علي بونغو... الرئيس الساعي إلى تثبيت «إرث والده» في الغابون

قدّمه الحزب الحاكم للترشح لولاية رئاسية ثالثة

علي بونغو... الرئيس الساعي إلى تثبيت «إرث والده» في الغابون
TT

علي بونغو... الرئيس الساعي إلى تثبيت «إرث والده» في الغابون

علي بونغو... الرئيس الساعي إلى تثبيت «إرث والده» في الغابون

يطمح الرئيس الغابوني علي بونغو، إلى تثبيت «إرث عائلته» السياسي في البلد الغني بالنفط بوسط أفريقيا، عبر ولاية رئاسية هي الثالثة، تمنحه تمديد فترة حكمه إلى 21 سنة، وهو ما يعادل نصف مدة حكم والده، أحد أصحاب الأرقام القياسية في الحكم على مستوى القارة السمراء. بونغو (63 سنة) يسير بخطى ثابتة في طريقه للفوز بالانتخابات الرئاسية المقررة في أغسطس (آب) 2023. بعدما دعاه «الحزب الديمقراطي» الحاكم، في ختام مؤتمره العام نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى الترشح. وهي دعوة قُوبلت بترحاب من الرئيس الحالي، معتبراً إياها «دليلاً على الثقة»، وأضاف قائلاً: «مناشداتكم تلقى آذاناً مصغية». الجدير بالذكر أن عائلة بونغو استفردت بالسلطة في الغابون لأكثر من نصف قرن، منذ حكم والده عمر بونغو المستعمرة الفرنسية السابقة طيلة 42 سنة من عام 1967 وحتى وفاته في عام 2009. وكان بونغو الابن قد وصل إلى الرئاسة بعد شهرين فقط من وفاة والده في عملية انتقال سلس للسلطة. والواقع أن «الامتداد السلطوي» أو «التوريث» لا يُعدُّ أمراً مستغرباً في القارة السمراء، التي تتفنن بعض دولها في أنماطه، لكن ثمة عوامل دعمت عائلة بونغو في هذا الاتجاه، بحسب مراقبين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، من بينها شبكة التأثير الدولية الواسعة التي تتمتع بها الأسرة قارياً ودولياً، والتي أسهمت في تقليص الانتقادات إليها، فضلاً عن الاستقرار الاقتصادي في البلاد، على خلاف جيرانها. هذا، وتعد الغابون إحدى أغنى دول أفريقيا بفضل ثروتها النفطية الهائلة، لكن معارضين لبونغو يقولون إن معظم تلك الثروة «يتركز في أيدي نخبة صغيرة»، وسط اتهامات متكررة - تنفيها الحكومة - بالفساد.
يحرص كثيرون من الحكام في دول «العالم الثالث»، وبالأخص، في أفريقيا جنوبي الصحراء على تدريب أبنائهم على السلطة عبر توليهم مناصب ومسؤوليات تحضيراً لمنصب الرئيس مستقبلاً، ومن ثم يبدو الأمر وكأنه خطوة طبيعية، وهذا ما حصل في الغابون عندما تدرّج علي بونغو في عدّة وظائف ومسؤوليات حزبية وسياسية، قبيل حكمه الذي بدأ عام 2009.
النقلة السياسية الأولى في حياة علي بونغو - المولود نحن ألان برنار بونغو - في الكونغو برازافيل المجاورة للغابون في فبراير (شباط) عام 1959. وذلك قبل تحوّله مع والده إلى الإسلام عام 1973 وتغييرهما اسميهما. بدأت تلك النقلة مبكراً خلال دراسته في المدرسة الابتدائية عندما تقلّد لقب «ابن الرئيس»، بتولي والده - الذي كان اسمه الأصلي ألبير برنار بونغو - الحكم في الغابون عام 1967. الأمر الذي ساعده في الحصول على فرصة تعليمية متميزة منذ صغره، فالتحق في سن التاسعة بمدرسة راقية بضواحي العاصمة الفرنسية باريس، أعقبها دخوله جامعة باريس - السوربون الفرنسية العريقة، حيث درس القانون.
وبجانب تعليمه الراقي، أظهر علي بونغو إبّان شبابه اهتماماً بكرة القدم والموسيقى، باعتباره نجل المغنية الغابونية الشهيرة بيشنس داباني، حتى إنه أصدر عام 1977 ألبوماً غنائياً باسم «إيه براند نيو مان»، أنتجه تشارلز بوبيت مدير أعمال الفنان الأميركي جيمس براون.
بعد سنوات من هذا الألبوم، بدأت تحولات سياسية بارزة في حياة علي بونغو، بانتخابه عام 1983 عضواً في اللجنة المركزية للحزب الحاكم. ثم صار عضواً في مكتبه السياسي 1986. قبل أن يتولى منصب وزير الشؤون الخارجية 1989 - 1991. ثم إنه انتخب نائباً عن مدينة بونغوفيل في الجمعية الوطنية (البرلمان) بين 1991 - 1999. وبعدها تولى منصب وزير الدفاع، وهو المنصب الذي ظل محتفظاً به لمدة 10 سنوات (ما بين 1999 - 2009)، ومعه لعب دوراً كبيراً في تحييد المؤسسة العسكرية عن العملية السياسية، بغية «تأمين وصوله إلى قمة السلطة»، كما يشير الدكتور العيد دحماني، أستاذ العلوم السياسيّة والعلاقات الدوليّة بجامعة الأغواط - عمار ثليجي بالجزائر. ويعتبر دحماني «هذه المحطات التي مرّ بها كل من الرئيس الأب في استغلال العائدات النفطية لترسيخ نمط حكمه، ومن ثم الإمساك بمفاصل الدولة عبر مؤسستها العسكرية من طرف الرئيس الابن، هي بمثابة مقاربة من شأنها أن تورث الحكم في أي دولة».
الدكتور دحماني، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، يرى أن الغابون، التي استقلت عن فرنسا عام 1960. لم تخرج عن طبيعة ونوعية الأنظمة السياسية التي تكونت في دول القارة الأفريقية، من حيث نمط حكم الهيمنة الإدارية الذي يعمل على التعبئة الجماهيرية لكسب التأييد والمكانة، ويرتبط في بعض الأحيان بالمنظمات المساعدة كالحزب الوحيد أو الأحزاب الموالية. وفي هذا النظام تتمركز القرارات حول القائد ومستشاريه الهامين، وهو ما اعتمد عليه الرئيس الأب في الغابون. وفي إطار السيطرة والتمهيد لحكم نجله، اتسمت فترة بونغو الأب - كما يشير دحماني - بـ«الحكم المنفرد»، كما «شكّل أقلية صغيرة من حوله، وتولى بنفسه توزيع المسؤوليات الحكومية والإدارية بما يضمن توازنات إثنية وإقليمية، بالإضافة للتعاون مع مستشاريه الأجانب. ذلك أنّ فرنسا لم تغب عن الساحة السياسيّة والاقتصادية، بل انتهزت ولاء السلطة الحاكمة التي تدعمها في قراراتها مقابل الاستفادة من الثروات والموارد الغابونية. وأيضاً استفاد نظام الحكم الغابوني من مشروع التنمية المنشود لعقود من الزمن الذي تصدر اهتمامات القادة الأفارقة عقب مرحلة الاستقلال، وعادة ما يكون مبرراً لبقائهم في الحكم لفترات طويلة».

