الأحجار تنطق بالحياة وتؤرخ الفن في «طويق للنحت»

سارة الرويتع لـ«الشرق الأوسط»: تجربتنا استثنائية

للمرة الأولى يستخدم فنانو «طويق 2023» أحجاراً من أرض السعودية
للمرة الأولى يستخدم فنانو «طويق 2023» أحجاراً من أرض السعودية
TT

الأحجار تنطق بالحياة وتؤرخ الفن في «طويق للنحت»

للمرة الأولى يستخدم فنانو «طويق 2023» أحجاراً من أرض السعودية
للمرة الأولى يستخدم فنانو «طويق 2023» أحجاراً من أرض السعودية

لا تعبير يضاهي مقولة «عندما ينطق الحجر» للحديث عن الأعاجيب والأمور المستعصية، إلا أن الأحجار باتت تنطق فنا وبلاغة وبياناً، في «ملتقى طويق للنحت»، الذي ينظّم حالياً في مدينة الرياض، حيث يطوّع النحاتون صلابة الحجر بخفة وبراعة، على الرغم من أن فن النحت كان ولا يزال من أصعب الفنون التشكيلية، إلى جانب عتاقته ولغته التعبيرية العالية.
في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تختزل سارة الرويتع، مديرة «ملتقى طويق للنحت» ذلك بالقول «في كل سنة نحرص على استقطاب أبرز فناني النحت من المملكة العربية السعودية ومختلف دول العالم، لتقديم أعمال فنية ملهمة تحتضنها أرض الرياض». وتشير بحماسة إلى نسخة العام الحالي، قائلة «نعدكم أن تعيشوا معنا تجربة استثنائية لمراحل تحوّل كتلة بلا معنى إلى عمل فني إبداعي؛ يزيد من جمال الرياض ورونقها».
وتبدو العلاقة الملاصقة بين فن النحت وتاريخ الفنون طاغية منذ الأيام الأولى للملتقى الذي يمتد إلى الثاني من شهر فبراير (شباط) المقبل، باعتبار النحت من أقدم الفنون التي عرفها الإنسان، وأبرز فنون الحضارات القديمة، وهو ما يتجسّد في الأعمال الفنية التي تركز على الأصالة وجوهر المعنى، فلا عبثية في الأمر، بل إن لكل منحوتة قصتها وتعبيرها الفني المنفرد.
- النحت بروح عصرية
لدى النظر إلى فن النحت بإرثه العتيق المرتبط بالإزميل وأدوات التشكيل البدائية، يظهر دور «طويق للنحت» في إكسابه سبغة معاصرة من حيث الهويّة الفنية؛ إذ إن الفن الذي يعود عمره لأكثر من 4500 سنة قبل الميلاد، يصافح المدينة النابضة بالحياة ليحمل الكثير من روحها المتجددة؛ إذ من المتوقع أن تنتقل المنحوتات النهائية إلى مواقع عامة في أنحاء الرياض، كما توضح الرويتع «يسهم هذا في تحقيق هدف مشروع (الرياض آرت)، في تحويل العاصمة إلى (معرض فني مفتوح يمزج بين الأصالة والمعاصرة)».
- من الكتلة إلى المعنى
لأول مرة، يستخدم فنانو «طويق 2023»، أحجاراً من المملكة، لتُحوّل من كتلِ صخرية إلى أعمال فنية إبداعية، وتتميز الأحجار المختارة بصلابتها، وهذا يأتي مع استراتيجية المشروع في الاستفادة من جميع موارد الوطن، كما تكشف مديرة ملتقى «طويق للنحت» خلال حوارها مع «الشرق الأوسط».
بسؤال الرويتع عن إقبال النحاتين على المشاركة، تشير إلى أنه خلال دورة العام الحالي؛ يشارك في النحت الحي 30 نحّاتاً من السعودية ومن مختلف أنحاء العالم، من الذين رشحتهم لجنة من خمسة خبراء في عالم النحت.
وتتابع «وجود مزيج من الفنانين المحليين والعالميين سيُلهم المشاركين أثناء نحتهم، وذلك عندما يدور بينهم نقاش عن الأعمال والخبرات والتعرف على ثقافاتهم المختلفة».
ولكن كيف جاء اختيار هؤلاء الفنانين؟ تجيب الرويتع «من خلال لجنة تتكون من 5 خبراء محليين وعالميين مختصين في مجال النحت. خلال السنة الحالية كانت المنافسة شديدة جداً، فقد استقبلنا أكثر من 650 طلباً للمشاركة من 61 دولة من حول العالم، وبعد دراستها جميع الطلبات رشحت اللجنة 30 فناناً من 20 دولة للمشاركة في هذه النسخة؛ لتكون الفرصة متاحة لجميع النحاتين في النسخ المقبلة».

سارة الرويتع مديرة «ملتقى طويق للنحت»

