الاحتجاجات ضد حكم الرئيس التونسي تطغى على «ذكرى الثورة»

نقابة العمال دعت منتسبيها للاستعداد لـ«معركة وطنية لإنقاذ البلاد من الفوضى»

جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة أمس في الذكرى الـ12 للثورة التونسية (رويترز)
جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة أمس في الذكرى الـ12 للثورة التونسية (رويترز)
TT

الاحتجاجات ضد حكم الرئيس التونسي تطغى على «ذكرى الثورة»

جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة أمس في الذكرى الـ12 للثورة التونسية (رويترز)
جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع العاصمة أمس في الذكرى الـ12 للثورة التونسية (رويترز)

خرج، أمس، الآلاف من ممثلي أحزاب المعارضة والمنظمات الوطنية في تونس إلى شوارع العاصمة للاحتفاء بذكرى الثورة، وللاحتجاج على تدهور أوضاعهم الاقتصادية، وعلى سياسات الرئيس قيس سعيد، وسط انقسامات سياسية متصاعدة، في الذكرى الثانية عشرة للثورة التونسية.
وفي شارع الرمز الحبيب بورقيبة، ردد متظاهرون من أنصار «جبهة الخلاص الوطني»، التي تضم ائتلافاً لأحزاب معارضة للرئيس قيس سعيد، شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، الذي أطلقه المحتجون في ذروة الانتفاضة ضد حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، في 2010.
وكان الرئيس سعيد قد ألغى تاريخ 14 يناير (كانون الثاني) من أجندة العطلات الرسمية، وأبقى على تاريخ 17 ديسمبر (كانون الأول) كتاريخ لاندلاع الثورة التي أطاحت بحكم بن علي. لكن المعارضة رفضت هذا القرار، وأعلنت تمسكها بالتاريخ الرمز.
وصرخ محتجون في الشارع: «ارحل»، في إشارة إلى الرئيس سعيد، الذي يتهمه خصومه باحتكار السلطات، والتأسيس لحكم فردي، بعد إعلانه التدابير الاستثنائية منذ 25 يوليو (تموز) 2021، وحله البرلمان المنتخب في 2019، وإلغائه دستور 2014. وطالبوا في نداءاتهم قوات الأمن، التي أحاطت الشارع بعدة حواجز أمنية، بالتخلي عن الرئيس.
وقاطعت الأحزاب المنضوية تحت «جبهة الخلاص»، وأبرزها «حركة النهضة» الإسلامية، الاستفتاء على الدستور الجديد والانتخابات البرلمانية يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وطالبت الرئيس سعيد بالتنحي عن الحكم، ووضع حكومة إنقاذ لإدارة فترة انتقالية، والانطلاق في إصلاحات دستورية.
تأتي هذه المسيرات في وقت يعاني فيه اقتصاد البلاد بشدة، بسبب أزمة حادة للمالية العمومية، وارتفاع قياسي لنسب التضخم، حيث من المتوقّع أن تبلغ 11 في المائة في 2023، بحسب «البنك المركزي»، بجانب العجز التجاري البالغ أكثر من 8 مليارات دولار أميركي في كامل سنة 2022.

