الجمهوريون يتهمون بايدن بـ«ازدواجية المعايير»

أسسوا لجنة لبحث «تسييس التحقيقات»

رئيس مجلس النواب الجديد كيفن مكارثي في مجلس النواب الثلاثاء (إ.ب.أ)
رئيس مجلس النواب الجديد كيفن مكارثي في مجلس النواب الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

الجمهوريون يتهمون بايدن بـ«ازدواجية المعايير»

رئيس مجلس النواب الجديد كيفن مكارثي في مجلس النواب الثلاثاء (إ.ب.أ)
رئيس مجلس النواب الجديد كيفن مكارثي في مجلس النواب الثلاثاء (إ.ب.أ)

صبت «وثائق بايدن السرية» الزيت على نار الغضب الجمهوري من وزارة العدل الأميركية. وسارع الجمهوريون إلى توجيه اتهامات بـ«ازدواجية المعايير» في التعاطي مع قضايا من هذا النوع، مسلطين الضوء على وجهين أساسيين: الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب، والرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن.
ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يتهم فيها الجمهوريون وزارة العدل بـ«تسييس تحقيقاتها»، فإن التوقيت هذه المرة مختلف. فالحزب الجمهوري يتمتع بالأغلبية في مجلس النواب، ونفوذه أكبر بكثير من نفوذ الأقلية التي شغلها خلال العامين المنصرمين، مع بدء التحقيقات في ترمب.
وبدا هذا واضحاً عبر البنود الأولى على أجندة الحزب في الكونغرس الجديد، فبمجرد انعقاد جلساته بشكل رسمي، سارع الجمهوريون إلى الموافقة على إنشاء لجنة معنية بالنظر في «تسييس الحكومة الأميركية للتحقيقات». وحظيت اللجنة بدعم 221 جمهوريا ومعارضة 211 ديمقراطيا، في إشارة واضحة إلى الانقسامات الحزبية العميقة حيال الملف. لكنّ الجمهوريين انتظروا هذه اللحظة طويلاً، ولن تحول هذه الانقسامات دون تنفيذ وعودهم الانتخابية بالتحقيق في عمل وزارة العدل الأميركية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» الذي يقع تحت سلطتها. وجاء توقيت الكشف عن «وثائق بايدن» ليزود هذه الوعود بوقود سياسي ثمين.
وتحدث النائب الجمهوري دون باكون عن تشكيك حزبه بأداء وزارة العدل والـ «إف بي آي» على خلفية التحقيقات بترمب، فأشار إلى وجود «شريحة كبيرة من الأميركيين الذين فقدوا الثقة بقيادة هذه المؤسسات، وليس بموظفيها. وسيكون من المفيد أن نسلط الضوء على ما يجري ونرى ما إذا كانت هناك مشكلة فعلية». وأشار باكون، وهو من المعتدلين الجمهوريين، إلى موضوع الكشف عن وثائق بايدن، معتبراً أنها نقطة أساسية «تثبت لماذا يجب أن يتم النظر في الموضوع».
وفيما لا تزال تفاصيل الوثائق التي تم العثور عليها في مكتب بايدن القديم غير مكتملة، لم يتردد الجمهوريون بمقارنة «وثائق ترمب» بـ«وثائق بايدن»، خاصة بعد تصريحات للرئيس السابق يشير فيها إلى عدم اقتحام «إف بي آي» «منازل» بايدن على خلاف مارالاغو.
وقال رئيس لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي الجمهوري جايمس كومر إن «(إف بي آي) نفذ عملية دهم لمقر إقامة الرئيس السابق ترمب بسبب الانتهاك نفسه… لماذا لم يواجه الرئيس بايدن عملية دهم من هذا النوع، رغم أنه ترك وثائق سرية في موقع غير آمن لأعوام؟»، وختم كومر بالقول خلال عملية التصويت على إنشاء اللجنة الخاصة: «هل يعود ذلك إلى وجود نظام عدالة مزدوج المعايير؟».
لجان وتحقيقات
لن يقتصر نفوذ الجمهوريين على هذه اللجنة الخاصة فحسب، بل يتعداها إلى لجان مختصة أخرى في مجلس النواب ستنظر في قضيتي ترمب وبايدن، كاللجنة القضائية التي يترأسها أحد مناصري ترمب الشرسين جيم جوردان. فمن إحدى صلاحيات اللجنة الأساسية «التحقيق في تحقيقات جنائية جارية»، ما يعني أنها تستطيع النظر عن قرب في هاتين القضيتين والحصول على معلومات مرتبطة بهما.