تعددية صورية
لقد سعى الرئيس الأب في الغابون إلى تبني نهج التعددية السياسية والحزبية إبان فترة التحولات في أفريقيا، «إلا أن هذا لم يغير من نمط الحكم، ولا عندما سمح لعدة شخصيات بمنافسته في انتخابات 1993، بضغط من المعارضة»، كما يوضح دحماني. إذ يعتقد الأكاديمي الجزائري «أن معظم الانتخابات التي أجريت في أفريقيا خلال تلك الفترة كانت شكلية وصورية بحكم سيطرة الرؤساء المنتهية ولايتهم على أجهزة الدولة، وتسخيرهم إمكاناتها لصالحهم، وهو ما يفسر بقاءهم أو عودتهم للحكم من جديد في مرحلة لاحقة من الانتخابات».
من جهة ثانية، كان أحد أهم الظروف والعوامل التي مكّنت عائلة بونغو من البقاء في السلطة طيلة 55 سنة «شخصنة السلطة»، التي يصعب تفكيكها في ظل تبني «السياسة الريعية»، على حد وصف خبير في الشؤون الأفريقية. إذ تعدُّ الغابون إحدى أهم الدول الريعية في أفريقيا جنوبي الصحراء من حيث الاحتياطي النفطي الذي يشكِّل 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وهو ما سمح بتحويل هذا البلد الصغير في وسط أفريقيا إلى حكم عائلي خاص، وساعد بونغو الأب في تعديل الدستور ليسمح لنفسه بالترشح لمنصب الرئاسة مرات عدة وسط تهم المعارضة بـ«القمع والديكتاتورية». ويعد النفوذ السياسي الدولي والاستقرار الاقتصادي عاملين مهمين مكّنا عائلة بونغو من فرض هيمنتها، كما يوضح الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي محمد تورشين، الذي قال لـ«لشرق الأوسط»، إن «أسرة بونغو تتمتع بشبكة تأثير واسعة على الصعيدين الأفريقي والدولي، ولها علاقات متينة مع فرنسا... وكذلك ضمن العوامل التي ساهمت في ترسيخ حكم بونغو في الغابون، هو أنها دولة بترولية غنية صاحبة إنتاج وطي كبير، ودخول أفراد معدلاته ممتازة، مما حقق نوعاً من الاستقرار الاقتصادي، ميز البلاد عن غيرها من دول الجوار». وحقاً، بفضل ثروة الغابون النفطية، يُعد متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي فيها من أعلى المتوسطات في أفريقيا، وجعلها البنك الدولي في الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل. ومع ذلك، ووفق تقارير دولية، فإن الثروة موزعة توزيعاً غير متكافئ، ويعيش كثيرون من مواطني الغابون في فقر وعوز.

انتقال سلس... وتهم فساد
نتيجة لهذا التمهيد، وبعد شهرين على وفاة عمر بونغو (الأب) وصل الابن علي بونغو إلى السلطة عام 2009. عقب انتخابات رئاسية فاز فيها بـ42 في المائة من الأصوات، واستقبلت بنوع من الترحيب من قبل الأوساط الدولية. وبالفعل، شهد حفل تنصيب بونغو الابن رئيساً وأداء اليمين الرئاسي حضور العديد من رؤساء الدول الأفريقية وممثل فرنسا، التي استقبلته في أول زيارة خارج أفريقيا عام 2009. ويومذاك التقى نيكولا ساركوزي (في حينه رئيس فرنسا) للتأكيد على رغبته في عودة العلاقات الوثيقة إلى طبيعتها بين القوة الاستعمارية السابقة وأحد أهم حلفائها في أفريقيا. وجاءت الولاية الثانية، لبونغو الابن عبر انتخابات عام 2016، عندما أعيد انتخابه بعد حصوله على 49.80 في المائة من الأصوات، متقدماً على منافسه المعارض جان بينغ الذي حصل بدوره على 48.23 في المائة من الأصوات. ولقد بلغت نسبة الاقتراع 59.64 في المائة، أمام احتجاجات للمعارضة بحجة التزوير.
اليوم يواجه علي بونغو تهماً بـ«الفساد» خلفها منظمات حقوقية وقوى معارضة، ولقد استند بعضها إلى تحقيق للشرطة الفرنسية استغرق 7 سنوات، وادعى أن عائلة بونغو تملك 39 عقاراً في فرنسا و9 سيارات فاخرة. ومع أن التحقيق توقف عام 2017 لعدم توفر أدلة على «مكاسب غير مشروعة»، ظلت الاتهامات تلاحق الأسرة، التي نفت بشدة كل تلك الأمور. أيضاً يواجه بونغو انتقادات لدوره البارز في «الحركة الماسونية» التي يقود جناحها في الغابون علناً، وفق تقرير بريطاني.
وفي مواجهة هذه الانتقادات يدافع أنصار بونغو عنه بالقول إنه «يحاول تنويع مصادر الغابون عوضاً عن اعتمادها على النفط، الذي تراجعت عائداته، وإنه جعل هدفه تحويل البلاد إلى التكنولوجيا المتقدمة وجذب الاستثمارات التي قام من أجلها بالعديد من الرحلات إلى الخارج».
وفي محاولة لترسيخ شعبيته في مواجهة تلك الاتهامات، أعلن الرئيس بونغو عام 2015، بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والخمسين للاستقلال عن فرنسا، عن تبرّعه بميراثه من والده لحساب «مؤسسة للشباب والتعليم»، ويذكر أن ثروة أسرة بونغو تقدّر بملايين الدولارات المودعة في حسابات بمصارف أجنبية، إضافة إلى عقارات وحصص في الصناعات الرئيسية في الغابون. وقال الرئيس أيضاً إن أسرته ستسلم الدولة أيضاً ممتلكات منها فيلا في العاصمة وعقارات في باريس، مكرّراً أنه اتخذ هذا القرار تكريماً لذكرى والده. وبنهاية 2018، أعلن بونغو عن حملة لمكافحة فساد «الطبقة السياسية»، تتضمن تشكيل حكومة جديدة «أصغر حجماً، وتضم نساء ورجالاً قادرين على إعطاء الأولوية للمصلحة العامة وقادرين على التحلي بالمثالية والاستقامة والأخلاق».

انقلاب فاشل
في المقابل، خلال يناير (كانون الثاني) 2019. استغل عسكريون معارضون غياب بونغو عن الغابون في رحلة علاجية في الخارج لبضعة أشهر، فأعلنوا تشكيل «مجلس وطني للإصلاح» من أجل «استعادة الديمقراطية»، في رسالة تليت عبر الإذاعة الرسمية بأمل إشعال «انتفاضة شعبية». لكن بعد ساعات قليلة من هذا التحرك، أعادت قوات الأمن السيطرة على الوضع وأوقفت «المتمردين»، معيدة الهدوء إلى البلاد. وبهذا الصدد، كان بونغو قد تعرّض لجلطة دماغية في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، أثناء حضوره مؤتمراً اقتصادياً في المملكة العربية السعودية، دخل على إثرها مستشفى الملك فيصل بالرياض. وبعدها، توجه إلى المغرب في نوفمبر (تشرين الثاني) للنقاهة.
ومن ثم، عاد إلى الغابون في 23 مارس (آذار). وفي تأكيد للدعم الدولي لحكم بونغو، قوبلت محاولة الانقلاب عليه برفض واسع، ودعم مقابل للنظام، خاصة من باريس التي عبرت عن إدانتها للمحاولة، وأكدت رفضها «أي محاولة تغيير للنظام خارج إطار الدستور». كذلك شدد الاتحاد الأفريقي على رفض أي «تغيير غير دستوري للسلطة».