وقال الناشط السياسي المستقل، ماهر حنين، الذي كان من بين معارضي حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، لـ«وكالة الأنباء الألمانية» إن كل المؤشرات المرتبطة بالاقتصاد والتضخم والقدرة الشرائية «تؤكد أن هناك مشكلاً حقيقياً في البلاد يمس كل الفئات الاجتماعية، بسبب السياسات العمومية. صحيح أن المشكل مرتبط بوضع عالمي، لكن كل حكومة تسعى لإيجاد حلول لبلدها»، مضيفاً أن «هناك أزمة مفتوحة، لكن في المقابل هناك إنكار سياسي غير مفهوم».
وأمام مقر نقابة الصحافيين، تجمع، أمس، العشرات من الصحافيين للتنديد بالمرسوم 54 الرئاسي المتعلق بجرائم أنظمة معلومات الاتصال، الذي أصدره الرئيس سعيد، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو المرسوم الذي ينظم عقوبات مشددة ضد مروجي الشائعات، لكن المعارضة ونشطاء حقوق الإنسان قالوا إنه موجّه للتضييق على حرية التعبير والمعارضة السياسية.
وفي هذا السياق، قال عبد الرؤوف بالي، عضو نقابة الصحافيين إنه «بعد إصدار المرسوم 54 تبين أن هذا المسار ليس فيه عودة من قبل الرئيس... مسار قمع الحريات وكل مَن يعبر عن رأيه؛ سواء صحافي أو سياسي أو ناشط... الجميع مهدد بالسجن بسبب هذا المرسوم».
وتحسباً لأعمال الشغب والعنف، عملت وزارة الدخلية، منذ أول من أمس (الجمعة)، على تعزيز قوات الأمن، وتأمين دوريات مكثفة بالشوارع الرئيسية للعاصمة، والقيام بحملات تفتيش، وهو ما دفع بعض الأحزاب السياسية، على غرار «الحزب الدستوري الحر»، إلى الاحتجاج على «التضييقات الأمنية»، التي منعت أنصاره من الوصول إلى محيط «قصر قرطاج» للتظاهر ضد خيارات الرئيس سعيد، حيث قالت رئيسة الحزب، عبير موسي، في مقطع فيديو، إن السلطات منعت، منذ ساعة متأخرة من ليلة الجمعة، نشاط القطارات في محطة «تي جي آم»، المؤدية إلى الضاحية الشمالية للعاصمة، بهدف منع أنصار حزبها من التنقل والتظاهر أمام «قصر قرطاج»، مضيفة أن وقف السير العادي للقطارات «أدى إلى تعطيل مصالح التونسيين. والإجراءات الأمنية تهدف للتضييق عليهم ومنعهم من حقهم في التظاهر»، على حد قولها.
في المقابل، رفضت بعض الأحزاب السياسية النزول إلى الشارع والانضمام إلى قائمة المحتجين، لكنها أحيت ذكرى سقوط نظام بن علي، بالدعوة إلى «مواصلة النضال من أجل تجسيد الشعارات المرفوعة إبان أحداث الثورة، والتصدي لمسار الرئيس سعيد للالتفاف على الديمقراطية». وفي هذا السياق، أصدر «حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد» (الوطد) بياناً عبَّر فيه عن رفضه لـ«المسار السياسي الذي فرضه رئيس الجمهورية». أما «المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة»؛ فقد أصدر بدوره بياناً اعتبر فيه أن «الغياب التام للحوار وعدم الإنصات للأصوات المعارضة لا يزيد إلا من تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية».
في السياق ذاته، قال بسام الطريفي، رئيس «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إن الرابطة رصدت منع عدد من التونسيين من الوصول إلى العاصمة، للمشاركة في تحركات 14 يناير، مشيراً إلى منع رحلة للقطار من «محطة صفاقس» (وسط شرق) من التوجه للعاصمة، بهدف منع المسافرين من المشاركة في الاحتجاجات، إضافة إلى منع رحلة بالحافلة كانت تنوي السفر من المنستير في اتجاه العاصمة لنقل بعض المشاركين في التحركات الاحتجاجية، وحافلة أخرى في ولاية (محافظة) سوسة.
على صعيد متصل، قال نور الدين الطبوبي، رئيس «الاتحاد العام التونسي للشغل» (نقابة العمال)، إن «تونس في حاجة للجميع، والاتحاد قوة اقتراح، وسيقوم بدوره»، داعياً منتسبيه للاستعداد «لمعركة وطنية لإنقاذ البلاد من الفوضى»، قائلاً: «تونس مريضة وتئن، وهم لم يتمكنوا من إيجاد العلاج الحقيقي لها»، مضيفاً، في كلمة على هامش المجلس الجهوي للاتحاد الجهوي للشغل بتونس: «سنلتقي قريباً في ساحات النضال الحقيقية».


