مسيحيو لبنان ناقمون على النظام الحالي

لا خيارات متاحة تتخطّى تطبيق «الطائف»

إحدى جلسات مجلس النواب الفاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (إ.ب.أ)
إحدى جلسات مجلس النواب الفاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (إ.ب.أ)
TT

مسيحيو لبنان ناقمون على النظام الحالي

إحدى جلسات مجلس النواب الفاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (إ.ب.أ)
إحدى جلسات مجلس النواب الفاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (إ.ب.أ)

يبلغ استياء القوى المسيحية في لبنان ذروته حالياً بسبب الشغور المستمر في سدة رئاسة الجمهورية منذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وقرار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عقد جلسات لمجلس الوزراء لمعالجة ملفات مستعجلة، وهذا الأمر ما ترفضه البطريركية المارونية والأحزاب المسيحية الرئيسة التي بدأت تنتقد بصراحة التركيبة السياسية الحالية والنظام القائم وتدفع باتجاه تغييرهما. في هذا الأثناء، يُحمّل قسم كبير من اللبنانيين المسيحيين أنفسهم مسؤولية الشغور الرئاسي؛ كونهم لم يتمكنوا من الاتفاق فيما بينهم على مرشح أو مجموعة مرشحين يحصرون الانتخابات بهم، وبالتالي، تسهل مهمة البرلمان الحالي. ويُذكر، أن هذا البرلمان منقسم إلى مجموعة كتل صغيرة؛ ما يجعل من الصعب تأمين أكثرية أصوات لمرشح واحد. وفي المقابل، تتهم قوى عديدة مسيحيي «حزب الله» وحلفاءه بمحاولة تكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية الماضية في العام 2016، حين جرى تعطيل العملية الانتخابية سنتين ونصف السنة لفرض انتخاب مرشح الحزب الذي كان حينذاك العماد ميشال عون.
انسحبت الخلافات حول كيفية مقاربة الملفين الرئاسي والحكومي في لبنان على علاقة «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» (التيار العوني) التي تمر حالياً بأسوأ أحوالها منذ العام 2006، تاريخ توقيع التفاهم الشهير بينهما الذي عُرف بـ«تفاهم مار مخايل». وهو ما دفع رئيس «التيار» النائب جبران باسيل إلى التصعيد، معتبراً أن ما يحصل «سوف يأخذنا إلى أبعد بكثير من ضرب التوازنات والتفاهمات».

