وزير الإعلام العماني: الحرية والمسؤولية مفهومان متلازمان

وزير الإعلام العماني: الحرية والمسؤولية مفهومان متلازمان
TT

وزير الإعلام العماني: الحرية والمسؤولية مفهومان متلازمان

وزير الإعلام العماني: الحرية والمسؤولية مفهومان متلازمان

يشهد الإعلام في سلطنة عُمان، انفتاحاً واسعاً على المحيطين الإقليمي والدولي. وهذا الانفتاح يمثل استراتيجية لرؤية عُمان الجديدة التي تسعى لتعزيز حضورها على المسرح الإقليمي خصوصاً، وهي التي اعتادت على لعب أدوار سياسية عادة ما ينظر إليها باعتبارها مساهمة في دعم الأمن والاستقرار الإقليميين.
ومن مكتبه في العاصمة العُمانية مسقط، حدثنا وزير الإعلام الدكتور عبد الله بن ناصر الحراصي عن رؤيته للدور الذي يلعبه الإعلام العُماني، بينما تعمل السلطنة لجذب الاستثمارات وتعزيز الشراكة، مع دول الخليج خصوصاً والعالم بشكل عام.
للعلم، أسست أول وزارة للإعلام في عُمان خلال ديسمبر (كانون الأول) 1970 تحت اسم «وزارة الإعلام والشؤون الاجتماعية والعمل»، وتولّى هذه الوزارة المرحوم الأديب والشاعر عبد الله بن محمد الطائي. وعام 1972، فُصلت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عن الإعلام، وأوكلت شؤون والإعلام إلى مديرية الإعلام، ثم إلى مديرية الإعلام والسياحة.
أما بالنسبة للوزير الحالي الدكتور عبد الله بن ناصر الحراصي، فقد تولى المنصب منذ 18 أغسطس (آب) 2020. وسبق أن كان رئيس «الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون» بمرتبة وزير بين 2011 و2020، ورئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير في «مشروع الموسوعة العمانية»، وأستاذاً مساعداً في جامعة السلطان قابوس، وعضواً مشاركاً في جامعة أكسفورد بين 2011 و2012. وهو يحمل «بكالوريوس» في اللغة الإنجليزية عام 1992 و«ماجستير» في دراسات اللغة والترجمة عام 1995 من جامعة السلطان قابوس، و«دكتوراه» في الترجمة عام 2000 من جامعة أستون البريطانية.
وفيما يلي نص الحوار:

