الفن الإسباني الحديث مستعيداً سقوط غرناطة

في مثل هذه الأيام قبل خمسة قرون سلمت مملكة بني الأحمر مفاتيحها

لوحة «خروج عائلة أبي عبد الله الصغير» للمؤرخ والرسام مانويل غوميز مورينو غونزاليس (1834 - 1918)
لوحة «خروج عائلة أبي عبد الله الصغير» للمؤرخ والرسام مانويل غوميز مورينو غونزاليس (1834 - 1918)
TT

الفن الإسباني الحديث مستعيداً سقوط غرناطة

لوحة «خروج عائلة أبي عبد الله الصغير» للمؤرخ والرسام مانويل غوميز مورينو غونزاليس (1834 - 1918)
لوحة «خروج عائلة أبي عبد الله الصغير» للمؤرخ والرسام مانويل غوميز مورينو غونزاليس (1834 - 1918)

في مثل هذا الشهر قبل ما يناهز خمسة قرون ونصف، تحديداً يوم 2 يناير (كانون الثاني) 1492، سقطت مملكة بني الأحمر بالأندلس، مخلّفة صدى واسعاً في الفن التشكيلي الإسباني على امتداد قرون، يكاد يماثل في حجمه وقوته الأثر الكبير الذي خلفته في حقول المسرح والرواية والشعر في شبه الجزيرة الإيبيرية، لدرجة باتت فيها القصة مدخلاً أساسياً لتشخيص تحولات المتخيل البصري الإسباني بصدد موضوعات: «المغاربة» و«الإسلام» و«المورسكيين» و«الضفة الجنوبية»، و«العمارة الإسلامية»، و«الاسترداد»، و«هزيمة الأندلسيين»، وغيرها من المثيرات والأحداث الكبرى التي وسمت تخيل الفن الحديث لتفاصيل الوجود العربي الإسلامي بالأندلس، وشكلت منظومات بالغة التعقيد من الصور المرئية المسكونة بألغاز ورموز ومضمرات عقدية وثقافية مرتهنة بوقائع زمن ومجتمع حضارة مختلفة.
صحيح أن تلك الأعمال التخييلية البصرية عن الأندلس الآفلة، تبقى مجرد تنويع على انشغال أعم لفنون التصوير والنحت في هذا الحيز الجغرافي بتمثيل الموضوعات التاريخية وحفظها من النسيان، بيد أن عرضها في أكثر الأماكن دلالة على الهوية والسيادة، بدءاً من القصر الملكي ومقر البرلمان الإسباني (الكوتيس خينيراليس) في مدريد وانتهاءً بالأديرة الموزعة بين الجهات والأقاليم الإسبانية المتباعدة، مرورا بالمتاحف الوطنية والمحلية، ومقرات حكومات الأقاليم والبلديات، والكاتدرائيات والكنائس، حولها من مجرد تحف للإبهار الجمالي، دالة على روعة الفن الإسباني الحديث، إلى رموز للعبقرية القومية، وشهادات بالغة الإتقان على قوة ومجد المملكة.
وتضعنا كاتالوغات الفن الإسباني الحديث إزاء مئات اللوحات الزيتية والمائية، والمنحوتات، بأحجام ضخمة ومتوسطة وصغيرة، لأعلام الفن الإسباني المعروفين، ولأكاديميين محدودي الشهرة، ولحرفيين مجهولين، كان حافزهم إبراز عظمة المملكة الوارثة لحضارة الأندلس، عبر مراحل نهوضها وانتكاساتها، من حروب الاسترداد إلى العصر الإمبراطوري، حتى الحقبة النابوليونية، وانتهاءً بالملكية الحديثة، فنانين من حقب شتى، تراوح بين نهايات القرن الخامس عشر، وحتى الطفرة الحديثة للفنون البصرية في تياراتها المتشعبة في القرن التاسع عشر. تحف فنية بديعة وموحية بقدرة القصة القديمة على إلهام فنانين لم ينتمِ أي منهم إلى زمن التجربة وظلالها، وإنما شكلت بالنسبة إليهم ذاكرة للتمثيل، وسؤالاً للصنعة والفن، وسرعان ما ستكتسي وقائع فارقة في تلك الذاكرة من قبيل: «تسليم غرناطة»، و«مذبحة بني سراج» و«المسيحيون الجدد» و«زفرة العربي الأخيرة على الربوة» و«خروج النصريين من قصر الحمراء» و«محاكم التفتيش»، و«محرقة كتب الكفار» صبغة رواشم فنية أثيرة، تكررت على نحو لافت للنظر في عشرات اللوحات الشهيرة لفنانين بارعين، بحيث تمكن المقارنة بين طرز التمثيل وأحجام الرسومات وصيغ التشكيل، بصدد تلك الموضوعات، من رصد تطور النظرة تجاه القصة الأندلسية، ورصد تحولات التقنية والجماليات التعبيرية لهذا الفن البصري العريق في الضفة المقابلة.

