باحثون: شبكة الدماغ الغامضة وراء العديد من الاضطرابات النفسية

باحثون: شبكة الدماغ الغامضة وراء العديد من الاضطرابات النفسية
TT

باحثون: شبكة الدماغ الغامضة وراء العديد من الاضطرابات النفسية

باحثون: شبكة الدماغ الغامضة وراء العديد من الاضطرابات النفسية

اكتشف مجموعة من العلماء دائرة دماغية لم تكن معروفة من قبل يبدو أنها مرتبطة باضطرابات نفسية متعددة. وأفادوا بأن شبكة غامضة من وصلات الدماغ مرتبطة بالعديد من الاضطرابات النفسية، بما في ذلك الفصام والاكتئاب واضطراب الوسواس القهري (OCD)؛ إذ يمكن أن تساعد هذه الدائرة المشتركة في الكشف عن سبب استيفاء العديد من المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بمرض نفسي واحد لمعايير ثانية.
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، قال الدكتور جوزيف تايلور المدير السريري للتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة بمركز «علاجات دوائر الدماغ» بمستشفى بريغهام في بوسطن «يستوفي نصف الأشخاص الذين نعالجهم معايير أكثر من اضطراب واحد... فيما تدعم الدراسة التي نشرت يوم (الخميس) الماضي بمجلة (نيتشر) العلمية فكرة أن الاضطرابات التي تحدث غالبًا معًا قد تنبع من نفس الجذور العصبية الحيوية»، وذلك وفق ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.
وفي المجمل، حددت الدراسة ستة اضطرابات (الفصام والاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والإدمان والوسواس القهري والقلق) تشترك في هذه الدائرة الأساسية. وفق تايلور؛ الذي هو أيضا طبيب نفسي مساعد بـ«بريغهام أند وومن» ومدرب في الطب النفسي بكلية الطب بجامعة هارفارد، الذي يضيف «نشك في أن الاضطرابات النفسية الأخرى قد تكون مرتبطة أيضًا بالشبكة نفسها». وتابع «الدائرة المكتشفة حديثًا ليست دائرة تم تحديدها أو تسميتها من قبل العلماء، مثل ما يسمى بشبكة الوضع الافتراضي والشبكة البارزة؛ ففي حين إن بعض العقد في الدائرة تم ربطها بالاضطرابات النفسية في الماضي، إلّا أن البعض الآخر لم يرتبط بالجوانب الرئيسية للوظيفة الإدراكية مثل الانتباه الانتقائي والمعالجة الحسية. وهذا يمكن أن يوضح الكشف عن كيفية عمل الدائرة وكيف يمكن أن تؤدي أوجه القصور بهذه الوظائف إلى الإصابة بأمراض نفسية مختلفة وربما تجعلها محتملة الحدوث معًا».
من جانبها، تقول الدكتورة ديانا بارش أستاذة العلوم النفسية والدماغ والطب النفسي والأشعة بجامعة واشنطن بسانت لويس التي لم تشارك في الدراسة «بعبارة أخرى، يحتاج العلماء إلى دراسة أسلاك الدماغ، وليس فقط هياكل الدماغ المتميزة التي تتصل بها كل هذه الأسلاك».
ولرسم هذه الأسلاك المعقدة، قام الباحثون أولاً بسحب البيانات من أكثر من 190 دراسة حول اختلافات المادة الرمادية بين الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية والأشخاص الذين لا يعانون من اضطرابات نفسية.
جدير بالذكر، تتكون المادة الرمادية في الدماغ، والتي سميت بسبب لونها، من أجسام خلايا المخ أو الخلايا العصبية والأسلاك غير المعزولة التي تمتد من تلك الخلايا. (وعلى النقيض من ذلك، تظهر المادة البيضاء بيضاء بسبب طبقة عازلة من الدهون تغطي أليافها العصبية). وقد تم العثور على المادة الرمادية في السطح الخارجي المجعد للدماغ ، والقشرة الدماغية، وكذلك في بعض الهياكل الموجودة أسفل القشرة.
وفي هذا الاطار، حدد فريق الدراسة مناطق الدماغ حيث ضمرت أو تقلصت المادة الرمادية في سياق الاضطرابات النفسية. كما وجد الفريق أن بنيتين في القشرة الدماغية (الحزامية الأمامية والجزيرة) ظهرت في كثير من الأحيان في هذه التحليلات. ولكن بشكل عام، لم تكن أنماط الضمور متسقة عبر الاضطرابات الستة التي تمت دراستها.
لكن اللافت للنظر، أن الاضطرابات ما زالت تشترك بشيء واحد هو «شبكة الأسلاك المتشابكة التي تمتد بين كل جيوب الضمور هذه في الدماغ»؛ إذ اكتشف الفريق هذا عن طريق وضع جميع مناطق المادة الرمادية الضامرة داخل خريطة أسلاك الدماغ، والمعروفة باسم «الشبكة العصبية»؛ فيما قام فريق بحثي مختلف سابقًا ببناء هذه الشبكة العصبية باستخدام فحوصات الدماغ من 1000 شخص لا يعانون من اضطرابات نفسية.
وتبيّن بارش أنه «حتى عندما تختلف مناطق الدماغ المحددة التي تظهر المادة الرمادية المتغيرة باختلاف بعض الاضطرابات، فإنها تبدو مرتبطة بدائرة مشتركة عبر الاضطرابات. وتابعت «على الرغم من أن الفريق حدد هذه الدائرة الفيزيائية، إلا أنه لم يحدد بعد كيف تختلف الإشارات داخل الدائرة بين الاضطرابات. والسؤال هو، هل جميع الاضطرابات الستة مرتبطة بتغيرات وظيفية مماثلة داخل الدائرة، مقارنة بالأشخاص الذين لا يعانون من اضطرابات نفسية؟».
ويرجع تايلور ويقترح أنه بمجرد أن يفهم العلماء دور الدائرة في الاضطرابات المختلفة بشكل أفضل، قد يكون من الممكن للأطباء علاج الأعراض النفسية عن طريق ضبط النشاط في جزء واحد من الشبكة؛ على سبيل المثال، يمكن استخدام التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS) (إجراء غير جراحي يستخدم المجالات المغناطيسية لتحفيز الخلايا العصبية في الدماغ وتمت الموافقة عليه كعلاج للاكتئاب والوسواس القهري والإقلاع عن التدخين) لتحقيق هذه الغاية. مضيفا «في الوقت الحالي، يستخدم TMS لاضطراب واحد في كل مرة. لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أنه يمكن للأطباء تحديد أهداف TMS جديدة من شأنها أن تعالج اضطرابات متعددة في وقت واحد؛ إما عن طريق رفع الحجم أو خفضه في جزء واحد من الدائرة». مؤكدا «انها تعطيك فكرة عن الاتجاه الذي يجب أن تدفعه أو تسحبه».
وفي حين أن علاجات TMS لاضطرابات متعددة لا تزال نظرية، إلّا ان تايلور وبارتش يقولون إن مثل هذه العلاجات يمكن أن تكون ممكنة في المستقبل.


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.