المعارك تتجدد شرق أوكرانيا.. وبوتين يأمر بإنشاء قوة جديدة للاحتياط

ألمانيا وفرنسا تدعوان إلى تنفيذ اتفاق مينسك بالكامل بحلول نهاية العام

متطوع في الجيش الأوكراني يتفحص أمس الأضرار التي لحقت بدبابة تابعة للانفصاليين بالقرب من بلدة ماريوبول بشرق أوكرانيا (إ.ب.أ)
متطوع في الجيش الأوكراني يتفحص أمس الأضرار التي لحقت بدبابة تابعة للانفصاليين بالقرب من بلدة ماريوبول بشرق أوكرانيا (إ.ب.أ)
TT

المعارك تتجدد شرق أوكرانيا.. وبوتين يأمر بإنشاء قوة جديدة للاحتياط

متطوع في الجيش الأوكراني يتفحص أمس الأضرار التي لحقت بدبابة تابعة للانفصاليين بالقرب من بلدة ماريوبول بشرق أوكرانيا (إ.ب.أ)
متطوع في الجيش الأوكراني يتفحص أمس الأضرار التي لحقت بدبابة تابعة للانفصاليين بالقرب من بلدة ماريوبول بشرق أوكرانيا (إ.ب.أ)

قتل ثلاثة مدنيين وجندي أوكراني أمس بعد تجدد المعارك في شرق أوكرانيا، حيث يخوض مقاتلون موالون لروسيا تمردا ضد السلطات، حسبما أكدت كييف أمس.
وقتل المدنيون عندما أطلق المتمردون النيران على بلدة افدييفكا الخاضعة للقوات الحكومية، بحسب وزارة الداخلية، فيما أعلن الجيش مقتل الجندي في منطقة لوغانسك المجاورة، وقال في بيان له إن الوضع «تدهور بشكل كبير في منطقة النزاع في الساعات الأربع والعشرين الماضية». فيما اتهم المتمردون من جانبهم القوات الحكومية بإطلاق النار على البلدات الخاضعة لسيطرتهم في المنطقة.
وقتل أكثر من 6500 شخص منذ أن بدأ المتمردون الموالون لروسيا حركة التمرد في أبريل (نيسان) 2014. وفشل اتفاق هدنة المعلن في فبراير (شباط) الماضي في وقف المعارك. وتتهم كييف ومعها الغرب روسيا بتأجيج التمرد والمشاركة فيه، إلا أن موسكو تنفي تلك التهم بشكل مستمر.
وقال اندريه ليسينكو، المتحدث باسم الجيش، في إفادة صحافية بالتلفزيون المحلي إن جنديا أوكرانيا قتل أيضا كما أصيب أربعة آخرون، مضيفا أن أغلب عمليات القصف والهجمات المسلحة التي شنها الانفصاليون وقعت أثناء الليل لتفادي جذب أنظار المراقبين الدوليين، وأن الانفصاليين ركزوا هجماتهم على المناطق السكنية شمال غربي مدينة دونيتسك، الواقعة تحت سيطرتهم، ما تسبب في مقتل امرأة وحفيدتها، ورجل يبلغ من العمر 49 عاما. لكن في مقابل هذه التصريحات اتهم الانفصاليون القوات الأوكرانية بتكثيف الهجمات وإطلاق النار على مناطق مدنية في الأسابيع الماضية، وبقصف بلدة كراسنوهوريفكا أثناء الليل، ولكن لم يتحدثوا عن سقوط ضحايا.
من جهتها، قالت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تراقب وقف إطلاق النار، إن كلا الجانبين لم يسحب المدفعية الثقيلة من خط الهجوم كما ينص على ذلك اتفاق الهدنة الموقع من الجانبين.
وفي ظل هذا التصعيد أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء أول من أمس بإنشاء قوة مسلحة جديدة من أفراد الاحتياط، وذلك في إطار الخطوات الرامية إلى النهوض بالتدريب والاستعداد القتالي، في وقت تشهد فيه بلاده توترا مع الغرب بسبب أزمة أوكرانيا.
وتجري مناقشة قوة الاحتياط الجديدة منذ بضع سنوات، وكان الرئيس بوتين قد أمر لأول مرة بتشكيل هذه القوة عام 2012 عقب إعادة انتخابه رئيسا للبلاد. ونشر المرسوم الخاص بتشكيل القوة أول من أمس الجمعة. وستكون هذه القوة الجديدة مختلفة عن قوات الاحتياط الحالية للقوات المسلحة الروسية لأن أفرادها سيعملون بنظام الدوام غير الكامل، وسيصرفون رواتبهم بصفة شهرية ويتلقون تدريبات على نحو منتظم.