ثقة في الفوز
عودة إلى الانتخابات المقبلة هذا العام، هناك ثقة واسعة في استمرار حكم بونغو، كما يقول الخبير محمد تورشين، الذي يؤكد على تمتع بونغو «بشخصية قوية وتاريخ سياسي مع تدرجه الواسع في المناصب، مما منحه أفضلية عن غيره... وبالتالي، من الطبيعي ترشحه في هذه الحقبة المهمة... كما أن فوزه في نظر كثيرين حتمي».
وحقاً، في مؤتمر الحزب الحاكم لإعادة ترشيح بونغو عقد آلاف المندوبين والناشطين، الذين كانوا يرتدون قمصاناً بيضاء مرقطة بألوان علم الغابون الأخضر والأصفر والأزرق، اجتماعاً في ملعب على مشارف العاصمة ليبرفيل، وسط أجواء احتفالية. في حين ارتدى آخرون سترات تحمل صورة مؤسس الحزب عمر بونغو أونديمبا (والد الرئيس الحالي). وهتف الحضور «علي رئيساً» وفي «2023 سنفوز».
وردّ بونغو: «لقد سمعت الرسالة ودعواتكم». وتابع في كلمته: «إنني أعدها تعبيراً عن الثقة... مناشداتكم تلقى آذاناً مصغية».
لكن في المقابل، يعتقد الدكتور العيد دحماني، أنه مع تفاقم الوضع السياسي فإن الانتخابات الرئاسية المقبلة ربما تشهد منافسة فعلية وحقيقية رغم دعوة الحزب الديمقراطي الغابوني الحاكم للرئيس علي بونغو إلى الترشح لولاية ثالثة، لكن هذا لا يجعل المعارضة تبقى رهينة الأحداث الماضية، فهي تسعى بكل جهد لعدم تكرار تجربة 2016 عندما خسرت بفارق ضئيل، وفي الوقت نفسه، ليس بالأمر المحسوم أن ترشح علي بونغو يعني فوزه بالانتخابات، لأن اللعبة السياسية دائماً تتطلب فواعل جدد في الوقت المناسب.


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مالي: غضب شعبي بعد اختطاف أكثر من 100 مدني على أيدي إرهابيين

رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي آسيمي غويتا خلال اجتماع الأسبوع الماضي (رئاسة مالي)
رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي آسيمي غويتا خلال اجتماع الأسبوع الماضي (رئاسة مالي)
TT

مالي: غضب شعبي بعد اختطاف أكثر من 100 مدني على أيدي إرهابيين

رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي آسيمي غويتا خلال اجتماع الأسبوع الماضي (رئاسة مالي)
رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي آسيمي غويتا خلال اجتماع الأسبوع الماضي (رئاسة مالي)

أعلن جيش مالي حصيلة عمليات عسكرية متفرقة نفذها، الأسبوع الماضي، ضد الجماعات الإرهابية، وأكد تصفية مجموعة من قادة تنظيم «القاعدة» في منطقة تمكبتو، وسط البلاد، يتهمهم الجيش بالوقوف خلف كثير من الهجمات الإرهابية في المنطقة.

وفي المقابل، فشل الجيش في تحرير 110 مدنيين اختطفهم إرهابيون قبل أسبوع حين كانوا في 3 حافلات اختفت وسط الغابات، ما أثار موجة غضب شعبي في البلد الأفريقي الذي تنخره الصراعات المسلحة منذ عقد.

وتجري منذ أسابيع عدة معارك عنيفة في وسط مالي، بعضها قريبة من الحدود مع موريتانيا، ما بين الجيش المالي من جهة، المدعوم بالسلاح الروسي وبمقاتلين من مجموعة «فاغنر» الخاصة، ومقاتلي جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» الموالية لتنظيم «القاعدة» من جهة أخرى.

جنود من الجيش المالي في مدينة تمبكتو التاريخية (أرشيف - أ.ف.ب)

تصفيات ناجحة

نشر الجيش المالي بياناً صحافياً تضمن تفاصيل بعض عملياته العسكرية الناجحة، ومن أبرزها عملية نفذها يوم 19 أبريل (نيسان) الحالي، كان هدفها «تصفية» المدعو (الخليفة الصوري)، الذي قدمه الجيش المالي على أنه «قائد إرهابي مسؤول عن كثير من الهجمات الإرهابية في محو تمبكتو - غوندام».

وأضاف الجيش أنه «بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة، جرى تحديد هوية (الصوري) قبل تصفيته في عملية عسكرية خاصة شديدة الدقة، نفذت في منطقة ما بين دويتيري وآشاران».

وتعود العملية العسكرية الثانية التي تحدث عنها جيش مالي، إلى يوم 12 أبريل، وأسفرت عن تصفية المدعو (علي سيكو) الملقب (الدريدي)، وهو الذي قال الجيش إنه «قائد إرهابي ينشط في قطاع دوغو، بمنطقة ياوارو».

وقُتل هذا القيادي في منطقة تدعى (لاونيا)، ولا تبعد سوى 100 كيلومتر عن الحدود مع موريتانيا، وبعد مقتله شن جيش مالي هجوماً عنيفاً على قواعد لوجيستية تتبع لتنظيم «القاعدة» في الغابات القريبة، وأعلن أنه نجح في تدميرها، ودخل في مطاردات مع الإرهابيين الفارّين.

توتر مع موريتانيا

وتخللت عمليات جيش مالي قرب الحدود مع موريتانيا، ومطاردته للإرهابيين، انتهاكات في حق مدنيين موريتانيين يقطنون في الشريط الحدودي، وأغلبهم من البدو والرعاة، قُتل منهم العشرات، وأحرقت خيامهم ومواشيهم.

وأثار استهداف المدنيين الموريتانيين غضب الشارع، خصوصاً أن جيش مالي دخل قرى موريتانية خلال بحثه عن إرهابيين مفترضين، لتبدأ تحركات رسمية لتفادي أي تصعيد، فالحدود بين البلدين طويلة (أكثر من 2000 كيلومتر)، وفيها تداخل عرقي واجتماعي يجعل إغلاقها أمراً مستحيلاً.

وفي غضون ذلك، استقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني يوم 15 أبريل بنواكشوط، وزير الخارجية المالي وبرفقته وزير الدفاع، يحملان رسالة من رئيس المجلس العسكري آسيمي غويتا، كما استقبل الأخير وزير الدفاع الموريتاني حاملاً رسالة من ولد الغزواني يوم 20 أبريل.

وقبل ذلك بيوم، استدعت وزارة الخارجية الموريتانية السفير المالي بنواكشوط، وأبلغته احتجاجاً رسمياً على «ما يتعرض له مواطنون موريتانيون أبرياء عزل من اعتداءات متكررة داخل الأراضي المالية»، وفق ما جاء في بيان نشرته «الخارجية».

المأزق المالي

يبدو أن الاستراتيجية العسكرية التي يتبعها الجيش المالي من أجل القضاء على الإرهاب، تقود السلطات في البلاد إلى أزمات دبلوماسية مع الجوار، كما حدث مع الجزائر قبل أشهر، ويبدو أنه مرشح للتكرار مع موريتانيا.

ولكنه أيضاً يقود السلطات العسكرية إلى مأزق سياسي داخلي، فرغم نجاحات الجيش ضد الإرهابيين، إلا أنه يرتكب في سبيلها أخطاءً كبيرة في حق السكان المحليين، وهناك تقارير تتحدث عن انتهاكات في حق مجموعات محلية في وسط وشمال مالي.

تقود هذه الانتهاكات إلى تفاقم الغضب تجاه الجيش الحكومي، وهي مشاعر بدأت تتعزز في وسط مالي حين أعلنت مجموعة من القرى إغلاق الطرق الوطنية وقطعها بشكل نهائي، احتجاجاً على فشل الجيش في تحرير 110 أشخاص من المدنيين اختطفهم إرهابيون قبل أسبوع.

وكان هؤلاء المدنيون على متن 3 حافلات اعترضها في 16 أبريل الحالي إرهابيون، وأجبروها على التوجه بركابها إلى غابة بين بلدتي «باندياغارا» و«بانكاس» في وسط مالي، وفق تجمع لجمعيات في هذه المنطقة تطالب بإطلاق سراحهم، وعضو في المجلس البلدي.