- قصة البداية
تشير سارة الرويتع إلى قصة هذا الحدث، مبينة أن «طويق للنحت» يُشكل أحد برامج مشروع «الرياض آرت»، الذي يعد واحداً من مشاريع الرياض الأربعة الكبرى، التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بقيادة وإشراف ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمدينة الرياض الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ويهدف إلى تحويل العاصمة إلى معرض فني مفتوح يمزج بين الأصالة والمعاصرة، وإطلاق العنان للتعبير الفني، وتحفيز الاقتصاد الإبداعي في المدينة.
وتتابع قائلة «هو برنامج يحكي عن المشهد الفني من خلال النحت الحي، ويستخدم الفن كلغة عالمية توصل رسالتها للمجتمع المحلي والعالمي». وأبانت، أن «طويق للنحت» الذي يُنظّم في ضاحية «درة الرياض» تحت شعار «مدى الانسجام»، يعمل على إنشاء منصة عالمية للحوار بين الثقافات مع الفنانين القادمين من جميع أنحاء العالم، وتبادل الخبرات التي تعبّر عن الإلهام الإبداعي.
- قائمة الفنانين
وحسب الرويتع، فإن أهمية البرنامج تكمن في جمع الفنانين والجمهور وإيصال فن النحت ليكون في متناول الجميع لتوسيع فهمه وتقديره، بالإضافة إلى تثقيف وإحداث التغيير الاجتماعي في السعودية.
وتشتمل القائمة 30 فناناً اختيروا من 20 دولة، وهم: من بلغاريا أغنسا بيتروفا، وليليا بوبورنيكوفا؛ وألكسندر فوفخادزي من جورجيا؛ وآنا ماريا نيقارا من رومانيا؛ ومن السعودية هناك كل من زهراء المدلوح، وفهد الجبرين، ومحمد الفارس، ومحمد الثقفي، ونهى الشريف، ورجاء الشافعي، ووفاء القنيبط، وطلال الطخيس؛ والفنانة بيرثا شورتيس من سويسرا، وداميان كوميل من سلوفينيا، والمغربي إكرام القباج، ومن ألمانيا كل من الفنانين خافيير الفاريز ورولاند هوفت، والإسباني خوسيه كارلوس كابيلو ميلان، والأوكرانية ليودميلا ميسكو، والمصري محمد الصياد، والإيطالي مارينو دي بروسبيرو، والتركية نيلهان سيسالان يوزيفير، والصيني كيان سيهوا، والبريطاني روب جود، والفرنسي روبرت يانيك، والمقدوني ساشو سازدوفسكي، والنمساوي ستيفان إسترباور، والفنان البلجيكي سيلفان بات، واليابانية تاتسومي ساكاي، والروسية فاسيليسا تشوغونوفا.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

فرطُ استخدام الشاشات الإلكترونية يُعكّر مزاج الأطفال

زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)
زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)
TT

فرطُ استخدام الشاشات الإلكترونية يُعكّر مزاج الأطفال

زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)
زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال من القضايا المثيرة للقلق (جامعة كولومبيا البريطانية)

توصّلت دراسة أجراها باحثون من الصين وكندا إلى أنّ الاستخدام المُفرط للشاشات من الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة قد يؤدّي إلى تفاقم المشكلات السلوكية، مثل ضعف الانتباه، وفرط النشاط، وتقلُّب المزاج.

وأوضحوا أنّ هذه النتائج تبرز أهمية فهم تأثير الشاشات في الأطفال خلال هذه المرحلة العمرية الحساسة، خصوصاً فيما يتعلق بمشكلات الانتباه والمزاج. ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Early Child Development and Care».

وأصبحت زيادة استخدام الشاشات لدى الأطفال، خصوصاً في مرحلة ما قبل المدرسة، من القضايا المثيرة للقلق في العصر الحديث. ومع ازياد الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف الذكية والتلفزيونات وأجهزة الكمبيوتر، يعاني الأطفال زيادة كبيرة في الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات؛ مما قد يؤثر سلباً في صحتهم النفسية والبدنية، ويؤدّي إلى تعكُّر مزاجهم.

وشملت الدراسة 571 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و6 سنوات من 7 مدارس رياض أطفال في شنغهاي بالصين. وأبلغت الأمهات عن الوقت الذي قضاه أطفالهن يومياً أمام الشاشات (بما في ذلك التلفزيون، والهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر، أو الأجهزة الأخرى) خلال الأسبوع السابق.

كما أجبن على أسئلة لتقويم المشكلات السلوكية التي قد يعانيها أطفالهن، مثل صعوبة الانتباه، وفرط النشاط، والأعراض العاطفية (مثل الشكاوى المتكرّرة من التعب)، والمشكلات مع الأقران (مثل الشعور بالوحدة أو تفضيل اللعب بمفردهم). كذلك شمل التقويم جودة نوم الأطفال ومدّته.

ووجد الباحثون أنّ الاستخدام المُفرط للشاشات مرتبط بشكل ملحوظ بزيادة مشكلات الانتباه، والأعراض العاطفية، والمشكلات مع الأقران. كما تبيَّن أنّ وقت الشاشة يؤثر سلباً في جودة النوم؛ مما يؤدّي إلى تقليل مدّته ونوعيته.

وأشاروا إلى أنّ جودة النوم تلعب دوراً وسطاً في العلاقة بين وقت الشاشة والمشكلات السلوكية، فالنوم السيئ الناتج عن الاستخدام المفرط للشاشات قد يعزّز هذه المشكلات، مثل فرط النشاط، والقلق، والاكتئاب.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة من جامعة «شانغهاي العادية» في الصين، البروفيسورة يان لي: «تشير نتائجنا إلى أنّ الاستخدام المُفرط للشاشات قد يترك أدمغة الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة في حالة من الإثارة؛ مما يؤدّي إلى انخفاض جودة النوم ومدّته».

وأضافت عبر موقع «يوريك أليرت»: «قد يكون هذا النوم السيئ نتيجة لتأخير مواعيده بسبب مشاهدة الشاشات، واضطراب نمطه بسبب التحفيز الزائد والتعرُّض للضوء الأزرق المنبعث منها».

كما أشارت إلى أنّ وقت الشاشة قد يحلّ محل الوقت الذي يمكن أن يقضيه الأطفال في النوم، ويرفع مستويات الإثارة الفسيولوجية والنفسية؛ مما يؤدّي إلى جعله أكثر صعوبة.