وتتوفر روسيا حاليا على قوات احتياط قوامها بضعة ملايين، تتألف من عسكريين سابقين، لكنهم لا يتلقون تدريبات كافية لوجود ضوابط بشأن مواعيد استدعائهم. وقد قال مسؤولون بوزارة الدفاع الروسية في وقت سابق إنه من المتوقع أن تبدأ قوة الاحتياط الجديدة بنحو خمسة آلاف فرد، وهو رقم ضئيل بالمقارنة ببلد يبلغ قوام قواته الأساسية 750 ألف فرد. فيما قالت أجهزة إعلام روسية أمس إن تشكيل القوة الجديدة تأخر بسبب نقص التمويل، فيما أمر بوتين الحكومة بتدبير تمويل لها من الميزانية الحالية لوزارة الدفاع.
وعلى صعيد متصل، قالت الرئاسة الفرنسية إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أجريا اتصالا هاتفيا مع زعيمي روسيا وأوكرانيا مساء أول من أمس لمناقشة الوضع في شرق أوكرانيا.
وكانت الدول الأربع قد اتفقت على حزمة من الإجراءات في شهر فبراير الماضي حملت اسم «مينسك 2» بهدف إنهاء مظاهر التوتر العسكري في أوكرانيا. فيما وافق برلمان أوكرانيا على مشروع قانون يمنح إقليمين انفصاليين قدرا أكبر من الحكم الذاتي.
وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان إنه «ينبغي الحفاظ على هذا المسار لضمان تفعيل إجراءات مينسك بالكامل بنهاية هذا العام».
من جهة ثانية، أعلنت روسيا أن الإصلاحات المزمع إدخالها
على الدستور الأوكراني تخالف خطة السلام التي أبرمت في فبراير الماضي بشأن منطقة النزاع في دونباس، حيث نقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن المتحدث باسم المكتب الرئاسي في روسيا ديمتري بيسكوف قوله إن التعديلات المعلنة لم تناقش من قبل ممثلي منطقتي الانفصال لوهانسك ودونيتسك. لكن الرئاسة الفرنسية أبدت موقفا إيجابيا بشأن التعديلات الدستورية لأنها تعترف بالوضع الخاص لمنطقتي النزاع دونيتسك ولوهانسك، إذ صرح قصر الإليزيه في إشارة إلى خطة السلام المبرمة في عاصمة بيلاروس حول شرق أوكرانيا إنه «يجب الحفاظ على هذه الديناميكية حتى تصبح جميع الإجراءات التي اتخذت في مينسك سارية بحلول نهاية العام الجاري».
وكان البرلمان الأوكراني قد أقر في قراءة أولى مشروع قانون جديد يمنح منطقة النزاع حقوقا خاصة.



روسيا تشيد بمواقف ترمب وتَحمِل على أوروبا

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)
TT

روسيا تشيد بمواقف ترمب وتَحمِل على أوروبا

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (رويترز)

أشاد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الأحد، بهدف الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، «المنطقي» لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لكنه حَمَل على القوى الأوروبية التي احتشدت حول كييف، واتهمها بالسعي إلى إطالة أمد الصراع.

وقال لافروف إن الولايات المتحدة لا تزال تريد أن تكون الدولة الأكبر قوة في العالم، وإن واشنطن وموسكو «لن تتفقا أبداً على كل شيء، لكنهما تتفقان على التحلي بالنهج العملي حينما تتطابق المصالح». وذكر لافروف أن نموذج العلاقة بين الولايات المتحدة والصين هو النموذج الذي ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين موسكو وواشنطن لإنجاز كثير من «الأمور ذات المنفعة المشتركة» دون السماح للخلافات بالتحول إلى حرب. وأضاف لصحيفة «كراسنايا زفيزدا» العسكرية الروسية، وفقاً لنص نشرته وزارة الخارجية: «دونالد ترمب براغماتي (شخص عملي)... شعاره هو المنطق السليم. وهذا يعني، كما يمكن للجميع أن يروا، التحول إلى طريقة مختلفة لإنجاز الأمور». وتابع قائلاً: «لكن الهدف لا يزال جعل (أميركا عظيمة مرة أخرى)»، في إشارة إلى الشعار السياسي لترمب، مضيفاً: «هذا يعطي طابعاً حيوياً وإنسانياً للسياسة. ولهذا السبب من المثير للاهتمام العمل معه».