وبعد أسبوع من عملية الاختطاف، خرجت مجموعات من الشباب الغاضبين في مظاهرة، وأغلقوا الطريق الوطني الذي وقعت فيه عملية الاختطاف، قبل أن يرفعوا شعارات مناهضة للجيش المالي وللمجلس العسكري الحاكم والحكومة الانتقالية.

ونشرت مجموعة من منظمات المجتمع المدني في المنطقة بياناً نددت فيه بما سمته «تدهور الوضع الأمني (...)، إن منطقة باندياغارا أصبحت تعيش في كابوس»، ثم نددت بما قالت إنه «عدم قيام الجيش بأي ردة فعل لتحرير المختطفين». ولوحت المنظمات بتوسيع دائرة الغضب الشعبي والاحتجاج، في حالة لم يتحرك الجيش لتحرير المختطفين.


الأمم المتحدة: 21 قتيلاً على الأقل و23 مفقوداً إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي

صورة أرشيفية من عملية لإنقاذ مهاجرين (رويترز)
صورة أرشيفية من عملية لإنقاذ مهاجرين (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: 21 قتيلاً على الأقل و23 مفقوداً إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي

صورة أرشيفية من عملية لإنقاذ مهاجرين (رويترز)
صورة أرشيفية من عملية لإنقاذ مهاجرين (رويترز)

أفادت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، بأن 21 شخصاً لقوا حتفهم وفُقد 23 آخرون بعد انقلاب قاربهم قبالة ساحل جيبوتي في ثاني حادث من نوعه خلال أسبوعين.

وبحسب «رويترز»، قالت المنظمة في منشور على «إكس»: «مأساة جراء انقلاب قارب قبالة ساحل جيبوتي يحمل على متنه 77 مهاجراً بينهم أطفال. هناك 28 مفقوداً على الأقل و16 قتيلاً»، من دون أن تذكر تاريخ وقوع الحادثة.

وأضافت أن الفرع المحلي للمنظمة الدولية للهجرة «يدعم السلطات المحلية عبر جهود البحث والإنقاذ».

من جانبه، أفاد السفير الإثيوبي لدى جيبوتي برهان تسيغايه على منصة «إكس» بأن القارب كان يقل مهاجرين إثيوبيين من اليمن، وأن الحادث وقع ليل الاثنين قبالة جودوريا في شمال شرقي جيبوتي.

وأضاف أن 33 شخصاً، بينهم امرأة، نجوا.

وقالت تانيا باسيفيكو ممثلة المنظمة الدولية للهجرة في جيبوتي، إن جهود الإغاثة أسفرت عن إنقاذ 33 شخصاً من المياه، مضيفة أن الناجين والقتلى جميعهم من الإثيوبيين.

وقالت باسيفيكو لـ«رويترز» في اتصال هاتفي: «الأمر الاستثنائي هو حدوث واقعة غرق أخرى لسفينة تقل 38 مواطناً إثيوبياً قبل أقل من أسبوعين».

وأشارت باسيفيكو إلى أن القارب الذي تعرض للغرق اليوم الثلاثاء كان في طريقه إلى جيبوتي قادماً من اليمن.

وأردفت قائلة إن «هذه الأرقام ازدادت خلال الأشهر القليلة الماضية».

يعد الحادث الأخير ضمن سلسلة الحوادث المميتة فيما يعرف بـ«طريق الهجرة الشرقية».

حيث غرق قارب آخر كان يقل أكثر من 60 شخصاً قبالة ساحل جودوريا في الثامن من أبريل (نيسان)، بحسب المنظمة الدولية للهجرة والسفارة الإثيوبية في جيبوتي.

وقالت منظمة الهجرة الدولية حينها إنه تم العثور على جثث 38 مهاجراً، بينهم أطفال، بينما عُدّ ستة أشخاص في عداد المفقودين.

وقالت السفارة في جيبوتي إن القارب كان يقل مهاجرين إثيوبيين من جيبوتي إلى اليمن.

وكل عام، يخوض عشرات آلاف المهاجرين الأفارقة رحلة محفوفة بالمخاطر عبر «الطريق الشرقية» عبر البحر الأحمر واليمن للوصول إلى السعودية، هرباً من النزاعات أو الكوارث الطبيعية، أو سعياً لفرص اقتصادية أفضل.


القادة الأفارقة يدعون إلى تعزيز التعاون لمكافحة الإرهاب

الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو (متداولة)
الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو (متداولة)
TT

القادة الأفارقة يدعون إلى تعزيز التعاون لمكافحة الإرهاب

الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو (متداولة)
الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو (متداولة)

دعا القادة الأفارقة إلى تعزيز التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب، الاثنين، خلال قمة تهدف للبحث عن حلول أفريقية للتحديات الأمنية التي تواجهها القارة، بما في ذلك تأسيس قوة عسكرية إقليمية.

من أضرار الإرهاب في نيجيريا (أرشيفية)

وبدءاً من مالي، حقق مسلحون مكاسب في منطقة الساحل؛ إذ وسّعوا نفوذهم جنوباً لتهديد الدول الساحلية في غرب أفريقيا، بينما تقاتل مزيداً من المجموعات في القرن الأفريقي وبحيرة تشاد وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

مركز الإرهاب انتقل إلى جنوب الصحراء

وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، في قمة مكافحة الإرهاب في أبوجا، إن «مركز الإرهاب انتقل من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أفريقيا جنوب الصحراء، ليتركز بشكل أكبر في منطقة الساحل».

وأضافت أن «الوضع في الساحل خصوصاً خطير. تساهم المنطقة الآن في نحو نصف جميع الوفيات جراء الإرهاب عالمياً».

وضم الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو صوته إلى صوتَي نظيريه: الغاني نانا أكوفو-أدو، والتوغولي فاوري غناسينغبي، للحض على مزيد من التعاون الإقليمي وتقاسم المعلومات الاستخباراتية، والعمل على تأسيس قوة عسكرية احتياطية.

وقال تينوبو: «يمكن لقوة كهذه أن تشكل قوة ردع لعمليات إرهابية واسعة النطاق وممتدة».

نيجيريون يتجمعون للاحتجاج على الوجود العسكري الأميركي في أغاديز بالنيجر في 21 أبريل 2024 (رويترز)

قوة مهام عسكرية مشتركة

ويتعاون كثير من الدول الأفريقية بالفعل ضمن قوة مهام عسكرية مشتركة متعددة الدول، في المناطق الحدودية المطلة على بحيرة تشاد.

كما دعا غناسينغبي المجتمع الدولي للعمل على تحسين جهوده لمساعدة البلدان الأفريقية على تمويل عملياتها في مكافحة الإرهاب.

وواجهت النيجر وبوركينا فاسو ومالي سنوات من النزاع مع «القاعدة» وتنظيم «داعش»؛ لكن أدت انقلابات في الدول الثلاث إلى عرقلة التعاون الإقليمي.

وأعلنت النيجر الشهر الماضي أن 23 من جنودها قتلوا في كمين «إرهابي» قرب الحدود مع بوركينا فاسو ومالي، في منطقة تشهد هجمات جهادية متكررة.

وفاقم انسحاب القوات الفرنسية من منطقة الساحل المخاوف.

أرشيفية لقادة من بوركينا فاسو مع جنود في قرى محاذية لمالي حيث تدور معارك ضد الإرهابيين

انسحاب القوات الفرنسية فاقم المخاوف

لكن العنف امتد بشكل متزايد إلى حدود البلدان المطلة على خليج غينيا، أي غانا وتوغو وبنين وساحل العاج.