> ما الاستراتيجية الإعلامية لسلطنة عُمان في ظل «رؤية عُمان 2040»؟
- الحديث عن التجربة الإعلامية لسلطنة عُمان يطول، لكن يمكن استعراضه في عنوانين أساسيين هما «مرآة صادقة» و«رسالة أمينة». إذ نشأ الإعلام العُماني بشكله الحديث مع فجر النهضة الحديثة لعُمان في العقد السبعيني من القرن الماضي. وكانت وزارة الإعلام من أوائل الوزارات التي نشأت إيماناً من القيادة العُمانية ممثلة حينذاك بمؤسس النهضة الحديثة في السلطنة السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - بدور الإعلام، ليس فقط في رصد الإنجازات التي تتحقق وتقديمها للمجتمع، وتحفيز العمل والإنتاجية، بل أيضاً في صناعة الوعي المجتمعي والتنوير، والمحافظة على الهوية العُمانية ببعدها الحضاري والإنساني، وتعزيز الروح الوطنية التي أسهمت بتوطيد مسيرة التقدم والتطور والنماء وصنعت التحولات على مختلف الصعد. وظل الإعلام العُماني رسالة إلهام ومورد معرفة وأداة بناء، معبّراً بموضوعية عن طبيعة الشخصية العُمانية وسماتها ودورها الحضاري عبر الزمن ومد جسور الأخوة والصداقة مع سائر الدول والشعوب، وفق سياسة متزنة بعيدة كل البُعد عن مظاهر الغلو والمبالغات.
> «رؤية عُمان 2040» تؤكد مبادئ الحوكمة والشفافية والإفصاح، هل ترون أن الإعلام العُماني مؤهل للقيام بهذا الدور؟
- المسار الإعلامي أساسي في رؤية عمان 2040، فمنذ المؤتمر الوطني للرؤية الذي صاغ مستهدفات رؤية عمان 2040 بإشراف جلالة السلطان هيثم نفسه كان دور الإعلام أساسياً وضرورياً. ونذكر في تلك اللحظات الأولى لانطلاقة مؤتمر الرؤية كنا «إعلامياً» في بث حي ومباشر وشفاف لكل ما يدور من مناقشات حوارية، وكل ما يحدد من رؤى لمستهدفات رؤية عمان 2040. ولقد تناول الإعلام العُماني بشكل مركّز المحاور الأربعة للرؤية، وهي: مجتمع إنسانه مبدع، واقتصاد بنيته تنافسية، ودولة أجهزتها مسؤولة، وبيئة عناصرها مستدامة، بنقاش وتحليلات وتفاعلية عالية لامست الفرص والتحديات والمعالجات والأولويات المرتبطة بمحور الحوكمة والأداء المؤسسي. وكذا أخذ الإعلام دوره الفاعل في حفز البرامج التنفيذية المسرعة التي تستهدف إيجاد حلول عاجلة ومستدامة للمسارات ذات الأولوية كالوضع المالي والاقتصادي، والتنويع الاقتصادي، وجلب الاستثمارات الأجنبية، وسط ظروف دولية استثنائية.
> ماذا تعني بـ«الظروف الاستثنائية»؟ وماذا أعددتم لها على الصعيد الإعلامي؟
- ظروف مثل «كوفيد - 19»، وانخفاض أسعار النفط بشكل حاد، والأزمات السياسية التي شهدها العالم أخيراً وتأثرت بها دول العالم بأشكال مختلفة. هذه تحديات لا بد أن تصاغ لها حلول وطنية ذكية بدعم المجتمع وبتسريع الأداء. وهنا كان الدور الإعلامي متفاعلاً ومحفزاً وأساسياً في نقل وقائع ما يدور من عمل وخطط وبرامج وحلول لدى الحكومة بكل نقاشاته. لدينا برامج إعلامية حوارية متخصصة تجمع متخذي القرار مع راصدي الأداء من المحللين والخبراء والأكاديميين والمتخصصين في تفاعلية ثرية ومسؤولة لمتابعة أداء القطاعات المستهدفة بالنمو، ولدينا قناة تواصل مستمرة مع وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040 من أجل هذه الغاية.
