مكتبات وسط القاهرة.. عقود من التنوير والعلم والثقافة

خريطة لأشهر وأعرق مكتبات العاصمة المصرية

مكتبتا «البلد».. و «مدبولي» في القاهرة
مكتبتا «البلد».. و «مدبولي» في القاهرة
TT

مكتبات وسط القاهرة.. عقود من التنوير والعلم والثقافة

مكتبتا «البلد».. و «مدبولي» في القاهرة
مكتبتا «البلد».. و «مدبولي» في القاهرة

لا تزال شهوة التنقيب عن كتاب نادر أو طبعة نفدت أو رواية جديدة لاقتنائها لا تضاهيها لذة أخرى لعشاق الكتاب الورقي، الذين يتلذذون بمرآه وملمسه ورائحته.
وتعتبر منطقة وسط القاهرة بقعة جديرة بالتنقيب في مكتباتها عن أمهات الكتب وأحدثها، التي ظلت على مر العقود تكتظ بأعرق المكتبات التي تعود نشأتها لبدايات القرن العشرين، وكانت ملاذا لكبار المفكرين والأدباء وعمالقة الصحافيين. وفي الآونة الأخيرة، شهدت منطقة وسط القاهرة ظهور مكتبات جديدة لعبت دورا في اجتذاب الشباب للقراءة والكتب الورقية مرة أخرى. هنا جولة بين أعرق وأشهر وأحدث مكتبات «وسط القاهرة» التي تعد ملتقى الكتاب والأدباء والفنانين من مختلف أنحاء العالم العربي.
إذا كنت تبحث عن كتاب ممهور من أشهر الكتاب المصريين أو العرب، أو كتاب نفدت طبعاته منذ عقود، أو مرجع تاريخي نادر، فسوف تجد ضالتك في أحد أكشاك سور الأزبكية بجوار محطة مترو العتبة.
ولا بد لك من زيارة أعرق مكتبات وسط القاهرة؛ مكتبة «الأنجلو مصرية» التي تأسست عام 1928، وهي تحفل بكتب قيمة في مجالات الفلسفة والمنطق وعلم الاجتماع والتاريخ والآثار وعلم المكتبات ومناهج البحث، فضلا عن فنون المسرح والموسيقى، والموسوعات العلمية الضخمة، والقواميس ومقاييس الذكاء، وهناك ستجد كتبا لأبرز المتخصصين في كل هذه المجالات.
ومن أشهر المكتبات في مصر، مكتبة «مدبولي» بميدان طلعت حرب بالقرب من ميدان التحرير، تلك المكتبة التي تتكدس أرففها بآلاف العناوين في شتى المجالات وميادين العلم والمعرفة، والتي تأسست في ستينات القرن الماضي، وعرفت بأنها مقر للكتب الممنوعة والمصادرة خاصة في مجال الشعر والأدب، كما تضم عناوين أكاديمية في مختلف فروع العلوم الإنسانية.
تقابلها على الناصية الأخرى من الميدان نفسه مكتبة «الشروق»، التي ظهرت في الثمانينات من القرن الماضي، وهناك يمكنك أن تجد روايات نجيب محفوظ وجمال الغيطاني، وكتب المفكر عبد الوهاب المسيري، إلى جانب كتب الإمام محمد عبده، ومصطفى صادق الرافعي، وطه حسين، وأعمال الروائيين الشباب الأكثر مبيعا.
وتحتل مكتبة «آفاق» مكانا مميزا في خريطة الكتب في وسط القاهرة. وكانت قد انتقلت من مقرها القديم بشارع قصر العيني لتستقر بشارع محمد مظلوم المتقاطع مع شارع هدى شعراوي، أسفل عقار الفنان الراحل أنور وجدي. أرفف تلك المكتبة مكدسة بشتى صنوف أوعية المعرفة خاصة ما يتعلق بالفكر والفلسفة والتاريخ والأدب المقارن والموسوعات العلمية إلى جانب الروايات، وتمتاز تلك المكتبة بأنها موزعة لأشهر دور النشر في العالم العربي خاصة البيروتية منها.
