كتائب شيشانية تتقاتل على جانبي خطوط التماس

مقاتلو «أجناد القوقاز» ينتقلون من سوريا إلى أوكرانيا

الزعيم الشيشاني الموالي للكرملين رمضان قاديروف قائد كتائب «أحمد» الشيشانية لدى حضوره في موسكو توقيع اتفاقية ضم المناطق الأوكرانية (أ.ب)
الزعيم الشيشاني الموالي للكرملين رمضان قاديروف قائد كتائب «أحمد» الشيشانية لدى حضوره في موسكو توقيع اتفاقية ضم المناطق الأوكرانية (أ.ب)
TT

كتائب شيشانية تتقاتل على جانبي خطوط التماس

الزعيم الشيشاني الموالي للكرملين رمضان قاديروف قائد كتائب «أحمد» الشيشانية لدى حضوره في موسكو توقيع اتفاقية ضم المناطق الأوكرانية (أ.ب)
الزعيم الشيشاني الموالي للكرملين رمضان قاديروف قائد كتائب «أحمد» الشيشانية لدى حضوره في موسكو توقيع اتفاقية ضم المناطق الأوكرانية (أ.ب)

في قلب المعارك الدائرة في أوكرانيا، وإلى جانب الجيوش النظامية ومجموعات المتطوعين الذين حشدهم طرفا النزاع، برز دور المقاتلين من أصول قوقازية الذين قادهم الصراع الجاري إلى المواجهة مجدداً. من كتائب «أحمد» التي يقودها الزعيم الشيشاني الموالي للكرملين رمضان قاديروف، وتقوم بدور أساسي في معركة دونباس منذ أشهر، إلى مجموعات من أصول قوقازية عدة نشطت في ساحة المعركة الأوكرانية منذ سنوات؛ انتقاماً من موسكو، وكان أبرزها كتيبة «الشيخ منصور» التي حشدت آلاف المقاتلين على الجبهة لمواجهة محاولات التقدم الروسي.
بين الطرفين حسابات قديمة لم تنته مع نهاية الحرب الشيشانية الثانية التي وضعت أوزارها رسميا في العام 2009، لكن تداعياتها ما زالت تطل برأسها بين الحين والآخر. وفي حين أن كتائب «الشيخ منصور» وجدت ملجأً في أوكرانيا وانخرطت منذ العام 2015 في القتال إلى جانب القوات النظامية ضد الانفصاليين والروس، فإن فصائل شيشانية أخرى كانت قد انتقلت في وقت مبكر إلى سوريا وانخرطت في الحرب الدموية في هذا البلد قبل أن تتخذ قراراً في وقت لاحق بوقف مشاركاتها الميدانية بسبب الخلافات الداخلية بين أطراف المعارضة المسلحة السورية.
كانت سوريا ساحة المواجهة الأولى بين الطرفين الشيشانيين، خارج الأراضي الروسية، ولم يخف قاديروف عندما أرسل وحدات شيشانية إلى هذا البلد في العام 2015 أن أحد أهم أهدافها «ملاحقة الخونة وقتلهم ومنع من ينجو منهم من العودة إلى القوقاز». كما أشارت تقارير أمنية روسية أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، إلى أنه بين مكاسب موسكو في الحرب السورية تعقّب «الإرهابيين بعيداً من الأراضي الروسية».
لكن يبدو أن المهمة لم تنجز تماماً، وهو الأمر الذي أظهرته تقارير صدرت أخيراً عن بدء مجموعات «أجناد القوقاز» بنقل مقاتليها من سوريا إلى أوكرانيا خلال الأسابيع الماضية.
فقد أفادت تقارير، بأن الأسابيع الفائتة شهدت عمليات خروج جماعية لمقاتلين يوصفون بأنهم «جهاديون» من الأراضي السورية، وتحديداً من مناطق نفوذ «هيئة تحرير الشام» في إدلب والأرياف المحيطة بها مثل ريف اللاذقية الشمالي، ووفقاً لمصادر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فإن أكثر من 170 «جهادياً» غادروا الأراضي السورية على دفعات منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الفائت، وجميعهم من القوقاز والشيشانيين، اتجهوا نحو إحدى الدول الأوروبية بناءً على ضغوط وطلب من قبل «هيئة تحرير الشام».