> ألا يستلزم ذلك، برأيكم، ضخّ مزيد من الحرية وتخفيف القيود؟
- في عُمان إعلامنا ذو رسالة وطنية وإنسانية، ونعتز بتجربته الأصيلة والمنفتحة مع الآخرين بكل إيجابية. إنه ينقل الوقائع بكل شفافية ومهنية ومسؤولية، وهذا كان قرار القيادة منذ بداية فجر نهضة عُمان الحديثة. ولذا نجد أن مجتمعنا يثق بإعلامه ثقة كبيرة وفي الرسالة التي يعمل هذا الإعلام على تحقيقها. وعُمان - بحمد الله - تمتلك تجربة إعلامية ثرية جداً تؤدي دورها الأساسي في بناء الثقافة العامة للمواطن وبناء القيم المساندة للتطوّر والتحديث والفضائل، وتعميق فكرة السلام والمساواة والعدالة الاجتماعية والتسامح وقبول الآخر.
> تربط بين الحرية والمسؤولية... أيهما يأتي أولاً؟
- الحرية والمسؤولية مفهومان متلازمان. هذا هو الأساس، حيث المهنية الإعلامية سترة نجاة للحرية الإعلامية المسؤولة. ونحن في السلطنة يحظى إعلامنا بثقة المجتمع ضمن مساحة تعبير عالية، ونعدها الأجمل بقيمها المهنية المسؤولة. ويعبر المجتمع دائماً عن تقديره لهذا النهج الذي تشكل أصلاً من طبيعة الشخصية العُمانية والمجتمع العُماني والصالح الوطني بشكل عام.
> كيف ينعكس هذا على وسائل الإعلام العُمانية؟
- الناظر إلى وسائل الإعلام العُمانية يجد مساحة تعبير عالية حول مختلف المواضيع التي تهم مجتمعنا، والأهم في نظرنا هو منهج الطرح الإعلامي الذي يسمح بجميع الآراء التي تسهم في البناء وتعالج إشكالات الواقع دون تجريح أو إثارة لا تفيد أحداً. لدينا مثلاً برامج حوارية إذاعية وتلفزيونية تقدم سقفاً عالياً من حرية التعبير البنّاء، وننقل وجهات النظر كما هي، ولدينا في الصحافة ايضاً مقالات نقدية عالية الطرح.
> أنتم شخصياً، كنتَ صحافياً وإعلامياً قبل أن تُصبح وزيراً... ماذا حملتم للمنصب من هموم الصحافة التي تسعون لحلّها؟
- التجربة الصحافية في عُمان تتسم بالثراء، وكانت المؤسسات الصحافية قد انطلقت في سبعينات القرن الماضي، وصحافتنا في غالبيتها مملوكة للقطاع الخاص، باستثناء صحيفة «عُمان» التي تصدر باللغة العربية، وصحيفة «عُمان ديلي أوبزرفر» التي تصدر باللغة الإنجليزية. ثمة زخم تقدمه 7 صحف يومية باللغتين العربية والإنجليزية، بجانب الصحف والمجلات التي تأخذ الإصدار الدوري بين الأسبوعي والشهري. وتوفر هذه الصحف تغطية شاملة في مختلف الشؤون والمجالات، ولها دور كبير في تقديم المعلومة والمعرفة، وتتضمن كذلك مساحات للنقد البنّاء والتحليلات الموضوعية.
> هل تراجع الإعلام التقليدي أمام الإعلام الرقمي، برأيكم؟
- ازدادت أدوار الصحافة نظراً إلى انتشار منصات الإعلام الاجتماعي والإلكتروني المتسارعة، ويتوقع من الصحافة مضاعفة جهودها في نشر الوعي ونشر مختلف رسائلها السامية، والكلمة الصادقة المسؤولة ستصل للجمهور وإن بدا على السطح ما يخالف ذلك. ولكن مسؤولية الصحافة تتجسد برفع الوعي الفردي والمجتمعي لا أن تتحول إلى منافس للإعلام الاجتماعي الذي تغلب عليه الرؤى الفردية وتفاعلاتها.
> وماذا أضفتم للمحتوى الإعلامي والثقافي تحديداً؟