لوحة «تسليم غرناطة» لماريانو فورتوني (1838 - 1874)

هكذا ستكون قصة غرناطة حاضرة في مجمل التيارات الفنية الإسبانية، طابعة الفن النهضوي، والرومنسي، والانطباعي والتعبيري... كما أن بعض التفاصيل الأندلسية ستمثل رهاناً من قِبل بعض الفنانين الإسبان على نوع من الأصالة والمحلية في الآن ذاته الذي ستمثل لدى آخرين سعياً إلى الانفتاح وتعبيراً عن «الغيرية»، التي تراوح ما بين الرؤية الاستشراقية الكلاسيكية، والحداثة الفنية.
وتتجلى واقعة سقوط غرناطة وما يتصل بها من تفاصيل عن قبيل: «خروج بني نصر»، و«تسليم المفتاح خارج الأسوار»، من حيث هي مثيرات موضوعية خالبة لخيال شرائح مختلفة من الرسامين الإسبان في العصر الحديث، ممن جاءت أعمالهم مفعمة بالدرامية وبالوضوح الحسي في التقاط عواطف الفقد، وتخييل ظلال الهزيمة، كما مثلت تلك الرواشم، عناوين متكررة في مجموعات المتاحف الفنية وكاتالوغات اللوحات التاريخية الإسبانية، ولعل لوحة الفنان الأراغوني «فرانسيسكو براديا» (1848 - 1921) الشهيرة «تسليم غرناطة»، أن تكون أبرز مثال على هذا التعلق بإعادة تمثيل الحكاية التي تلتبس فيها المشاعر الأسية بظلال الفخر القومي، بالجانب الكهونتي القدسي لمأثرة إنهاء دولة المسلمين بشبه الجزيرة الإيبيرية. حيث يُصَوَّر السلطان أبو عبد الله الصغير، بلباس مرتجل، على فرس أسود، حاملاً مفتاح المدينة المهزومة، متقدماً حاشية صغيرة من الأعوان بملامح بلهاء، وهم في حالة ذهول، يراقبون موكب فيرناندو وإيزابيلا البالغ الفخامة. والشيء الأكيد، أن هذه الواقعة لا سند تاريخيا لها، حيث سلم السلطان النصري الأخير، مفاتيح الحمراء، إلى «الكونت دي تانديلا» في القصر ذاته، ولم يلتق لا بالملك ولا بالملكة وهو خارج مع أهله وحاشيته من المدينة، هي فقط صيغة تمثيلية للحظة الظفر، بما تنطوي عليه من مفارقات في الأحجام والتقاسيم والألوان والأضواء بين المالك الأصلي والوافد، بين منتصر مشع ومهزوم منطفئ، بين مسيحي يحوطه البياض وكافر غارق في العتمة.
رسمت لوحة «تسليم غرناطة» «بناءً على رسالة من رئيس مجلس الشيوخ الإسباني إلى فرانسيسكو براديا سنة 1878، يطلب فيها منه، إنجاز عمل فني يمجد وحدة الأمة الإسبانية، وهو ما استجاب له الفنان الآراغوني بتخيل مواجهة مفترضة بين الملكين الكاثوليكيين والملك الطريد على أبواب غرناطة، لقطة تختصر كل معاني القوة المتأتية من وحدة قشتالة وآرغون في وجه «مملكة بني الأحمر». وتُعرض اللوحة، لكل هذه الأبعاد الدينية والسياسية الكثيفة، في موقعين مركزيين، النسخة الأصلية بمقر البرلمان الإسباني، وصورة لها، مجهول صاحبها، بكاتدرائية «غرناطة»، مثلها مثل مئات اللوحات الأخرى لوقائع الانتصار على المورو، في كاتدرائيات: «مالقة» و«إشبيلية» و«قرطبة» و«برشلونة»، ذات المضمون المسيحي، والعمق أيقوني.