ولعشاق اقتناء أحدث الروايات العربية والأوروبية والأميركية، لا بد من زيارة لمكتبة «تنمية» بشارع هدى شعراوي أمام وكالة أنباء «الشرق الأوسط»، والتي يحرص القائمون عليها على توفير أحدث الإصدارات في كل المجالات، لا سيما الروايات، فلا تصدر رواية لأديب عربي أو أجنبي إلا وتجدها لدى «تنمية». ولدى المكتبة أرفف خاصة للأعمال الأدبية المترجمة من مختلف بلدان العالم العربي. وهناك مكتبات أخرى اتخذت التوجه ذاته في توفير أحدث الإصدارات وتراجم الأعمال الأدبية، ومنها: مكتبة «عمر بوك ستورز»٬ في شارع طلعت حرب، ومكتبة «أقلام» بشارع كريم الدولة أمام أتيليه القاهرة، حيث يمكنك الحصول على أحدث الروايات المترجمة والروايات المصرية.
وفي شارع جواد حسني، توجد مكتبات متنوعة لإرضاء كل الميول والتوجهات، فهناك مكتبة «الغد العربي» المتخصصة في الكتب الدينية والفقهية، كما توجد مكتبة «ليلى» والتي يمكنك فيها العثور على أحدث وأهم المراجع في مجالات التاريخ والاقتصاد والاجتماع والسياسة، فضلا عن الروايات الناجحة للأدباء الشباب. ويمكنك الحصول على أحدث الكتب التي تناقش القضايا السياسية الراهنة من مكتبة «كنوز» بشارع جواد حسني، فضلا عن إصدارات متنوعة في مجالات أكاديمية مختلفة، كما توجد مكتبة «المتنبي» في شارع الجمهورية، وهي متخصصة في كتب التراث والأحاديث النبوية والفقه الإسلامي وكتب تفسير القرآن الكريم لكبار العلماء. أما للمنقبين عن أحدث المراجع العلمية خاصة في مجال التكنولوجيا والشبكات، فلا بد من زيارة مكتبة «مركز الأبحاث العربية للنشر» في شارع عبد الخالق ثروت.
ومن أحدث المكتبات التي ظهرت في وسط القاهرة، «المركز الدولي للكتاب» بشارع 26 يوليو، بجوار مبنى دار القضاء العالي٬ والذي يضم جميع إصدارات وزارة الثقافة المصرية في مختلف فروع المعرفة، وبه أماكن مجهزة للقراءة والاطلاع وحفلات التوقيع.
وأيضا من أحدث المكتبات، مكتبة «البلد» بشارع محمد محمود، حيث يمكنك اقتناء أحدث الروايات وإصدارات أشهر وأهم المفكرين المصريين. وعلى الضفة الأخرى من شارع محمد محمود يمكنك الحصول على إصدارات مركز نشر الجامعة الأميركية بالقاهرة باللغة الإنجليزية في كل المجالات خاصة علم المصريات والتاريخ ومظاهر الحياة الثقافية المصرية واللغويات. أما كتب علوم اللغة العربية فيمكنك الحصول عليها من مكتبة «الآداب» بالقرب من ميدان مصطفى كامل بقلب القاهرة.
كما يمكنك زيارة مقر كبرى دور النشر المصرية والعربية والمتمركزة جميعا في وسط القاهرة، ومن بينها: مقر دار «العين» المصرية بممر بهلر المتفرع من شارع قصر النيل، حيث يمكنك اقتناء أحدث إصدارات الدار من الروايات والكتب القيمة في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية.. ومقر دار «التنوير» للنشر، وهي دار لبنانية مصرية تونسية، في شارع عبد السلام عارف (البستان سابقًا)، وهناك يمكنك الحصول على أحدث كتب المفكرين والمثقفين في العالم العربي.
وللحصول على طبعات جديدة من روايات أدباء الستينات يمكنك زيارة مكتبة «دار الثقافة الجديدة» بشارع صبري أبو علم، وهناك يمكنك العثور على طبعات نادرة منها، وتحديدا جميع روايات صنع الله إبراهيم، كما تحوي أرففها كتب السياسة خاصة ما يخص الاشتراكية والشيوعية، وكتبا في مجالات علم الاجتماع والفلسفة والنقد الأدبي والتاريخ. وأيضا بشارع صبري أبو علم توجد مكتبة «سنابل»، وهي تعج بمختلف عناوين الكتب في مجالات مختلفة وتحديدا الكتب التعليمية للأطفال، حيث خصص الطابق العلوي لكتب تعليم الأطفال.