- عزّزنا في جريدة «عُمان»، مثلاً، مقالات الرأي التي يكتبها كتّاب معروفون من عُمان والعالم العربي والعالم، كما أصدرت الجريدة منذ مطلع عام 2022 «ملحق جريدة عمان الثقافي» الذي أخذ محلّه اللائق في الصحافة الثقافية العربية، ونستمر كذلك في إصدار مجلة «نزوى» الثقافية - إضافة إلى القناة الثقافية في تلفزيون سلطنة عُمان -. هذا يأتي في إطار تعزيز الكلمة المسؤولة والإبداع الأدبي والثقافي، ونحن موقنون بأن التمسك بمسؤولية الكلمة ودعم النشر الثقافي والأدبي الجادّ مناهج ستؤتي أكلها ولو بعد حين على شكل وعي فردي ومجتمعي عالٍ.
> مع أن مرسوماً صدر عام 2004 بمنح ترخيص لقناة تلفزيونية خاصة، وكذلك إذاعة خاصة، فإن نسبة النمو في الإعلام الفضائي والإذاعي الخاص ما زالت محدودة قياساً بالمحيط الخليجي مثلاً... ما تفسيركم؟
- الاستثمار في المجال الإذاعي جيد، أما فيما يتعلق بالقنوات التلفزيونية فثمة مساعٍ من قبل القطاع الخاص للدخول في الاستثمار في صناعة الإعلام المرئي ولقيت هذه المحاولات التسهيلات والدعم من الحكومة. نحن من جانبنا ندعم هذا المسار، لكن هذا يعود إلى قرار القطاع الخاص نفسه والمجال متاح في ضوء القوانين المنظمة. أما عن الاستثمار في الإذاعات الخاصة فيبدو جيداً، فهناك ثماني إذاعات fm ناطقة باللغتين العربية والإنجليزية. وهنا نشير إلى أن القطاع الخاص توجه أخيراً للاستثمار في مجال الإعلام الإلكتروني، ومُنح عدد من التراخيص لمنصات إلكترونية ولإذاعات وقنوات مرئية إلكترونية.
> برأيكم، كيف يخاطب الإعلام العُماني العالم... بينما تنشط السلطنة في فتح الأبواب للاستثمارات وجذب الشركات وعقد الشراكات واستقطاب السياح؟
- جلب الاستثمارات الأجنبية وتطوير صناعة السياحة من الملفات الأساسية في رؤية عُمان 2040 وبرامجها الوطنية. وضمن أدوارنا وضع عُمان أمام العالم وتبيان ما تزخر به من مقوّمات استثنائية تشكل نقط استقطاب استثماري وسياحي. وإننا نركز حالياً على الإعلام الاقتصادي الداعم لهذه المسارات ونسند دور الجهات المتصلة بالتطوير الاقتصادي لنشر المعلومة الكافية عن السلطنة والفرص المتاحة فيها. وسواء في العمل الإعلامي الإذاعي أو التلفزيوني أو الصحافي أو الإلكتروني لدينا برامج متخصصة ذات طابع حواري تفاعلي تجسد هذا الدور وتترجمه، وتحظى بمتابعة داخل السلطنة وخارجها. كذلك نركز اليوم على مخرجات الدبلوماسية الاقتصادية ومتابعة المشاريع والاتفاقيات والتفاهمات التي ترتبط بها السلطنة مع الشركاء الخارجيين، ونرصد الفعاليات الاقتصادية لجميع القطاعات التي تشتغل في منظومة التطوير الاقتصادي. وفي الجانب السياحي نخصص برامج إعلامية غايتها التنشيط السياحي في مختلف المواسم، كما نرصد حركة السياحة الآتية على متن السفن السياحية العملاقة من كل دول العالم، وهذه المتابعة تنطوي على العمل الإخباري اليومي في جميع وسائل الإعلام. وتشكّل نشرة الأخبار الاقتصادية اليومية في تلفزيون السلطنة نافذة مهمة للتعريف على الاقتصاد العُماني والفرص المتاحة به ومنظومة التشريعات والقوانين المنظمة للاستثمار الأجنبي والتسهيلات التي تُقدَّم للمستثمرين. أيضاً بدأنا خطوة جيدة على طريق رفع كفاءة وأداء الإعلام الخارجي في الوزارة، لمضاعفة أدوارنا في هذا المجال المهم لرؤية عُمان 2040، إذ نستقبل كثيراً من الصحافيين والإعلاميين من مختلف دول العالم الذين يزورن سلطنة عمان للتعريف بها وبمجتمعها وبطبيعتها وبمشاريع التنمية فيها، إضافة إلى الفرص الاستثمارية الواعدة في مختلف القطاعات.
