دواء جديد... لعلاج مرض مسبّب لوفاة 11 مليون شخص سنوياً

يقاوم المناعة المفرطة المسببة لـ«تعفن الدم»

الاستجابة المناعية المفرطة المسببة لـ"«عفن الدم» (مكتبة صور العلوم)
الاستجابة المناعية المفرطة المسببة لـ"«عفن الدم» (مكتبة صور العلوم)
TT
20

دواء جديد... لعلاج مرض مسبّب لوفاة 11 مليون شخص سنوياً

الاستجابة المناعية المفرطة المسببة لـ"«عفن الدم» (مكتبة صور العلوم)
الاستجابة المناعية المفرطة المسببة لـ"«عفن الدم» (مكتبة صور العلوم)

بينما يكافح للتخلص من عدوى فيروسية أو بكتيرية، قد يطلق الجسم استجابة مناعية مُبالغاً فيها تؤدي إلى الإصابة بمرض «تعفن الدم» أو ما يُعرف باسم «الإنتان»، وهي حالة تقتل 11 مليون شخص كل عام، حسب فريق بحثي برتغالي - ألماني مشترك من معهد «غولبنكيان دي سينسيا» بالبرتغال، وهو مركز دولي للبحوث البيولوجية والطبية الحيوية، ومركز «هيلمهولتز ميونيخ» البحثي.
وفي محاولة للمساعدة في حل تلك المشكلة، توصلت مجموعة أبحاث المناعة والالتهابات الفطرية في المعهد، إلى أن فئة من العقاقير الشائعة لعلاج السرطان، وهي «الأنثراسيكلين»، قد تكون مفيدة في قمع الاستجابة المناعية المبالغ فيها المسبِّبة للمشكلة.
وخلال دراسة على فئران التجارب تم نشر نتائجها في 10 يناير (كانون الثاني) الجاري بمجلة «إي لايف»، أظهر الفريق البحثي أن «هذه الأدوية تمنع فشل الأعضاء لدى الفئران المصابة بتعفن الدم، كونها حدَّت عند تناولها بجرعات منخفضة من مستويات الجزيئات المسببة للمرض التي تنتجها الخلايا المناعية».
وكان التحدي التالي للباحثين، هو فهم كيفية نجاح هذه الأدوية في العلاج، حيث اكتشف الباحثون أنها تتحكم في الجينات الالتهابية ذات الصلة في خلايا الجهاز المناعي. فعن طريق تكوين مركب مع الحمض النووي للخلية، تتجنب هذه الأدوية ارتباط العوامل التي تدفع التعبير عن هذه الجينات. ونتيجة لذلك، تنتج الخلايا جزيئات التهابية أقل.
وعن الآثار الجانبية الخطيرة التي تسببها أدوية السرطان، واحتمال أن يؤدي استخدام تلك الأدوية إلى علاج مشكلة والتسبب من ناحية أخرى بظهور مشكلات جديدة، يقول الباحث الرئيسي في الدراسة لويس فيريرا مويتا، من مختبر المناعة والالتهابات الفطرية في بمعهد «غولبنكيان دي سينسيا»، إنه «لا داعي للقلق من ذلك، لأن الجرعات التي وجدنا أنها (فعالة) في النماذج ما قبل السريرية منخفضة للغاية، وتكون في حدود 10 في المائة من تلك المستخدمة في علاج السرطان».
ويضيف: «نبحث الآن عن مشتقات هذه الأدوية التي تحافظ على الآثار الوقائية للإنتان، مع فقدان الآثار الجانبية المسببة للمشكلة. وندرس أيضاً الآليات الجزيئية التي تنشطها هذه الأدوية وتجعلها (فعالة) في الحماية من (تعفن الدم)، وفي المستقبل قد نكون قادرين على استهداف تلك الأدوية بشكل أكثر تحديداً».
وحول فرص نجاح العلاج في التجارب السريرية بعد أن أثبت «فاعلية» في التجارب قبل السريرية، تقول آنا ميسياس، رئيسة فريق الأمراض الاستقلابية والتنكسية العصبية بمركز «هيلمهولتز ميونيخ»، الباحثة المشاركة بالدراسة، لـ«الشرق الأوسط»: «نُجري بالفعل تجربة سريرية بألمانيا في 5 مستشفيات، لاختبار سلامة أحد أدوية الأنثراسيكلين (الإبيروبيسين) وتقييم الفوائد المحتملة».
وتؤكد ميسياس أنه إذا أظهرت التجارب السريرية نتائج مقبولة، سيكون من السهل الحصول على موافقات بإعادة استخدامها في هذا الغرض. وتضيف: «بالنظر إلى أن هذه الأدوية قد تمت الموافقة عليها بالفعل للاستخدام في العيادات، فإن إعادة استخدامها للعلاجات الجديدة ستكون أسهل بكثير من البدء من الصفر».