كما توجد «الدار المصرية اللبنانية» بشارع عبد الخالق ثروت، حيث يمكنك الحصول على ما يحلو لك من عناوين الكتب سواء أكانت أكاديمية علمية أو تتعلق بالأدب والروايات والنقد. وللكتب الدينية والفقهية يمكنك التوجه لدار «الكتاب العربي اللبناني» في شارع قصر النيل.. ومكتبة «دار ميريت» التي لعبت دورًا مهمًا في نشر الوعي الثقافي والفكري المستنير في مصر والعالم العربي في السنوات الأخيرة، من خلال استكتاب أهم المستعربين والنشر والترجمة لكبار المفكرين والفلاسفة الأوروبيين، ونشر إبداعات شباب الأدباء ورفع سقف الحرية والإبداع. وهناك يمكنك أن تحصل على كتب بيير بورديو ونيتشه، وكتب في مجال تأليف السيناريو، وكتب عن تاريخ شعوب العالم وثوراتهم.
ولا بد من زيارة لمنفذ بيع «دار الهلال» العريقة بشارع المبتديان بمنطقة السيدة زينب، وهو المقر الذي يعود تاريخه لأربعينات القرن الماضي، حيث تزخر أرففها بأروع ما صدر عن «الهلال» لكبار المفكرين والشعراء والساسة المصريين والعرب، حيث ستجد كتبا منذ الأربعينات والخمسينات وحتى العصر الحالي.
ولعشاق الكتب الخاصة بالحضارة المصرية بلغات مختلفة كالألمانية والإسبانية والإنجليزية، فلا بد أن تتوجه لمكتبة «لينرت ولاندروك» التي تأسست في مطلع القرن العشرين، وهي تحفل بكتب متخصصة في الفنون اليدوية التراثية بلغات العالم، وهي أول وأقدم مكتبة للصور الفوتوغرافية وشراء الهدايا التذكارية، وهي المكتبة الوحيدة المتخصصة في بيع كتب تعليم اللغة الألمانية.
ولكتب أدب الطفل المتخصصة يمكنك التوجه لمكتبة «البلسم» بشارع النيل بحي الدقي، التي تضم آلاف العناوين التي تلائم كل المراحل العمرية من سن سنة واحدة حتى 18 عاما، وتعقد بها أنشطة للحكي والرسم بشكل دوري لمختلف الأعمار.
لم تنته الخريطة بعد، فهناك إصدارات وزارة الثقافة المصرية التي يمكنك الحصول عليها من منافذ بيع بدار الأوبرا المصرية بالجزيرة، ومنها: المركز القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة. كما يمكنك زيارة المقر الدائم للهيئة العامة المصرية للكتاب بكورنيش النيل (رملة بولاق)، وهناك يمكنك الحصول على ما شئت من عناوين في الأدب والشعر والتراث والتاريخ والفلسفة والعلوم الاجتماعية والإنسانية لكبار الكتاب والمفكرين المصريين منذ القرن الماضي، حيث تحرص الهيئة على إعادة طبع أمهات الكتب إلى جانب أحدثها، وهناك أيضا مكتبة الهيئة العامة لقصور الثقافة بشارع قصر العيني.
ويمكنك التوجه إلى حي الزمالك، حيث توجد أحدث المكتبات في العاصمة والتي حققت نجاحا كبيرا في السنوات الخمس الأخيرة، وأصبح كبار الأدباء يقيمون فيها حفلات توقيع لأحدث إصداراتهم، مثل مكتبتي «ألف»، و«ديوان»، اللتين تجد فيهما أحدث العناوين العربية والأجنبية في مجال الأدب والسياسة والفن، وأحدث الأدوات المكتبية خاصة المتعلقة بعشاق القراءة من حوامل وعلامات القراءة.
أما إذا كنت تبحث عن عناوين أجنبية متخصصة في مجال الطب وعلم النفس والأدب والمصريات، فيمكنك التوجه لمكتبة «الأنجلو مصرية» في شارع محمد فريد، ومكتبة «تنمية» في شارع هدى شعراوي، ومكتبة «لينرت ولاندروك» بشارع شريف، والتي يمكن أن تستورد لك خصيصا ما تحتاجه من الكتب الأجنبية والمراجع والقواميس. أما الروايات الإنجليزية فيمكنك الحصول عليها في مكتبات «الشروق»، و«ألف» و«ديوان» والتي تلبي اهتمامات عشاق الأدب الغربي، وبالطبع منفذ دار نشر الجامعة الأميركية بالقاهرة بالقرب من ميدان التحرير.