> إلى أي درجة تعتقدون أن الالتزام بـ«الخصوصية» المحلية أصبح قيداً أمام تطوّر وسائل الإعلام؟ هل ثمة معنى لـ«الخصوصية» تتبناه وزارة الإعلام وتسعى لإلزام الصحافة به؟
- ما نقصده بالخصوصية في تجربتنا شأن مختلف عما يفسره غيرنا. نحن نتناول المفهوم في قالب منظومة القيم والمبادئ والأعراف التي نشأ عليها الإنسان العُماني الذي هو أداة التنمية وهدفها وغايتها، وهو الفاعل الإعلامي أيضاً، فمن يحمل لواء الخطاب الإعلامي في وسائل إعلامنا الحكومية والخاصة هم شباب وشابات عُمانيون. وكلما كان الإعلام مترجماً لمبادئ وقيم مجتمعه كتب له النجاح والديمومة.
نحن مجتمع عربي أصيل ونسيجه متين لصيق جداً بمبادئه وقيمه وثقافته وتراثه، ولا يريد أن تؤثر المدنية الحديثة سلباً على جوهره القيمي والأخلاقي والثقافي. لذا كان قرارنا الوطني المزج بين الأصالة والمدنية في كل مظاهر الحياة العُمانية، ولا يريد المجتمع أن يرى إعلامه مختلفاً عن هذا القالب السامي الذي أثبت مع الزمن سلامته ونجاحه.
> وهل ترون أن الإعلام الخارجي للسلطنة يواكب النشاط السياسي الدؤوب لدبلوماسيتكم؟
- نعم، بجدارة وكفاءة تمكّن الإعلام العُماني من إيصال رسالة السلطنة السياسية إلى المجتمع الدولي، وتحركت الدبلوماسية العُمانية والإعلام العماني في خطين متوازيين من حيث مدّ جسور الأخوة والصداقة مع سائر الدول والشعوب.
> هل تفكّرون في إنشاء قناة إخبارية فضائية أو منصة أخبار إلكترونية تُعنى بهذا المجال؟
- بالنسبة لإنشاء قناة فضائية إخبارية، نعتقد أن لدينا راهناً مساحات إخبارية مناسبة وكافية في قنواتنا التلفزيونية الأربع وخدماتها ومنصاتها، ولكن إذا ظهرت الحاجة لأي قناة متخصصة أخرى، إخبارية أو غيرها، لتحقيق المصلحة الوطنية سيدرس الأمر، مع مراعاة الاستفادة من عالم الإعلام الإلكتروني الذي تغيرت فيه مفاهيم البث والنشر الإعلاميين، بل وحتى فكرة القناة التلفزيونية بمعناها التقليدي.
> قبل نحو 12 سنة أجرى وزير إعلام عُماني سابق دراسة عن الصحافة في السلطنة أثار فيها الحاجة لتطوير قانون المطبوعات والنشر. ألا تحتاج عُمان في ظلّ هذا الانفتاح إلى قانون جديد؟
- ندرك أن التطور المتسارع في صناعة الإعلام العالمي يقضي بأن نطور معه أدواتنا ووسائلنا وبيئة عملنا الإعلامي وتشريعاتها التي تناسب كل مرحلة. وحقاً ثمة تشريعات ولوائح منظمة نعمل في إطارها الآن، لكننا مع تطور وسائل الإعلام وجدنا الحاجة إلى تطوير هذه المظلة القانونية لتغدو أكثر شمولية واستجابة لمتغيرات العصر، فعملنا خلال الفترة الماضية فعلاً على مشروع قانون جديد للإعلام، وسيكون مع صدوره المرجعية القانونية والأرضية التي سيستند عليها إعلامنا في ضوء تطور تقنيات الإعلام الحديثة.