لجنة أخرى سوف تنظر في القضية هي لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، واستبق رئيسها الجمهوري مايك تورنر الأمر عبر إرسال طلب رسمي لمديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هاينز لمراجعة المعلومات السرية التي تم اكتشافها في مكتب بايدن، وتقييم الأضرار الناجمة عنها. وذهب تورنر إلى أبعد من ذلك، فقال إن «اكتشاف المعلومات السرية يضع الرئيس بايدن في موقع انتهاك محتمل للقوانين التي تحمي أمننا القومي، بما فيها قانون التجسس وقانون الوثاق الرئاسية». وهذه إشارة واضحة إلى دفع الجمهوريين لوزارة العدل لتوجيه التهم نفسها التي يواجهها ترمب لبايدن.
لجنة ثالثة ستنظر في القضية أيضاً، هي لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي، فقد أرسل رئيسها جايمس كومر رسائل إلى الأرشيف الوطني والبيت الأبيض يطالب فيها بتسليم وثائق ومعلومات مرتبطة بالوثائق السرية التي تم العثور عليها، وطبيعتها والأشخاص الذين اطلعوا عليها.
تشكيك بالتوقيت
رغم إصرار البيت الأبيض على الإشارة إلى التعاون مع المحققين منذ العثور على هذه الوثائق في مكتب بايدن القديم، فإن الجمهوريين شككوا بالرواية من زاوية مختلفة. فبحسب المعطيات، تم العثور على هذه الوثائق في 2 نوفمبر (تشرين الثاني)، أي قبل أيام قليلة من الانتخابات النصفية، ولم يتم الكشف عنها سوى في اليومين الماضيين بعد تسريبات لشبكة (سي بي إس). وتحدث رئيس اللجنة القضائية جيم جوردان عن هذه المسألة قائلاً: «المثير للاهتمام بصراحة هو أنهم علموا بذلك قبل أسبوع من الانتخابات. لربما كان الأميركيون بحاجة ليعلموا ذلك قبل التصويت».
زاوية أخرى طرحها جوردان في معرض مقارنته بين قضيتي ترمب وبايدن هي زاوية «صلاحيات الرئيس ونائبه». فأشار النائب الجمهوري إلى أنه، وعلى خلاف الرئيس، لا يمكن لنائب الرئيس رفع السرية عن الوثائق. وبما أنه تم العثور عليها في مكتب بايدن تعود إلى عهده كنائب رئيس، تساءل جوردان ما إذا كان هذا التفصيل سيؤدي إلى تبعات قضائية جديدة بحق بايدن. فقال: «المحكمة العليا واضحة في أن الرئيس وحده هو الذي يتمتع بصلاحيات رفع السرية عن الوثائق. إذن إذا كانت هناك وثائق سرية موجودة هناك، فهذه قضية ضخمة».
مواقف ديمقراطية
وضعت قضية وثائق بايدن الديمقراطيين في موقف دفاعي حرج. وعمد عدد كبير منهم إلى الدفاع عن بايدن، مشيرين إلى اختلافات جذرية بين الحالتين. فالوثائق التي عثر عليها في مكتب الرئيس لا تتعدى 12 وثيقة بحسب المعلومات الأولية، مقابل نحو 320 وثيقة عثر عليها لدى ترمب. كما أشاروا إلى أن البيت الأبيض يتعاون بشكل حثيث مع المحققين، مقابل عرقلة فريق ترمب لعمل المحققين ورفضه تسليم الوثائق رغم طلبات رسمية عدة من «إف بي آي»، الأمر الذي أدى إلى مداهمة مارالاغو.
في المقابل، حذر عدد من الديمقراطيين من اتخاذ مواقف مسبقة قبل الاستماع إلى تفاصيل قضية بايدن، كالنائب الديمقراطي جاري هافمن الذي قال إن «على الديمقراطيين أن يكونوا حذرين من عدم الظهور بمظهر داعمي المعايير المزدوجة. نريد أن نرى شفافية كاملة ومحاسبة، وإذا ارتكب أحدهم خطأ ما، فيجب أن يعترف بالخطأ كي نتخطى الأمر».
وأقر الكونغرس قانون «السجلات الرئاسية» في عام 1978 بعد فضيحة «ووترغيت» ومحاولات الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون إتلاف مستندات رئاسية. ووفق القانون، على الرؤساء الاحتفاظ بكل الوثائق التي تم تداولها في البيت الأبيض وتسليمها للأرشيف الوطني لدى انتهاء عهد كل منهم.