3 قطع برونزية من موقع مليحة في الشارقة

3 كُسور برونزية من محفوظات هيئة الشارقة للآثار مصدرها موقع مليحة
3 كُسور برونزية من محفوظات هيئة الشارقة للآثار مصدرها موقع مليحة
TT

3 قطع برونزية من موقع مليحة في الشارقة

3 كُسور برونزية من محفوظات هيئة الشارقة للآثار مصدرها موقع مليحة
3 كُسور برونزية من محفوظات هيئة الشارقة للآثار مصدرها موقع مليحة

أسفرت عمليات التنقيب المتواصلة في موقع مليحة الأثري التابع لإمارة الشارقة عن العثور على مجموعات كبيرة من اللقى المتعدّدة الأشكال والأساليب، منها مجموعة مميّزة من القطع البرونزية، تحوي 3 كسور تحمل نقوشاً تصويرية، ويعود كلّ منها إلى إناء دائري زُيّن برسوم حُدّدت خطوطها بتقنية تجمع بين الحفر الغائر والحفر الناتئ، وفقاً لتقليد جامع انتشر في نواحٍ عدة من شبه جزيرة عُمان، خلال الفترة الممتدة من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث للميلاد.

أصغر هذه الكسور حجماً قطعة طولها 4.5 سنتيمتر وعرضها 10 سنتيمترات، وتمثّل رجلاً يركب حصاناً وآخر يركب جملاً. يظهر الرجلان في وضعية جانبية ثابتة، ويرفع كلّ منهما رمحاً يسدّده في اتجاه خصم ضاع أثره ولم يبقَ منه سوى درعه. وصلت صورة راكب الحصان بشكل كامل، وضاع من صورة راكب الجمل الجزء الخلفي منها. الأسلوب متقن، ويشهد لمتانة في تحديد عناصر الصورة بأسلوب يغلب عليه الطابع الواقعي. يتقدّم الحصان رافعاً قوائمه الأمامية نحو الأعلى، ويتقدّم الجمل من خلفه في حركة موازية. ملامح المقاتلين واحدة، وتتمثّل برجلين يرفع كل منهما ذراعه اليمنى، شاهراً رمحاً يسدّده في اتجاه العدو المواجه لهما.

الكسر الثاني مشابه في الحجم، ويزيّنه مشهد صيد يحلّ فيه أسد وسط رجلين يدخلان في مواجهة معه. يحضر الصيّادان وطريدتهما في وضعيّة جانبية، ويظهر إلى جوارهم حصان بقي منه رأسه. ملامح الأسد واضحة. العين دائرة لوزية محدّدة بنقش غائر، والأنف كتلة بيضاوية نافرة. فكّا الفم مفتوحان، ويكشفان عن أسنان حادة. تحدّ الرأس سلسلة من الخصل المتوازية تمثل اللبدة التي تكسو الرقبة. يتكون الصدر من كتلة واحدة مجرّدة. الظهر مقوّس بشكل طفيف، ويظهر في مؤخرته ذيل عريض، تعلو طرفه خصلة شعر كثيفة. الجزء الأسفل من البدن مفقود للأسف، وما بقي منه لا يسمح بتحديد وضعية القوائم الأربع.