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

الأمم المتحدة: أكثر من ألف قتيل في هجوم «الدعم السريع» على مخيم للاجئين في أبريل

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: أكثر من ألف قتيل في هجوم «الدعم السريع» على مخيم للاجئين في أبريل

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم «الأفاد» للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الخميس، أنّ أكثر من ألف مدني قُتلوا في هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» خلال أبريل (نيسان) الماضي في مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور السودانية.

وأشارت المفوضية، في تقرير، إلى «مجازر وعمليات اغتصاب وأعمال عنف جنسي أخرى وتعذيب وخطف» ارتُكبت خلال الهجوم الذي نفذته «قوات الدعم السريع» من 11 إلى 13 أبريل. وبحسب المفوضية «قُتل ما لا يقل عن 1013 مدنياً»، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وانقطعت الكهرباء عن مدن رئيسية في السودان، بينها الخرطوم وبورتسودان، ليل الأربعاء الخميس، إثر قصف جوي بمسيّرات استهدف محطة توليد كهرباء رئيسية في جنوب البلاد، وفق ما أفاد شهود عيان «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مسؤول في محطة توليد الكهرباء إن اثنين من عناصر الدفاع المدني قُتلا في أثناء محاولتهما إخماد حريق اندلع عقب الغارة الأولى التي اتهم «قوات الدعم السريع» بتنفيذها.

عائلات سودانية نازحة من الفاشر تتواصل مع عمال الإغاثة خلال توزيعهم الإمدادات الغذائية بمخيم العفد الذي أُنشئ حديثاً في الضبعة بولاية شمال السودان (أ.ب)

كما أفاد شهود برؤية ألسنة اللهب والدخان تتصاعد من مدينة عطبرة بولاية نهر النيل في شرق السودان، الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني، الذي يخوض معركة مستمرة ضد «قوات الدعم السريع».

وأمس، قُتل 8 أشخاص بضربة نفّذتها طائرة مسيّرة في قرية في جنوب السودان، وذلك خلال فرارهم من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» منذ 18 شهراً، ووقع الهجوم في قرية الكوركل على بعد نحو 50 كيلومتراً إلى الشمال من كادوقلي.

وقال شاهد عيان فرَّ مع النازحين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «قصفت مسيّرة نازحين من كادوقلي في أثناء محاولتهم مغادرة المدينة عند وصولهم لقرية الكوركل». بعدما أحكمت سيطرتها على إقليم دارفور في غرب البلاد، تتركّز عمليات «قوات الدعم السريع» على إقليم كردفان الذي يضم 3 ولايات غنية بالنفط والذهب والتربة الخصبة. ومن شأن توسُّع سيطرة «قوات الدعم السريع» في مناطق دارفور وكردفان تقسيم السودان فعلياً إلى محورين شرقي وغربي، إذ تسيطر هذه القوات على غرب السودان وقسم من الجنوب، بينما يحتفظ الجيش بسيطرته على شمال البلاد وشرقها.

وتعاني كادوقلي من توقف شبكة الاتصالات وضعف الإنترنت. وقال مصدر في برنامج الأغذية العالمي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الوضع «سيئ للغاية»، مشيراً إلى أن كثيراً من السكان يحاولون مغادرتها، إلا أن الأوضاع الأمنية تجعل ذلك محفوفاً بالمخاطر. بين يومي الاثنين والثلاثاء، غادر 460 شخصاً كادوقلي وفق المنظمة الدولية للهجرة. ووصل نحو 1850 نازحاً من جنوب كردفان، غالبيتهم نساء وأطفال، في الأيام الـ10 الأخيرة إلى ولاية النيل الأبيض المجاورة الخاضعة لسيطرة الجيش، بعدما «فرّوا من هجمات قوات الدعم السريع على مناطق مدنية»، وفق ما أفاد مسؤول محلي، الأربعاء. أدّت هذه الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 إلى سقوط عشرات آلاف القتلى ونزوح الملايين، وتسبّبت بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، وفق الأمم المتحدة.


تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
TT

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

تواصل الحكومة المصرية إجراءات متابعة تدفقات مياه نهر النيل بعد أن تعرضت أراضٍ زراعية للغرق خلال الأشهر الماضية؛ بسبب ما وصفته بـ«الإدارة غير المنضبطة لسد النهضة الإثيوبي»؛ وقررت وزارة الري والموارد المائية تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل.

وبين مصر وإثيوبيا توترات متصاعدة بسبب «سد النهضة» الذي دشنته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل دون التنسيق مع دولتَي المصب، مصر والسودان.

وناقش اجتماع عقده وزير الموارد المائية والري، هاني سويلم، الأربعاء، إجراءات «تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل لتقدير كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي» بجنوب البلاد.

ولجأت مصر، الشهر الماضي، إلى فتح «مفيض توشكى» لتصريف كميات المياه الزائدة خلف «السد العالي» عقب شكواها من إدارة «غير منضبطة» للسد الإثيوبي، و«تصريفات عشوائية» لمياه النيل الأزرق، الذي يعد المنبع الرئيسي لنهر النيل في السودان ومصر.

متابعة مصرية يومية لتدفق مياه نهر النيل (وزارة الري المصرية)

وقال أستاذ الموارد المائية بالمركز القومي للبحوث، أحمد فوزي دياب، إن نماذج التنبؤ بالأمطار وتدفقات المياه إلى نهر النيل تشكل جزءاً رئيسياً من السياسة المائية للدولة، ويزداد الاهتمام بها «نظراً لعدم إبلاغ إثيوبيا دولتَي المصب بتصريفات المياه من سد النهضة، ما يجعل التحديث المستمر في تقنياتها أمراً مطلوباً».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن نماذج التنبؤ «تقوم على معادلات رياضية من خلال حساب كميات الأمطار المتوقعة والمياه الواردة من دولة المنبع (إثيوبيا) إلى السودان، ومنها إلى مصر، وقياس إيراد النيل حسب الطبيعة الجغرافية واستخدامات الدول وحركة الفيضان للتعرف على كميات المياه القصوى والدنيا التي يمكن أن تصل إلى مصر».

وعددّت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة فيضانات النيل بعد أن تعرّضت أراضٍ زراعية ومنازل للغرق في عدد من المناطق بدلتا النيل في شمال البلاد، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقالت إنها أولت اهتماماً بعمليات تطهير الترع وإزالة التعديات على أراضي «طرح النهر» إلى جانب إقدامها على فتح «مفيض توشكى» لاستيعاب كميات المياه حال زيادة منسوب مياه النيل.

ووجهت الحكومة المصرية الشهر الماضي اتهامات لإثيوبيا بالقيام بـ«تصرفات متتابعة في سد النهضة في غياب للضوابط الفنية والعلمية في تشغيله، مع استمرار النهج العشوائي في إدارته، بما يعرض نهر النيل لتقلبات غير مأمونة التأثير»، وأكدت أن «الإدارة الأحادية للسد تُمثل تهديداً لحقوق ومصالح دولتَي المصب، وتؤثر على تشغيل السدود الواقعة خلف سد النهضة».

لكن دياب أكد أن أي مخاطر سلبية من سد النهضة يمكن التعامل معها عبر منظومة إدارة المياه في مصر، وأن السد العالي إلى جانب مفيض توشكى لديهما القدرة على استيعاب تدفق كميات كبيرة من المياه على المدى القريب أو البعيد.

وركز اجتماع وزير الري، الأربعاء، على تعزيز التعاون بين مصر ودول حوض النيل، وذلك من خلال «تنفيذ مشروعات لخدمة المواطنين بهذه الدول مثل إنشاء آبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية لأغراض الشرب، وخزانات أرضية، ومراسٍ نهرية، ومشروعات لمكافحة الحشائش، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالفيضان، ومركز لنوعية المياه، وتنفيذ دراسات فنية للإدارة المتكاملة للموارد المائية بدول حوض النيل».