جعجع: لتركيبة جديدة
إلا أن اللافت أخيراً هو خروج القيادات المسيحية في وقت واحد لانتقاد الوضعية الحالية والمطالبة بتغييرها، وإن كان يمكن الجزم بألا تفاهم ولا توافق بين هذه القيادات على طريقة التغيير أو على النظام الواجب اعتماده، باعتبار أن الخلافات والانقسامات منعت لسنوات انعقاد لقاء مسيحي جامع حاولت بكركي (أي البطريركية المارونية) ترتيبه.
فقد أثارت مطالبة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع قبل أيام بضرورة «إعادة النظر بالتركيبة اللبنانية إذا تمكّن (حزب الله) من الإتيان برئيس كما يريد»، ردود فعل كثيرة، أبرزها من «حزب الله» نفسه الذي رد نائب أمينه العام الحزب، نعيم قاسم على جعجع قائلاً «أحد أركان السياديين يدعو إلى التقسيم إذا لم يتمكن من الإتيان بالرئيس الذي يريده!».
ثم تساءل قاسم «هل السيادة تكون بالاستحواذ على البلد والتطنيش (التغافل) عن الاحتلال الإسرائيلي لبلدنا، وعدم احترام إرادة الشعب في انتخاب الرئيس؟». وأضاف «الوطني لا يدعو إلى التقسيم»، علماً بأن جعجع لم يتحدث عن التقسيم ولم يحدد أي تركيبة أو نظاماً جديداً لاعتماده، كما يؤكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور.
إذ أوضح جبور في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما تطرحه القوات إنما تطرحه من خلفية وطنية لأنها تعتبر أن المستهدف هو الدولة في لبنان والخلاف هو بين من يريد دولة ومن لا يريد دولة». ومن ثم وصف موقف جعجع الأخير بـ«المبدئي القائم من منطلق وطني معارض عابر للطوائف». ويشدد جبور على أنه «لا يمكن الاستمرار على هذا المنوال، وبخاصة في الملف الرئاسي... وعلى الجميع الالتزام بقواعد الحياة الدستورية والوطنية في لبنان واحترام المهل الدستورية. ولكن إذا لم يكن هناك تجاوب معنا، فيمكن الجزم بأن التركيبة الحالية لم تعد صالحة لإنقاذ لبنان واللبنانيين ونحن لا يمكن أن نسمح بأن يبقى (حزب الله) متسلبطاً (متسلطاً) على الدولة».
في الواقع، جعجع كان قد سأل «في التركيبة الحالية ماذا يمكن أن يحصل بعد؟ سيتسمرّ محور الممانعة بالتعطيل إلى حين أن نيأس ويُهاجر الجميع... وبالتالي التسليم بالاسم الذي يريدونه». وأردف مشدداً على أن «التركيبة الحالية فشلت، وجلسات انتخاب الرئيس ستكون كسابقاتها لأنّ المنطق نفسه يتحكّم بالأمور، ومن غير المقبول أن يتمكّنوا من تعطيل البلد».
غير أن الموقف القواتي الأخير لم يلق ترحيب رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي استغرب حديث جعجع، وقال «ماذا يقصد بإعادة النظر في التركيبة اللبنانية؟ وهل هذا وقت مناسب ليخوض في مسألة تعديل التركيبة بينما البلد ينهار؟». وأضاف «المطلوب استكمال تطبيق اتفاق الطائف قبل أن يدعو السيّد جعجع أو غيره إلى أي طرح من هذا النوع».
أيضاً حذّر النائب في «الحزب التقدمي الاشتراكي» هادي أبو الحسن، من «إحياء نغمة التقسيم حيناً، والفيديرالية حيناً آخر»، مؤكداً على أن «الحل في لبنان يبقى في تطبيق اتفاق الطائف بكل مندرجاته»، ومؤيداً الدعوة لتطوير النظام السياسي إلى الأفضل. وقال أبو الحسن «نلتقي على ضرورة تطوير النظام السياسي للأفضل وليس للأسوأ؛ وذلك عبر تطبيق اتفاق الطائف بكل مندرجاته، أما الفيدرالية فهي لا تحل المشكلة والأزمات التي يرزح تحتها لبنان، بل تعمّقها أكثر». ثم استعاد ما تعرف في لبنان بحرب الإلغاء في لبنان بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، فقال «عندما يرتفع الحديث عن الفيدرالية أو التقسيم تقع المشكلة في البيت الواحد»، متوجهاً بالسؤال إلى الشركاء المسيحيين بالقول «لماذا نكرر هذه التجربة؟».

