهظاً مع مقتل 165 من أفرادها منذ 2013.
وفي حال عدم توافر الشروط لذلك، اقترح الأمين العام للأمم المتحدة «سحب الوحدات التي تضم عسكريين وعناصر شرطة» وتحويلها «مهمة سياسية خاصة» مع وجود في العاصمة باماكو فقط. وبين هذين الحلين اللذين يقفان على طرفي نقيض، اقترح التقرير خياراً ثالثاً يقوم على المحافظة على عدد الجنود الدوليين مع تغيير التفويض من خلال إغلاق بعض المعسكرات أو خفض الانتشار في وسط مالي.
وفي حين لا يوصي غوتيريش بأي من الخيارات الثلاثة المطروحة على مجلس الأمن، يشدد على أن «الهدف من وجود الأمم المتحدة في مالي لا يزال سديداً تماماً كما كان قبل عشر سنين»، لا بل أكثر بسبب «الحاجة الهائلة لحماية مدنيين كثيرين وشروط الانتقال السياسي الحالي والمكانة المركزية لمالي في تحقيق الاستقرار في منطقة الساحل». ورأى أنه «يجب ألا نوفر أي جهد لمنع تجدد دوامة انعدام الاستقرار السياسي وتواصل تدهور الوضع الأمني والإنساني وحقوق الإنسان». وأشار كذلك إلى أن غالبية الدول الأعضاء وشركاء آخرين تم التشاور معهم شددوا على أن «الانسحاب سيكون مضراً لمالي وللأمن الإقليمي» مؤكداً «الخطر الوجودي» الذي تطرحه الجماعات الإرهابية ويتجاوز حدود غرب أفريقيا.
إلا أن البعض يتخوف من التكلفة البشرية والمالية العالية للبعثة التي تبلغ ميزانيتها السنوية 1,2 مليار دولار.
وجاء في التقرير أيضاً: «تشكل مالي إحدى بيئات التحرك الأصعب لحفظ السلام»، مشيراً إلى منطقة العمليات الشاسعة ووضع البنى التحتية والتهديدات «المهيمنة» الناجمة عن الجماعات المختلفة الناشطة فيها.


مقالات ذات صلة

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

العالم هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

وسط محاولات لإنقاذ «اتفاق سلام هش» مع جماعات مسلحة انفصالية، وتصاعد الصراع على النفوذ بين تنظيمات «إرهابية» في مالي، دعا تنظيم «داعش» جميع الجماعات المسلحة المتنافسة معه في البلاد، إلى إلقاء أسلحتها والانضمام إلى صفوفه. وهي الرسالة التي يرى خبراء أنها موجهة إلى «الجماعات المسلحة المحلية التي وقعت اتفاقية السلام لعام 2015، إضافة إلى تنظيم (القاعدة) في مالي ومنطقة الساحل»، الأمر الذي «يزيد من هشاشة الأوضاع الأمنية في البلاد، ويدفع نحو مواجهات أوسع بين التنظيمات المتطرفة».

العالم العربي عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

بينما تبنى تنظيم تابع لـ«القاعدة» في مالي اغتيال مسؤول بارز في البلاد، كثَفت الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية لإنقاذ «اتفاق السلم»، الذي ترعاه منذ التوقيع عليه فوق أرضها عام 2015، من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ بالمنطقة يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التي تتبع لـ«القاعدة» في مالي، مقتل عمر تراوري، مدير ديوان الرئيس الانتقالي، العقيد عاصمي غويتا، وثلاثة جنود وأسر اثنين آخرين من الجيش المالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطمت مروحية عسكرية، السبت، في حي سكني بعاصمة مالي، باماكو، أثناء عودتها من عملية لمكافحة المتشددين، بحسب ما أفادت القوات المسلحة ومصادر. وسقط عشرات الضحايا بتفجير انتحاري ثلاثي في وسط البلاد. وجاء حادث المروحية إثر تعرض مهمة إمداد للجيش لهجوم في وقت سابق في شمال البلاد المضطرب. وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في بيان: «نحو الساعة الواحدة وعشر دقائق بعد الظهر، تحطمت مروحية هجومية تابعة للقوات المسلحة المالية في منطقة سكنية في باماكو أثناء عودتها من مهمة عملانية».

«الشرق الأوسط» (باماكو)
العالم جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

تبنَّت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة الإرهابي»، هجوماً قرب الحدود الموريتانية، أدى إلى مقتل عمر تراوري مدير ديوان رئيس المجلس العسكري الحاكم الانتقالي مع 3 من مرافقيه، إضافة إلى مسؤوليتها عن هجوم في كمين آخر نفذته (الأربعاء) الماضي أسفر عن مقتل 7 جنود ماليين. وأفادت الرئاسة المالية (الخميس) بأن عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا، هو أحد القتلى الأربعة الذين سقطوا في هجوم استهدفهم (الثلاثاء) بالقرب من بلدة نارا. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» أنها شنَّت هجوماً آخر (الأربعاء) أسفر عن مقتل 7 جنود في مكمن بين سوكولو وفرابوغو (وسط مالي)، فيما ق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

بعد اغتيال مسؤول بارز في مالي على يد تنظيم متشدد، تكثّف الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية في البلد الأفريقي لإنقاذ «اتفاق السلم» - الموقّع في 2015 - من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ في المنطقة قد يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة» في مالي، اغتيال عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا و3 جنود، إضافة إلى أسْر اثنين آخرين من الجيش. وذكرت الجماعة في بيان أنها نصبت «مكمناً للجيش بين نارا وغيري، الثلاثاء الماضي، وقتلت مدير الديوان و3 جنود وأسَرَت اثنين، واستحوذت على أسلحة، فيما أصيب عنصر من الجماعة»، وت

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.