ثاني الأعمال الفنية التي أرّخت لقصة الهزيمة والخروج من غرناطة، لوحة «خروج عائلة أبو عبد الله الصغير من قصر الحمراء» للمؤرخ والرسام مانويل غوميز مورينو غونزاليس (1834 - 1918) أحد الرومانسيين الأكاديميين، والمشتغلين على تراث بني نصر والعمارة الإسلامية بالأندلس، وهي معروضة بمتحف الفنون الجميلة بـ«قصر كارلوس الخامس» بغرناطة. تصور اللوحة لحظة الخروج المفترضة للسلطان مع عائلته، رجلان يعانقان بعضهما بحرارة، وجارية تقبّل طفلاً، وثانية تمسك بمحياها مدارية لوعة دفينة، وثالثة تشد ثيابها حولها في ارتباك باك، ورابعة مستلقية على سجادة شبه منهارة، ساهمة في الأفق، وستارة حمراء تداري عبدا أسود، بينما ينحني بعض المعاونين في المدخل للعائلة السلطانية المنكوبة. تنقبض اللوحة على إحساس عال بمشاعر الفقد والرحيل، وتكشف بشاعرية شفيفة عن الارتباط الفطري بالأمكنة الأليفة، كما تعري هشاشة الكائن البشري. لا يشعر الناظر إلى التكوين الصوري أن ثمة شماتة من الرسام ولا نشوة بالانتصار، رسمت اللوحة بشبه حياد تجاه الواقعة الأسية، تشخص على طريقة الأعمال الرومانسية الكبيرة، الداخل العميق للشخصيات المكلومة، مع معرفة مقنعة بطبيعة الأزياء والعمارة والأثاث الأندلسي، هذا ويخلو المشهد من أي رمز مسيحي، لا وجود للمنتصرين لا في مركز الصورة ولا في خلفيتها.
ومن أبرز اللوحات التي تضاف إلى رصيد الأعمال الفنية المتصلة بموضوع «سقوط غرناطة» لوحة الرسام ماريانو فورتوني (1838 - 1874)، الذي يعدّ من أعلام الرومانسيين من ذوي النفس الانطباعي في إسبانيا القرن التاسع عشر، وأحد المولعين الكبار بتصوير الموضوعات الأندلسية والمغربية، ولع قاده إلى قضاء سنوات في المغرب وتعلم مبادئ اللغة العربية، أثمرت عشرات من الأعمال الفنية العالية القيّمة. نستحضر في هذا السياق تحديداً لوحته المعنونة بـ«مذبحة بني سراج» المعروضة في المتحف الوطني للفن الكطلاني ببرشلونة، مع عشرات الأعمال الأخرى لهذا الفنان.