باسيل: لـ«اللامركزية الموسعة»
من ناحية أخرى، تزامنت تصريحات جعجع مع مواقف عالية السقف أطلقها باسيل اعتراضاً على تغطية «حزب الله» جلسات مجلس الوزراء، التي يعتبرها العونيون «غير دستورية وغير شرعية» في ظل شغور سدة الرئاسة. وأبرز ما قاله باسيل في هذا الصدد «مش ماشي الحال أبداً، ويجب البدء جدّياً باللامركزية الموسعة، إن لم يكن بالقانون بعد 30 سنة من الطائف، نبدأها على الأرض». ورأى باسيل، أن «الإمعان بالكذب وبخرق الدستور والميثاق وإسقاط الشراكة، سوف يعمّق الشرخ الوطني، وسوف يأخذنا إلى أبعد بكثير من ضرب التوازنات والتفاهمات».
وللعلم، كان رئيس «الوطني الحر» قد قال صراحة في فبراير (شباط) 2022، إنه «لا حل إلا بتغيير النظام أو تطويره... نحن مقتنعون بأن فشل الدولة سببه سوء النظام وبأن الحلول لأزماته تكمن في إصلاحه وليس بفسخ العقد الاجتماعي بيننا»، وشدد على «أننا في التيار الوطني الحر مؤمنون بوحدة لبنان، وبأن الحياة معاً يجب أن تبقى خيار اللبنانيين وليس فقط قدرهم».
وبما يخصه، يرى النائب عن «التيار الوطني الحر» آلان عون، أنه «يجب التروّي والتأنّي قبل الذهاب إلى خيارات جذرية، من دون أي يعني ذلك أن هذه التركيبة ليست بحاجة إلى تطوير بعد التجربة التي مررنا بها». ولفت عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «طريقة التعاطي مع أمور بحجم الدستور واتفاق الطائف لا يجب أن تكون انفعالية، بل مسؤولة وتحتاج إلى مناخات وطنية هادئة وعقلانية». وأضاف «إعادة إنتاج صيغة لبنانية ليس بالأمر السهل، وقد حصلت بالسابق على أثر حروب مؤلمة وهذا ما لا نتمنّاه. ولكن كما يجب أن يتمسّك المسيحيون بالوحدة الوطنية، على شركائهم في الوطن أن يتعاطوا بجدّية مع هواجسهم».
ويرى آلان عون، أن «اللامركزية التي نصّ عليها اتفاق الطائف وأصبحت جزءاً من الدستور اللبناني هي الحلّ الواقعي المتاح. ويجب أن تحسم الكتل السياسية أمرها بما يخص اعتمادها، وأن تذهب إلى إقرار القانون الخاص بها... والذي أنجزنا القسم الأكبر منه في اللجنة الفرعية المولجة دراسته». وتابع «الدولة المركزية بتعقيداتها وصعوبة أخذ قراراتها وهشاشتها من خلال التعطيل المتكرّر، أكان متعمّداً أو غير متعمّد، لا يمكنها أن تقدّم الخدمات اللازمة للناس بالمستوى نفسه وبشكل متوازن... لذا؛ علينا اعتماد اللامركزية كحلّ لإنماء أكثر توازناً وخدمات عامّة أكثر فاعلية في مختلف مناطقنا».

الفيدرالية الحل؟
أما القيادي في «التيار»، الدكتور ناجي حايك، فيذهب إلى أبعد من اللامركزية بالدعوة الصريحة إلى الفيدرالية، معتبراً أنه «يجب إعادة النظر بالتركيبة الحالية، ونتمنى أن يحصل ذلك من خلال تفاهم مسيحي». ويشدد حايك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أنه «لم يعد هناك أي قدرة على المحافظة على المناصفة في ظل النظام الحالي؛ لذا فإن الفيدرالية أفضل الحلول راهناً كونها تؤمّن استمرارية البلد الذي بات على شفير الانفجار». واستطرد موضحاً «بخلاف ما يردد البعض، طبعاً من مصلحة المسيحيين إعادة النظر بالنظام وبسرعة فائقة. فالمشكل ليس ديموغرافياً، وما سيحصل عليه المسيحيون من حجم الأرض ليس مرتبطاً بعددهم إنما بحجم مساحات الأرض التي يمتلكونها وحجم الضرائب التي يدفعونها وتساهم بإنعاش الدولة». ويرى حايك، أنه «إذا اتفق المسيحيون بعضهم مع بعض على نظام معين يصبح لديهم قدرة الحصول عليه، أما إذا ظلوا متفرقين ومتناحرين لن يحصلوا على شيء... وسيتواصل مسارهم الانحداري وسيهاجر ما تبقى من أبنائنا من البلد».