طفل يجلس على دبابة روسية مدمرة وسط العاصمة الأوكرانية كييف الأحد (أ.ب)

أوروبا «وراء مآسي العالم»

وكانت روسيا قد غزت أوكرانيا في 2022 بآلاف القوات؛ مما تسبب في أكبر مواجهة بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة.

وتحدث ترمب إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 12 فبراير (شباط) الماضي، وقال إنه يريد أن يذكره التاريخ بوصفه «صانع السلام»، لكنه غيّر تماماً السياسة الأميركية بشأن حرب أوكرانيا. وقال لافروف إن المكالمة مع بوتين كانت بمبادرة من ترمب. وقال ترمب الأسبوع الماضي إن الصراع قد يتحول إلى حرب عالمية ثالثة، مشيراً إلى أنه تحدث إلى بوتين في «مناسبات عدة» وأنه يعتقد أنه سيكون هناك اتفاق سلام في أوكرانيا.

ودخل ترمب يوم الجمعة هو ونائبه جي. دي. فانس في مشادة كلامية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي داخل المكتب البيضاوي. واتهم ترمب زيلينسكي بعدم احترام الولايات المتحدة، وقال إنه يخسر الحرب وإنه لم تتبقَّ لديه أي أوراق. وسارع زعماء أوروبيون إلى الدفاع عن زيلينسكي.

لكن لافروف انتقد أوروبا، قائلاً إنه على مدى 500 عام مضت، كانت أوروبا هي المحرك لـ«كل مآسي العالم» سواء «الاستعمار، والحروب، والحملات الصليبية، وحرب القرم، ونابليون بونابرت، والحرب العالمية الأولى، وأدولف هتلر». وأضاف لافروف: «والآن، بعد ولاية (الرئيس الأميركي السابق جو) بايدن، جاء أشخاص يريدون الاسترشاد بالمنطق السليم... يقولون بشكل مباشر إنهم يريدون إنهاء جميع الحروب، ويريدون السلام».

كما رفض لافروف المقترحات الأوروبية لإرسال فرقة من قوات حفظ السلام الأوروبية، وقال إن روسيا ليست لديها ثقة بأوكرانيا بعد انهيار «اتفاقيات مينسك»، التي كانت تستهدف إنهاء حرب انفصالية من قبل الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا. وقال لافروف إن الأوروبيين لا يستطيعون توضيح الحقوق التي سيتمتع بها الناطقون بالروسية بموجب خطط قوات حفظ السلام الأوروبية، مضيفاً أن روسيا لا تحب فكرة دعم الأوروبيين زيلينسكي. وتابع: «الآن يريدون أيضاً دعمه بحرابهم في شكل وحدات حفظ سلام. وهذا يعني أن الأسباب الجذرية لن تختفي».

«انسجام مع رؤيتنا»

كما قال الكرملين، في تصريحات بُثت الأحد، إن التحول الكبير الذي شهدته السياسة الخارجية الأميركية تجاه روسيا تماشى إلى حد كبير مع رؤيته. وأكد المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، لمراسل من التلفزيون الرسمي في مقابلة مسجلة: «الإدارة الجديدة تغير بسرعة جميع إعدادات السياسة الخارجية. وهذا ينسجم إلى حد كبير مع رؤيتنا». وأضاف: «لا تزال الطريق طويلة؛ لأن هناك أضراراً جسيمة لحقت بالعلاقات الثنائية بأكملها. لكن إذا تواصلت الإرادة السياسية، للرئيس بوتين والرئيس ترمب، فإن هذا المسار يمكن أن يكون سريعاً وناجحاً للغاية». وأدلى بيسكوف بهذه التصريحات الأربعاء، لكنها نُشرت الأحد.