تهديد لقوى الأمن في شمال لبنان يجدد التحذيرات من «الاستقواء بالسلاح»

مقطع فيديو يظهر التهجم على عسكريين كلفوا إزالة تعديات

TT

تهديد لقوى الأمن في شمال لبنان يجدد التحذيرات من «الاستقواء بالسلاح»

جدّد مقطع فيديو يهدد فيه لبناني عناصر قوى الأمن، ويطالبها بمغادرة مكان وجوده، التحذيرات من «الاستقواء بالسلاح» الذي فاقم مظاهر التفلّت الأمني في لبنان، وجعل منطق القوة هو السائد.
وتجلّى هذا الأمر في أسوأ صوره من خلال مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر قيام شخصين بإهانة عناصر دورية من قوى الأمن الداخلي اللبنانية، وتعرّضهما لبكركي (مركز البطريركية المارونية) بألفاظ نابية، الأمر الذي أثار ضجة واستنكاراً سياسياً وشعبياً عارماً، ما استدعى تحرّك القوى الأمنية.
ووقعت الحادثة في بلدة كفرقاهل في قضاء الكورة (في محافظة الشمال)، حين هاجم شخصان دورية لقوى الأمن جاءت بمهمة إزالة بناء مخالف تم تشييده على أرض تعود ملكيتها للدولة اللبنانية.
وأظهر الفيديو المتداول تهجّم الشخصين على عناصر الدورية وطردهم من موقع الحادثة، بعد شتمهم، كما هدّدا بدهس سيارة الدورية عن طريق شاحنة تعود ملكيتها لهما كانت في موقع الحادث.
وأعلنت القوى الأمنية في وقت لاحق القبض على الشخصين، وهدم البناء المخالف، وقالت في بيان إن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان أمر بالعمل على توقيف جميع المتورّطين، وكلّف شعبة المعلومات بالقيام بالإجراءات اللازمة بالسرعة القصوى.
ولفتت قوى الأمن الداخلي إلى وجود مجموعة من الأشخاص تقارب العشرين رجلاً، لم يظهروا في الفيديو المصوّر، وأن أصحاب العقار «بدأوا بكيل الشتائم للعناصر مهدّدين متوعّدين بجلب مسلّحين ونشرهم في المكان، كما أقدموا على شتم مقدّسات دينيّة. عندها انسحبت الدّوريّة، تجنّباً لحصول ما ليس بالحسبان».
واللافت في الفيديو كان استقواء المعتدين على العناصر الأمنية بميليشيا مسلّحة خارج إطار الدولة تسمى «سرايا المقاومة» اللبنانية وهي تابعة لـ«حزب الله»؛ حيث هدّد أحد المعتدين عناصر قوى الأمن اللبناني بالاستعانة بـ3000 عنصر تابعين للسرايا لمنع عناصرها من القيام بواجباتها.
لكن «سرايا المقاومة» نفت، في بيان، أن تكون لها أي علاقة بإشكال كفرقاهل، مشيرة إلى أنها ترفض زج اسمها فيه. وأكدت «رفضها محاولات استخدامها كمطية لمآرب لا علاقة لنا بها لا من قريب ولا من بعيد».
وأثار مقطع الفيديو مخاوف اللبنانيين وتحذيراتهم. بعدما باتت الإشكالات تنتقل من منطقة إلى أخرى على امتداد الأراضي اللبنانية «في دليل واضح على غياب سلطة الدولة»، حسبما قالت سيدة من سكان الكورة، حيث عبرت عن مخاوفها واستيائها مما وصلت إليه الأوضاع ليس فقط في منطقتها وإنما في كل لبنان.
وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «ما جرى نتيجة امتداد (حزب الله) وتغلغله في مختلف المناطق تحت اسم (سرايا مقاومة) للقول (يمكننا أن نفعل ما يحلو لنا)». وشدّدت على أن «هذه الأمور لم تعد مقبولة إطلاقاً وكلّ ما نعيشه نتيجة الاستقواء بالسلاح». ولفتت إلى أننا «لا نشعر بوجود دولة ترعانا وتحمينا وتحافظ على حقوقنا».
وتتقاطع التقديرات على المستوى الاجتماعي من ترهيب الدولة مع التقديرات السياسية. وتعبيراً عن رفضه لما حصل، قال النائب أشرف ريفي لـ«الشرق الأوسط»: «ما حصل في كفرقاهل هو نتيجة الاستقواء بالسلاح وضعف الدولة وفقدان جزء كبير من هيبتها». وعن الأسباب التي أدّت إلى هذا الوضع، اعتبر ريفي أن ذلك مردّه إلى أن «السلطة الحاكمة ليست أهلاً لإدارة البلد، وفي دويلة (حزب الله) كل من هو مقرّب منهم يَعتبر نفسه أقوى من الدولة ويستقوي على مؤسساتها ورجالاتها»، لافتاً إلى أن «الكلام الذي صدر عن المعتدين يندى له الجبين وفيه تعالٍ واستهانة بكرامة الدولة».
وكانت قوى الأمن قالت، في بيانها، إن «الفيديو المتداول نشره الموقوفون بعد أن قامت القوّة بإزالة المخالفات وفرارهم، وذلك لأنّهم رغبوا في إظهار قوّتهم على أنّهم فوق سقف القانون، وللانتقام من العناصر بعد تنفيذهم لمهامهم، والادّعاء بتقاعسهم عن تنفيذ واجباتهم. علماً بأنهم تفادوا الأسوأ، واستدركوا الموقف، وقاموا بإزالة التعديّات بعد استقدام قوّة أكبر».
وأثار التهجم على القوى الأمنية والطائفة المارونية استياءً عارماً في لبنان. واستنكرت الرابطة المارونية في بيان «الكلام النابي والخارج عن كل مألوف خلقي ووطني الذي صدر عن أحد المواطنين في حق بكركي والطائفة المارونية والعسكريين الذين يقومون بواجباتهم، خلال محاولته منع قوى الأمن الداخلي من تنفيذ حكم قضائي لمخالفة بناء في بلدة كفرقاهل - الكورة، وتهديده بالاستعانة بسرايا المقاومة، مطلقاً الشتائم بطريقة مغرقة بالاستفزاز والتحدي». وطالبت السلطات الأمنية بـ«التحرك فوراً وإحالته للقضاء المختص لينال عقابه، ليكون عبرة لمن تسوّل له نفسه إهانة المقامات الروحية، والطائفة المارونية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام إلى بلاده

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
TT

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام إلى بلاده

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)
قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)

رأت أنقرة أنَّ الرئيس السوري، بشار الأسد، لا يريد السلام في بلاده، وحذرت من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب في الشرق الأوسط بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية آستانة»، التي أوقفت إراقة الدماء في سوريا. وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أنَّ جهود روسيا وإيران، في إطار «مسار آستانة» للحل السياسي مهمة للحفاظ على الهدوء الميداني، لافتاً إلى استمرار المشاورات التي بدأت مع أميركا بشأن الأزمة السورية.

وقال فيدان، خلال كلمة في البرلمان، إنَّ تركيا لا يمكنها مناقشة الانسحاب من سوريا إلا بعد قبول دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود، مضيفاً أن موقف إدارة الأسد يجعلنا نتصور الأمر على أنه «لا أريد العودة إلى السلام».