وفاقم انسحاب القوات الفرنسية من منطقة الساحل المخاوف من إمكان انتشار العنف.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية برنو شمال شرقي نيجيريا (أ.ف.ب)

وقال وزير الخارجية النيجيري يوسف توغار، إن انتشار ملايين الأسلحة الخفيفة في أوساط مجموعات غير تابعة للدولة في القارة، يُعد من بين المخاوف الرئيسية؛ لكنه أشار إلى أن الدول الأفريقية تواجه أيضاً تحديات جديدة في مكافحة «الجهاديين»، مثل تداعيات المناخ، وانهيار التعاون مع بعض البلدان، وانتشار الأخبار الكاذبة في وسائل التواصل الاجتماعي، وعمليات نقل الأموال بشكل غير منظم بواسطة العملات المشفرة. وأفاد: «اليوم، اختلف حجم تحدي مكافحة الإرهاب. نقاتل الشبكات التي لا تعرف أي حدود أو حواجز» وأضاف: «تجد أفريقيا نفسها على الجبهة في معارك الجميع».


معارك شمال إثيوبيا تؤدي إلى نزوح أكثر من 50 ألف شخص

خيام تابعة للأمم المتحدة للفارين من المعارك في إثيوبيا (أ.ف.ب)
خيام تابعة للأمم المتحدة للفارين من المعارك في إثيوبيا (أ.ف.ب)
TT

معارك شمال إثيوبيا تؤدي إلى نزوح أكثر من 50 ألف شخص

خيام تابعة للأمم المتحدة للفارين من المعارك في إثيوبيا (أ.ف.ب)
خيام تابعة للأمم المتحدة للفارين من المعارك في إثيوبيا (أ.ف.ب)

نزح أكثر من 50 ألف شخص من منازلهم في شمال إثيوبيا بسبب معارك في منطقة متنازع عليها، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة، في اشتباكات تثير قلقاً دولياً.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ليل الاثنين إن «عدد النازحين جراء الاشتباكات المسلحة في بلدة ألاماتا ورايا ألاماتا.... منذ 13 أبريل (نيسان) الحالي تجاوز 50 ألف شخص»، وذلك نقلاً عن السلطات في المنطقة المتنازع عليها بين إقليمي تيغراي وأمهرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأفاد «أوتشا» بأن نحو 42 ألفاً من النازحين فروا في اتجاه الجنوب، لا سيما إلى محيط مدينة كوبو، وفر 8300 في اتجاه بلدة سيكوتا شمالاً، مؤكداً أن غالبية النازحين هم من «النساء والأطفال والشباب والشيوخ».

وتقع ألاماتا وجوارها في منطقة رايا المتنازع عليها بين تيغراي وأمهرة، حيث اندلعت اشتباكات بين مقاتلين من الإثنيتين منذ نحو عشرة أيام.

وكانت مناطق رايا (جنوب تيغراي) ومنطقة وولكيت (غرب تيغراي) تابعة إدارياً لتيغراي في تسعينات القرن الماضي، وتطالب بها منذ عقود مجموعة الأمهرة الإثنية.

ودخلت ميليشيات و«قوات خاصة» من إقليم أمهرة إلى تلك المناطق في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 عندما اندلع نزاع بين الحكومة ومتمردي تيغراي، وقامت بتنصيب إدارتها الخاصة.

وينص اتفاق سلام وقع بين الحكومة الفيدرالية و«جبهة تحرير شعب تيغراي» في نوفمبر 2022 في بريتوريا، على انسحاب قوات أمهرة التي قدمت دعماً عسكرياً حاسماً للجيش الإثيوبي خلال الحرب ضد متمردي تيغراي.

وما زالت هوية المقاتلين المشاركين في الاشتباكات الأخيرة غير واضحة.

والأربعاء الماضي، اتهمت سلطات أمهرة «جبهة تحرير شعب تيغراي»، «بشنّ غزو (...) في انتهاك كامل لاتفاق بريتوريا»، مطالبة إياها «بمغادرة المناطق التي تسيطر عليها بسرعة».

وفي اليوم السابق، تحدث رئيس السلطة الإقليمية المؤقتة في تيغراي غيتاشو رضا عن «أحداث في جنوب تيغراي، وغيرها من الأراضي المحتلة».

وأكد عبر منصة «إكس» أنها لم تنشأ من «نزاع بين الحكومة الفيدرالية والإدارة المؤقتة (أو جبهة تحرير شعب تيغراي)»، ولا من «نزاع بين إدارتي تيغراي وأمهرة»، ولكنها كانت عمل «أعداء لدودين لـ(اتفاق) بريتوريا».

وأعربت سفارات في إثيوبيا بينها بعثات فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة السبت، عن «قلقها إزاء تقارير عن أعمال عنف في المناطق المتنازع عليها في شمال إثيوبيا»، ودعت في بيان مشترك إلى «وقف التصعيد وحماية المدنيين».

ولا يمكن التحقق من الوضع ميدانياً، إذ تمنع السلطات الفيدرالية دخول الصحافيين إلى المنطقة.


إرهابيون يحتجزون أكثر من 110 مدنيين في وسط مالي منذ 6 أيام

تشهد مالي أعمال عنف تنفذها جماعات مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش» منذ عام 2012 (أ.ف.ب)
تشهد مالي أعمال عنف تنفذها جماعات مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش» منذ عام 2012 (أ.ف.ب)
TT

إرهابيون يحتجزون أكثر من 110 مدنيين في وسط مالي منذ 6 أيام

تشهد مالي أعمال عنف تنفذها جماعات مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش» منذ عام 2012 (أ.ف.ب)
تشهد مالي أعمال عنف تنفذها جماعات مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش» منذ عام 2012 (أ.ف.ب)

يحتجز «إرهابيون» على الأرجح أكثر من 110 مدنيين منذ ستة أيام في وسط مالي، كما ذكرت مصادر محلية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم الاثنين.

وكان هؤلاء المدنيون على متن ثلاث حافلات اعترضها في 16 أبريل (نيسان) الماضي «إرهابيون» وأجبروها على التوجه بركابها إلى غابة بين بلدتي باندياغارا وبانكاس في وسط مالي، حسب تجمع لجمعيات في هذه المنطقة تطالب بإطلاق سراحهم، وعضو في المجلس البلدي.

وقال عمر أونغويبا أحد أعضاء هذا التجمع لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم الاثنين: «نطالب بالإفراج عن أكثر من 110 ركاب من ثلاث حافلات اختطفهم إرهابيون الثلاثاء».

وصرح عضو المجلس البلدي في باندياغارا طالبا عدم كشف هويته لأسباب أمنية، بأن «الحافلات الثلاث والركاب، الذين يزيد عددهم على 120 شخصا، ما زالوا في أيدي الإرهابيين».

وكانت شائعات تحدثت عن إطلاق الجيش المالي سراح هؤلاء المدنيين المحتجزين في أعقاب عملية الخطف هذه.

وفي 16 أبريل، نشر تجمع جمعيات باندياغارا نفسه بيانا أدان فيه «استمرار الهجمات الإرهابية» و«تزايد أعداد النازحين» في البلدات و«تقاعس القوات المسلحة» عن أداء مهامها في المنطقة، من دون الإشارة إلى عملية الخطف.

ومنذ 2012 تشهد مالي أعمال عنف تنفذها جماعات مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وأخرى تمارسها مجموعات للدفاع عن النفس، وقطاع الطرق.

وتتزامن الأزمة الأمنية مع أزمة إنسانية وسياسية عميقة.

وامتد العنف إلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين، وعجل بوصول الأنظمة العسكرية إلى السلطة من خلال الانقلابات في هذه البلدان الثلاثة.