قوات شيشانية تتدرب في مركز «الجامعة الروسية للقوات الخاصة» في بلدة غوديرميز الشيشانية (أ.ف.ب)

وأضافت مصادر «المرصد السوري»، أن «هيئة تحرير الشام» لا تزال تواصل الضغط على «الجهاديين الأجانب» من الشيشان والقوقاز للخروج إلى تركيا ومنها إلى أماكن أخرى يرجح أنها إلى إحدى الدول الأوروبية، كما تواصل «الهيئة» الضغط على «مسلم الشيشاني» قائد تنظيم «أجناد الشام» لمغادرة الأراضي السورية.
المعطيات التي قدمها «المرصد السوري» ليست جديدة كلياً، وبدا من تقارير عدة، أن أعداد المقاتلين الذين انتقلوا بالفعل إلى أوكرانيا أكبر من مئات عدة.
وكانت مصادر من الجماعات المتشددة في سوريا أكدت قبل شهرين أن عملية الانتقال الواسع قد بدأت بالفعل، وأن قوات «أجناد القوقاز» انضمت فور وصولها إلى الأراضي الأوكرانية إلى التشكيل العسكري الذي يحمل اسم «إشكيريا»، وهي التسمية التي أطلقها الانفصاليون الشيشان على بلادهم خلال حربهم مع روسيا. ويخوض هذا التشكيل المعارك بشكل كامل تحت إمرة القوات النظامية الأوكرانية.
وأشارت معطيات وسائل إعلام روسية متخصصة بأخبار المجموعات المسلحة إلى أن خروج «أجناد القوقاز» من سوريا كان متوقعاً منذ وقت طويل، وخصوصاً بعدما بدأت «هيئة تحرير الشام» ممارسة ضغوط كبرى على المقاتلين الأجانب لحل تشكيلاتهم العسكرية والانضمام إلى «الهيئة» (التي كانت تُعرف بـ«جبهة النصرة») أو مغادرة الأراضي السورية بشكل نهائي.
وأفيد في وقت سابق بأن القائد السابق لـ«أجناد القوقاز» رستم أجييف، المعروف باسم عبد الحكيم الشيشاني، إلى جانب نصف مقاتليه السابقين، قرروا الانتقال للقتال في صفوف «جيش إشكيريا» في أوكرانيا.
في هذا المجال، قال خبراء روس، إن العداء لروسيا والسعي إلى المشاركة في أي نشاطات مسلحة مناهضة لموسكو يبدو أكثر أهمية بالنسبة إلى هذه المجموعات من معتقداتها الآيديولوجية.
كان عبد الحكيم الشيشاني نفسه مشاركاً في الأعمال القتالية في القوقاز، وأحد القادة الميدانيين لمجموعة «إمارة القوقاز»، المدرجة في قوائم الأمم المتحدة للإرهاب. وقد انتقل لمحاربة روسيا في سوريا، وأعلن في مايو (أيار) 2015، أن مجموعته «أجناد القوقاز» لم تعد رسمياً جزءاً من «إمارة القوقاز» أو أي منظمة أخرى.
يعني هذا أنهم لم يبايعوا أحداً، ولم يكونوا تابعين مباشرة لأي طرف على المستوى الآيديولوجي، وفي أكتوبر 2017، أعلن قادة التنظيم تعليق مشاركتهم في الحرب في سوريا بسبب الخلافات الداخلية بين الجماعات السورية حتى «تقرر المجموعات استراتيجيتها في ساحة الجهاد السورية».
هذا الوضع لم يستمر طويلاً، وفي ربيع عام 2021، تم الإعلان عن حل «أجناد القوقاز بضغط من «هيئة تحرير الشام». انضم جزء مهم من مقاتلي المجموعة إلى الهيئة، لكن بدا وفقاً لمعطيات خبراء روس، أن قيادة الأخيرة لم تول القادمين الجدد إلى صفوفها ثقة كبيرة.
والسبب وفقاً لخبراء يكمن في أن «هيئة تحرير الشام» خشيت من أن الجهاديين الأجانب، إذا استمروا في تواجدهم في إدلب، يمكن أن يشكّلوا أساساً لهياكل مرتبطة أساساً بـ«القاعدة».
مهما كانت طبيعة التطورات اللاحقة في سوريا، فإن الحرب الأوكرانية مهّدت لانسحابات واسعة من الأجانب وجلهم من مناطق القوقاز وآسيا الوسطى إلى أوكرانيا أو إلى مناطق أخرى غير معروفة حتى الآن.
وتشير مواقع روسية متخصصة إلى أنه بالنظر إلى وجود وحدات مختلفة في القوات المسلحة لأوكرانيا من بين مواطني جمهوريات ما بعد الاتحاد السوفياتي، يمكن الافتراض أن الطيف «الجهادي» في هذه المنطقة لن يقتصر على المقاتلين الشيشان من إدلب. كما يمكن توقع أن مقاتلين من «جماعات آسيا الوسطى»، الذين سيغيرون مؤقتاً آيديولوجية السلفية الجهادية إلى الأفكار القومية العرقية على أساس مناهض لروسيا.