تصور اللوحة واقعة شهيرة في تاريخ مملكة بني الأحمر، سبقت بسنوات قليلة سقوط غرناطة ومهدت لها بشكل من الأشكال، هي مذبحة بني سراج في أحد غرف قصر الحمراء، التي تمت في عهد السلطان أبي الحسن النصري والد أبي عبد الله الصغير، وهي الواقعة التي سكنت الخيال الشعبي الإسباني بما تضمنته من أساطير جعلت تمثيلاتها تنتشر في حقلي الآداب والفنون على حد سواء، بيد أن ما يميز عمل ماريانو فورتوني عن سابقيه، ممن تناولوا المذبحة، أنه تخلص إلى حد كبير من تلك المستنسخات المسكوكة التي التصقت بعشرات الأعمال الفنية الاستشراقية، حيث يظهر عبد أسواد وفي يده سيف يقطر دماً، في إحدى غرف قصر الحمراء بجوار جثة مفصولة الرأس؛ لقد اختار فورتوني التركيز على البعد الشَّبَحي للجثث المتناثرة، غير واضحة الملامح، حيث تغوص تقاسيمها في الهيئة العامة للجسد المبهم، وأحياناً لا نكاد نتعرف على بعض الأكوام في فضاء اللوحة، التشويش القصدي التي تحدثه ضربات الفرشاة، على سطح السند، يوحي بالجريمة المفزعة، وينقلها من حيز الواقعي إلى الفنتازي. وتكثف ظلال ذلك الكنه الشَّبَحي الغموض المكتنف للزخارف في الجدران والأقواس العتيقة، التي تطل من إحداها مجموعة من الدوائر تشبه الرؤوس، ولا نستطيع التمييز هل يتعلق الأمر بأموات أم بأحياء يتلصصون على الجريمة. لا يحيل عمل فورتوني بسهولة على واقعة المذبحة، ومثلما هو الشأن عموماً في أسلوب الانطباعيين، فإن الدقة والحرفية ليست هي الجوهر الفعّال في نقل الموضوعات والأحجام والكتل، بل الأهم نقل الإدراك الوجداني لها، والإحساس البصري بها، وهو ما تقوله لوحة «مذبحة بني سراج» الحالية ببلاغة صادمة، جعلت منها إحدى أهم التمثيلات الفنية لقصة بني الأحمر في الفن الإسباني على مر العصور.
وليس من شك أن استعادة التشكيل الإسباني الحديث عموماً لتفاصيل قصة سقوط مملكة غرناطة المسلمة، هو في العمق سعي إلى امتلاك معنى غائب، لم يعد له وجود إلا داخل حقل المرويّات، وما استتبعته من تأويلات لفظية، إنه الافتراض الذي يُمكّن الناظر، إلى تلك اللوحات، من تفسير ما تخلل أنحاء التشكيل فيها، وأساليب الإنجاز داخلها، من مراوحة بين أهواء فكرية وجمالية، أنتجت تباينات جمة في الأثر البصري، ما بين منطلق مزهو بعقيدة النصر، ورسم لمعالم ملحمة قومية، إلى الانغمار في إنتاج وثائقية مشهدية، إلى التماهي مع عواطف المهزومين الممحوّين... وذلك عبر تمثيل عاطفة الفقد والتلاشي، التي استنبتت عراقة ممتدة في غير اللسان والمعتقد.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
TT