هل تتجاوز بوركينا فاسو وكوت ديفوار خلافاتهما؟

وزير دفاع بوركينا فاسو لدى استقبال نظيره الإيفواري (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
وزير دفاع بوركينا فاسو لدى استقبال نظيره الإيفواري (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

هل تتجاوز بوركينا فاسو وكوت ديفوار خلافاتهما؟

وزير دفاع بوركينا فاسو لدى استقبال نظيره الإيفواري (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
وزير دفاع بوركينا فاسو لدى استقبال نظيره الإيفواري (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

عقد وزيرا الدفاع في دولتي بوركينا فاسو وكوت ديفوار المتجاورتين في غرب أفريقيا، اجتماعاً بالتزامن مع تصاعد خطر الإرهاب وتوتر العلاقة بين جيشي البلدين على الحدود، بينما عبّر البلدان عن «تفاؤل» كبير لتجاوز الخلافات وتوحيد الجهود لمحاربة الإرهاب.

ولكن تاريخ العلاقة بين البلدين معقد جداً، ولا يبدو أنه من السهل تجاوز إرث طويل من التوتر السياسي والأمني والعسكري، رغم التصريحات الإيجابية الصادرة عن وزيري الدفاع عقب الاجتماع الذي عقداه يوم الجمعة في مدينة (نيانغولوكو)، الواقعة جنوب غربي بوركينا فاسو، غير بعيد من الحدود مع كوت ديفوار.

سياق التوتر

خلال الحرب الأهلية الأولى في كوت ديفوار ما بين 2002 و2007، وحتى خلال الحرب الأهلية الثانية عام 2010، شكلت بوركينا فاسو قاعدة خلفية انطلق منها المتمردون الإيفواريون، بمن فيهم الرئيس الإيفواري الحالي الحسن واتارا.

هذا بالإضافة إلى تداخل اجتماعي وثقافي على شريط حدودي يزيد على 500 كيلومتر، بالإضافة إلى جالية من بوركينا فاسو في كوت ديفوار تزيد على 2.2 مليون نسمة، وكثيراً ما تتعرض لنظرة عدوانية بصفتها قوة عمالية تستنزف الاقتصاد وتستحوذ على فرص العمل.

تعقدت الأمور أكثر بعد الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو، نهاية سبتمبر (أيلول) 2022، فكانت كوت ديفوار في صدارة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) الرافضة للانقلاب، وتحمست لفرض عقوبات على المجلس العسكري، وهو المحور الذي تعتقد بوركينا فاسو أنه محسوب على فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.

وبالفعل، تعد كوت ديفوار واحدة من دول غرب أفريقيا التي لا تزال تربطها علاقات قوية بفرنسا، وفيها قواعد عسكرية فرنسية تمركزت فيها القوات الخاصة الفرنسية حين طردها قادة الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو العام الماضي.

توتر جديد

رغم تصاعد الخلافات السياسية بين البلدين، وتوجه واغادوغو نحو التحالف مع روسيا، وبقاء أبيدجان وفية لباريس، رغم ذلك كان التعاون العسكري والأمني عبر الحدود المشتركة يسير بشكل جيد، كان البلدان يدركان أهمية الوقوف في وجه «القاعدة» و«داعش»، الذين يتسابقان للتوسع في غرب أفريقيا، والوصول إلى خليج غينيا.

وفي هذا السياق كان البلدان ينظمان دوريات مشتركة عبر الحدود، إلا أن هذه الدوريات توقفت بشكل نهائي منذ سبتمبر (أيلول) 2023، حين أوقفت سلطات بوركينا فاسو اثنين من عناصر الدرك الإيفواري داخل أراضيها، خضعا للتحقيق ثم وضعا في السجن، لتبدأ مرحلة جديدة من «التوتر».

وفي يوم 27 مارس (آذار) الماضي، اعتقلت سلطات كوت ديفوار جنديين من بوركينا فاسو كانا يتجولان في سوق محلية بقرية إيفوارية تبعد 3 كيلومترات عن الحدود، كان الجنديان يحملان أسلحة رشاشة، خضع الجنديان للتحقيق قبل أن ينقلا إلى مدينة أبيدجان، حيث وضعا رهن الاعتقال.

وكادت الحادثة الأخيرة أن تسفر عن مواجهة مباشرة بين جيشي البلدين، إذ إن وحدة من جيش بوركينا فاسو اخترقت الحدود لاستعادة الجنديين، ولكن مروحية عسكرية إيفوارية تدخلت، وفي اللحظات الأخيرة انسحب الطرفان دون وقوع أي مواجهة.

بدء الحوار

لنزع فتيل الأزمة، قال وزير دفاع كوت ديفوار تيني بيراهيما واتارا، إن حكومته تقدمت بطلب عقد لقاء مباشر مع سلطات بوركينا فاسو، وهو ما تمثل في اجتماع «سري» مع وزير الدفاع البوركينابي الجنرال قسوم كوليبالي.

وفي تصريح صحافي عقب الاجتماع قال وزير الدفاع الإيفواري: «نخرج من الاجتماع وقلوبنا يغمرها الفرح، لقد استعرضنا جميع ملفات التعاون. يمكنني تأكيد أن اللقاء سيفضي إلى انطلاقة جديدة للعلاقات ما بين بوركينا فاسو وكوت ديفوار». وأضاف واتارا أن «هنالك بعض النقاط العالقة» يجب تجاوزها أولاً «قبل التقدم نحو الأمام»، ومع أنه لم يكشف طبيعة هذه النقاط العالقة، إلا أنه ركز على أن ما يجمع شعبي البلدين من أخوة «يفرض علينا بذل كل الجهود ليبقى الشعبان موحدين».

أما وزير دفاع بوركينا فاسو، وهو جنرال وعضو المجلس العسكري الحاكم في البلد، فقد أكد عقب نهاية اللقاء: «نتمنى أن تكون انطلاقة جديدة، من أجل محاربة الإرهاب في شبه المنطقة، ومواجهة مختلف تحديات الأمن المتمثلة في شبكات التهريب العابرة للحدود».

وبخصوص العلاقات بين الشعبين، فقد أكد كوليبالي أنه «لا مجال لأن ينقطع التواصل ما بين الشعبين، ولا أن يتوقف الحوار ما بين الحكومتين»، ثم أضاف في السياق ذاته: «نحن نتطلع للعيش في مجال مشترك من الأمن والأخوة والود، لذا فإنني أقول لكم إخوتي الأعزاء إنكم في بيتكم، لأن ما يفرقنا هو مجرد خط افتراضي تخيلي».

محاربة الإرهاب

تصريحات الوزيرين ركزت بشكل واضح على «خطر الإرهاب»، وضرورة توحيد الجهود وتنسيقها من أجل الحد من هذا الخطر المحدق بالجميع، ولكن رغم ذلك لم يعلن الطرفان أي خطة واضحة للتعاون في هذا المجال.

الوزير الإيفواري تقدم بالتهنئة إلى نظيره البوركينابي على ما قال إنها «انتصارات كبيرة» يحققها جيش بوركينا فاسو في مواجهة الجماعات الإرهابية المسلحة، قبل أن يضيف: «يمكنكم التعويل على دعم حكومة كوت ديفوار في حربكم على الإرهاب، ونحن سعداء بكل الخسائر التي يتكبدها الإرهابيون على أيديكم».

ويخوض جيش بوركينا فاسو حرباً شرسة ضد الجماعات الإرهابية في شمال وشرق البلاد، وينسق في تلك الحرب مع النيجر ومالي المجاورتين، حيث تتمركز «القاعدة» و«داعش»، ومن أجل ذلك أسست الدول الثلاث تحالفاً جديداً هدفه الأول القضاء على الإرهاب، ويحصلون على دعم روسي كبير.

ولكن دول غرب أفريقيا تخشى أن تسفر العمليات العسكرية الجارية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر عن فرار الإرهابيين وأسلحتهم والتسلل نحو عمق الغرب الأفريقي، خاصة إذا غاب التنسيق الأمني.