مقالات ذات صلة

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، التي كانت تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها التي سينظر فيها مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء. وتدور جلسة الاستماع، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها، إذ يرى 58 في المائة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيئ. ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، التي يسيطر عليها الديمقراطيون، جلسة الاستماع هذه، بعد جدل طال قاضيين محافظَين، قبِل أحدهما وهو كلارنس توماس هبة من رجل أعمال. ورفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الك

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي قبول دعوة الرئيس جو بايدن للاجتماع (الثلاثاء) المقبل، لمناقشة سقف الدين الأميركي قبل وقوع كارثة اقتصادية وعجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها بحلول بداية يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون اللقاء بين بايدن ومكارثي في التاسع من مايو (أيار) الجاري هو الأول منذ اجتماع فبراير (شباط) الماضي الذي بحث فيه الرجلان سقف الدين دون التوصل إلى توافق. ودعا بايدن إلى لقاء الأسبوع المقبل مع كل من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز (ديمقراطي م

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

تمكّن تلميذ أميركي يبلغ 13 سنة من إيقاف حافلة مدرسية تقل عشرات التلاميذ بعدما فقد سائقها وعيه. وحصلت الواقعة الأربعاء في ولاية ميشيغان الشمالية، عندما نهض مراهق يدعى ديلون ريفز من مقعده وسيطر على مقود الحافلة بعدما لاحظ أنّ السائق قد أغمي عليه. وتمكّن التلميذ من إيقاف السيارة في منتصف الطريق باستخدامه فرامل اليد، على ما أفاد المسؤول عن المدارس الرسمية في المنطقة روبرت ليفرنوا. وكانت الحافلة تقل نحو 70 تلميذاً من مدرسة «لويس أي كارتر ميدل سكول» في بلدة وارين عندما فقد السائق وعيه، على ما ظهر في مقطع فيديو نشرته السلطات.

يوميات الشرق أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

كشفت دراسة أجريت على البشر، ستعرض خلال أسبوع أمراض الجهاز الهضمي بأميركا، خلال الفترة من 6 إلى 9 مايو (أيار) المقبل، عن إمكانية السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني، من خلال علاج يعتمد على النبضات الكهربائية سيعلن عنه للمرة الأولى. وتستخدم هذه الطريقة العلاجية، التي نفذها المركز الطبي بجامعة أمستردام بهولندا، المنظار لإرسال نبضات كهربائية مضبوطة، بهدف إحداث تغييرات في بطانة الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة لمرضى السكري من النوع الثاني، وهو ما يساعد على التوقف عن تناول الإنسولين، والاستمرار في التحكم بنسبة السكر في الدم. وتقول سيلين بوش، الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الجمعة الموقع ال