مقالات ذات صلة

15 عادة غير متوقعة تُصعّب خسارة الوزن أكثر مما ينبغي

صحتك أسباب غير متوقعة تُصعّب خسارة الوزن أكثر مما ينبغي (أ.ب)

15 عادة غير متوقعة تُصعّب خسارة الوزن أكثر مما ينبغي

على الرغم من وجود العديد من الطرق لخسارة الوزن بأمان وفعالية، فإن بعض العادات الشائعة قد تُصعّب خسارة الوزن أكثر مما ينبغي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يعد الاستحمام ضرورياً للحفاظ على صحة الجلد وتنظيم درجة حرارة الجسم (أرشيفية-رويترز)

7 أسباب للاستحمام يومياً في الصيف

هناك العديد من الفوائد الصحية المرتبطة بالاستحمام اليومي في الصيف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجال الإطفاء يعملون على حماية موائل الحياة البرية (وزارة الزراعة الأميركية)

الصدمات المناخية تقلل القدرة على اتخاذ القرار

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة «كاليفورنيا» الأميركية في سان دييغو عن أن الصدمات المناخية مثل التعرض لحريق قد تُخلف آثاراً طويلة على اتخاذ القرارات

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك أشخاص يسيرون في أحد شوارع تورنتو بكندا يوم 8 سبتمبر 2022 (رويترز)

دراسة تكشف: عادة بسيطة قد تنقذ حياتك من أمراض القلب

كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة «هارت» الطبية أن زيادة سرعة المشي قد تقلل خطر الإصابة باضطرابات نظم القلب بشكل كبير.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك النساء البالغات أكثر عرضة بأكثر من ضعف الرجال البالغين لتناول أدوية الاكتئاب (أرشيفية - أ.ب)

5 خطوات فعالة لعلاج الاكتئاب

قلة النوم وعدم ممارسة الرياضة واستخدام الأجهزة الإلكترونية لساعات متأخرة تفاقم أعراض الاكتئاب... فكيف يمكن الوقاية منه؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«مهد البشرية»... حين تنطق صخور جنوب أفريقيا بأسرار البشر

فني الحفريات يبحث في الرواسب عن بقايا هياكل عظمية في الكهوف (أ.ف.ب)
فني الحفريات يبحث في الرواسب عن بقايا هياكل عظمية في الكهوف (أ.ف.ب)
TT
20

«مهد البشرية»... حين تنطق صخور جنوب أفريقيا بأسرار البشر

فني الحفريات يبحث في الرواسب عن بقايا هياكل عظمية في الكهوف (أ.ف.ب)
فني الحفريات يبحث في الرواسب عن بقايا هياكل عظمية في الكهوف (أ.ف.ب)

جالساً على أكياس رمل في شبكة حُفرت بعمق يصل إلى حدِّ الركبة في كهوف ستيركفونتين بجنوب أفريقيا، حيث عُثر على أحد أقدم أسلاف البشر، يمسح إيتوميلينغ موليفي التربة القديمة في مجرفة زرقاء، باحثاً في كل ضربة فرشاة عن أدلة خفية.

في الجوار، كان الزائرون مبهورين بصخور الحجر الجيري المتآكلة المتدلية من سقف الكهوف التي يعود عمرها إلى ملايين السنين.