مصرع 58 شخصاً على الأقل في غرق عبّارة بأفريقيا الوسطى

امرأة تعبر جسراً فوق نهر مبوكو في بانغي (أرشيفية- رويترز)
امرأة تعبر جسراً فوق نهر مبوكو في بانغي (أرشيفية- رويترز)
TT

مصرع 58 شخصاً على الأقل في غرق عبّارة بأفريقيا الوسطى

امرأة تعبر جسراً فوق نهر مبوكو في بانغي (أرشيفية- رويترز)
امرأة تعبر جسراً فوق نهر مبوكو في بانغي (أرشيفية- رويترز)

قضى 58 شخصاً على الأقلّ وعُدّ آخرون في عداد المفقودين، الجمعة، إثر غرق عبّارة مكتظّة في بحيرة مبوكو في بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى، وفق أحدث حصيلة وردت السبت.

وقال المدير العام للحماية المدنيّة توماس ديماس، الذي وصلت فرقه إلى المكان بعد نحو أربعين دقيقة من الحادث لإذاعة محلّية: «تمكنّا من انتشال 58 جثّة. نجهل عدد الأشخاص الذين لا يزالون تحت الماء»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي كلمة سُجّلت الجمعة وبثّتها الإذاعة العامّة السبت، أفاد المتحدّث باسم الحكومة ماكسيم بالالو، بأنّ «الحصيلة الأوليّة بلغت ما لا يقلّ عن 30 شخصاً بين قتيل ومفقود وكثير من الجرحى».

وأضاف: «الحكومة تقدّم تعازيها الحارّة إلى عائلات الضحايا»، معلناً فتح تحقيق «لتحديد أسباب هذه المأساة وكذلك المسؤوليّات» وإنشاء «نظام دعم استثنائي لعائلات الضحايا»، دون مزيد من التفاصيل.

وأفاد شهود بأنّ العبّارة كانت تقلّ أكثر من 300 شخص، الأمر الذي يفوق طاقتها بكثير، وكانت متّجهة إلى ماكولو، البلدة الواقعة على بُعد 45 كيلومتراً من بانغي، لحضور مراسم جنازة مسؤول محلّي.

وقال الشاهد موريس كابينيا الذي شارك في سحب أوّل الضحايا، وبينهم شقيقته، بمساعدة صيّادين قبل وصول المُسعفين، إنّ العبّارة انقلبت بُعيد إبحارها.

وكانت عائلات لا تزال السبت قرب البحيرة بحثاً عن أقارب لهم لا يزالون مفقودين.

ولم تتوفر حتّى الآن حصيلة نهائيّة لعدد الضحايا.


أميركا توافق على سحب قواتها من النيجر

علّقت الولايات المتحدة التعاون العسكري مع النيجر بعد الانقلاب الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم في 26 يوليو (أ.ب)
علّقت الولايات المتحدة التعاون العسكري مع النيجر بعد الانقلاب الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم في 26 يوليو (أ.ب)
TT

أميركا توافق على سحب قواتها من النيجر

علّقت الولايات المتحدة التعاون العسكري مع النيجر بعد الانقلاب الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم في 26 يوليو (أ.ب)
علّقت الولايات المتحدة التعاون العسكري مع النيجر بعد الانقلاب الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم في 26 يوليو (أ.ب)

وافقت الولايات المتحدة، الجمعة، على سحب قوّاتها، البالغ قوامها أكثر من ألف جندي من النيجر، بناءً على طلب نظام نيامي المنبثق من انقلاب يوليو (تموز)، على خلفيّة تنامي قوّة روسيا في المنطقة، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ووافق نائب وزير الخارجيّة الأميركي، كورت كامبل، على طلب سلطات نيامي سحب القوّات، وذلك خلال اجتماع في واشنطن مع رئيس الوزراء علي الأمين زين، الذي تولّى السلطة عقب الانقلاب في يوليو الماضي، وفق ما قال مسؤولون أميركيون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مشترطين عدم كشف أسمائهم. وينصّ الاتفاق على إرسال وفد أميركي إلى النيجر خلال الأيّام المقبلة للتوافق على تفاصيل انسحاب هذه القوّات المنخرطة في مكافحة الإرهاب.

جاء ذلك بعد أيام من وصول «فيلق أفريقيا»، الذي شكّلته موسكو بعد إعادة تنظيم صفوف مجموعة «فاغنر»، إلى النيجر يوم الجمعة الماضي.

بدورها، دعت تشاد الولايات المتحدة، هذا الأسبوع، إلى سحب قواتها من قاعدة عسكرية، في الدولة الواقعة وسط أفريقيا، وهي من المواقع الغربية القليلة المتبقية لمحاربة الإرهاب في المنطقة، وفق ما نقلت «وكالة الأنباء الألمانية».


مصرع 58 شخصاً على الأقل بحادث غرق في أفريقيا الوسطى (فيديو)

لقطة من الفيديو المتداول على موقع «إكس» للحظة غرق العبّارة
لقطة من الفيديو المتداول على موقع «إكس» للحظة غرق العبّارة
TT

مصرع 58 شخصاً على الأقل بحادث غرق في أفريقيا الوسطى (فيديو)

لقطة من الفيديو المتداول على موقع «إكس» للحظة غرق العبّارة
لقطة من الفيديو المتداول على موقع «إكس» للحظة غرق العبّارة

قضى 58 شخصاً على الأقل، وعُدَّ آخرون في عداد المفقودين، أمس الجمعة، إثر غرق عبّارة مكتظة في بحيرة مبوكو في بانغي، عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى، كانت تقلهم لحضور مراسم جنازة، وفق ما أفاد المدير العام للحماية المدنية، اليوم السبت.

وقال توماس ديماس الذي وصلت فرقه إلى المكان بعد نحو 40 دقيقة من الحادث لإذاعة محلية: «تم انتشال 58 جثة. نجهل عدد الأشخاص الذين لا يزالون في أعماق المياه»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وتداول شهود فيديو للحظة غرق العبّارة، قائلين إنها كانت تقل أكثر من 300 شخص، الأمر الذي يفوق طاقتها إلى حد كبير، وإنها كانت قد أبحرت للتو حين انقلبت.


العلاقات الموريتانية – السنغالية: حقبة جديدة أم منعرج آخر؟

الرئيس الموريتاني وهو يستقبل نظيره السنغال في نواكشوط الخميس (الرئاسة الموريتانية)
الرئيس الموريتاني وهو يستقبل نظيره السنغال في نواكشوط الخميس (الرئاسة الموريتانية)
TT

العلاقات الموريتانية – السنغالية: حقبة جديدة أم منعرج آخر؟

الرئيس الموريتاني وهو يستقبل نظيره السنغال في نواكشوط الخميس (الرئاسة الموريتانية)
الرئيس الموريتاني وهو يستقبل نظيره السنغال في نواكشوط الخميس (الرئاسة الموريتانية)

بدأ الرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي فاي، مهامه بزيارة صداقة وعمل إلى موريتانيا، صباح الخميس. ورغم أنها استمرت ليوم واحد فقط، فإنها تحمل رسائل كثيرة حول مستقبل العلاقات بين بلدين جارين يحاولان تجاوز أزمات سابقة كاد خلالها البلدان الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة نهاية ثمانينات القرن الماضي.

فاي (44 عاماً) فاز بالانتخابات الرئاسية نهاية مارس (آذار) الماضي، ونصّب رئيساً للبلاد مطلع شهر أبريل (نيسان) الحالي، وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني أحد الحاضرين الذين هنأوه. وكانت التهنئة التي تقدم بها ولد الغزواني ذات وجهين، أولاً بصفته رئيساً لموريتانيا، وثانياً بصفته الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي.