لا إجماع مسيحياً
على الضفة المقابلة، يعتبر المعارض الشيعي البارز علي الأمين، أن «لا إجماع مسيحياً لا على الفيدرالية ولا على تغيير النظام». إذ اعتبر الأمين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المساحة الأوسع من الشارع المسيحي تتبنى اتفاق الطائف الذي يحمل سلسلة أمور إصلاحية ويرسخ مسار الدولة والانتقال إلى الدولة المدنية ودولة المواطَنة... مسار إصلاحي تبنيه يكفل الخروج من الأزمة القائمة ويحل الإشكالية المتعلقة بالمواقف المعترضة على مستوى الساحة المسيحية لجهة عدم تطبيق الدستور والنظام». وأردف الأمين «المشكلة ليست باتفاق الطائف إنما بعدم تطبيق الاتفاق، وبالسلطة القابعة فوقه التي تفسره كما تشتهي وتشاء. لقد حصل ذلك في زمن الوصاية السورية ويحصل اليوم في زمن وصاية (حزب الله) على الدولة». ومن ثم، شدد على أن «الفيدرالية تعني نهاية للمسيحيين وللبنان... فهي لن توفر طمأنينة لأحد، خصوصاً المسيحيين. لقد خبرنا حالة الصفاء الطائفي والمذهبي خلال الحرب، والصراعات الداخلية بين الفريق الطائفي والمذهبي الواحد... وقد كانت أشد وأقسى مما هي بين الطوائف سواء داخل الساحة المسيحية بين القوات وعون أو بين امل و(حزب الله). لذلك؛ ليست الفيدرالية عنوان طمأنينة، بل ستفتح باباً أمام أشكال جديدة من العنف، علماً بأنها لا تتيح التحصن من سطوة الفيدراليات الأخرى عليها... إذ يمكن أن يكون (حزب الله) في إحدى الفيدراليات مسلحاً ومسيطراً ويحظى بغطاء إقليمي؛ ما يتيح له أن يلعب دور الوصي على الفيدراليات الأخرى».

طلاق وتدويل
حقاً، لا تنحصر الدعوات المسيحية لتغيير الوضع السياسي الراهن بحزبي «القوات» و«التيار»؛ إذ سبق لرئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل أن أعلن صراحة رغبته في «الطلاق» مع «حزب الله». وقال الجميّل في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 «لسنا مستعدين لأن نبقى رهينة قرارات (حزب الله) وخياراته التي دمّرت البلد... واستمرار تعاطيه معنا بهذا الأسلوب سيوصلنا إلى حالة طلاق معه، ويُجبرنا إلى اعتماد خطوات أخرى»، وهي خطوات لم يحددها.
أما البطريركية المارونية، التي كانت قد دعت في مذكرة «قبل فوات الأوان» - التي أعدها فريق العمل التابع لمركز الدراسات البطريركي - إلى «تطوير النظام، اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، إقرار الاستراتيجية الدفاعية والتشريع المدني والحياد». وهي تطالب عبر البطريرك الماروني بشارة الراعي منذ أشهر بتدويل الأزمة اللبنانية و«التوجه للأمم المتحدة ودول القرار لإنقاذ لبنان قبل فوات الأوان». ويعتبر الراعي، أن «لا مناص من تدويل القضية اللبنانية بعد فشل الحلول الداخلية»، لافتاً إلى أنّ «الذين يُفشلون الحلول الداخلية هم من يرفضون التدويل لأنهم يريدون لبنان كما يريدون، فيما لبنان سيكون كما يريده جميع أبنائه المخلصين».

نجار

نجار: أزمة حكم... لا نظام
> يشدد الوزير السابق البروفسور إبراهيم نجار على وجوب تحاشي الخلط بين النظام والحكم؛ إذ يعتبر أن الأخير هو الذي تعثّر وتعرقل في مرحلة ما بعد الطائف. ويؤكد نجار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن اللبنانيين مقتنعون بأن «تحقيق التقسيم في لبنان هو مشروع فتنة داخلية وخارجية، يضطر فيها لبنان إلى التوجه إلى عكس ما يفرضه التاريخ والعيش الواحد، مع ما يستتبع ذلك من حروب ممكنة وويلات ودمار وتحطيم للبنى التحتية». ويضيف «لا يمكن أن نتنازل عن أي جزء من لبنان ليكون فلسطين أو سوريا أو إيران بديلة. لقد دفعنا ثمن خيار وحدة التراب... ثمناً باهظاً، فكانت ردة الفعل التاريخية الحكيمة شعار (أوقفنا العد)، و(لبنان أولاً)، وأقرّ الجميع بالمناصفة، وجرى استبدال العددية السكانية بالتعددية الطائفية، وبات لبنان موطناً لميثاق العيش الواحد، و(رسالة) يحتذي بها عالمنا الممزّق اليوم».
ويرى نجار، أن «اللبنانيين يعرفون أيضاً أن الفيدرالية مشروع يفترض الموافقة عليه من قبل المكونات اللبنانية. لأن الفيدرالية عقد اجتماعي وسياسي ومناطقي. وأصلاً الفيدرالية الدينية والطائفية قائمة الآن بعدما بلغ عدد الطوائف المعترف بها قانوناً في لبنان 18 طائفة. ويبدو في هذا السياق أن شعار (لبنان الـ10452كلم2) مدخلٌ للتسليم بأن أكبر ضمانة للبنانيين عامة، وللمسيحيين خصوصاً، هو حكم قوي، مركزي، قادر وعادل، يستطيع فرض هيبة دولة المؤسسات والارتكاز إلى جيش قوي لا يقاومه جيش آخر على أرض لبنان. ولقد دوّنا هذه المبادئ في الدستور تدويناً ساطعاً وغير قابل للنقاش، مع ما رافقه من تأكيد لمُسلّمات الحريات الأساسية والاتفاقات الدولية وحقوق الإنسان، وما تفرضه الديمقراطية البرلمانية من قواعد»، خاتما بالقول: إن الحل اليوم هو بـ«تحديث نظام الحكم وعلاقات السلطات الدستورية».