المرشد السياحي لكهوف ستيركفونتين في ويتس (أ.ف.ب)
المرشد السياحي لكهوف ستيركفونتين في ويتس (أ.ف.ب)

تقع الكهوف على بُعد 50 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من جوهانسبرغ، وقد أُغلقت قبل نحو 3 سنوات بسبب الفيضانات، وأُعيد فتحها الثلاثاء في تجربة جديدة تُقرِّب السياح من العمل العلمي.

يقع المجمع ضمن موقع «مهد البشرية» المُدرج على قائمة التراث العالمي التي تُعِدها منظمة «اليونسكو»، والزاخر بالقطع الأثرية التي يقع عليها علماء الحفريات منذ اكتشافه.

من اليسار: البروفسوران جوب كيبي ودومينيك ستراتفورد (أ.ف.ب)
من اليسار: البروفسوران جوب كيبي ودومينيك ستراتفورد (أ.ف.ب)

ويقول موليفي (40 عاماً): «هدفي هو العثور على عظام مهمة هنا».

كان اكتشافه الأثمن، منذ انضمامه إلى فريق التنقيب عام 2013 هي عظمة يد عائدة لأحد البشر الأوائل. وكان والده عضواً في الفريق الذي توصَّل إلى أشهر اكتشاف في جنوب أفريقيا، وهو هيكل عظمي يُطلق عليه اسم «القدم الصغيرة»، في الكهوف.

يُشتق اسم هذا الهيكل من حجم العظام التي اكتُشفت لأول مرة في تسعينات القرن الماضي، وهي العينة الأكثر اكتمالاً لأحد أسلاف الإنسان حتى الآن، ويُقدَّر عمرها بما يتراوح بين 1.5 و3.7 مليون سنة.

ينحدر هيكل «القدم الصغيرة» من فرع من شجرة عائلة الإنسان يُسمى أسترالوبيثكس، وهو اسم لاتيني يعني «القرد الجنوبي»، ويُعدُّ من أسلاف الإنسان الحديث، مع سمات تمزج بين خصائص القردة والبشر.

المرشد السياحي يدخل إلى كهوف ويتس ستيركفونتين (أ.ف.ب)
المرشد السياحي يدخل إلى كهوف ويتس ستيركفونتين (أ.ف.ب)

وقالت نيثايا تشيتي، عميدة كلية العلوم في جامعة «ويتواترسراند» التي تُدير الكهوف والمتحف القريب: «يُمثل هذا الافتتاح الجديد تطوراً مهماً في كيفية مشاركتنا قصة أصول الإنسان».

وأضافت: «باتت تُتاح للزائرين فرص فريدة للمشاركة في أنشطة علمية وبحثية مباشرة، وكل ذلك يحدث في الوقت الفعلي».

في أوج ازدهارها قبل جائحة «كوفيد - 19» كانت الكهوف تستقبل ما يصل إلى 100 ألف سائح سنوياً.

وتذكَّر أستاذ علم الآثار في «ويتواترسراند»، دومينيك ستراتفورد، الحافلات المحملة بتلاميذ المدارس والزائرين الفضوليين، مشيراً إلى أن الإغلاق خلَّف شعوراً بالحزن لا يزال حاضراً.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «شعر الجميع كأننا نفتقد شيئاً».

أُقيم معرض مؤقت للمتحجرات في المتحف، حيث ستُتاح للزائرين أيضاً فرصة رؤية «السيدة بليس»، الجمجمة الأكثر اكتمالاً لقرد من نوع أسترالوبيثكس أفريكانوس، التي عُثر عليها في جنوب أفريقيا عام 1947.

يُرشد تريفور بوتيليزي الزائرين الذين يرتدون خوذات عبر كهوف تمتد لمسافة 2.5 كيلومتر وتغمرها أضواء «ليد» زرقاء خافتة، ويشير إلى ممر مظلم يؤدي إلى بحيرة جوفية.

في الوقت الحالي، على الراغبين في رؤية «القدم الصغيرة» الأصلية انتظار شهر التراث في سبتمبر (أيلول). فالهيكل العظمي الذي استغرق استخراجه وتجميعه عقدين من الزمن، لا يُعرض إلا في المناسبات الخاصة.