بعد أسبوعين، قرر فاي أن تكون موريتانيا هي أول وجهة خارجية له بعد تنصيبه. فمدة الرحلة بين دكار ونواكشوط لا تزيد على أربعين دقيقة بالطائرة، وفي موريتانيا يوجد مئات آلاف السنغاليين يشكّلون العمود الفقري لليد العاملة في بلد بالكاد يتجاوز عدد سكانه أربعة ملايين نسمة.

احتفاء موريتاني

كان واضحاً حجم الاحتفاء الكبير الذي أبداه الموريتانيون وهم يستقبلون الرئيس السنغالي الجديد. فقال الوزير الناطق باسم الحكومة الموريتانية إن حرص الرئيس السنغالي على أن «تكون موريتانيا أول بلد خارجي يزوره يعبّر عن عمق العلاقة الأخوية بين البلدين».

وأوضح الوزير في مؤتمر صحافي عقده مساء الأربعاء، أن العلاقات بين موريتانيا والسنغال «تطول جميع ميادين الحياة، كالصيد والغاز والمناطق الرعوية، فضلاً عن العلاقات الروحية بين الشعبين»، في إشارة إلى الروابط الدينية التي تتمثل في المذهب المالكي والطرق الصوفية.

أما الوكالة الموريتانية للأنباء، وهي الوكالة الرسمية التي تتحدث باسم السلطات، فقد نشرت تقريراً بالتزامن مع وصول الرئيس السنغالي قالت فيه إن زيارته «تندرج ضمن مسار طويل من الأخوة والصداقة والتضامن والتعاون».

وشدد التقرير على أن البلدين لديهما «رغبة مشتركة وواضحة» في العمل على «بناء مستقبل أفضل عبر مسار تنموي مبتكر، يضع في الحسبان، وبشكل ضروري لا مفر منه اليوم – تعزيز التعاون الثنائي لجعل موريتانيا والسنغال محركاً للازدهار في المنطقة».

التقرير منشور على الصفحة الأولى من عدد الخميس لجريدة «الشعب» الرسمية، وُزّع في المطار والقصر الرئاسي خلال استقبال الوفد السنغالي. أكد التقرير أن موريتانيا والسنغال بصفتهما «لاعبين رئيسيين في المنطقة، يتقاسمان القيم نفسها ويتمتعان بالإيمان نفسه بفضائل السلام والديمقراطية والتضامن، يدركان أكثر من أي وقت مضى حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهما».

بل إن التقرير ذهب إلى تأكيد أن البلدين «قادران على العمل بشكل كامل وذكي على نقاط قوتيهما المحددة في بناء أساس مذهبي جديد في العلاقات، لمواجهة التحديات المتعددة بحيث تظل مراكز تعاونهما ديناميكية وفعالة في خدمة المثل العليا المشتركة لشعبيهما».

التوجس والترقب

تُخفي حفاوة الموريتانيين بالرئيس السنغالي الجديد بعض التوجس. فالعلاقات بين البلدين عاشت أفضل فتراتها خلال السنوات الخمس الماضية، أي منذ وصول محمد ولد الشيخ الغزواني (67 عاماً) إلى السلطة في موريتانيا، وإعلانه رغبته في بناء علاقات جيدة مع جميع الجيران، الموقف نفسه الذي تقاسمه مع الرئيس السنغالي السابق ماكي سال.

استطاع الرجلان أن يقيما علاقات شخصية قوية، انعكست بشكل واضح على طبيعة العلاقات بين البلدين، ونجحا بذلك في تجاوز الكثير من العقبات، خاصة في ملف الشراكة في حقل الغاز الطبيعي الضخم على الحدود، وفي مجالات أخرى، من أبرزها ملف الصيد التقليدي، حيث ضاعفت موريتانيا عدد الرخص الممنوحة للسنغاليين من أجل الصيد في مياهها الإقليمية، في حين سمحت السنغال لتجار المواشي الموريتانيين بدخول أراضيها خلال فترات الجفاف في موريتانيا.

انتهى حكم ماكي سال كما كان متوقعاً في شهر أبريل الحالي، ولكن الذي لم يتوقعه أحد هو أن يخسر حزبه الرئاسيات لصالح حزب معارض، كثيراً ما وصف بأنه «متطرف» فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية.

منعرج «باستيف»

يتعلقُ الأمر بحزب «باستيف» الذي يتزعمه المعارض المعروف عثمان سونكو. وبما أن المجلس الدستوري منع سونكو من الترشح، قدم صديقه ورجل ثقته باسيرو ديوماي فاي للانتخابات. وبعد فوزه، عيّن الأخير سونكو وزيراً أولَ وكلفه تشكيل الحكومة، ويبدو أن الرجلين يرغبان في أن يحكما معاً، كما سبق أن عارضا معاً.

خلال سنوات المعارضة، كان سونكو وحزبه السياسي يتبنيان خطاباً سياسياً لا يخلو من مواقف «غير ودية» تجاه موريتانيا، على حد تعبير الصحافة الموريتانية التي كانت تتابع دوماً تصريحاته، وتمنحها حيزاً كبيراً من التغطية.

الرئيس الجديد للسنغال تعهد في برنامجه الانتخابي بمراجعة اتفاقيات الغاز الطبيعي، وهي اتفاقيات وُقّعت خلال السنوات العشر الأخيرة بين موريتانيا والسنغال من جهة، وشركة «بريتش بيتروليوم» البريطانية وشركة «كوسموس» الأميركية من جهة أخرى، حول استغلال حقل السلحفاة الكبير المشترك بين البلدين.

كما تعهد فاي بحلّ معضلة الصيادين التقليديين في مدينة سينلوي، وذلك واحد من أكثر الملفات حساسية في العلاقات بين البلدين؛ إذ إن مدينة سينلوي السنغالية التي تقع على الحدود، يعتمد عدد كبير من سكانها على الصيد التقليدي، وتمنحهم نواكشوط سنوياً مئات الرخص للصيد في المياه الموريتانية القريبة والغنية بالسمك.

إلا أن عدداً من القوارب السنغالية يدخل المياه الموريتانية بطريقة غير شرعية؛ ما أدى خلال السنوات الأخيرة إلى مطاردات مع البحرية الموريتانية قُتل فيها صيادون سنغاليون، وهي الحوادث التي أجّجت مشاعر الغضب في الشارع السنغالي، ولكن تم تجاوزها دون وقوع أي حوادث بين البلدين.

وتعيد مثل هذه الحوادث إلى الأذهان ما عاشه البلدان في شهر أبريل من عام 1989، حين تسبب خلاف بسيط بين مزارعين على الحدود في أزمة غير مسبوقة جرى فيها استهداف الموريتانيين في السنغال والسنغاليين في موريتانيا، وقُتل خلالها العشرات من مواطني البلدين، وقطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية لسنوات عدة، وكادت تنزلق الأمور نحور مواجهة عسكرية مباشرة.

تطمينات سنغالية

إن ما يزيد مخاوف المراقبين هو نقص الخبرة السياسية والحنكة الدبلوماسية لدى الحكام الجدد الشباب في السنغال. ولكن يبدو أن هؤلاء الشباب يرغبون في تجاوز تلك الصورة النمطية التي كرّسها الإعلام خلال الأشهر الأخيرة في إطار الصراع السياسي الداخلي في السنغال.

في هذا السياق، أعلنت الرئاسة السنغالية الأربعاء أن باسيرو ديوماي فاي، سيبدأ من موريتانيا جولة ستقوده إلى دول الجوار، هدفها الأول هو «مواصلة تعزيز روابط حسن الجوار التاريخية، والتلاقح الاجتماعي والثقافي» بين السنغال وجوارها.

وقالت الرئاسة السنغالية إن فاي أبلغ حكومته خلال مجلس الوزراء أنه ينوي «زيارة نظرائه الآخرين في المنطقة»، وطلب منهم أن «يولوا اهتماماً خاصاً للعلاقات الودية التي تربط السنغال بجيرانها، والعمل على تعزيزها».