في مواجهة هذا الليث، يظهر صياد يرفع بيده اليمنى ترساً مستديراً. في المقابل، يظهر الصياد الآخر وهو يغرز خنجره في مؤخرة الوحش. بقي من الصياد الأول رأسه وذراعه اليمنى، وحافظ الصياد الآخر على الجزء الأعلى من قامته، ويتّضح أنه عاري الصدر، ولباسه يقتصر على مئزر بسيط تعلوه شبكة من الخطوط الأفقية. ملامح وجهَي الصيادين واحدة، وتتبع تكويناً جامعاً في تحديد معالمها. من خلف حامل الخنجر، يطل رأس الحصان الذي حافظ على ملامحه بشكل جلي. الأذنان منتصبتان وطرفهما مروّس. الخد واسع ومستدير. الفم عريض، وشق الشدقين بارز. اللجام حاضر، وهو على شكل حزام يلتفّ حول الأنف. تعلو هذه الصورة كتابة بخط المسند العربي الجنوبي تتألف من ستة أحرف، وهي «م - ر - أ - ش - م - س»، أي «مرأ شمس»، ومعناها «امرؤ الشمس»، وتوحي بأنها اسم علم، وهو على الأرجح اسم صاحب الضريح الذي وُجد فيه هذا الكسر.

تتبع هذه الكسور الثلاثة أسلوباً واحداً، وتعكس تقليداً فنياً جامعاً كشفت أعمال التنقيب عن شواهد عدة له في نواحٍ عديدة من الإمارات العربية وسلطنة عُمان

الكسر الثالث يمثّل القسم الأوسط من الآنية، وهو بيضاوي وقطره نحو 14 سنتيمتراً. في القسم الأوسط، يحضر نجم ذو 8 رؤوس في تأليف تجريدي صرف. وهو يحل وسط دائرة تحوط بها دائرة أخرى تشكّل إطاراً تلتف من حوله سلسلة من الطيور. تحضر هذه الطيور في وضعية جانبية ثابتة، وتتماثل بشكل تام، وهي من فصيلة الدجاجيات، وتبدو أقرب إلى الحجل. تلتف هذه الطيور حول النجم، وتشكّل حلقة دائرية تتوسط حلقة أخرى أكبر حجماً، تلتف من حولها سلسلة من الجمال. ضاع القسم الأكبر من هذه السلسلة، وفي الجزء الذي سلم، تظهر مجموعة من ثلاثة جمال تتماثل كذلك بشكل تام، وهي من النوع «العربي» ذي السنام الواحد فوق الظهر، كما يشهد الجمل الأوسط الذي حافظ على تكوينه بشكل كامل.

تتبع هذه الكسور الثلاثة أسلوباً واحداً، وتعكس تقليداً فنياً جامعاً، كشفت أعمال التنقيب عن شواهد عدة له في نواحٍ عديدة من الإمارات العربية وسلطنة عُمان. خرجت هذه الشواهد من المقابر الأثرية، ويبدو أنها شكلت جزءاً من الأثاث الجنائزي الخاص بهذه المقابر في تلك الحقبة من تاريخ هذه البلاد. عُثر على هذه الكسور في موقع مليحة، وفي هذا الموقع كذلك، عثر فريق التنقيب البلجيكي في عام 2015 على شاهد يحمل اسم «عامد بن حجر». يعود هذا الشاهد إلى أواخر القرن الثالث قبل الميلاد، ويحمل نقشاً ثنائي اللغة يجمع بين نص بخط المسند الجنوبي ونص بالخط الآرامي في محتوى واحد. يذكر هذا النص اسم «عمد بن جر»، ويصفه بـ«مفتش ملك عُمان»، ونجد في هذا الوصف إشارة إلى وجود مملكة حملت اسم «مملكة عُمان».

ضمّت هذه المملكة الأراضي التي تعود اليوم إلى الإمارات العربية المتحّدة، كما ضمّت الأراضي التي تعود إلى شمال سلطنة عُمان، وشكّلت استمرارية لإقليم عُرف في النصوص السومرية باسم بلاد ماجان. جمعت هذه المملكة بين تقاليد فنية متعدّدة، كما تشهد المجموعات الفنية المتنوّعة التي خرجت من موقع مليحة في إمارة الشارقة، ومنها الأواني البرونزية التي بقيت منها كسور تشهد لتقليد فني تصويري يتميّز بهوية محليّة خاصة.