ويؤكد أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن مصر تمتلك مراكز لمتابعة حالة الأمطار والتنبؤ بها عن طريق الأقمار الاصطناعية وتتبع السحب وسرعتها وكثافتها وزمن وصولها إلى مناطق منابع النيل باستخدام نماذج رياضية لتحديد الكميات الواردة، وأن التحديث المستمر فيها ضروري في ظل وجود متغيرات تمثلت في تدفقات المياه من سد النهضة، ووجود إدارة مائية منفردة عليه من جانب إثيوبيا.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تحسب إيراد النيل وفقاً لتقديرات سنوية للتعرف على منسوب المياه في المعدلات الطبيعية، «لكن ما حدث بعد تشغيل سد النهضة أن وصول المياه يُمكن أن يختلف من شهر إلى آخر بسبب غلق بوابات السد وفتحها بتوقيتات غير معروفة وغير منتظمة».

وتضع مصر سياسة مائية تبدأ مع العام المائي في مطلع أغسطس (آب) الذي ينتهي في يوليو (تموز)، وفقاً لشراقي الذي أكد أنه «لا مخاوف من تراجع إيراد النيل، ولكن يمكن أن تتدفق كميات كبيرة من المياه في شهر وتنخفض في آخر بسبب فتح توربينات سد النهضة أو غلقها».

وقال وزير الموارد المائية المصري في تصريحات إعلامية، الاثنين الماضي: «النمط الإثيوبي في إدارة الأنهار الدولية يعتمد على افتعال الأزمات»، محذراً من «سوء إدارة سد النهضة في الجفاف والفيضان، وهو ما يترك تبعات خطيرة على دولتَي مصب نهر النيل».


آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
TT

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة، مطالبين الرئيس قيس سعيد، والسلطات المحلية بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث البيئي، حسبما ذكر تقرير لوكالة الصحافة الألمانية.

وهذا أحدث تحرك احتجاجي في المدينة، الواقعة على جنوب الساحل التونسي، بعد مسيرات سابقة، وإضراب عام في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للضغط على السلطة.

وخلال المظاهرة ردَّد المحتجون بشكل خاص «الشعب يريد تفكيك الوحدات»، ورفعوا شعار «أنقذوا قابس».

وعلى مدار الأشهر الأخيرة شهدت قابس حالات اختناق جماعية متكررة بين أطفال في مدرسة «شط السلام»، القريبة من المجمع الكيميائي، مما أثار غضب الأهالي.

وتصنَّف قابس من بين الواحات البحرية النادرة في البحر الأبيض المتوسط، لكنَّ التلوث الممتد لعقود، ومنذ تأسيس المجمع الكيميائي عام 1972، أضر كثيراً بالبيئة والهواء والشواطئ والثروة السمكية، ووضع المنطقة أمام مستقبل قاتم.

وتسعى الحكومة على الأرجح إلى استكمال مشاريع سابقة للحد من التلوث المنبعث من المجمع الكيميائي، لتفادي التكلفة الاقتصادية والمالية للتفكيك، وهو ما يرفضه الأهالي والمجتمع المدني في قابس.

ومنذ إنشاء المجمع الكيميائي عام 1972، تحول «خليج قابس» إلى واحد من أكثر المواقع تلوثاً في البحر الأبيض المتوسط، حيث يمكن ملاحظة سواد المواد السامة وهي تطفو على سطح مياه الخليج.

ويحوِّل المجمع الكيميائي الفوسفات القادم من مناجم ولاية قفصة إلى حمض فوسفوري ومواد كيميائية، مثل «الأمونيتر» و«فوسفات الأمونيوم»، ثم يصب نفاياته الصناعية في البحر دون معالجة، بمعدل يصل إلى 14 ألف طن من مادة «الفوسفوجيبس» يومياً، وهي كميات كفيلة بتحويل البحر إلى مقبرة للثروة السمكية، التي كانت تتباهى بها الولاية قبل عقود، حسب خبراء.

ويُنتج المجمع أيضاً سماد DAP 18-46 المعروف بسمّية تصنيعه، وهو نفس السماد، الذي أوقفت فرنسا تصنيعه وظلت تستورده من تونس، غير آبهة بمطالبات داخلية بوقف استيراده بسبب تكلفته البيئية والصحية.