حازم بدر (القاهرة)
آسيا شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله، اليوم (الجمعة)، إن موسكو تعزز الجاهزية القتالية في قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى لمواجهة ما قال إنها جهود أميركية لتعزيز حضورها في المنطقة. وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، تملك موسكو قواعد عسكرية في قرغيزستان وطاجيكستان، لكن الوكالة نقلت عن شويغو قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون إرساء بنية تحتية عسكرية في أنحاء المنطقة، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع «منظمة شنغهاي للتعاون» المقام في الهند. وقال شويغو: «تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب، استعادة حضورها العسكري في آسيا الوسطى

«الشرق الأوسط» (موسكو)

طائرات مسيّرة غامضة تثير قلق السكان والسياسيين في نيويورك

TT

طائرات مسيّرة غامضة تثير قلق السكان والسياسيين في نيويورك

صورة لإحدى المسيرات الغامضة في سماء نيويورك (نيويورك بوست)
صورة لإحدى المسيرات الغامضة في سماء نيويورك (نيويورك بوست)

أثار رصد مجموعة من الطائرات المسيرة الغامضة في منطقة مدينة نيويورك الأميركية، التي تشمل بعض أجزاء ولاية نيو جيرسي المجاورة، قلق السكان والسياسيين المحليين والوطنيين ودفع السلطات إلى إجراء تحقيقات.

وكتبت حاكمة نيويورك كاث هوتشيل على موقع «إكس» يوم الجمعة: «نعرف أن سكان نيويورك رصدوا مسيرات في الجو هذا الأسبوع ونحن نقوم بالتحقيق... في هذا الوقت، لا يوجد دليل على أن هذه المسيرات تشكل تهديداً للسلامة العامة أو الأمن القومي».

وقالت هوتشيل إن مكتبها يقوم بالتنسيق مع مكتب التحقيقات الاتحادي ومكتب وزارة الأمن الداخلي، «لحماية سكان نيويورك».

وفي رسالة تم إرسالها يوم الخميس إلى هذين المكتبين الاتحاديين، بالإضافة إلى إدارة الطيران الاتحادية، التي تشرف على الحركة الجوية في الولايات المتحدة، طالب عضوا مجلس الشيوخ عن نيويورك تشاك شومر، زعيم الأغلبية، وكيرستن جيليبراند، وعضوا مجلس الشيوخ عن ولاية نيوجيرسي كوري بوكر وأندرو كيم، بإحاطة حول نشاط المسيرات.

وجاء في الرسالة: «منذ أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، أبلغ سكان في منطقة مدينة نيويورك وشمال نيوجيرسي عن عدة حوادث لظهور طائرات مسيرة في الليل، مما أثار قلق السكان وسلطات إنفاذ القانون المحلية».

وقال عضو الكونغرس الأميركي ريتشارد بلومنتال، إن المسيرات الغامضة يجب أن «يتم إسقاطها إذا لزم الأمر»، رغم أنه لا يزال غير واضح من يملكها.

وقال بلومنتال من ولاية كونيتيكت يوم الخميس، إن «علينا القيام بتحليل استخباراتي عاجل وإخراجها من السماء، خصوصاً إذا كانت تحلق فوق المطارات أو القواعد العسكرية».

وأضاف أن هناك مخاوف من أن المسيرات قد تشارك الأجواء مع الطائرات التجارية، وطالب بمزيد من الشفافية من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. وقال المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي يوم الخميس، إن مراجعة التقارير عن رصد مسيرات أظهرت أن كثيراً منها في الواقع طائرات مأهولة تحلق بشكل قانوني. وأكد أنه لم يتم رصد أي مسيرات في أي منطقة جوية محظورة، وأن خفر السواحل الأميركي لم يعثر على أي دليل على تورط أجنبي من السفن الساحلية.