نصر الله

«حزب الله»: أزمة سياسات اقتصادية
* ينأى «حزب الله» بنفسه عن أي نقاش حول تعديل النظام، ولا يُبدِي أي موقف صريحً. وهو يرى في الغالب أن الأزمات عائدة إلى سياسات اقتصادية، وبالفعل أعاد أمينه العام حسن نصر الله أخيراً أسباب الأزمة المستعصية الراهنة إلى «الفساد الإداري والمالي، والقصور والتقصير الإداري والمالي، وفقدان الكفاءة والخبرة، أو الخطأ في الحسابات السياسية التي بُنيت عليها الرؤية الاقتصادية خلال عقد التسعينات (من القرن الماضي،) وبعض السياسات المالية الخاطئة، وأحياناً الفاسدة والمفسدة... مثل الاستدانة وطريقتها والفوائد العالية مما رتب ديوناً هائلة على الخزينة وضرب الإنتاج وروح العمل وتعزيز ثقافة البحث عن الربح السريع».
ومما قاله أمين عام «حزب الله» في هذا الشأن أيضاً، إن «من الأسباب... المحاصصة الطائفية في المشاريع، وتبعات الحروب الداخلية، وإعادة الإعمار، وملف المهجّرين، وتبعات الحروب والاعتداءات الإسرائيلية، وتبعات الأحداث الإقليمية... وخلال السنوات الثلاث الأخيرة العقوبات والضغوط والحصار». ورأى، أن الخيارات للخروج من الأزمة تتمثل في «بناء اقتصاد منتج واقتصاد معرفة واقتصاد يؤمّن أمناً غذائياً ويعتمد على وقائع ولا ينتظر المساعدات الخارجية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

عائلات محتجزين في غزة يتهمون نتنياهو بتضليل ترمب للتهرب من صفقة تبادل

إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)
إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)
TT

عائلات محتجزين في غزة يتهمون نتنياهو بتضليل ترمب للتهرب من صفقة تبادل

إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)
إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)

بعدما تكشف أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، لا يعرف أن نصف عدد المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة «حماس» في قطاع غزة أحياء، اتهمت عائلات عدد من هؤلاء المحتجزين، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته، بتقديم معلومات مضللة إلى ترمب حول مصير الأسرى، للتهرب من الصفقة والإفلات من الضغوط الأميركية المحتملة على إسرائيل لدفعها نحو إتمام صفقة تبادل.

وقال تقرير بثته «القناة 13» الإسرائيلية، الاثنين، إنه في الوقت الذي تركز فيه الولايات المتحدة وإسرائيل على مفاوضات لإنهاء الحرب في لبنان، لا يزال ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة عالقاً في ظل تراجع الجهود لإتمام صفقة تبادل، مضيفاً أن هذا الأمر «يغضب العائلات ويفقدها صوابها؛ فهم يرون أن الحكومة، التي تدير ظهرها لقضية الأسرى طيلة 416 يوماً منذ خطفهم من بيوتهم ومن قواعدهم العسكرية، تعمل بكل قوتها لمنع اتفاق مع (حماس) على الرغم من معرفتها الوثيقة بأن هذا يعني تهديد حياة المخطوفين».

