الإرهاب والصراع الإثني يفاقمان التردي الأمني في شرق الكونغو الديمقراطية

تنديد دولي بهجوم استهدف كنيسة

دورية لقوة حفظ السلام الدولية في شرق الكونغو الديمقراطية في 25 نوفمبر الماضي (أ.ب)
دورية لقوة حفظ السلام الدولية في شرق الكونغو الديمقراطية في 25 نوفمبر الماضي (أ.ب)
TT

الإرهاب والصراع الإثني يفاقمان التردي الأمني في شرق الكونغو الديمقراطية

دورية لقوة حفظ السلام الدولية في شرق الكونغو الديمقراطية في 25 نوفمبر الماضي (أ.ب)
دورية لقوة حفظ السلام الدولية في شرق الكونغو الديمقراطية في 25 نوفمبر الماضي (أ.ب)

يعاني شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية (وسط أفريقيا)، من تصاعد لافت لأعمال العنف، في ظل تعدد وتنوع الحركات المسلحة، ما بين دينية وسياسية وإثنية، الأمر الذي يضع حكومة كينشاسا في موقف صعب، لوقف هذا التدهور الأمني، «المدعوم إقليمياً»، وفق خبراء أمميين.
وخلّف «هجوم إرهابي» استهدف كنيسة، وتبناه تنظيم «داعش»، مساء الأحد، مقتل عشرة أشخاص على الأقل وإصابة نحو 39 آخرين. ونددت رئاسة البلاد بالهجوم وكذلك بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة كما عبّرت السفارة الفرنسية في كينشاسا عبر «تويتر» عن «صدمتها» مما حدث.
وحسب المتحدث باسم الجيش أنتوني موالوشايي، في بيان، فإن «عملاً إرهابياً» حصل في كنيسة في بلدة كاسيندي بإقليم شمال كيفو الواقع على الحدود مع أوغندا. وتحدث عن توقيف مشتبه به كيني الجنسية.
وتنشط أكثر من 120 مجموعة مسلحة في شرق الكونغو الديمقراطية الغني بالمعادن، عدد كبير منها من إرث الحروب التي اندلعت مطلع القرن الحالي في المنطقة. ومن بين الجماعات المسلحة «القوات الديمقراطية المتحالفة»، التي تنشط في شمال إقليم «شمال كيفو» وفي جنوب إقليم إيتوري، وتضم متمردين مسلمين من أصل أوغندي.
وأدرجت الولايات المتحدة «القوات الديمقراطية المتحالفة» في 2021 على لائحتها للمنظمات الإرهابية.
والقوات الديمقراطية المتحالفة متهمة بقتل آلاف المدنيين الكونغوليين وبارتكاب هجمات بالقنابل في أوغندا.
ومنذ عام 2021، بدأت عملية عسكرية مشتركة بين القوات الكونغولية والقوات الأوغندية لاستهداف عناصر القوات الديمقراطية المتحالفة في الأراضي الكونغولية. لكن الهجمات استمرت.
وجاء في تقرير لمجموعة خبراء من مجلس الأمن الدولي بشأن جمهورية الكونغو الديمقراطية في 16 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنه «واصلت (القوات الديمقراطية المتحالفة) توسعها الجغرافي» في البلاد. وأقدمت أيضاً على خطف «374 شخصاً» و«نهب مئات المنازل وحرقها، وتدمير مراكز صحية ونهبها، بحثاً عن معدات طبية بشكل أساسي».
ووفق هؤلاء الخبراء، «اختارت (هذه القوات) أيضاً عمليات أكثر وضوحاً وفتكاً» باستخدام عبوات ناسفة «في بيئة حضرية».
وفي مايو (أيار) 2021، أعلن الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، أن إقليمَي شمال كيفو وإيتوري «في حالة حصار»، في محاولة لوقف أعمال العنف فيهما مع استبدال موظفين إداريين مدنيين بالمسؤولين العسكريين. لكنَّ هذا الإجراء الاستثنائي فشل أيضاً إلى حد كبير في وقف الهجمات.
وعبّر منسق المجتمع المدني في إيرومو، في أقصى جنوب الإقليم ديودونيه لوسا، لوكالة الصحافة الفرنسية، عن أسفه لـ«انخفاض عدد القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية في إيتوري، بسبب إعادتهم إلى شمال كيفو لمحاربة حركة 23 مارس (آذار)»، التي ينتمي عناصرها إلى إثنية التوتسي.
ويقاتل الجيش الكونغولي عدداً من الجماعات المسلحة، على رأسها «حركة 23 مارس»، وهي مجموعة تمرّد يهيمن عليها التوتسي الكونغوليون. وقد هُزمت عام 2013. لكنها استأنفت القتال نهاية العام الماضي، واحتلّت أجزاء كبيرة من الأراضي في شمال غوما، عاصمة مقاطعة شمال كيفو.
وتتهم الكونغو الديمقراطية دولة رواندا المجاورة بدعم الحركة. لكنَّ كيغالي تنفي ذلك وتتهم كينشاسا في المقابل بالتواطؤ مع «القوات الديمقراطية لتحرير رواندا»، وهم متمردون هوتو روانديون تمركزوا في الكونغو الديمقراطية منذ الإبادة الجماعية للتوتسي عام 1994 في رواندا.
وجمع خبراء مفوّضون من الأمم المتحدة، في تقرير قدموه إلى مجلس الأمن، الشهر الماضي «أدلّة جوهرية» تثبت «التدخّل المباشر لقوات الدفاع الرواندية في أراضي الكونغو الديمقراطية، على الأقل في الفترة الممتدة بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 وأكتوبر (تشرين الأول) 2022.
تقول ريم أبو حسين، الباحثة المتخصصة في الشأن الأفريقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الصراع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية «معقد ومتشابك الأطراف تتداخل فيه العوامل الجيوسياسية والاقتصادية فهو ممتد منذ أكثر من عقدين من الزمان وهناك الكثير من الحركات المسلحة».
وتعتقد أن تحديث أسلحة الجيش الكونغولي الوطني وزيادة دعمه بتدريب أفراده مع تقديم دعم لوجيستي له، سيساعد الحكومة الكونغولية في حربها ضد الجماعات المسلحة، خصوصاً «23 مارس»، وأيضاً الجماعات المتحالفة ذات التوجه المتشدد والتي أعلنت ولاءها لـ«داعش»، شريطة أن «يكون ذلك بالتوازي مع مفاوضات سياسية تؤدي إلى إقرار سلام دائم في المنطقة».