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة، وأكد أنه يعود للسينما بأحدث أفلامه «الغربان» الذي قام بتصويره على مدى 4 سنوات بميزانية تقدر بنصف مليار جنيه (الدولار يساوي 49.73 جنيه)، وأن الفيلم تجري حالياً ترجمته إلى 12 لغة لعرضه عالمياً.

وأضاف سعد خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الخميس، أنه يظهر ضيف شرف لأول مرة من خلال فيلم «الست» الذي يروي سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وتقوم ببطولته منى زكي وإخراج مروان حامد، ومن إنتاج صندوق «بيج تايم» السعودي و«الشركة المتحدة» و«سينرجي» و«فيلم سكوير».

وعرض سعد لقطات من فيلم «الغربان» الذي يترقب عرضه خلال 2025، وتدور أحداثه في إطار من الحركة والتشويق فترة أربعينات القرن الماضي أثناء معركة «العلمين» خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الفيلم عدداً كبيراً من الممثلين من بينهم، مي عمر، وماجد المصري، وأسماء أبو اليزيد، وهو من تأليف وإخراج ياسين حسن الذي يخوض من خلاله تجربته الطويلة الأولى، وقد عدّه سعد مخرجاً عالمياً يمتلك موهبة كبيرة، والفيلم من إنتاج سيف عريبي.

وتطرق سعد إلى ظهوره ضيف شرف لأول مرة في فيلم «الست» أمام منى زكي، موضحاً: «تحمست كثيراً بعدما عرض علي المخرج مروان حامد ذلك، فأنا أتشرف بالعمل معه حتى لو كان مشهداً واحداً، وأجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، ووجدت السيناريو الذي كتبه الروائي أحمد مراد شديد التميز، وأتمنى التوفيق للفنانة منى زكي والنجاح للفيلم».

وتطرق الناقد رامي عبد الرازق الذي أدار الحوار إلى بدايات عمرو سعد، وقال الأخير إن أسرته اعتادت اصطحابه للسينما لمشاهدة الأفلام، فتعلق بها منذ طفولته، مضيفاً: «مشوار البدايات لم يكن سهلاً، وقد خضت رحلة مريرة حتى أحقق حلمي، لكنني لا أريد أن أسرد تفاصيلها حتى لا يبكي الحضور، كما لا أرغب في الحديث عن نفسي، وإنما قد أكون مُلهماً لشباب في خطواتهم الأولى».

عمرو سعد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (إدارة المهرجان)

وأرجع سعد نجاحه إلي «الإصرار والثقة»، ضارباً المثل بزملاء له بالمسرح الجامعي كانوا يفوقونه موهبة، لكن لم يكملوا مشوارهم بالتمثيل لعدم وجود هذا الإصرار لديهم، ناصحاً شباب الممثلين بالتمسك والإصرار على ما يطمحون إليه بشرط التسلح بالموهبة والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يحضر جلسات كبار الأدباء والمثقفين، ومن بينهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، كما استفاد من تجارب كبار الفنانين.

وعاد سعد ليؤكد أنه لم يراوده الشك في قدرته على تحقيق أحلامه حسبما يروي: «كنت كثيراً ما أتطلع لأفيشات الأفلام بـ(سينما كايرو)، وأنا أمر من أمامها، وأتصور نفسي متصدراً أحد الملصقات، والمثير أن أول ملصق حمل صورتي كان على هذه السينما».

ولفت الفنان المصري خلال حديثه إلى «أهمية مساندة صناعة السينما، وتخفيض رسوم التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية؛ لأنها تمثل ترويجا مهماً وغير مباشر لمصر»، مؤكداً أن الفنان المصري يمثل قوة خشنة وليست ناعمة لقوة تأثيره، وأن مصر تضم قامات فنية كبيرة لا تقل عن المواهب العالمية، وقد أسهمت بفنونها وثقافتها على مدى أجيال في نشر اللهجة المصرية.

وبدأ عمرو سعد (47) عاماً مسيرته الفنية خلال فترة التسعينات عبر دور صغير بفيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين، ثم فيلم «المدينة» ليسري نصر الله، وقدمه خالد يوسف في أفلام عدة، بدءاً من «خيانة مشروعة» و«حين ميسرة» و«دكان شحاتة» وصولاً إلى «كارما»، وقد حقق نجاحاً كبيراً في فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي، وترشح الفيلم لتمثيل مصر في منافسات الأوسكار 2018، كما لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية من بينها «يونس ولد فضة»، و«ملوك الجدعنة»، و«الأجهر»، بينما يستعد لتصوير مسلسل «سيد الناس» أمام إلهام شاهين وريم مصطفى الذي سيُعْرَض خلال الموسم الرمضاني المقبل.