مقالات ذات صلة

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي صحافيون من مختلف وسائل إعلام يتشاركون موقعاً لتغطية الغارات الإسرائيلية على مدينة صور (أ.ب)

حرب لبنان تشعل معركة إعلامية داخلية واتهامات بـ«التخوين»

أشعلت التغطية الإعلامية للحرب بلبنان سجالات طالت وسائل الإعلام وتطورت إلى انتقادات للإعلام واتهامات لا تخلو من التخوين، نالت فيها قناة «إم تي في» الحصة الأكبر.

حنان مرهج (بيروت)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)
TT

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)

في كل انتخابات رئاسية وعامة تشهدها الولايات المتحدة، كان للمؤسسات الإعلامية الأميركية على الدوام نصيب من تداعياتها. وفي العادة أن جلّ المؤسسات الاعلامية كانت تنحاز لأحد طرفي السباق، حتى في بعض الانتخابات التي كانت توصف بأنها «مفصلية» أو «تاريخية»، كالجارية هذا العام. بل وكان الانحياز يضفي إثارة لافتة، لا سيما إذا «غيّرت» هذه المؤسسة أو تلك خطها التحريري المألوف، في محاولة للظهور بموقف «حيادي».

غير أن الواقع كان دائماً يشير إلى أن العوامل التي تقف وراء هذا «التغيير» تتجاوز مسألة الحفاظ على الحياد والربحية وتعزيز المردود المالي. إنها سياسية بامتياز، خصوصاً في لحظات «الغموض والالتباس» كالتي يمر بها السباق الرئاسي المحتدم هذا العام بين نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي والرئيس السابق دونالد ترمب مرشح الحزب الجمهوري.

مقر «اللوس أنجليس تايمز» (أ.ب)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح!

يوم الجمعة، أعلن ويليام لويس، الرئيس التنفيذي وناشر صحيفة «واشنطن بوست»، التي يملكها الملياردير جيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون» العملاقة، أنها لن تؤيد أي مرشح رئاسي لا في هذه الانتخابات، ولا في أي انتخابات رئاسية مستقبلية. وأضاف لويس، في مقال: «نحن نعود إلى جذورنا بالإحجام عن تأييد المرشحين الرئاسيين... هذا من تقاليدنا ويتفق مع عملنا في 5 من الانتخابات الـ6 الأخيرة». وتابع لويس: «ندرك أن هذا سيُفسَّر بطرق مختلفة، بما في ذلك اعتباره تأييداً ضمنياً لمرشح واحد، أو إدانة لمرشح آخر، أو تنازلاً عن المسؤولية... هذا أمر لا مفر منه. لكننا لا نرى الأمر بهذه الطريقة. إننا نرى ذلك متوافقاً مع القِيَم التي طالما دافعت عنها صحيفة (واشنطن بوست)». واختتم: «إن وظيفتنا في الصحيفة هي أن نقدّم من خلال غرفة الأخبار، أخباراً غير حزبية لجميع الأميركيين، وآراءً محفزة على التفكير من فريق كتّاب الرأي لدينا لمساعدة قرائنا على تكوين آرائهم الخاصة». إلا أنه في بيان وقّعه عدد من كبار كتّاب الرأي في الصحيفة، بينهم ديفيد إغناتيوس ويوجين روبنسون ودانا ميلبنك وجينيفر روبن وروث ماركوس، وصف الموقّعون القرار بأنه «خطأ فادح». وتابع البيان أن القرار «يمثّل تخلّياً عن المُعتقدات التحريرية الأساسية للصحيفة... بل في هذه لحظة يتوجّب على المؤسسة أن توضح فيها التزامها بالقيَم الديمقراطية وسيادة القانون والتحالفات الدولية والتهديد الذي يشكله دونالد ترمب على هذه القيم...». ومضى البيان: «لا يوجد تناقض بين الدور المهم الذي تلعبه (واشنطن بوست) بوصفها صحيفة مستقلة وممارستها المتمثّلة في تقديم التأييد السياسي... وقد تختار الصحيفة ذات يوم الامتناع عن التأييد، لكن هذه ليست اللحظة المناسبة، عندما يدافع أحد المرشحين عن مواقف تهدّد بشكل مباشر حرية الصحافة وقِيَم الدستور».

مقر «الواشنطن بوست» (آ. ب.)

... وأيضاً «لوس أنجليس تايمز»