مقالات ذات صلة

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال الاحتفال بذكرى تأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

تعمق الجدل والانقسام حول احتمالات انطلاق عملية جديدة لحل المشكلة الكردية في تركيا... وذهبت المعارضة إلى وجود أزمة داخل «تحالف الشعب» الحاكم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أحد لقاءات الأسد وإردوغان في عام 2010 (أرشيفية - الرئاسة التركية)

​إردوغان يُبقي على آماله بلقاء الأسد واحتمال شنّ عملية عسكرية شمال سوريا

جدّدت تركيا رغبتها في تطبيع العلاقات مع سوريا من دون تحقيق شرط الانسحاب العسكري لقواتها الموجودة في مناطق الشمال السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا عناصر من «حركة الشباب» الصومالية الإرهابية (أ.ب)

مقديشو: مقتل 3 جنود صوماليين وأكثر من 20 إرهابياً من «حركة الشباب»

لقي ثلاثة جنود على الأقل مصرعهم، وأصيب ثلاثة آخرون من القوات الصومالية جراء انفجار لغم أرضي استهدف مركبة عسكرية في مديرية دينيلي بالعاصمة مقديشو.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
شؤون إقليمية يسود جدل واسع في تركيا حول خلافات غير معلنة بين إردوغان وحليفه دولت بهشلي (الرئاسة التركية)

بهشلي جدد دعوة أوجلان للبرلمان وأكد عدم وجود خلاف مع إردوغان

جدد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي تمسكه بدعوته لحضور زعيم حزب العمال الكردستاني السجين للحديث أمام البرلمان مشدداً على عدم وجود خلاف مع إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا استنفار أمني ألماني في شوارع برلين (أرشيفية - د.ب.أ)

توقيف فتى بألمانيا بتهمة التخطيط لتنفيذ هجوم في فترة الأعياد

تفيد السلطات الألمانية بأنها أحبطت هجمات عدة، لكن 3 أشخاص قُتلوا، وجُرح 8 في عملية طعن أثناء مهرجان في أحد شوارع مدينة زولينغن في أغسطس (آب) الماضي.

«الشرق الأوسط» (برلين)

أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل

أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)
أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل

أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)
أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)

أفاد تقرير، صدر الجمعة، بأن أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل، وهو رقم يزداد مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفاقم آثار الحرب والتغير المناخي.

والتقرير الذي أعده مسؤولون نيجيريون ووكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية إنسانية كبرى، يعرض الوضع الغذائي مرتين في العام في 26 ولاية تعاني من أزمات في شمال ووسط نيجيريا.

بحسب أحدث الأرقام فإن 25.1 مليون نيجيري يعانون من «انعدام أمن غذائي حاد»، حتى في ذروة موسم الحصاد لهذا العام، بعد فيضانات وارتفاع الأسعار، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 33.1 مليون شخص السنة المقبلة، إذ يؤدي انهيار العملة الوطنية «نايرا» إلى ارتفاع أسعار الواردات الغذائية، كما أن انتهاء دعم الوقود يجعل إيصالها وتوزيعها باهظ الكلفة.

وجاء في بيان صادر عن برنامج الأغذية العالمي أن «نحو 5.4 مليون طفل ونحو 800 ألف امرأة حامل أو مرضع معرضون لخطر سوء التغذية الحاد أو الانحطاط في ست من الولايات الأكثر تضرراً».

وأضاف: «من بين هؤلاء، يمكن أن يعاني 1.8 مليون طفل من سوء التغذية الحاد الشديد ويحتاجون إلى علاج غذائي منقذ للحياة».

ويشهد شمال شرقي نيجيريا تمرداً منذ عام 2009، وتنشط عصابات قطاع الطرق والخطف في جميع أنحاء شمال البلاد. وفي موازاة ذلك، جعل تغير المناخ وإزالة الغابات المنطقة أكثر جفافاً.

كما أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرحل.

هذه التحديات الطويلة المدى موجودة منذ فترة طويلة، لكن وضع الاقتصاد النيجيري أدى دوراً في ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

ويشير التقرير إلى استمرار انخفاض قيمة العملة النيجيرية مقابل الدولار، وقرار الرئيس بولا تينوبو العام الماضي إلغاء دعم الوقود الذي كان سارياً منذ عقود.

وبعد مرور عام، في يونيو (حزيران) 2024، وصل معدل تضخم أسعار المواد الغذائية على أساس سنوي إلى 40.9 في المائة.