وأشار التقرير إلى أن مصادر مقربة من ترمب أكدت اهتمامه بقضية الأسرى، إلا أن تل أبيب تقدم معلومات لمسؤولي إدارته المقبلة تفيد بأن «أغلب الأسرى قتلوا وليسوا على قيد الحياة»، بهدف تقليل الضغوط الأميركية لإبرام صفقة تبادل مع «حماس»، بعد تنصيب الإدارة الجديدة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وفي منتجع «مارا لاغو» في فلوريدا، ذكرت القناة أن «البعض شبّه ترمب بالرئيس رونالد ريغان، الذي أنهى أزمة رهائن إيران فور تسلمه السلطة عام 1981». وأشارت إلى أنه أثناء حملته الانتخابية، ادعى ترمب مراراً أنه لو كان في منصب الرئيس، لما اندلعت الحرب، وأنه قادر على «إطلاق سراح الأسرى في غزة».

وكان شخص مقرب من الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هيرتسوغ، هو الذي كشف أن ترمب لا يعرف عن مصير الأسرى. وأضاف أنه عندما اتصل هيرتسوغ ليهنئ ترمب بانتخابه، سمع منه هذا الأمر، إذ قال إنه يعرف أن المخطوفين قتلوا لدى وجودهم في الأسر لدى «حماس». ورد عليه هيرتسوغ قائلاً إن أكثر من نصفهم أحياء، ففوجئ. ومن هنا، استنتج الإسرائيليون أن نتنياهو هو الذي يضلل ترمب ويخبره أن معظم المحتجزين أموات.

وقال والد الجندي المحتجز، رُوبي حن: «يمكنني أن أؤكد، بناءً على المصادر التي أتحدث معها، أن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، وهم أنفسهم المسؤولون عن فشل 7 أكتوبر، يبلغون ترمب وفريقه بأن غالبية المختطفين قد قُتلوا». واعتبر أن الحكومة ستخدم هذا النهج في محاولة لتقليل ضغوط محتملة قد تحاول إدارة ترمب ممارستها مستقبلاً على إسرائيل. وقال: «يعتبرون أنه بذلك لن تكون هناك ضغوط لاستعجال التوصل إلى صفقة تبادل. إنه لأمر مذهل أن يجرأوا على قول مثل هذه الأمور بينما يرتدون شارة دعم الرهائن».

وقال غيل ديكمان، قريب إحدى الأسيرات، في منشور على منصة «إكس»: «من يروج لترمب هذه الأكاذيب؟ من يقنعه بأن الرهائن قد ماتوا؟ بدلاً من إعادة الجميع سريعاً، سواء كانوا أحياء أو موتى، انتظرتم حتى يُقتل الرهائن في الأسر، والآن تكذبون وتقولون إن معظمهم قد ماتوا لتبرير التخلي عنهم مجدداً». وأضاف: «ما زال هناك من هم أحياء. أعيدوهم جميعاً. بلا أعذار. الأحياء لإعادة التأهيل، والموتى للدفن».

وفي نشاط احتجاجي نظمه أقارب الأسرى في تل أبيب، طالبت أسيرة أُفرج عنها بعد 57 يوماً في الأسر، بالإسراع في إبرام صفقة تبادل، قائلة: «كل الأطراف المعنية تؤكد أن الظروف أصبحت مهيأة للصفقة. لم تعد هناك أعذار. حان الوقت لإعادة جميع الرهائن، وبأسرع وقت ممكن، لأن الشتاء في الأنفاق يجعل من الصعب معرفة من سيبقى على قيد الحياة». وأضافت: «لو فهم المسؤولون فقط ما يعنيه البقاء في ظروف غير إنسانية في الأنفاق، لمدة 54 يوماً، لما تركوا المختطفين هناك طوال 415 يوماً».

وكان رئيس «حزب الديمقراطيين»، الجنرال يائير جولان، قد حذر من أن يكون هدف إسرائيل من إبرام اتفاق مع لبنان هو إجهاض اتفاق مع «حماس». وقال: «إذا وافقت حكومة اليمين على وقف إطلاق النار في لبنان، فسوف تركز على (الطبق الرئيسي)» في غزة. يذكر أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي أثبت منذ بداية الحرب أنه رئيس الوزراء الفعلي أشار في الأيام الأخيرة إلى هذا الاتجاه.