في الواقع خطوة «واشنطن بوست» سبقتها، يوم الأربعاء، استقالة مارييل غارزا، رئيسة تحرير صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، كبرى صحف ولاية كاليفورنيا، احتجاجاً على منع مالك الصحيفة، الملياردير باتريك سون شيونغ، مجلس التحرير من إعلان تأييد هاريس. وهذه الخطوة أشاد بها ترمب، وعلّقت حملته، في بيان، بأن «زملاء هاريس في كاليفورنيا يعرفون أنها ليست مؤهلة للوظيفة». غارزا كتبت في رسالة استقالتها «أن الصمت ليس مجرد لامبالاة، بل هو تواطؤ»، معربة عن قلقها من أن هذه الخطوة «تجعلنا نبدو جبناء ومنافقين، وربما حتى متحيّزين جنسياً وعنصريين بعض الشيء». وأردفت: «كيف يمكننا أن نمضي 8 سنوات في مهاجمة ترمب والخطر الذي تشكّله قيادته على البلاد ثم نمتنع عن تأييد المنافس الديمقراطي اللائق تماماً الذي سبق لنا أن أيدناه لعضوية مجلس الشيوخ؟»، في إشارة إلى هاريس. من جانبه، كتب سون شيونغ، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هيئة التحرير «أتيحت لها الفرصة لصياغة تحليل واقعي» للسياسات التي يدعمها كل مرشح خلال فترة وجوده في البيت الأبيض، وعلى مسار الحملة الانتخابية، كي يتمكّن «القراء (أنفسهم) من تحديد مَن يستحق أن يكون رئيساً»، مضيفاً أن الهيئة «اختارت الصمت»!

هل الدافع تجاري؟

بالمناسبة، سون شيونغ يُعد من الداعمين للديمقراطيين عموماً، يرجح البعض أن يكون الدافع وراء موقفه الاعتبارات التجارية، ومنها جذب مزيد من القراء، بمَن فيهم الموالون للجمهوريين، لرفع نسبة الاشتراكات والدعايات والإعلانات، عبر محاولة تقديم الصحيفة بمظهر وسطي غير منحاز. كذلك، سون شيونغ، الطبيب والقطب في مجال التكنولوجيا الحيوية من منطقة لوس أنجليس، الذي ليست له أي خبرة إعلامية، كان قد اشترى الصحيفة التي يزيد عمرها على 140 سنة والشركات التابعة لها، مقابل 500 مليون دولار عام 2018. لكن خسائر الصحيفة استمرت، ما دفعه إلى تسريح نحو 20 في المائة من موظفيها هذا العام. وذكرت الصحيفة أن مالكها اتخذ هذه الخطوة بعد خسارة «عشرات الملايين من الدولارات» منذ شرائها.

ترمب يدعو لإلغاء تراخيص الأخبار

ما حصل في «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» سلّط حقاً الضوء على التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية الأميركية وسط الضغوط المتزايدة عليها، وتحويلها مادة للسجال السياسي.

وفي الواقع، تعرّضت وسائل الإعلام خلال العقد الأخير للتهديدات ولتشويه صورتها، وبالأخص من الرئيس السابق ترمب، الذي كرر اتهام منافذ إخبارية كبرى بالتشهير، ومنع الصحافيين من حضور التجمّعات والفعاليات التي تقام في البيت الأبيض، وروّج لمصطلح «الأخبار المزيفة»، الذي بات يتبناه الآن العديد من قادة اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم.

وفي حملات ترمب الجديدة على الإعلام، اقترح أخيراً تجريد شبكات التلفزيون من قدرتها على بث الأخبار، إذا كانت تغطيتها لا تناسبه. وكتب على منصته «تروث سوشال» في الأسبوع الماضي «يجب أن تخسر شبكة (السي بي إس) ترخيصها. ويجب وقف بث برنامج (60 دقيقة) على الفور». وكرّر مطالبه في الخطب والمقابلات، مردداً دعواته السابقة لإنهاء ترخيص شبكة «الإيه بي سي» بسبب استيائه من الطريقة التي تعاملت بها مع المناظرة الوحيدة التي أُجريت مع هاريس.

وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الداعمة له: «سنستدعي سجلاتهم»، مجدداً ادعاءه أن تحرير الشبكة لمقابلتها مع هاريس في برنامج «60 دقيقة»، كان «مضللاً» ورفض عرض الشبكة إجراء مقابلة معه. وأيضاً رفض الإجابة عما إذا كان إلغاء ترخيص البث «عقاباً صارماً»، ليشن سلسلة من الإهانات لهاريس، قائلاً إنها «غير كفؤة» و«ماركسية».