مقالات ذات صلة

لافروف: العلاقات مع سوريا استراتيجية ولا نريد «هدنة ضعيفة» في أوكرانيا

العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (لقطة من بث حي للمؤتمر الصحافي)

لافروف: العلاقات مع سوريا استراتيجية ولا نريد «هدنة ضعيفة» في أوكرانيا

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع «يصف العلاقات مع روسيا بأنها طويلة الأمد واستراتيجية، ونحن نتفق معه في ذلك».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جانب من الدمار الذي خلفه هجوم روسي على خاركيف في 25 ديسمبر (إ.ب.أ)

أوكرانيا تُدين الهجوم الروسي «غير الإنساني» على نظامها للطاقة

أدان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، هجوماً واسعاً شنته القوات الروسية على شبكة الطاقة، أمس (الأربعاء)، وعدَّه «غير إنساني» لأنه جاء صبيحة الاحتفالات بعيد.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن (رويترز)

بايدن يندّد بالهجوم الروسي «الشائن» على أوكرانيا

قال الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، الأربعاء، إنه أصدر توجيهات لوزارة الدفاع لمواصلة زيادة تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا اتهمت روسيا «الناتو» بالسعي إلى تحويل مولدوفا مركزاً لوجيستياً لدعم الجيش الأوكراني (إ.ب.أ)

روسيا تتهم «الناتو» بمحاولة تحويل مولدوفا «مركزاً لوجيستياً» لدعم أوكرانيا

اتهمت وزارة الخارجية الروسية، اليوم الأربعاء، «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» بالسعي إلى تحويل مولدوفا مركزاً لوجيستياً لدعم الجيش الأوكراني.

«الشرق الأوسط» (تشيسيناو)
العالم بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)

البابا فرنسيس في رسالة الميلاد: «لتصمت الأسلحة»

جدد البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم الأربعاء، دعوته إلى وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)

البابا فرنسيس في رسالة الميلاد: «لتصمت الأسلحة»

بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)
بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)
TT

البابا فرنسيس في رسالة الميلاد: «لتصمت الأسلحة»

بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)
بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)

جدَّد البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم الأربعاء، دعوته إلى وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس» في قطاع غزة، والإفراج عمن تبقّى من الرهائن الإسرائيليين.

وفي رسالته بمناسبة عيد الميلاد، تحت عنوان «لمدينة روما والعالم»، وصف البابا الوضع الإنساني في غزة بأنه «خطير جداً»، وطالب «بفتح أبواب الحوار والسلام على مصراعيها»، وفقاً لـ«رويترز».

وأصبح البابا أكثر انتقاداً للحملة العسكرية الإسرائيلية في القطاع، ووصفها، الأسبوع الماضي، بأنها «وحشية».

كما دعا إلى تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية في السودان، حيث أكد تقرير مدعوم من الأمم المتحدة، الثلاثاء، أن المجاعة تتفشى في ظل الحرب الضارية المتواصلة منذ 20 شهراً.

وقال الحبر الأعظم، في رسالة عيد الميلاد: «ليوفقْ الله العليّ جهود المجتمع الدولي لتعزيز وصول المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين في السودان، والشروع في مفاوضات جديدة لوقف إطلاق النار» بين الجيش وقوات «الدعم السريع».

في السياق نفسه، دعا البابا إلى وقف الحرب في «أوكرانيا المعذَّبة»، بعد نحو ثلاثة أعوام من بدء الغزو الروسي، داعياً إلى «فتح الباب» أمام التفاوض لتحقيق سلام عادل.

وقال: «لتصمتِ الأسلحة في أوكرانيا المعذبة! وليكنْ لنا الجرأة لنفتح الباب أمام التفاوض وأعمال الحوار واللقاء للوصول إلى سلام عادل ودائم»، وذلك في رسالته التي أتت بعد ساعات من هجوم صاروخي واسع النطاق شنّته روسيا، قال مسؤولون في كييف إنه استهدف، على وجه الخصوص، منشآت الطاقة.